وصايا لمن أراد الحج هذا العام
هذه طائفة من الآداب والتوجيهات بَسَط أهل العلم -رحمهم الله- القول فيها، وحثوا مريد الحج على مراعاتها، والحفاظ عليها؛ تَلَمُّساً للحج المبرور
والعمل المقبول .
أولا / إخلاص النية لله جل وعلا
فالله لا يقبل من الأعمال إلا خالصها، فهو سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن أراد أن يؤدي فرضه فعليه بالنية الصادقة الخالصة.
فمن الناس من يحج ليتسمى حاجاً، إذا عاد إلى بلاده، فلا ينادى إلا بها، ومنهم من يسافر ويفاخر بحجاته، فمن كانت هذه حاله، فهو على خطر عظيم في حبوط العمل وسقوطه في الرياء .
قال تعالى “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:30-32
ثانيا / التوبة النصوح ورد المظالم :
ثالثا / تعلم مناسك الحج والعمرة
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( تفقهوا قبل أن تحجوا) توجه إلى عبادة ربك على علم وبصيرة، تعلم كيفية أداء العبادة التي تؤديها، لا أن تفعلها تقليداً كما يفعلها غيرك، وتعلم من أحكام الحج ما تصح به مناسكك، واسأل أهل العلم فيما أشكل عليك، اشتغل بما يقربك من ربك ومولاك، مدركاً عظم الفريضة التي أنت فيها، والعبادات التي أنت مقبلٌ عليها، والبقاع الشريفة التي تتعبد الله فيها.
ومن الجميل المناسب أن يصحب الحاج معه كتيباً جامعاً لأحكام المناسك، وأن يديم مطالعته ومدارسته مع غيره ليتفقه في أحكام الحج .
رابعا / الاستكثار من الأعمال الصالحة في الحرمين
اغتنم شرف الزمان وشرف المكان، فاستكثر من الأعمال الصالحة؛ من الصلاة، والصدقة، والإحسان، والبذل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة حسب الطاقة، وما كان الحج مبروراً إلا لاشتماله على البر الجامع لكل خير، إحساناً مع الله، وإحساناً مع عباد الله .
واعلم أن من علامة إعراض الله عن العبد أن يشغله فيما لا يعنيه ؛ فإياك والخوض فيما لا يعنيك، واجتنب الفسوق، والجدال، والسخرية، والمراء، واحفظ لسانك من الغيبة والنميمة، والوقوع في أعراض الناس ، اجتنب المخاصمة، والمشاحنة، ومزاحمة الناس في الطرقات، وأماكن العبادة.
خامسا / أن يكون المال حلالاً
وتذكروا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه : (الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب! يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، وملبسه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له!!).
أنى يستجاب لمن تزود لهذه الطاعة من مال حرام؟! أو تزود لها من مال فيه ربا، أو مال فيه خيانة حتى ناله وجلبه على نفسه؟!
وروى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا خرج الرجل حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لبيك وسعديك ، زادك حلال ، وراحلتك حلال ، وحجك مبرور غير مأزور . وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ، ناداه مناد من السماء : لا لبيك ولا سعديك ، زادك حرام ، ونفقتك حرام ، وحجك غير مبرور) وسنده ضعيف
فالحج عبادة جليلة لابد لها من زاد نقي طيب، والله لا يقبل إلا الطيب .
سادسا / الابتعاد عن المعاصي والمنكرات
ينبغي لمن عزم على الحج أن يكون حريصاً على خلو حجه من المنكرات والمخالفات ، فبعض الحجاج-منَّ الله علينا وعليهم بالهداية- إذا عزموا على الحج كأنهم عازمون على سفر ترفيهي، بل وإن الكثير منهم من يعمد إلى ما يعصي الله به، ليذهب به إلى المشاعر وليتنقل به بين المناسك، وكأن المكان ليس لذكر الله والاستغفار والتوبة والإنابة، وبعضهم تسمع الأغاني في خيمته، وبعضهم تشم رائحة الدخان من مكانه.
سابعا / اختيار الرفقة الصالحة
فمما يرجى معه بر الحج تخيُّر الرفقة الطيبة، ذات الصلاح والاستقامة والطاعة والتقى، ممن يرغِّب في الخير، ويعين على الطاعة، ويستمسك بالشرع وآدابه ، وإن تيسر الحج في رفقة فيهم العلماء، أو طلبة العلم المدركين لأحكام الحج فيا حبذا ذلك؛ لأجل التواصي بالحق وحفظ آداب المناسك، والبعد عما يطرأ على المسافرين من مساوئ الأخلاق والتساهل في أمور الدين، وعلى الحاج مع رفقته أن يحرص على خدمتهم، وأن يحرص على رضاهم، وأن يتحمل عنهم شيئاً من المشقة، لا كما يفعله بعض ضعاف النفوس إذا ذهبوا مع رفقة، كانوا الجالسين وغيرهم يخدمونهم، وكم من رفقة تفرقت وعادت بالشحناء والعداوة من بينها من جراء أنانية بعضهم، والأثرة وحب الزاد.
والحذر الحذر من مصاحبة الجهال والسفهاء، والعصاة المصرين.. في سفر الحج، فإن هؤلاء لا يسلم من خالطهم في الغالب من الإثم واللغو في الحج.