هل نحن نعيش في آخر الزمان؟
هذه الخطبة تأتي إيضاحا لبعض النقاط التي تناولناها في خطبة الأسبوع الماضي.
تكلمنا في الأسبوع الماضي عن أكذوبة خبر انحسار نهر الفرات عن جبل من ذهب :
لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب:
في شهر( 6/ 2022) الماضي ظهر هذا الخبر وتلقفته الكثير من وكالات الأنباء وصناع المحتوي ( اليوتيوبر) وبعضهم بفعل الفوتوشوب وغيرها من الصور التي يتداخل بعضها ببعض صوروا نهر الفرات وفيه جبل من ذهب ، وهكذا سارع البعض وقالوا أن هذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يُقْتَتَلُ عليه، فَيُقْتَلُ من كل مائة تسعة وتسعون، فيقول كل رجل منهم: لعلي أن أكون أنا أنجو». وفي رواية: «يوشك أن يحسر الفرات عن كنز من ذهب، فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا» متفق عليه
ثم بعد أيام ظهر الأمر أن الانحسار لم يكن في نهر الفرات وإنما كان في نهر دجلة وأن الانحسار كان عن مدينة أثرية وليس عن جبل من ذهب ، ويبقى حديث رسول صلى الله عليه وسلم علمُ من أعلام الساعة لم يحدث بعد.
هذه نقطة مهمة فالهدف من خطبة الأسبوع الماضي ليس رد حديث رسول الله -نستغفر الله من ذلك- هذا لا يقول به مسلم أبداً والحديث صحيح في أعلى درجات الصحة، وهو من دلائل صدقه صلى الله عليه وسلم.
استعجال قيام الساعة:
لكن العجيب أن هناك من يستعجل قيام الساعة لا أدرى لماذا كأنه وراءه شيء يريد أن ينجزه حتى قال البعض: يا شيخ كنا نتمنى أن تقول: إن القيامة خلاص سنوات وتقوم وننتهى ، كأنه كره الدنيا بمن فيها ولا حول ولا قوة الا بالله.
هذه العلامات أخبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ألف وأربعمائة سنة، وإخباره بها صلى الله عليه وسلم إنما هو من تمام تبليغ ما أوحي إليه من الله عز وجل.
والصحابة رووا لنا هذه الأحاديث والتابعين وتابعيهم، وسجلها العلماء في كتبهم ورواها العلماء في خطبهم ودروسهم ؛ لأنها من الإيمان بالغيب فلا يلزم من ايراد علامة من علامات الساعة من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم أن تتحقق في زمانك!!!
أنت تؤمن بكل شيء أخبر عنه الصادق صلى الله عليه وسلم من أمور الغيب سواء حصلت أمام عينك أم لم تحدث هذا معنى أشهد أن محمداً رسول الله ، يعنى أنت عندك يقين أن كل ما جاءك به رسول الله محمد هو الحق والصدق وأنت مؤمن أن كل ما أخبر به من غيب كائنُ بأمر الله لماذا ؟
لأنه لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
إشكالية ضياع الثوابت من المسلمين:
للأسف وقت الخطبة يكون قصيرا والحديث موجزا ؛ فلا أستطيع تفصيل كل النقاط ، لكن أنا وصلت إلى قناعة وهي: أن هناك عدد كبير من المسلمين ضاعت منه الثوابت، ثوابت الأمور الشرعية المستقرة عند المسلمين سلفاً وخلفاً.
هناك من المسلمين -خاصة الشباب- من ثقافته الشرعية يأخذها من: التيك توك ، اليوتيوب، الفيس بوك، وهذه طبعا ثقافة عابرة فيها ما فيها من الغث والثمين، الصحيح والمكذوب ،والمفبرك ، لكن الأصل إذا أردت أن تأخذ دينك وتتعلمه، تتعلمه من المنبع، من الكتاب والسنة على يدي العلماء الأجلاء.
هذه معلومة على السريع الهدف منها( شير ولايك ) وخلاص انتهى الأمر لكن إذا اردت أن تأخذ دينك فهذه المقاطع السريعة ليست مصدرا من مصادر الدين ،مصدر تلقى الدين من المشايخ الأجلاء، من العلماء إنما صناع المحتوى وعمل مؤثرات سمعية وبصرية والفوز بأكبر عدد من المشاهدات … هذا كله لا ينبغى أبدا أن يكون همة من ينشر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قريبا كنت أقوم بتشغيل سورة البقرة على اليوتيوب فجاءني إعلان من اليوتيوب عن نوع من أنواع الخمر هذا لا ينبغي أبدا أن يرضاه مسلم رجاء الربح !!!
نصنع عنوان كاذب أو عنوان واهم، ثم بعد ذلك نوهم الناس بأن الساعة قد اقتربت ، والمسألة عدة أيام وينتهى كل شيء!!!
فهذه مسألة مهمة لا بد من الانتباه لها.
لا يعلم وقت الساعة ملك مقرب ولا نبي مرسل:
الأمر الثاني : من العبث أن يقوم أحدهم بتحديد وقت للساعة، لأن جبريل الأمين عليه السلام لا يعلم وقتها، ونبينا المصطفى الكريم لا يعلم وقتها ، لا يُجليها لوقتها إلا هو جل جلاله .
وكلنا نحفظ الحديث لما سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني عن الساعة؟ قال : ( ما المسؤول عنها بأعلم من السائل) رواه مسلم.
إذن فتحديد الوقت هذا لا يعلمه لا نبي مُرسل ولا ملك مُقرب لا يعلمه إلا الله.
لكن قال له جبريل أخبرني عن أماراتها ، إذن فى أمارات يعنى علامات للساعة .
وحتى يتضح الأمر، يوجد هناك فارق بين علامات الساعة ووقت قيام الساعة، وقت قيام الساعة في علم الله عز وجل أما أمارات الساعة فهى معلومة وقصها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد طلب مني بعض الأخوة أن نتكلم عن هذا الموضوع باستفاضة ،لكن وقت الخطبة لا يتسع ، هذا مجاله الدروس ونحن عندنا دروس والحمد لله فيها شرح لهذه الأمور، العلامات الصغرى والعلامات الكبرى وموجودة على اليوتيوب لمن أراد أن يراجعها ويستفيد.
لكن القصد أن علامات الساعة ليست رجما بالغيب، علامات الساعة تنزيل من حكيم حميد، أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم وكل ما صح عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه نؤمن به كغيب، وإن لم نره، وإن لم نعايشه.
أيضا من الثوابت : أمتنا هي آخر الأمم ونبينا هو أخر الأنبياء، هذه مسألة لا جدال فيها ، ليس هناك أمة بعد هذه الأمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنتم تُوَفون سبعين أمة، أنتم خيرُها وأَكرمُها على اللَّهِ) يعنى الأمم من قبلنا كانوا تسعة وستين ونحن تمام السبعين.
ما معنى حديث : (بُعثت أنا والساعة كهاتين)؟
والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال : (بُعثت أنا والساعة كهاتين وأشار الى السبابة والوسطى) لماذا السبابة والوسطى؟
لأن العلماء قالوا السبابة والوسطى ليس بينهما أصبع فمعنى هذا أن النبي آخر الأنبياء وأمته أخر الأمم، الساعة ستقوم على هذه الأمة يعنى ليس هناك فاصل بأمة أخرى أو نبي أخر، ليس المقصود هنا أن الرسول سيأتي وبعد عشر أعوام أو كما قال البعض خمسمائة عام أو البعض زادها الى خمسة آلاف عام سيكون أمر القيامة هذا أمر لا دليل عليه أبداً .
والبعض قاس بالسنتمتر: قال الأصبع الأوسط 8 سنتيمترات والسبابة 7 سنتيمترات إذن الفرق بينهم سنتيمتر واحد، فكيف نقيس هذا السنتيمتر برأسك الرائع هذه وتفكيرك الجيد؟؟!!
فالمقصود التلازم ليس هناك نبي بين نبينا وقيام القيامة، وليس هناك أمة غير هذه الأمة هذا معنى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يبين اقتراب الساعة لكن ليس بمقاييسنا نحن إنما بمقياس عمر الدنيا.
كم عمر الأرض؟
طبعا أنا قلت ( في خطبة الأسبوع الماضي) على سبيل المثال وليس الحقيقة أن عمر الأرض فرضياً مليون سنة هذا مثال تقريبى وليس حقيقى!!!
علماء الجيولوجيا يقولون: إن الأرض عمرها خمسة وأربعين بليون سنة، هذا أخر ما توصلوا له وربما يزيد الرقم إلى أكثر، هذا يخضع طبعا لدراسات كثيرة وتفصيلات ربما تجدون مجالأ على الإنترنت لمعرفتها، ولكن هذا أقصى ما توصل إليه علماء الجيولوجيا ، وعمر الأرض لا يقاس بعمر الإنسان فيها لأن الجن خُلقوا قبلنا وعمروا الأرض وانتشروا فيها، ثم جاء آدم وأُهبط إلى الأرض إلى آخر ما تعلمون.
فخمسة وأربعون بليون عمر كبير فلما تقول : اقتربت الساعة ليس معناه بعمرى وعمرك ستين وسبعين سنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( أعمار أمتى ما بين الستين والسبعين) إنما هو بعمر الأرض ، فأنا لما أقول خمس وأربعين بليون معناها: أن ما مضى من عمر الأرض أو عمر الكون ما تبقى منه قليل أقل مما مر بكثير.
والحديث الذى ذكرته ( في خطبة الأسبوع الماضي) حديث فى الصحيحين عن عبدالله بن عمر مرفوعا : (« إنما أجلكم في أجل من خلا من قبلكم من الأمم، كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس)، وقلت على سبيل التقريب وليس التحديد أن الوقت من العصر إلى المغرب يُقدر بربع اليوم، وقلت بأن لو فرضنا أن عمر الأرض مليون سنة معنى ذلك أنه تبقى من عمرها مائتين وخمسين ألف سنة من بعثة النبي، هذا تقريب وليس تحديد لأن البعض فهم أنني ضبطت الأمور وأن سنة كذا سيحدث كذا !! هذا لم يكن ، ولم يدر بخلدي… ربما هناك من ينشغل أثناء الخطبة فيسمع معلومة وتطير منه معلومة فهذه النسبة تقريبية.
وكما ذكرت عندما نقول : إن عدد ساعات النهار أربع عشرة ساعة مر منها عشر ساعات معنى ذلك أنه اقترب وقت المغرب لكن بخلاف لو قلت أن هذا القرن (مائة سنة ) مر منه كذا فلن أقول اقترب لأنه تبقى أربع ساعات ، بل تحسب بالسنين، فهنا النسبة تختلف بحسب ما تضاف إليه.
فلما الرسول يقول: ( بُعثت أنا والساعة كهاتين ) وأن عمر هذه الأمة بالنسبة لما مضى من أعمار الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس ليس سنة ولا عشرة ولا عشرين، بل ربما يكون آلاف.
وأعجبني بعض العلماء لما سأله أحدهم عن هذا الحديث (بُعثت أنا والساعة كهاتين) قائلا: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر من ألف وأربعمائة سنة ولم تقم الساعة إلى الآن؟
فقال له: هذا بمقاديرك لكن اليوم عند الله بألف سنة فلم يمض على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ونصف ممكن الساعة تقوم بعد يومين، بعد ثلاثة أيام ، بعد أربعة أيام من أيام الله عز وجل فأرح عقلك وأرح نفسك .
إشاعة قيامة القيامة بالقاهرة:
من الأشياء الطريفة التي حدثت : هناك مؤرخ مصري اسمه الجبرتي، عمل تأريخ لمصر وله كتاب مشهور يذكر فيه هذه الحادثة التى أسوقها لكم، والتي حدثت منذ حوالى ثلاثمائة عام ، عام ألف مائة وسبع وأربعين هجرية1047هـ.
قال : تصدرت إشاعة عند الناس أن القيامة ستقوم الجمعة المقبلة يوم السادس والعشرين من ذي الحجة سنة ألف ومائة وسبع وأربعين هجرية، وهذه الإشاعة استولت على عقول الناس حتى من كان يشكك فيها أو يردها يتهمونه بالجنون، وصار الناس يُودع بعضهم بعضاً ويقولون بقي من عمر الدنيا يومين أو ثلاثة أيام ، ومنهم من يبكى ومنهم من يحزن حتى كان اليوم الأخير، يوم الخميس فانقسم الناس إلى عدة أقسام:
منهم من نزل إلى نهر النيل قالوا: نغتسل من ذنوبنا !!
وفريق ثانِ أقبل على المتع والأكل والتنزه وقالوا نستمتع بالدنيا فإنها ستنتهى غدا!!
وفريق ذهبوا إلى المساجد يصلون ويتوبون ويستغفرون ويقولون نندم على ما أسلفنا من معاصي وذنوب .
قال وأصبح الناس ولا يشُك أحدهم في قيامة القيامة غداً (ولا أدرى كيف ناموا إن كان هناك قيامة أصلاً ) وفي الصباح لم تقم القيامة ، ولم يحدث شيئ فصدرت الإشاعة الجديدة (وكأن عندهم ماكينة لتفريخ الإشاعات)صدرت الإشاعة الثانية أن أولياء الله الصالحين شفعوا عند الله أن يُؤجل قيامة القيامة حتى يشبع الناس من الدنيا فقبل الله شفاعتهم.
هذه الصورة مصغرة لمشهد شاع وانتشر فى عام من الأعوام .
قد يقول أحدنا : لكن الشر والفساد والأذى والظلم انتشر وكثر؟
نعم لا ننكر هذا وكل واحد فينا يرى هذا بعينه لكن هل معنى ذلك اقتراب قيام الساعة؟
نعم اقتراب قيام الساعة لكن ليس معنى القرب كما قلت عام أو اثنين، من علامات اقتراب قيام الساعة انتشار الفساد، انتشار الظلم ، كثرة القتل، الى أخر ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لكن هذا شيء في علم الله تعالى.
إذن ليس هناك تحديد لعمر الساعة ووقت عمر الكون ووقت قيام الساعة .
من مات قامت قيامته:
هناك ما هو أقرب من الساعة وهو موت أحدنا، أحدُنا لن يُعمر أكثر من عمره، قليلُ من يتجاوز السبعين كما قال النبي من هذه الأمة فهناك ما هو أقرب، هو لقاء الله عز وجل هذا ما ننشغل به، ماذا أعددنا للقاء الله؟
فإذا تذكرنا هذا فإننا بذلك نُعجل بالتوبة ونرضى بالقليل، ونصبر على بلاء الدنيا، وابتلائها وفتنها، ونحتسب عند الله جل وعلا كل ما يجرى علينا فيها من نقص أو كرب أو مرض أو شدة، لأن هناك آخرة نلقى فيها الله، ويجازينا ويثيبنا على أعمالنا خير الجزاء.
هذا هو الأهم والذي يجب أن ننشغل به، أن هناك ما هو أقرب من الساعة ألا وهو موتنا ويبقى أمر الساعة من باب الإيمان بالغيب .
علامات الساعة وقعت أم لم تقع أنا مؤمنُ بما أخبرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق صحابته وعلماؤنا فيما بلغوا عن رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه.
مسألة استشراف المستقبل:
إن الكثير منا عنده شغف ماذا سيحدث غداً؟
ماذا سيحدث في الأيام المقبلة؟
هذا الأمر إن خضع للتحليلات المنطقية المبنية على فهم المقدمات واستنباط النتائج المتوقعة فلا بأس به، لكن أن يؤكد أحدهم أن هناك حدث كذا سيحدث أو أن الأمر الفلاني سيكون، فهذا رجم بالغيب.
إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة:
وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن نعمل لدنيانا ولا ننقطع عن العمل حتى إذا قامت القيامة قال: ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة) الفسيلة غرس النخلة ، غرس النخلة لن يثمر إلا بعد عشرين سنة لكن النبي يقول: “إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها “. أخرجه البخاري.
وهذا إشارة إلى معنى العمل ، دوام العمل، استمرار العمل…
أما أني أنفض يدى وأقول أنا خلاص كرهت الدنيا ومنتظر قيام الساعة!!! نحن في أخر الزمان!!!
إن شاء الله القيامة ستقوم بعد غد، هذا عمل العاجز هذا فكر العاجز!!!
أما المؤمن فإنه يستعين بالله في كل أموره ويعمل بلا كلل ولا انقطاع (فإذا فرغت فانصب )، فرغت من عمل ابدأ في عمل ، انتهيت من شغل ، ابدأ في شغل، هكذا هي الدنيا، نهاية الدنيا حينما تلقى الله عز وجل فلا يضرنا متى تقوم الساعة إنما يضرنا أن تقوم الساعة أو أن تأتي الخاتمة ونحن عطلانين عاجزين ونحن لا نعمل شيئاً.
فاستشراف المستقبل ليس حراماً، توقع ما سيحدث ليس حراماً ، لكن الجزم بما سيحدث والتأكيد على أن الأمر الفلاني سيحدث، هذا لا يعمله إلا الله قال تعالى : ” قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ۚ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ” ] النمل: 65] وقال : (إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۢ بِأَىِّ أَرْضٍۢ تَمُوتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [ لقمان: 34] .
اللحظة المقبلة في علم الله غداً وبعد غد والسنوات والأعمار المقبلة في علم الله، فلا نكلف أنفسنا ما لا تحتمل .
وهناك أمور لو علمتها يصيبك ضرر من هذا العلم، حجب الله عنا أموراً كثيرة رحمة به منا فعلمك بشيء قد ينغص عليك حياتك ، علمك بشيء من الغيب قد يجعل حياتك جحيماً فحجب الله عنا هذا الغيب رحمة بنا.
أذكر أنى سمعت قديماً أحد مشايخنا يقول: إن ولياً من أولياء الله سأل الله تعالى أن يُرِيه كيف يموت فرأى نفسه خارجا من المسجد فسقط عليه حجر فمات!!!
فأصاب الرجل رُعباً بالغاَ هل يبقى في المسجد فلا يخرج ؟ أم يخرج من المسجد ولا يعود ؟
فأصابه الرعب لأنه إما أن يبقى في المسجد وإما أن يبقى في البيت !!
وأظن أن هذه الرؤيا ليست رؤيا صالحة إنما هي من الشيطان ليصده عن عبادة الله .
لكن أنا أقصد أن المعنى الذى نريده أن هناك أمور لو علمها الإنسان ما طابت له الحياة فحجب الله عنا هذه الأمور رحمة منه بنا كما يسألك ابنك الصغير عن مسألة لا يدركها عقله، الجواب أن هذه المعلومة أكبر من سنك لا تكذب على ابنك قل له هذه المعلومة أكبر من سنك إن شاء الله عندما يصبح عمرك خمس عشرة سنة ستفهم هذا الأمر…. لما يكون عندك عشرين سنة ستفهم هذا الأمر وقُضيت المسألة.
فهناك أمور الإنسان بعقله لا يدركها ،لا يتصورها حجبها الله عنا رحمة به منا.
نسأل الله سبحانه وتعالى في هذه اللحظات المباركات
اللهم أصلح لنا ديننا الذى هو عصمة أمرنا
وأصلح لنا دنيانا التى فيها معاشنا
وأصلح لنا آخرتنا التى إليها ميعادنا
واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير وآجعل الموت راحة لنا من كل شر
ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وصلي الله وسلم وبارك علي نبينا المصطفى المختار وعلى آله وصحبه الأخيار.