الطلاق أسباب وحلول 3- إفشاء أسرار الحياة الزوجية 

تاريخ الإضافة 19 يناير, 2023 الزيارات : 7973

الطلاق أسباب وحلول 3- إفشاء أسرار الحياة الزوجية 

 ما زلنا مع أسباب مشكلة الطلاق والبحث في الحلول اللازمة لها واليوم نتناول موضوعا هاما يحدث بتجاهله الكثير من حالات الطلاق وهو:

إفشاء أسرار الحياة الزوجية 

ويمكن أن نعرِّف أسرار العلاقة الزوجية بأنها : “جميع الأحداث والأحوال وما يصاحبها من أقوال وأفعال داخل الأسرة التي لا يرغب أحد أفرادها أن يعرفها الآخرون.”

إن نقل أسرار العلاقة الزوجية – أسرار البيت – خارج نطاق الأسرة الزوجية يعني إضرام نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراماً يذهب بما بقي من أواصر المحبة بينهما.

وكتمان الزوجين أسرار بيتهما يعقبه السلامة ، وصبرهما على كتمان السر أيسر من الندامة على إفشائه.

إفشاء سر الرسول كان سبب الطلاق :

ولعلنا ندرك خطورة الأمر حينما نعلم أن إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وهي (حفصة بنت عمر) حينما أسرَّ النبي إلى زوجته حفصة -رضي الله عنها- حديثا، فلما أخبرت به عائشة رضي الله عنها، وأطلعه الله على إفشائها سرَّه، أعلم النبي حفصة ببعض ما أخبرت به، وأعرض عن إعلامها بعضه تكرما، فلما أخبرها بما أفشت من الحديث، قالت: مَن أخبرك بهذا؟ قال: أخبرني به الله العليم الخبير، الذي لا تخفى عليه خافية.

قال تعالى : “وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3) ” التحريم (1)

وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم و طلق حفصة حتى قال له جبريل :” إن الله يقرئك السلام ويقول لك راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة “

وفي أواخرالسورة قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا}. سورة التحريم:10.
قال المفسرون عن هذه الخيانة : إن امرأة نوح كانت تكشف سره فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الكفرة من قوم نوح به، أما امرأة لوط فكانت إذا استضاف لوط أحدًا أخبرت أهل المدينة ممن يعملون السوء حتى يأتوا ويفعلوا بهم الفاحشة

وعلى هذا فقوله تعالى : (فخانتاهما) يعني أن إفشاء الأسرار خيانةٌ للأمانة ومصداقه قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ الأنفال: 27.

أنواع الأسرار في الحياة الزوجية


أولا / الأسرار الزوجية الإ
يجابية :

 وهي المتعلقة بالبيت وشراء شيء جديد كملابس أو سيارة أو هدية  أو السفر في رحلة إلى أحد الأماكن للتنزه ….الخ

 وهذه الأمور عندما تفشى وتذاع عند الآخرين فإنها قد تولد في نفوس البعض ما لا يحمد عقباه من عين وحسد أو حقد أو كره .

وقد حذّر يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام من إخبار إخوته بالرؤية التي رآها، قال تعالى حكاية عن يعقوب : ( قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )  يوسف: 5 .

فالرؤيا تبين أن يوسف سيكون له شأن كبير في المستقبل فأوصى يعقوب ابنه يوسف عليهما السلام بعدم إفشائه حتى لإخوته لكيلا يحدث شيء من تلك العواقب السيئة.

وأيضا نطالع بنفس السورة عندما تكلم إخوة يوسف مع أبيهم أن يأخذوا أخاهم الأصغر معهم قال لهم : ” وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ

 يعني أنا لن أحول بينكم وبين قدر الله شيئا…. لكن من باب الأخذ بالأسباب لا تدخلوا من باب واحد ، وكان ليوسف أحد عشر أخا ، فأحد عشر أخا رجالا ما شاء الله فتوة وشباب وجمال فخاف أبوهم عليهم من العين.

وفي الآية التي تليها قال  : ” وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا ۚ …” وهي الخوف عليهم من العين.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال : ( العين حق. وإن العين لتدخل الجمل القدر والرجل القبر. ) أي ترى الجمل طول …قوة …. ضخامة …

عين واحدة تصيب الجمل تدخله القدر يعني يقع في الأرض يدركونه فيذبحونه… فيدخل القدر يعني يكون طعام.

 (وتدخل الرجل القبر) تجد الرجل ما شاء الله صحة وفتوة وكذا وكذا وفي سن الشباب تصيبه العين فربما يموت من أثر هذه العين.

استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان :

ورد في الحديث وإن كان في سنده ضعف لكن معناه صحيح : (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود.) فلا ينبغي أن يتحدث الإنسان على صفحات الفيس بوك  كثيرا عن نفسه ؛ يقول أنا كسبت كذا وأنا راتبي كذا وأنا أجريت صفقة تجارية بكذا.

ونجد البعض على الفيسبوك يصور رحلته مع أسرته ويحتضن زوجته بجانبه وأبناؤه يضحكون بجانبه…. وما شاء الله على رحلة المشاوي والناس لا يجدون ثمن اللحم ولا حتى الخبز الناشف، وكذا وكذا

فمن أراد نشر شيئ من هذا فلينشره على الخاص للأهل والأحباب أما نشرها على الفيسبوك فهو مفتوح لجميع الأشخاص في العالم كله …

فتكون التعليقات بلسان الحال : عايش في النعمة، عايش في الجنة ونحن نعيش في المقابراللحم يأكلونه مشاوي ونحن لا نجد الخبز اليابس.

زوجته انظر للحب والحنان آه وزوجتي نكدية و كذا وكذا… وزوجي كذا وكذا… هل ترى أولاده؟……….. الولد الذي تراه هذا عنده ثمان سنوات فقط وكأنه ابن ثلاثة عشر سنة. …هل ترى عينيه؟ هل ترى ابنته كيف كبرت؟ هل ترى البنت لما بلغت كيف صارت ملكة جمال؟

هذا كله يا إخواني كثير وكثير… وأنت طبعا لا تدري أن الفيسبوك قناة فضائية مفتوحة للعالم .

استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان…. اجعل صورك وذكرياتك وأمورك العائلية خاصة بك أو خاصة بمن تحب ومن يحبك.

إنما إطلاع العالم كله على حياتك الخاصة وعلى صورك الخاصة وعلى رحلاتك وعلى سيارتك الجديدة وعلى كذا وعلى كذا

كل هذا يا إخواني نصيحة لله لا تفعلها…. أنت لا تدري من يقلب الصفحات في هذه الصور وهذه الأشياء.

ثانيا / أسرار الفراش :

فَمِمَّا لاَ يَجُوزُ إِفْشَاؤُهُ:مَا يَجْرِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ حَال الْوِقَاعِ، فَإِنَّ إِفْشَاءَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُل وَزَوْجَتِهِ حَال الْجِمَاعِ أَوْ مَا يَتَّصِل بِذَلِكَ حَرَامٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.

وقد توعد الرسول صلى الله عليه وسلم الزوج أو الزوجة التي تفشي أسرار الزوجية الخاصة بوعيد شديد فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها) رواه مسلم. قال الصنعاني: أي وتفشي سره.

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الرجال فقال: « هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟

قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا ، فعلتُ كذا ؟

قال : فسكتوا ، قال : فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟

فسكتنَ ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثن

فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه.  «رواه أبو داود  وصححه الشيخ الألباني

ولأهمية حفظ الأسرار الزوجية وأثرها في استقرار العلاقة بين الزوجين نصحت امرأة أعرابية ابنتها ليلة الزفاف نصيحة خالدة تبني عليها حياتها الزوجية فقالت لها: “لا تفشي له سرا, ولا تعصي له أمرا, فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرتي صدره “

ثالثا / أسرار المشاكل الزوجية:

وخير علاج لأي مشكلة بين الزوجين أن تبقى كما هي بينهما لتكون سريعة وسهلة الحل إنما اللجوء لصديق أحمق أو قليل العقل أو شيطان من شياطين الإنس فيكون من أسباب خراب البيت وضياع الأسرة  ، وإن كان لابد من وسيط للإصلاح فليكن طرفا عاقلا حكيما ، أما كثرة الشكوى للأصدقاء والزملاء والجيران فضلا عن الأهل فهذا مما يؤدي إلى زيادة المشكلة وتفاقمها .

بل رأيت كثيرا من حالات الطلاق تحدث بعد رجوع الزوجين من إجازتهما بالبلاد وذلك سببه أن الزوجة عند حدوث المشكلة تتكلم مع أمها وأخواتها والزوج يفعل نفس الفعل يحكي لأمه وإخوته ويصطلح الزوجان لكن يبقى ما في النفوس عند الأهل كما هو لم يتغير خاصة أن البعض ينزل إجازة كل عامين أو ثلاث فينزل وعنده صحيفة مشاكل مسجلة عند أصهاره وعندها تضيق الصدور وتسوء المعاملة ويكون أول انفجار للمشكلة بعد الرجوع من الإجازة !!

رابعا / إفشاء أسرار الأزواج بعد الطلاق :

ولا يتوقف حق كل من الزوج والزوجة في حرمة الأسرار الزوجية بانتهاء الزواج ولكن على كل منهما على حد سواء الحفاظ على هذه الأسرار والأمور التي كانت مشتركة فيما بينهما حتى بعد الطلاق، فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنه حدث بينه وبين زوجته صفية بنت أبي عبيد مشكلة، فجاء أصدقاؤه وأخته حفصة أم المؤمنين يسألونه عن هذه المشكلة التي بينه وبين زوجه، فقال: “سبحان الله! كيف أفضي بسر امرأة هي أقرب الناس إلي؟ هي زوجتي”، فلم يُفضِ إليهم بشيء من سره، ثم إنه طلقها فأتوه يسألونه عن السبب فقال: “سبحان الله! كيف أفضي بسر امرأة أجنبية لا علاقة بيني وبينها؟“.

أما ما يحدث الآن عندما يلقي المطلق بكل العيوب على مطلقته أو يقوم بالأمر نيابة عنه بعض أهله وكذلك المطلقة أو أهلها هذا كله مخالفة {وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيماً} فيغني الله الزوج عن مطلقته، بخير منها، ويغني الله المطلقة بخير من زوجها السابق .

المهم ألا نجعل الطلاق سببا للعداوة والبغضاء والقطيعة، وخاصة إذا كانت الزوجة ابنة الخال أو الخالة أو العم أو العمة ، ولذلك يجب علينا ألا نجعل من تنفيذ أحكام الله سببا في التفرق والقطيعة، وان نحفظ للزوجة وأهلها أسرارهم، وكذلك نحفظ للزوج أسراره ونمسك ألسنتنا عن الكلام في هذه الأمور، وان يكون الطلاق بالمعروف ويبقى الود والاحترام، ويعتبر كل طرف ما مضى وانتهى أمرا في طي الكتمان، أما التحدث بالقيل والقال ففيه غيبة وقد يكون بهتانا كبيرا والذين ينشرون الأسرار ويخوضون في الأعراض هم السفهاء سواء كانوا من الرجال أو النساء

أخيرا ما هي دوافع إفشاء الأسرار الزوجية :

هناك مجموعة من الدوافع وراء إفشاء أحد الزوجين لأسرار الحياة الزوجية ومنها:

1-المرأة – إلا من رحم الله –  بطبعها محبة للفضفضة والثرثرة والترويح عن النفس في مجالس الصديقات, ولا تجد المرأة المتزوجة غالبا مادة دسمة للحديث غير ما يخص أمورها الشخصية وعلاقتها بزوجها ، وهناك حكمة تقول ” إذا أردت أن تروج لرأي فخاطب به النساء”

ولهذا أيضا كثرت الأمثال الشعبية التي تحذر الرجل من إفشاء سره لزوجته ومن هذه الأمثال “لا تعط سرك لامرأة” و “السر في قلب المرأة كالسم إن لم يخرج منها قتلها“.

2-غياب التفاهم بين الزوجين و انعدام الحوار والبعد العاطفي فيما بينهما يدفع الزوجة إلى الفضفضة مع المعارف والصديقات وزميلاتها في العمل, أملا ورغبة في إشباع حاجة نفسية لديها ومحاولة الشكوى والظهور بمظهر المجني عليها من قبل زوجها .

3-  قد يكون التباهي والتفاخر أمام الآخرين سببا في إذاعة وإفشاء الزوجة لأسرارها الزوجية وأسرار العلاقة الخاصة مع زوجها .

4- الجهل بنهي الشرع عن إفشاء الأسرار لما يترتب عليه من إثم كبير .

5- سوء التربية فعندما تبوح الزوجات بأدق تفاصيل حياتها ، فهذا يعد خللا في التنشئة الاجتماعية وعدم التربية على حفظ الأسرار منذ الطفولة, وكذلك عدم التأهيل الجيد للحياة الزوجية والمعرفة بالحقوق والواجبات الزوجية.

6- عدم قدرة أحد الزوجين على الصبر لما يعانيه من مشكلات وأزمات في أسرته، مما يدفعه إلى إفشائها إما بحثاً عن علاج وإما تخفيفاً من ألم الكتمان.

7- ومنها كذلك قلة العقل والدين، فالعقل السليم يمنع الإنسان من التحدث بأي حديث قد يجلب له ضرراً أو يدفع عنه خيراً، والدين يردعه عن كل قول وفعل لا يرضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

8-  كثرة الخلطة بالآخرين مباشرة أو من خلال وسائل الاتصال الحديثة المجانية ، فعندما يجلس الزوج أو الزوجة مع الآخرين فترات طويلة فإنه لا بد أن يحدثهم ويحدثوه فيكثر الكلام حتى يصل إلى تلك الأسرار.

فعلى الزوجين التواصي دائماً بما فيه صالح حياتهما الزوجية، ومن ذلك التواصي بحفظ أسرارهما العائلية وعدم نقلها خارج عش الزوجية؛ لأن حفظ أسرار البيت من أهم عوامل نجاح الحياة الزوجية واستمرارها.

حالات استثنائية :

وهذه الحالات هي :

1- إذا لجأت أحد الزوجين إلى طبيب بسبب مشاكل في الحمل والانجاب مثلا فهنا تطرح الأمور بوضوح وصراحة بغرض الوصول إلى العلاج .

2-  قد يبوح أحد الزوجين بأسرار حياته الخاصة إلى أحد الناس العقلاء أو الشيوخ المعروفين بالتقوى والعدل والحكمة بنية طلب الفتوى أوالمشورة أو حل المشكلة وليس بنية الفضفضة أو إفشاء الأسرار ، فعن عائشة قالت: دخلتْ هندُ بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقالت: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجل شحيح؛ لا يُعطيني من النَّفقة ما يَكفيني ويكفي بنيَّ إلاَّ ما أخذتُ من ماله بغير علمه، فهَل عليَّ في ذلِك من جُناح؟ فقال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: (خُذِي من مالِه بالمعْروف ما يكفيكِ ويكْفي بنيكِ)؛ رواه البخاري ومسلم.

3- إذا كان لهذا الإفشاء ضرورة في المحاكم عند النزاع ويتطلب إفشاؤها لمصلحة ومنفعة لصاحبها فيجوز إفشاؤها, فقد ذهب الفقهاء، ومنهم الشوكاني إلى أن التصريح بأمور اللقاء الجنسي إن كان إليه حاجة أو ترتبت عليه فائدة فلا كراهة في ذكره، وذلك نحو أن تنكر المرأة نكاح الزوج لها وتدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك كما في قصة الرجل الذي ادعت عليه امرأته العنة (يعني عضوه لا ينتصب) والحديث في البخاري عن ابن عباس أنَّ رِفاعَةَ طلَّق امرأتَه، فتزوَّجَها عبدُ الرحمنِ بنُ الزُّبَيرِ القُرَظِيُّ، وأَتَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فجاء ومعَه ابنانِ له من غيرِها

قالتْ : واللهِ ما لي إليه من ذَنبٍ، إلا أن ما معَه ليس بأغنَى عني من هذه، وأخذَتْ هُدبَةً من ثَوبِها !!

فقال : كذبَتْ واللهِ يا رسولَ اللهِ، إني لأنفُضُها نَفضَ الأديمِ ، ولكنها ناشِزٌ، تُريدُ رِفاعَةَ .

فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( فإنْ كان ذلك لم تَحِلِّي له، أو : لم تَصْلُحي له، حتى يذوقَ مِن عُسَيلَتِكِ ) . قال : وأبصَر معَه ابنَينِ له، فقال : ( بَنوكَ هؤلاءِ ) . قال : نعم، قال : ( هذا الذي تَزعُمينَ ما تَزعُمينَ، فواللهِ، لهم أشبَهُ به من الغُرابِ بالغُرابِ)

 فهنا جرت الفاظ واضحة في أخص المسائل الزوجية نوضح معناها :

 مثل هدبة الثوب : هدبة بضم الهاء وسكون الدال هو طرف الثوب وفِيهِ وَجْهَانِ :

 أَحَدُهُمَا : أَنْ تَكُونَ شَبَّهَتْهُ بِذَلِكَ لِصِغَرِهِ.     

وَالثَّانِي : أَنْ تَكُونَ شَبَّهَتْهُ بِهِ لِاسْتِرْخَائِهِ ، وَعَدَمِ انْتِشَارِهِ .

وأما قوله : “والله لأنفضها نفض الاديم” يقصد أنه يجامعها بقوة وكانه ينفض قطعه جلد او قماش من شدة وقوة جماعه وقد قال هذا حتى يثبت انه شديد وقوي في الجماع ، ولم ينكر النبي قولها ولا قوله لأن هذا في باب التحاكم .

عسيلته : العسيلة حلاوة الجماع الذي يحصل بتغييب الحشفة في الفرج ، شبه لذته بلذة العسل، فاستعار لها ذوقا، وإنما أنث لأنه أراد قطعة من العسل.

قال الجمهور : ذوق العسيلة كناية عن المجامعة ، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة  .


(1)للتوضيح أكثر فإن لهذه الآية سببان في النزول:

الأول هو: أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى جاريته مارية -أي: جامع جاريته مارية القبطية التي هي أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وذلك في بيت حفصة وفي ليلتها وعلى فراشها رضي الله تعالى عنها ؛ فعلمت بذلك حفصة رضي الله عنها، فدخلت محتدة قائلة : أفي بيتي وعلى فراشي؟! فقال عليه الصلاة والسلام: لا تخبري بذلك أحداً، وقد حرمتها على نفسي، ولن أقربها بعد ذلك، فنزل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التحريم:1])، وفي بعض الروايات: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: هي عليَّ حرام .)

السبب الثاني وهو الأصح سندا هو: (أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فكان يدخل عند زينب ويمكث عندها طويلاً فتسقيه عسلاً، فتواطأ بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فقلن لبعضهن البعض: أيتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتقل له إذا أقبل عليها: إني أجد منك ريح مغافير، فتواطأت حفصة مع عائشة على ذلك، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد شرب عسلاً من عند زينب قالت له حفصة : ما لك! أكلت مغافير؟! إني أجد منك ريح مغافير، قال: ما أكلت مغافير، بل شربت عسلاً، ولن أعود وقد حلفت، فنزلت الآية..).ومغافير: صمغ حلو له رائحة كريهة.

ومعنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين يأتي إلى كل واحدة منهن ويقترب منها فإنها تسأله هل أكل من الصمغ ذي الرائحة غير الطيبة؟ حتى يظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن العسل الذي عند زينب رائحته غير طيبة، وحينها سيمتنع من الشرب منه ولا يتأخر عندها لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحرص على طيب ريح فمه.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع