يسألونك عن الحج والعمرة

تاريخ الإضافة 27 مايو, 2024 الزيارات : 656

يسألونك عن الحج والعمرة

فريضة الحج مرة واحدة في العمر:

قال تعالى: ( وأتموا الحج والعمرة لله ) [البقرة:196]

وقال تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين )  [آل عمران:97]، ومن كفر أي ومن كفر بوجوب الحج

وقال تعالى: (وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) [الحج:27]

وعن أبي هريرة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ” يا أيها الناس ، إن الله كتب عليكم الحج فحجوا ” ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ثم قال صلى الله عليه وسلم ” لو قلت : نعم ، لوجبت، ولما استطعتم ” ثم قال : ” ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كان قبلك مكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ” رواه البخاري ومسلم.

وهناك بعض الأسئلة التي كثر السؤال عنها بعد خطبة الاسبوع الماضي عن مناسك الحج والعمرة أتوقف معها سريعا في هذا اللقاء:

السؤال الاول : لماذا فرض الحج مرة واحدة؟
الحج عبادة متميزة لأنه عبادة بدنية ومالية، الصلاة والصيام عبادتان بدنيتان والزكاة عبادة مالية، اما الحج فهو عبادة تجمع بين البدنية والمالية، لأن المؤمن يبذل فيها جهدا ببدنه، ويبذل فيها ماله لأنه يسافر ويرحل فيحتاج لنفقات، لذلك نرى الحج هو الفريضة التي ذكر الله فيها من استطاع إليه سبيلا: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) والنبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر أركان الإسلام الخمسة ذكر“وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا” لأن كل إنسان قادر على أن يصلي أو يصوم، لكن ليس لكل إنسان أن يكون قادرا على أن يذهب إلى مكة، لذلك كان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعله مرة واحدة في العمر؛ لأن الله سبحانه لا يريد أن يكلف عباده شططا، ولا أن يرهقهم من أمرهم عسرا، يريد الله بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، وما جعل عليهم في الدين من حرج.
فالتكليف في الإسلام بحسب الوسع (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، ولذلك عندما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم” – كما في الحديث السابق ذكره – أيها الناس إن الله قد كتب عليكم الحج فحجوا” وقال قائل: أفي كل عام يا رسول الله؟، وسكت، وأعاد السؤال، والنبي صلى الله عليه وسلم يسكت، حتى قال صلى الله عليه وسلم : “لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم”.

فلا يستطيع الإنسان أن يؤدي الحج في كل عام، فأراده الله سبحانه مرة في العمر، فهذا تخفيف من ربنا ورحمة منه عز وجل.

السؤال الثاني: هل الحج واجب على الفور أو التراخي؟

بمعنى من كان يملك المال اللازم للحج والصحة هل يجب عليه الحج فورا أم يجوز له التأجيل؟

للعلماء قولان:
الأول: ذهب الشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، ومحمد بن الحسن إلى أن الحج واجب على التراخي ، فيؤدى في أي وقت من العمر ، ولا يأثم من وجب عليه بتأخيره متى أداه قبل الوفاة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الحج إلى سنة عشرة، وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه ، مع أن إيجابه كان سنة ست فلو كان واجبا على الفور لما أخره صلى الله عليه وسلم.

الثاني: وذهب أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد ، وبعض أصحاب الشافعي ، وأبو يوسف إلى أن الحج واجب على الفور.
لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أراد الحج فليعجل ، فإنه قد يمرض المريض ، وتضل الراحلة ، وتكون الحاجة ” . رواه أحمد
وعنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : ” تعجلوا الحج – يعني الفريضة – فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له ” رواه أحمد
أي : ما يعرض له من مرض أو حاجة. 
وحمل الأولون هذه الأحاديث على الندب ، وأنه يستحب تعجيله والمبادرة به متى استطاع المكلف أداءه.

وأما حديث: ( من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا) فإن الترمذي قال عقبه : ” هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وفي إسناده مقال ، وهلال بن عبد الله مجهول ، والحارث يضعف في الحديث ” انتهى .
وهلال هذا قال البخاري : منكر الحديث ، وقال الترمذي: مجهول ، وحكى عن النووي تضعيفه ، وكذا ضعفه الألباني في “ضعيف الترمذي .

السؤال الثالث: ما حكم الحج والعمرة بالتقسيط ؟
لا يجب الحج إلا على المستطيع ، ومن الاستطاعة : القدرة المالية، والقدرة البدنية للسفر وأداء المناسك .
ولا يكلف الإنسان بالاستدانة للحج ؛ ولا يستحب له أن يفعل ذلك ،فإن خالف واستدان فالحج صحيح إن شاء الله تعالى، لأن ملكية نفقة الحج أو العمرة هي شرط وجوب لا شرط صحة بمعني أن عدم ملكية الشخص لها في وقت الحج لا يعني عدم صحة الحج بل يعني عدم وجوبه عليه ، حيث إنه إذا لم يحج حينئذ فلا إثم عليه، أما إذا أحرم بالحج فقد لزمه إتمامه وحجته صحيحة وتسقط عنه حجة الفريضة وكذلك الحال في العمرة وعلي ذلك يجوز الحج بالتقسيط وكذلك العمرة .

السؤال الرابع: ماحكم الحج لمن عليه دين؟
إن كان الدين حالا(حل ميعاد سداده)، ولا يملك الشخص ما يتمكن به من الجمع بين قضائه للدين ، ونفقة الحج معا، فالواجب هو تقديم قضاء الدين، وليس أمامه من سبيل إلا أن يستأذن غريمه، فإن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وأما الحج فوجوبه مقرون بالاستطاعة.
فإن أذن صاحب الدين في تأخيره فلا بأس عليه في أن يحج، وأما إذا لم يكن الدين حالا، أو كان يجب على أقساط، ولا تؤثر نفقة الحج على سداده، فتجب المبادرة إلى حج الفريضة الحج ركن من أركان الإسلام، ودعامة من دعامات الإيمان. 

 السؤال الخامس: ما حكم العمرة؟

للعلماء قولان :
الأول : ذهب أبو حنيفة ، ومالك ، وابن تيمية : إلى أن العمرة سنة ، لحديث جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العمرة أواجبة هي ؟ قال : ” لا ، وأن تعتمروا هو أفضل ” رواه أحمد ولكن الحديث ضعفه ابن حجروقال الألباني سنده ضعيف.

وقال ابن تيمية (والأظهر أن العمرة ليست بواجبة، وأن من حج ولم يعتمر فلا شيء عليه، سواء ترك العمرة عامدا أو ناسيا).

الثاني :قول الشافعي ، وأحمد : أنها فرض : لقول الله تعالى : ( وأتموا الحج والعمرة لله ) . وقد عطفت على الحج ، وهو فرض ، فهي فرض كذلك

وأفضل أوقاتها: في رمضان فعن ابن عباس رضي الله عنهما . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” عمرة في رمضان تعدل حجة ” رواه أحمد

أي أن ثواب أدائها في رمضان يعدل ثواب حجة غير مفروضة وأداؤها لا يسقط الحج المفروض

السؤال السادس:ما حكم تكرار العمرة أكثر من مرة؟

تكرار العمرة يكون بالخروج من الحرم والذهاب إلى أدنى الحل للإحرام منه؛ كالتنعيم مثلا، وقد اختلف الفقهاء في حكم تكرار العمرة أكثر من مرة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يكره تكرار العمرة أكثر من مرة في السنة ، وهو قول الحسن، وابن سيرين، ومالك.

وقال النخعي: ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة.

واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعله.

القول الثاني: يجوز تكرار العمرة أكثر من مرة مطلقا، بل الإكثار منها مستحب مطلقا، وهو مذهب جماهير علماء المسلمين سلفا وخلفا، وهو قول الحنفية والشافعية، وقول جماعة من المالكية؛ ورواية عن الإمام أحمد.

واستدلوا بالآتي:

1- قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بين أن تكونا في سنة أو سنتين، والمطلق يؤخذ على إطلاقه ما لم يأت ما يقيده.

2- أن الإكثار من مكفرات الذنوب مطلوب شرعا مطلقا، ويؤيد ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» أخرجه الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

فالتكرار والموالاة يدخلان في عموم الأمر بالمتابعة بين الحج والعمرة كما هو ظاهر.

قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري” (3/ 598، ط. دار المعرفة): [وفي حديث الباب دلالة على استحباب الاستكثار من الاعتمار، خلافا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية، ولمن قال: مرة في الشهر من غيرهم، واستدل لهم بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب، وتعقب بأن المندوب لم ينحصر في أفعاله؛ فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لرفع المشقة عن أمته، وقد ندب إلى ذلك بلفظه؛ فثبت الاستحباب من غير تقييد، واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن لم يكن متلبسا بأعمال الحج إلا ما نقل عن الحنفية أنه يكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ونقل الأثرم عن أحمد: إذا اعتمر فلا بد أن يحلق أو يقصر فلا يعتمر بعد ذلك إلى عشرة أيام ليمكن حلق الرأس فيها، قال ابن قدامة: هذا يدل على كراهة الاعتمار عنده في دون عشرة أيام] اه.

3- أن العمرة عبادة غير مؤقتة (غير محددة بوقت ثابت كالحج)، فوجب أن تكون من جنس ما يفعل على التوالي والتكرار، كالصوم والصلاة.

4- وقال علي رضي الله عنه: “في كل شهر مرة”.

5- وكان أنس رضي الله عنه إذا حمم رأسه خرج فاعتمر. رواهما الشافعي في “مسنده”.

6- وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من شعره.

7- وقال عطاء: إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين.

وقال الإمام النووي في “المجموع” (7/ 149-150): [واحتج الشافعي والأصحاب وابن المنذر وخلائق بما ثبت في الحديث الصحيح: “أن عائشة رضي الله عنها أحرمت بعمرة عام حجة الوداع فحاضت فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تحرم بحج ففعلت وصارت قارنة ووقفت المواقف، فلما طهرت طافت وسعت، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «قد حللت من حجك وعمرتك»، فطلبت من النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يعمرها عمرة أخرى، فأذن لها فاعتمرت من التنعيم عمرة أخرى” رواه البخاري ومسلم مطولا ونقلته مختصرا.

قال الشافعي: وكانت عمرتها في ذي الحجة ثم أعمرها العمرة الأخرى في ذي الحجة فكان لها عمرتان في ذي الحجة، وعن عائشة أيضا أنها اعتمرت في سنة مرتين؛ أي: بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي رواية ثلاث عمر(ثلاث مرات)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه اعتمر أعواما في عهد ابن الزبير رضي الله عنه مرتين في كل عام. ذكر هذه الآثار كلها الشافعي ثم البيهقي بأسانيدهما] اه.

 3- القول الثالث: وخالف في ذلك الحنابلة؛ فأجازوا تكرار العمرة ثم كرهوا الموالاة بينها، مع نقلهم جواز التكرار عن كثير من الصحابة والتابعين، وتجويز التكرار مع كراهية الموالاة 

واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه لم ينقل عنهم الموالاة بينهما، وإنما نقل عنهم إنكار ذلك، والحق في اتباعهم.

قال طاووس: الذين يعتمرون من التنعيم، ما أدري يؤجرون عليها أو يعذبون؟ قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع الطواف بالبيت، ويخرج إلى أربعة أميال ويجيء، وإلى أن يجيء من أربعة أميال قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف بالبيت كان أفضل من أن يمشي في غير شيء] 

الخلاصة:

بناء على ذلك فإنه يجوز -بل يستحب- للمسلم أن يعتمر ويكرر العمرة ويوالي بينها، وهذا هو مذهب جماهير العلماء سلفا وخلفا، وذلك بأن يخرج في كل مرة إلى أدنى الحل فيحرم منه بالعمرة، والله سبحانه وتعالى أعلم.

السؤال السابع:هل يجب على الرجل نفقة حج والديه أو زوجته أو أبنائه ؟

لم يكلف الشرع الأب أن يحجج والديه أو أولاده على نفقته، ولا الزوج أن تحج زوجته على حسابه ولا قريبا عن قريبه، أو مخدوما عن خادمه، إلا ما كان من باب الاحتساب ومكارم الأخلاق،ومن باب حسن المعاشرة مع الزوجة، أومن باب البر والإكرام لوالديه.

فإذا كان لدى الزوجة مال يكفيها لحجها، فعليها أن تحج، وإذا لم يكن لدى الزوجة مال يكفيها لنفقات السفر والإقامة لأداء المناسك المفروضة، فقد أعفاها الله من الحج، لأنها لم تستطع إليه سبيلا. ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها. 

السؤال الثامن : هل يجب على المرأة استئذان زوجها؟
يستحب للمرأة أن تستأذن زوجها في الخروج إلى حج الفريضة ، فإن أذن لها خرجت ، وإن لم يأذن لها خرجت بغير إذنه ، لأنه ليس للرجل منع امرأته من حج الفريضة ، لأنها عبادة وجبت عليها ، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولها أن تعجل به لتبرئ ذمتها ، كما لها أن تصلي أول الوقت ، وليس له منعها.

وأما حج التطوع فله منعها منه . لما رواه الدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم – في امرأة كان لها زوج ولها مال ، فلا يأذن لها في الحج – قال : ” ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها ” .

السؤال التاسع: الحج أولا أم الزواج ؟
إذاكان الشخص يخشى من الوقوع في الحرام لو أخر الزواج وعنده من المال ما يكفيه لمتطلبات الزواج فليتزوج فورا، ولو أدى ذلك إلى تأخير الحج سنين، ولا يجوزتأخير الزواج في هذه الحالة لقوله صلى الله عليه وسلم: “من استطاع منكم الباءة فليتزوج ..” إلى آخره،متفق عليه.
أما إذا كان متحكما في نفسه، قادرا على كبح جماح شهوته، مع توفرشروط وجوب الحج لديه، فعليه تقديم أداء فريضة الحج ، لأن الحج فرض على المستطيع، والزواج غير واجب على من لم يخش الوقوع في الحرام،والواجب مقدم على غيره.

السؤال العاشر:هل يجب الحج أولا أم زواج الأبناء؟

مسألة وجوب تزويج الأبناء على الآباء محل خلاف بين العلماء، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى عدم وجوب ذلك على الوالد.

ومذهب الحنابلة وجوب ذلك على الوالد إذا كانت نفقة الولد واجبة واحتاج للنكاح؛ بشرطين :
الأول: أن يكون الولد عاجزا عن الإنفاق على تزويج نفسه، لعدم وجود مال لديه، أو عدم قدرته على الكسب.
الثاني: احتياج الولد إلى الزواج للإعفاف،لأن إعفافه وصيانته عن الوقوع في الحرام أمر واجب لايحتمل التأخير ، أما الحج فيمكن تأخيره إلى أن ييسر الله له .
أما إن كان الولد لا يحتاج إلى النكاح أو لا يخاف على نفسه الوقوع في الحرام لو أخر النكاح ، فإنه لا يلزم تزويجه الآن ، وعليه فيكون الحج واجبا على الأب ؛ لأنه ملك مالا فائضا عن نفقته ونفقة من يعول

وهذا الحكم إذا كان مال الأب لا يكفي للأمرين الحج وتزويج ولده، أما إذا كان يملك مالا يكفي الأمرين فعليه فعلهما .

السؤال الحادي عشر: ما حكم من مات وعليه حج؟
من مات وعليه حجة الإسلام ، أو حجة كان قد نذرها وجب على وليه أن يجهز من يحج عنه من ماله ، كما أن عليه قضاء ديونه .
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أمي نذرت أن تحج ولم تحج حتى ماتت ، أفأحج عنها ؟ قال : ” نعم ، حجي عنها . أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ اقضوا الله ، فالله أحق بالوفاء ” رواه البخاري .
وفي الحديث دليل على وجوب الحج عن الميت ، سواء أوصى أم لم يوص ، لان الدين يجب قضاؤه مطلقا ، وكذا سائر الحقوق المالية من كفارة ، أو زكاة ، أو نذر . وإلى هذا ذهب ابن عباس ، وزيد بن ثابت ، وأبو هريرة ، والشافعي ،والإمام أحمد.

وقال مالك : إنما يحج عنه إذا أوصى ، أما إذا لم يوص فلا يحج عنه ، لان الحج عبادة غلب فيه جانب البدنية ، فلا يقبل النيابة ، وإذا أوصى حج من الثلث .

السؤال الثاني عشر: ما حكم الحج عن الغير؟
من استطاع السبيل إلى الحج ثم عجز عنه ، بمرض أو شيخوخة ، لزمه إحجاج غيره عنه ، لأنه أيس من الحج بنفسه لعجزه ، فصار كالميت فينوب عنه غيره، ولحديث الفضل بن عباس : أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله ، إن فريضة الله على عباده في الحج ، أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : ” نعم ” وذلك في حجة الوداع : رواه الجماعة

وقد رخص بعضهم أن يحج عن الحي إذا كان كبيرا وبحال لا يقدر أن يحج ، وهو قول ابن المبارك والشافعي .
وفي الحديث دليل على أن المرأة يجوز لها أن تحج عن الرجل والمرأة ، والرجل يجوز له أن يحج عن الرجل والمرأة ، ولم يأت نص يخالف ذلك .

إذا عوفي المعضوب ( الأشل الذي لا يتحرك) إذا عوفي المريض بعد أن حج عنه نائبه فإنه‌ يسقط الفرض عنه ولا تلزمه الإعادة ، لئلا تقضي إلى إيجاب حجتين ، وهذا مذهب أحمد .

وقال الجمهور : لا يجزئه ، لأنه تبين أنه لم يكن ميئوسا منه ، وأن العبرة بالانتهاء .

شرط الحج عن الغير :
يشترط فيمن يحج عن غيره ، أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه . لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن شبرمة ، فقال : أحججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : ” فحج عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة ” رواه أبو داود .

السؤال الثالث عشر: ما حكم أداء العمرة عن الغير؟
يجوزأداء العمرة عن الميت، وعن الحي العاجز عن أدائها بنفسه، سواء كانت عمرة فريضة، أو عمرة تطوع، أما الحي القادر فإذا كان قد أدى عمرة الفريضة بنفسه فيجوز عند الحنفية أداء عمرة تطوعا عنه، وإلا فلا، وذهب الجمهور إلى المنع .
ويشترط فيمن يؤدي العمرة عن غيره أن يكون قد اعتمر عن نفسه أولا فإن الأصل جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة،

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:ذهب الفقهاء في الجملة إلى أنه يجوز أداء العمرةعن الغير؛لأن العمرة كالحج تجوز النيابة فيها؛ لأن كلا من الحج والعمرة عبادة بدنية مالية.. ولهم في ذلك تفصيل :
ذهب الحنفية إلى أنه يجوز أداء العمرة عن الغيربأمره ؛ لأن جوازها بطريق النيابة ،والنيابة لا تثبت إلابالأمر ، فلو أمره أن يعتمر فأحرم بالعمرة واعتمر جاز ؛ لأنه فعل ما أمر به.
وذهب المالكية إلى أنه تكره الاستنابة في العمرة وإن وقعت صحت .
وقال الشافعية: تجوز النيابة في أداء العمرة عن الغير إذا كان ميتا أو عاجزاعن أدائها بنفسه, فمن مات وفي ذمته عمرة واجبة مستقرة بأن تمكن بعد استطاعته من فعلها ولم يؤدها حتى مات ، وجب أن تؤدى العمرة عنه من تركته, ولو أداها عنه أجنبي جاز ولو بلا إذن كماأن له أن يقضي دينه بلاإذن.
وتجوزالنيابة في أداء عمرة التطوع إذاكان عاجزاعن أدائها بنفسه, كما في النيابة عن الميت.
وذهب الحنابلة إلى أنه لا تجوز العمرةعن الحي إلا بإذنه ؛ لأنها عبادة تدخلهاالنيابة فلم تجز إلا بإذنه أما الميت فتجوز عنه بغيرإذنه انتهى.

ومن الأدلة على جواز ذلك ما روى الترمذي عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها. قال: وهذاحديث صحيح.

قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قوله : نعم حجي عنها. فيه جواز الحج عن الميت. اه

وفي الترمذي أيضا عن أبي رزين العقيلي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لايستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر.

قال أبوعيسى: هذا حديث حسن صحيح، وإنما ذكرت العمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن يعتمر الرجل عن غيره. وأبو رزين العقيلي اسمه لقيط بن عامر. اه

ويدل لجواز العمرة عن الغير ما رواه أبوداود وابن ماجه وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة! قال: من شبرمة؟ قال أخلي أوقريب لي، فقال: حججت عن نفسك ؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم عن شبرمة. قال الترمذي: حسن صحيح .

والعمرة والحج في ذلك سواء.

وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه فرضا كان أوتطوعا لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة، فأما الميت فتجوز عنه بغير إذن واجبا كان أو تطوعا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحج عن الميت، وقد علم أنه لا إذن له، وما جاز فرضه جازنفله كالصدقة، فعلى هذا كل ما يفعله النائب عن المستنيب مما لم يؤمر به مثل أن يؤمر بحج فيعتمر أو بعمرة فيحج يقع عن الميت لأنه يصح عنه من غيرإذنه، ولا يقع عن الحي لعدم إذنه فيه، ويقع عمن فعله لأنه لما تعذر وقوعه عن المنوي عنه وقع عن نفسه مقامه كالفدية في باب الصوم .انتهى

السؤال الرابع عشر: ما حكم سفر المرأة للعمرة بغير محرم؟

بداية ما هو المحرم؟المحرم هو الزوج وكل من يحرم عليه الزواج من المرأة على التأبيد بنسب أو رضاع أو مصاهرة.

للعلماء ثلاثة مذاهب في هذه المسألة :

1-مذهب الحنابلة لا تسافر المرأة وحدها، بل يجب أن تكون في صحبة زوجها، أوذي محرم لها.

واستدلوا ب:

1- ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم ، فقال رجل يا رسول الله إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج فقال اخرج معها ) رواه البخاري 

2- وعن أبي هريرة مرفوعا: ” لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها محرم ” (رواه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي .

2- مذهب الحنفية : لا يعتبر المحرم إلا في مسافة القصر، ودليلهم :

1 – عن أبي سعيد عنه – صلى الله عليه وسلم -: ( لا تسافر امرأة مسيرة يومين ليس معها زوجها أو ذي محرم ) رواه الشيخان .

2- وعن ابن عمر: ( لا تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم ) متفق عليه .

3- مذهب الشافعية ، واختيار ابن تيمية : اشتراط الزوج أو المحرم أو النسوة الثقات، والإمام مالك لا يشترط الزوج أو المحرم في سفر الفريضة.

والدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات :

1- ما رواه البخاري في صحيحه أن عمر رضي الله عنه أذن لأزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، فقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي – صلى الله عليه وسلم – على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك . وهذا يعتبر إجماعا. 

2- ما رواه الإمام البخاري في “صحيحه” عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتاه رجل فشكا إليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا عدي، هل رأيت الحيرة؟» قلت: لم أرها وقد أنبئت عليها، قال: (فإن طالت بك حياة، لترين الظعينة ترتحل من الحيرة، حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله». قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله)

والراجح لدي :هو القول الثالث، وهو اختيار الشيخ يوسف القرضاوي والذي بين ذلك قائلا: كما يجب أن نضيف أن السفر في عصرنا، لم يعد كالسفر في الأزمنة الماضية، محفوفا بالمخاطر لما فيه من اجتياز الفلوات، والتعرض للصوص وقطاع الطرق وغيرهم، بل أصبح السفر بواسطة أدوات نقل تجمع العدد الكثير من الناس في العادة، كالبواخر والطائرات، والسيارات الكبيرة، أو الصغيرة التي تخرج في قوافل، وهذا يجعل الثقة موفورة، ويطرد من الأنفس الخوف على المرأة، لأنها لن تكون وحدها في موطن من المواطن، ولهذا لا حرج أن تحج مع توافر هذا الجو الذي يوحي بكل اطمئنان وأمان.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1034 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع