الطلاق أسباب وحلول (2) الخلافات المالية بين الرجل والمرأة

تاريخ الإضافة 18 يناير, 2023 الزيارات : 2949

الطلاق أسباب وحلول (2) الخلافات المالية بين الرجل والمرأة

تكلمنا في الأسبوع الماضي عن أهم أسباب انتشار الطلاق والخلافات

 

الزوجية في الأسر المسلمة التي تعيش في الغرب وقلنا بأن أول سبب هو التصادم بين المفهوم الغربي والتصور الإسلامي في مسألة القوامة ، ثم يأتي السبب الثاني وهو من أكبر الأسباب لحدوث النزاعات :

“المشاكل المالية بين الزوج وزوجته “

ونتناول هذا العنوان في النقاط التالية

أولا : وجوب نفقة الزوج على زوجته

ثانيا :مصادر دخل المرأة

ثالثا : ماحكم الإسلام في عمل المرأة خارج بيتها ؟

رابعا : المرأة المسلمة.. ذمة مالية مستقلة

وهاكم الشرح :

أولا : وجوب نفقة الزوج على زوجته :

يجب على المسلم أن ينفق على زوجته وولده بالمعروف ، حتى لو كانت الزوجة غنية ، وهذا من أعظم حقوق الزوجة على زوجها ، ونفقته عليها من أعظم القرب والطاعات التي يعملها العبد ، والنفقة تشمل : الطعام والشراب والملبس والمسكن ، وسائر ما تحتاج إليه الزوجة ، وذلك بحسب وُسْعِه ومقدرته ، وبتعبير القرآن : أن ذلك بالمعروف : ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/233 .

قال ابن كثير رحمه الله : ” أي : بما جرت به عادة أمثالهن في بلدهنّ ، من غير إسراف ولا إقتار ، بحسب قدرته في يساره ، وتوسطه وإقتاره ” انتهـى تفسير ابن كثير” (1/634) .

وأما أدلة السنة ، فقد وردت أحاديث كثيرة تفيد وجوب نفقة الزوج على أهله وعياله منها :

ما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال في خطبة حجة الوداع : ” اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ، أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم رزقهن ، وكسوتهن بالمعروفرواه مسلم

وفي حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، ما حق زوجة أحدنا علينا ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، ولا تقبح الوجه ، ولا تضربرواه أبو داود

وعن وهب قال : إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر هاهنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول : ” كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوترواه أحمد

وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ” إن الله سائل كل راع عما استرعاه ، أحفظ ذلك أم ضيّع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيتهرواه ابن حبان وحسنه الألباني في صحيح الجامع .

وقد ثبتت أحاديث متكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم تفيد فضل هذا وأنه من الأعمال الصالحة عند الله تعالى ، كما جاء في حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ” إذا أنفق المسلم نفقة على أهله ، وهو يحتسبها ، كانت صدقة لهرواه البخاري
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح 9/498 : النفقة على الأهل واجبة بالإجماع ، وإنما سماها الشارع صدقة خشية أن يظنوا أن قيامهم بالواجب لا أجر لهم فيه ، وقد عرفوا ما في الصدقة من الأجر ، فعرفهم أنها لهم صدقة حتى لا يخرجوها إلى غير الأهل إلا بعد أن يكفوهم ، ترغيباً لهم في تقديم الصدقة الواجبة قبل صدقة التطوع أ.هـ

وفي حديث سعد بن مالك رضي الله عن أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال له : ” إنك مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر ، حتى اللقمة تضعها ترفعها إلى في امرأتكرواه البخاري

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال : ” دينار تنفقه في سبيل الله ، ودينار أنفقته في رقبة ـ أي في عتقها ـ ودينار تصدقت به على مسكين ، ودينار أنفقته على أهلك ، أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلكرواه مسلم .
وجاء في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم  رجل ، فرأى أصحابه من جلده ونشاطه ما أعجبهم ، فقالوا : يا رسول الله ، لو كان هذا في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : إن كان خرج يسعى على أولاده صغاراً فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله ، وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطانرواه الطبراني ، صحيح الجامع .

وإذا بخل الزوج بالنفقة فلها أن تأخذ من ماله مايكفيها وولدها بالمعروف ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: إن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال صلى الله عليه وسلم: “خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف” رواه البخاري ومسلم

ومن جهة  أخرى فعلى الزوجة أن تعلم أن إنفاق الزوج إنما هو بحسب إمكانياته ووضعه المادي ، كما قال تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً ) الطلاق الآية 7،  فلا يحق لها أن تتعنت في معاملة زوجها بكثرة طلباتها وإرهاقه في النفقة عليها ، فإن ذلك من سوء العشرة .

ثانيا :مصادر دخل المرأة :

1- ما تملكه قبل الزواج من أموال .

2- هدية الزواج من مهر وذهب .

3- هدايا أهلها ( الأب ،الأم ، الأخ ،…الخ )

4- الميراث : ما ترثه من أحد أقاربها .

5- ما وهبه لها الزوج كمصروف شخصي

6- الراتب الناتج عن العمل .

وهذا الأخير هو الذي تدور عليه النزاعات الزوجية ، وقبل أن ندخل إليه نتكلم عن مسألة عمل المرأة شرعا .

ثالثا : ماحكم الإسلام في عمل المرأة خارج بيتها ؟

مشكلتنا في هذه القضايا أننا نقع دائما بين طرفي الإفراط والتفريط، فهناك من ينظر إلى المرأة باعتبارها كائنًا ناقص الأهلية، وعليها أن تقع دائمًا تحت أسر الرجل، فهو الذي يتحكم فيها، وكثيرًا ما يحبسها بين الجدران الأربعة، مع أن الحبس في البيوت هذه جعله القرآن عقوبة لمن تأتي بالفاحشة، وذلك في أول الإسلام قبل أن يستقر التشريع، (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ).

ولكن هؤلاء يريدون أن يجعلوا ذلك عقوبة دائمة للمرأة، هذا طرف، طرف آخر يريد أن يخرج المرأة من بيتها ومن وظيفتها، ومن أولادها، لتذهب يمينًا وشمالاً بلا قاعدة، ولا ضوابط وكلا الطرفين مرفوض.

الشريعة والموقف الوسط :

ينظر الإسلام إلى المرأة باعتبارها كائنًا كامل الأهلية مثل الرجل تمامًا، والقرآن يقول في هذا (بعضكم من بعض) (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض) أي الرجل من المرأة، والمرأة من الرجل، كل واحد منهما يكمل الآخر، ولا تستغني المرأة عن الرجل، ولا يستغني عنها الرجل.

والحديث النبوي يقول: «إنما النساء شقائق الرجال»

فمن هنا كان للمرأة أن تعمل كما يعمل الرجل فيما يناسبها؛ على أن عمل المرأة الأول والأعظم الذي لا ينازعها فيه منازع، ولا ينافسها فيه منافس، هو تربية الأجيال، الذي هيأها الله له بدنيا، ونفسيًا، ويجب ألا يشغلها عن هذه الرسالة الجليلة شاغل مادي أو أدبي مهما كان، فإن أحدًا لا يستطيع أن يقوم مقام المرأة في هذا العمل الكبير، الذي عليه يتوقف مستقبل الأمة، وبه تتكون أعظم ثرواتها، وهى الثروة البشرية، ورحم الله شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:

الأم مدرسة إذا أعددتها         أعددت شعبًا طيب الأعراق

ومثل ذلك عملها في رعاية بيتها، وإسعاد زوجها، وتكوين أسرة سعيدة، قائمة على السكون والمودة والرحمة، وقد ورد: أن حسن تبعل المرأة لزوجها يعد جهادًا في سبيل الله ، فعن أسماء بنت يزيد بن السكن قالت :

أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه ، فقلت : يا رسول الله ! إني وافدة النساء إليك ، إنه ليس من امرأة سمعت بمخرجي إليك إلا وهي على مثل رأيي ، وإن الله تبارك وتعالى بعثك إلى الرجال والنساء ؛ فآمنا بك وبالهدى الذي جئت به ، وإن الله قد فضلكم علينا – معشر الرجال – بالجماعة والجمعة ، وعيادة المرضى ، واتباع الجنائز ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله ، وإن أحدكم إذا خرج غازياً أو حاجاً أو معتمراً ؛ حفظنا أموالكم ، وغزلنا أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، وإنا – معشر النساء – مقصورات محصورات قواعد بيوتكم (أفما نشارككم في هذا الأجر) ؟ فأقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم على أصحابه بوجهه كله فقال :

“سمعتم بمثل مقالة هذه المرأة ؟” ، قالوا : ما ظننا أن أحداً من النساء تهتدي إلى مثل ما اهتدت إليه هذه المرأة ! فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :

“اعلمي – وأعلمي من وراءك من النساء – أن حسن تبعل المرأة لزوجها ، واتباعها موافقته ومرضاته ؛ يعدل ذلك كله” .

فانطلقت تهلل وتكبر وتحمد الله عز وجل استبشاراً . رواه ابن عساكر

ولكن إذا كانت هناك حاجة شخصية أو اجتماعية تدعو المرأة للعمل خارج البيت فربما تحتاج المرأة إلى العمل لكسب رزقها لعدم وجود من يعولها أو أن يكون عائلها مريضا أو عاجزا أو فقيرا لا يكفيه عمله أو ليس بصاحب حرفة أو صنعه أو انشغاله بما هو أهم أو أشق من الأعمال الأخرى ، فعندئذ تضطر للعمل لكسب العيش أو للمساعدة فهذا جائز بالضوابط التي سنذكرها.

وقد يكون المجتمع نفسه في حاجة إلى عمل المرأة كما في تطبيب النساء أو تمريضهن، وتعليم البنات، ونحو ذلك من كل ما يختص بالمرأة.

ضوابط وشروط :

1- إذن ولي أمرها وصاحب القوامة عليها (أبيها أو زوجها)يقول الله سبحانه وتعالى ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء :34) .

2- أن يكون العمل مشروعًا، فلا يجوز أن تعمل المرأة في عمل غير مشروع، فلا يجوز أن تعمل راقصة مثلاً، ولا يجوز أن تعمل سكرتيرة خاصة لرجل يغلق عليهما مكتب في خلوة محرمة، فتكون مجالات العمل ملائمة لطبيعة المرأة وتكوينها البدني والنفسي، ومن هذه الأعمال الملائمة لطبيعة المرأة : التوظيف، والتعليم، والتطبيب، والتمريض، والخياطة، والتجارة وخاصة في ما يخص النساء من ملابس وأدوات منزلية …الخ

3- ألا يكون هذا العمل منافيًا لوظيفتها الأساسية في مملكتها الأساسية كما تقول، فعملها الأول أنها زوجة تؤدي حقوق الزوجية، وأم تؤدي حقوق الأولاد، فإذا كان هذا العمل سيتعارض تمامًا مع ذلك، فهذا لا يقبل بحال.

4- أن تلتزم بالآداب الإسلامية، مثل آداب الخروج واللباس والمشي والكلام والحركة، فلا يجوز أن تخرج متبرجة، ولا يجوز أن تخرج متعطرة ليشم الرجال ريحها، ولا يجوز أن تمشي كما قال تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) النور: 31،  أي تلبس حذاء بكعب عال وتضرب به في الأرض كأنها تقول للناس «خذوا بالكم»، كما لا يجوز الكلام إلا بالمعروف (ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلنا قولًا معروفًا) الأحزاب: 32، فهذه آداب يجب أن تراعيها إذا قامت بعملها هذا.

رابعا : المرأة المسلمة.. ذمة مالية مستقلة:

لقد كرم الإسلام المرأة وأعلى مكانتها، ورفع عن كاهلها الظلم والقهر الذي كان مفروضا عليها في المجتمع الجاهلي، واعتبرها مساوية للرجل في أصل الخلقة البشرية وفي كثير من الحقوق والواجبات، ومنحت الشريعة المرأة حق العمل و التكسب و الامتلاك تماما كالرجل ، يقول الله عز وجل : { للرجال نصيب مما اكتسبوا و للنساء نصيب ما اكتسبن } واثبت لها ذمة مالية مستقلة فلا يجوز للزوج الاستيلاء عليها أو أخذ مالها دون حق أو دون أذنها ورضاها، كما أنه ليس من حقه سؤالها عما أعطاها والدها أو أخوها من هدايا، ولا يحق للزوج على الإطلاق الاستفسار عن أوجه إنفاقها لمالها ، وإن احتاج أن يستدين منها فالأمر يأخذ صورة الدين واجب السداد .

وهذا ما أكدت عليه المجامع والمجالس الفقهية التي ناقشت هذه القضايا. فقد أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي قرارا وفتوى عن اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، وعن انفصال الذمة المالية بين الزوجين، ومن ضمن ما جاء فيه:

1- تستحق الزوجة النفقة الكاملة المقررة بالمعروف، وبحسب سعة الزوج، وبما يتناسب مع الأعراف الصحيحة والتقاليد الاجتماعية المقبولة شرعا، ولا تسقط هذه النفقة إلا بالنشوز.

2- لا يجب على الزوجة شرعا المشاركة في النفقات الواجبة على الزوج ابتداء، ولا يجوز إلزامها بذلك.

3- تطوع الزوجة بالمشاركة في نفقات الأسرة أمر مندوب إليه شرعا لما يترتب عليه من تحقيق معنى التعاون والتآزر والتآلف بين الزوجين.

4- يجوز أن يتم تفاهم الزوجين واتفاقهما الرضائي على مصير الراتب أو الأجر الذي تكسبه الزوجة.

5- إذا ترتب على خروج الزوجة للعمل نفقات إضافية تخصها فإنها تتحمل تلك النفقات.

6- يجوز للزوجة أن تشترط في عقد الزواج أن تعمل خارج البيت فإن رضى الزوج بذلك ألزم به، ويكون الاشتراط عند العقد صراحة.

7- يجوز للزوج أن يطلب من الزوجة ترك العمل بعد إذنه به إذا كان الترك في مصلحة الأسرة والأولاد.

8- ليس للزوج أن يجبر الزوجة على العمل خارج البيت.

9- اشتراك الزوجة في التملك : وإذا أسهمت الزوجة فعليا من مالها أو كسب عملها في تملك مسكن أو عقار أو مشروع تجاري فإن لها الحق في الاشتراك في ملكية ذلك المسكن أو المشروع بنسبة المال الذي أسهمت به. ا.هـ

ويجب أن يكون الزوج كريماً مع زوجته ، والزوجة كريمة مع زوجها بألا ينسيا الفضل بينهما كما قال الله تعالى ” ولا تنسوا الفضل بينكم ” ، ومعنى ذلك أن البيوت تبنى على الفضل وليس العدل ، والبيوت التي تبنى منذ البداية على السكينة والمودة والرحمة أكثر ثباتاً واستقرارا من التي بنيت في مهب الريح .

راتب الزوجة العاملة :

إذن نخلص من هذا أن راتب الزوجة من حقها، مادامت قد استأذنت زوجها، أو اشترطت ذلك في صلب عقد الزواج، ووافق على هذا، فإن الراتب ليس من حقه لرضاه منذ البداية بحق منقوص، فإن كانا قد اتفقا أن تساهم المرأة في نفقات المعيشة بقدر معين فالمسلمون عند شروطهم وينبغي أن توفي الزوجة بما اتفقت عليه .
وفي كل الأحوال فإن الاحتكام إلى شرع الله، والعمل بالعرف الصحيح، ومراعاة مصلحة الأسرة تستوجب حل مثل هذه الأمور بالهدوء، بعيداً عن شبح الطلاق الكريه، وويلاته التي تدمر كيان الأسرة، وتنسف استقرارها وسعادتها.

ويرى العلامة الشيخ يوسف القرضاوي أن الرجل بوصفه له القوامة، فهو المسئول عن البيت ونفقته، ولكن مع تغير الأحوال وخروج المرأة للعمل، وتركها بعض مسئوليتها، فإن من الأولى أن تدفع المرأة جزءاً من راتبها لزوجها مشاركة معه في أعباء البيت، فإذا كان خروج المرأة للعمل كما في عصرنا هذا يكلِّف الزوج في هذه الحالة يمكن أن تساهم في نفقة البيت، أو كان الزوج محتاجاً، ففي كثير من البلاد الزوج يتزوج الزوجة الموظفة ليتعاونا جميعاً في تكوين بيت مسلم، ولأن الرجل لا يستطيع وحده أن ينفق على الأسرة ولا الزوجة وحدها فهما يتفقان ؛
فإذا اتفقا من أول الأمر على شيء معين كان عليهما الوفاء بما اتفقا عليه تراضياً، وأنا أرى في هذه الحالة أن المرأة يكون عليها الثلث والرجل يكون عليه الثلثان، لأن الإسلام جعل للذكر مثل حظ الأنثيين فكذلك في الحقوق، وكذلك في الواجبات، يعني الغُنم بالغُرم والغُرم بالغُنم، فالمرأة يكون عليها الثلث والزوج الثلثان في حالة احتياج الزوج إلى هذا الأمر“.

 

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1034 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع