شرح الدعاء :”اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا..”
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( كان النبي إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وارض عنا ثم قال أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ { قد أفلح المؤمنون } حتى ختم عشر آيات) حسنه ابن حجر في هداية الرواة والبغوي في شرح السنة والشيخ أحمد شاكر في المسند وضعفه الألباني
قوله: (اللَّهم زدنا ولا تنقصنا)
زدنا من خيرك وفضلك، وعطائك من خيري الدارين، ومن العلوم والمعارف, وفي هذا مشروعية طلب الزيادة من نعم اللَّه الواسعة، ولما كانت الزيادة ربما تكون في شيء من أمور الدنيا والآخرة، ويلحق النقص بشيء آخر، قال:(ولا تنقصنا): أي لا تُذهب منا شيئاً مما أعطيتنا إياه.
ولا تنقصنا ـ بفتح حرف المضارعة وضم القاف من الفعل نقص أي: لا تنقص خيرنا ومرتبتنا وعددنا .
قوله: (وأكرمنا ولا تهنا)
من عطاياك الدينية، والدنيوية المباركة، ومنها قضاء حاجاتنا في هذه الدار, ومن أعظم الإكرام تقوى اللَّه، قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” سورة الحجرات ، آية : 13 وأكرمنا بالآخرة برفع درجاتنا في الجنان، لأنك أنت أكرم الأكرمين.
ولا تهنا : أي لا تذلنا بتسليط الكفار والأعداء علينا بسبب ذنوبنا وتقصيرنا ،أو ولا تهنّا بردّ دعائنا.
قوله: (وأعطنا ولا تحرمنا)
وأعطنا ما سألناك، ومن خير ما لم نسألك، ولا تمنعنا من خيرك وفضلك، ولا تجعلنا من المحرومين، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك» صحيح مسلم، ومن الأدعية النبوية: “اللهم إني أعوذ بك من السلب بعد العطاء”، فلو زالت نعمة كان يعطيها لك فلا بد أن تكون أنت الذي كفرت بنعمه ولم تحمده، ولم تشكره حق شكره.
قوله: (وآثرنا، ولا تؤثر علينا)
من الإيثار، أي اخترنا برحمتك وإكرامك وعنايتك ، ولا تؤثر علينا غيرنا، فتعزّه وتذلّنا، ففيه سؤال اللَّه تعالى أن يجعله من الغالبين على أعدائه، لا من المغلوبين.
قوله: (وأرضنا، وارض علينا)
أي اجعلنا راضين بما قضيت لنا أو علينا بإعطائنا: الصبر، والقناعة، والرضا في كل ما هو آت منك حتى ندرك رضاك.
وارض عنا: فهو أعظم مطلوب ومرغوب يأمله منك العبد في الدنيا والآخرة.
سأل الرضا: لأن من رضي اللَّه عنه, فقد فاز بالجنة؛ لقوله تعالى: “رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْه”
وبه يتبين لك مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الدعاء، وأنه طلب الزيادة والعطاء من الخير مع العلم بقصور العبد وعدم إحاطته بالمصالح، فقد يتصور العبد الأمر على خلاف ما هو عليه فيظن الزيادة في أمر معين نافعا له ويكون الأمر بالعكس، ومن ثم ختم الدعاء بقوله: وأرضنا وارض عنا.