البصيرة عين القلب

تاريخ الإضافة 22 يوليو, 2024 الزيارات : 14914

البصيرة عين القلب

حاجتنا إلى نور البصيرة

نحتاج ونحن في طريقنا إلى الله لمن يدلنا على الطريق ويرشدنا إلى الصواب فنحن في عصر أكبر ما يميزه أنه ” عصر اللخبطة ” فنحن نعاني من تداخل الأمور ومن فوضى في التوجيه والإعلام والفكر، فما أحوجنا إلى البصيرة التي نبصر بها الطريق إلى الله.

فما هي البصيرة ؟

البصيرة في اللغة لها معانٍ كثيرة ، ومن هذه المعاني : الإدراك ، والفطنة ، والحجة ، والنظر النافذ إلى خفايا الأشياء ، والعلم ، والخبرة .

والبصيرة وإن كان اشتقاقها من البصر إلا أنها شيء آخر غيره ، هناك بصر وهناك بصيرة؛ البصر يريك ظاهر الأشياء، والبصيرة تريك حقائق الأشياء، فالمؤمن يملكُ بصيرةً، وأي إنسان يملكُ بصراً.

إذن تطلق البصيرة على نور القلب كما يطلق البصر على نور العين ، 

وقد عرّفوا البصيرة بأنها :  نوريقذفه اللهُ في القلب  يُهتدى به يرى بها حقائق الأشياء وبواطنها .

الأدلة على البصيرة :

اعتبر القرآن أن رؤية البصيرة أهم بكثير من رؤية البصر وذلك في قوله تعالى :”فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” الحج 46

فالعمى عمى القلوب أما عمى الأبصار فلا يضر، إذا رزق الله العبد الاستقامة والبصيرة والتفقه في الدين والعمل بشرع الله فلا يضره عمى البصر كما قال ابن عباس رضي الله عنه:إن يأخذ الله من عيني نورهما —- فإن قلبي مضيء ما به ضرر

أرى بقلبي دنياي وآخرتي —- هو القلب يدرك ما لا يدرك البصر

وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية (ليس العمى عمى البصر وإنما العمى عمى البصيرة وإن كانت القوة الباصرة سليمة فإنها لا تنفذ إلى العبر ولا تدري ما الخبر).

وإذا دقَّقنا النظر في آي الذِّكر الحكيم، سنجد أنه لم يُرَدْ بالعمى – في أغلب الآيات – المكفوف الذي ذهب بصرُه؛ وإنما أُريدَ من العمى المعنويُّ؛ العمى القلبي،  قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا [الإسراء: 72]؛ أي: من كان في هذه الدنيا أعمى القلب عن رؤية قدرة الله وآياته ورؤية الحق، فهو في الآخرة أعمى؛ أيْ: أشدُّ عمى وأضلُّ سبيلاً.

قال ابن عباس – رضي الله عنهما – لما نزلت: ﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى [الإسراء: 72]، سأل ابن أم مكتوم النبي – صلى الله عليه وسلم – قائلاً: أنا في الدنيا أعمى، أفأكون في الآخرة أعمى؟ فنزلت هذه الآية: ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46]؛ إذًا ليس السعيد من كان مفتَّح العيون؛ وإنما السعيد مَن كان بصير القلب.

وجمع بصيرة “بصائر” وقد جاء هذا اللفظ  في القرآن الكريم للدلالة على رؤية القلب، بلفظ بصائر في قوله عز وجل: (وَإِذَا لَمْ تأتهم بِآيَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ اِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يِوحَى إِلَيَّ مِن رَّبِّي هَـذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [سورة الأعراف/ الآية: 203

وهذا يعني أن الوحي هو مصدر البصائر والجامع لها، وإنما كان ذلك كذلك؛ لأن الوحي في حقيقته حجة وبيان، وهي من المعاني الأساسية للفظ البصيرة في القرآن الكريم.

ويقول سبحانه: ” أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله..” (الزمر: 22

 ويقول سبحانه: ” أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها..” ( الأنعام: 122 ) فعمل البصيرة الإيمانية في قلب المؤمن كعمل كشاف ضوء منير في وسط ظلمة حالكة، فهي التي تكشف الأشياء على حقيقتها فيراها المؤمن كما هي، ولا يراها كما زينت في الدنيا ولا كما زينها الشيطان للغاوين ولا كما زينها هوى النفس في الأنفس الضعيفة..

وقد تطلق البصيرة على العلم واليقين، كما في قوله تعالى :”قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ اَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ” سورة يوسف/ الآية 108

وفي الدعاء: “اللهم اجعل في قلبي نوراً” هذا النور في القلب هو البصيرة،

ما سبب حاجتنا إلى نور البصيرة في الطريق إلى الله ؟

البصيرة في الدين من عرفها ورزقها وذاقها فإنه يسير في حياته على هدى من ربه، لا تختلط عليه الأمور، ولا تتشابه ، وكما أنّنا لا نستطيع أن نبصر في الظُلمة حيث تتشابه الأشياء، أو إنّها تصبح أشباحاً لا يمكن تمييز بعضها عن بعض، فكذلك إذا فقدنا البصيرة فإنّنا نقع في التشخيص الخاطئ للأشخاص وللأمور ، ويصيبنا التيه عند الفتن والتخبط في المسير إلى الله ، وهذا هو الفرق بين إنسان صاحب وعي وبصيرة، وآخر عديم البصيرة ؛ فالأوّل لا يقع ضحيّة الخداع والتغرير والتزوير، والثاني عرضة لذلك كلّه أمّا النموذج الآخر فهو الإنسان العاقل الذي يعي الواقع ويدركه ويعرف الناس من حوله، أي أنّ لديه القدرة على التمييز بين ما هو مستقيم وما هو منحرف، وما هو عدل وما هو ظلم، وما هو حق وما هو باطل، فالخير منه مأمول لأنّه مستقيم في فكره وفي عمله.

وقد صوّر القرآن هذا المعنى في قوله تعالى : (أفمن يمشي مكبّاً على وجهه أهدى أمّن يمشي سوياً على صراط مستقيم ) الملك 22.

إنّ الجواب على التساؤل القرآني واضح ، فالذي يمشي سوياً ببصره وبصيرته أهدى من المنكبّ على وجهه الذي لا ينتفع ببصره في المشي ولا ببصيرته، لأنّ السير على الطريق المستقيم لا يحتاج فقط إلى عينين مفتوحتين وإنّما إلى بصيرة.

والبصيرة تبعد عن العبد سوء الفهم سواءً سوء الفهم عن ربه، فبعض الناس يسيء الظن بالله، “وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ” سورة الأحزاب10، ولكن إذا كانت له بصيرة كان ظنه بالله حسناً، ومعرفته بالله طيبة، وكان فهمه للحلال والحرام صحيحاً، جيداً، كان عنده فقه في الأحكام، قال تعالى فيمن حرم البصيرة فقال: ” وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا” “وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ”  سورة النور39-40،

فهذا محروم البصيرة، هذا مطموس البصيرة، هذا الذي أظلم قلبه ؛ فهو لا يرى الحق حقاً ولا يرى الباطل باطلاً، ولا يرى المعروف معروفاً، ولا يرى المنكر منكراً؛ لأن بصيرته قد طمست فيرى الحرام حلالاً، والحلال حراماً، والمنكر معروفاً، وهكذا يرى الحق باطلاً والباطل حقاً، قد انعكست فطرته، وانطمست بصيرته، فماذا تملك له.

فنحن أحوج ما نكون للبصيرة في هذه الأيام لأننا نعاني آفات عصرية عجيبة وأهمها

1- الاغتراربالعقل :

مع انتشار العلوم التجريبية والاختراعات الحديثة والتقنيات نشأ جيل مفتون أو مغرور بعقله حتى صارت سمة هذا العصر :  الاغترارُ بالعقل والإعلاء من شأنه  بحيث يكون حَكَمًا على نصوص الشرع فيرد من الكتاب والسنة ما لا يتفق مع عقله.

والإسلام لا يلغي العقل ولا يعطله كما هو الحال في بعض الديانات التي رفعت شعار ( خذ وسلم وأنت أعمى ) ، كلا فلقد ضمّن الله تعالى كتابه الكريم كثيرًا من الحجج والبراهين العقلية البيِّنة الباهرة والأمثال المضروبة الواضحة لكل ذي عقل، وخاطب بهذه الأدلة والبراهين أصحاب العقول.

ومع هذا التكريم فقد جعل الإسلام العقل تابعًا للشرع، وقَصَرَ مهمته على النظر فيما يَرِدُ إليه منه؛ فيقوم بفهمه وإدراكه ، وعليه فلا يمكن أن يتعارض الشرع والعقل؛ فالشرع أمر الله والعقل خلق الله، قال تعالى: {ألا له الخلق والأمر}[الأعراف:54]، وإذا ظن المكلَّف أن ثَمة تعارضٌ فإن الواجب تقديم الشرع؛ وذلك لأن العقل المؤمن مصدق للشرع في كل ما أخبر به، بينما الشرع ليس مصدقًا للعقل في كل ما أخبر به.

فإذا رزقنا الله نور البصيرة أعملنا عقولنا في فهم نور الوحي لا لرد كلام الله وكلام رسوله ،فإذا عجز العقل عن الإدراك يتهم المسلم عقله ولا يتهم شرع الله ؛ لأن القصور في عقله هو.

2- غسيل المخ الإعلامي  :

ففي عصرنا حدثت طفرة كبيرة في الإعلام من صحافة وإذاعة وفضائيات تعمل 24 ساعة وتحاول أن تنقل كل جديد وغريب وعجيب ، وأغلب ما يقوم عليه الإعلام اليوم استراتيجيّة الإلهاء : المتمثلة  في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة، وشغلهم بعيدا عن المشاكل الكبرى الحقيقية ، ويقوم الإعلام أيضا على ابتكار أو افتعال الإشاعات وتفريخ الشبهات عبر المثلث الثلاثي الجاذب لأكبر عدد من القراء أو المشاهدين :

الدين والسياسة والجنس

 ويستضيف مجموعة مأجورين تحت مسمى مفكر إسلامي ، أو باحث في الشأن الاجتماعي ، أو ناشط سياسي  وتقدّيم مفردات رنانة مثل : رغبات ، مخاوف ، أطماع ،تآمر ، المتاجرة بالدين ، الظلاميون ، الرجعيون ، الإسلام السياسي …….ففي هذا الإسهال الإعلامي وبرامج اللت والعجن  المسماة (التوك شوز ) تجد التشكيك في الثوابت والطعن في الرموز وإلباس الباطل ثوب الحق ، والحق ثوب الزور فيظل الحليم حيرانا ، فما أحوجنا إلى برهان من الله نبصر به هؤلاء وكلامهم على حقيقتهم ويكون عندنا فرقان من الله نستبصر به الأمور على حقائقها.

3- التقليد الأعمى:

مما لاشك فيه أن الإنسان يتأثر بمن حوله وبما حوله من أشخاص وأحداث وأشياء .. والإنسان المتوازن يتأثر ويؤثر .. وهذا يعني أن التقليد يمكن أن يكون طبيعياً ، حيث يتأثر الإنسان بالأشخاص من حوله بأفكارهم وسلوكهم وتصرفاتهم وثيابهم وغير ذلك ، وإما أن يكون تقليدا أعمى ، يعني التأثر الشديد بالآخرين ، والبحث عن تقليدهم في الملبس والشكل والهيئة وطريقة الكلام ، والمشتريات فهذا شاب يلبس السَّلاسل الذَّهبية في عنقه، والأساور في يديه.. وهذا يقصُّ شعره بطريقة غريبة مقلدا لا أكثر… وهذا يرسم الوشم على ذراعه ، وهذه تلبس البنطال الضَّيق الّذي يفصِّل جسدها.. وهذه تتعرى تحت اسم الموضة ….الخ

إنَّ من الغريب المستهجن أن يتشبه الأعلى بالأدنى، وأن يسير الفاضل صاحب القيم على خطى من لا قيم له، وأن يقلد الأخيار شرار الخلق وفجَّارهم.. وهذا ناتج عن عمي البصيرة ،فلا يمكن لأحد أن يرى والبصيرة عمياء ،لأن البصيرة تنير العقول والمقلد شخصية تشكو من النقص وعدم الثقة بذاتها.

4-  تعظيم الأسباب والتعلق بها:

التوكل على الله معناه: أن يعتمد العبد على الله وحده في جميع أموره فيما يرغب فيه من الحاجات، وفيما يحذر ويخاف، وفيما يفعله تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى، فنعتمد على الله سبحانه وتعالى في هذه الأمور كلها مع الأخذ بالأسباب التي أذن الله سبحانه وتعالى بها.

فالمسلم وهو يعتمد على الله سبحانه وتعالى يفعل الأسباب، لكنه لا يعتمد على الأسباب نفسها، وإنما يعلم أنها أسباب، وأن الله أمرنا بها، فلا يقع في قلبه أن هذه الأسباب التي جعلها الله سبحانه وتعالى في خلقه أنها هي التي تنفع وتضر، وهي وحدها المتصرفة، لا، وإنما يفعل السبب ويصدق في توكله على الله سبحانه وتعالى، وأنه تبارك وتعالى هو الذي بيده الأمر كله، والبصيرة تفتح عين القلب فيمتلئ توكلا على الله آخذا بالأسباب ، ويترك المسلم أمراض العجب والاغترار بالنفس .

 5-  الجهل وانتشار الرويبضة:

لقد نفرت الشريعة من الجهل في الدين، وحضت على العلم وطلبه، وبينت الفرق بين الفريقين فقال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}(9) سورة الزمر، وقد فرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين العالم والجاهل، وجعل فضل العالم على العابد كفضله -صلى الله عليه وسلم- على أدنى رجل من أمته، وكفضل القمر على سائر الكواكب.

وما ذاك إلا لخطورة آثار الجهل في الدين وما ينتج عنه من عبادة الله بغير ما شرع، وإنشاء البدع والمحدثات.

وإنك لتعجب لجهل بعض الناس، تجده جاهلا معرضا عن العلم وأهله، منقادا لكل ناشئ ومحدث من القول، متتبعا للرخص الباطلة والزلات التي لا يتابع فيها أصحابها، فاقدا لأداة التمييز بين الأدلة المتعارضة، ومع ذلك تجده متفيهقا، متعالما، كالورم الخبيث، تراه تحسبه صحة، فإذا ما تفحصت الأمر وجدته سما زعافا، وقيحا منتناً.

وهذا هو ما يسمه أهل العلم بـ:(الجاهل المركب). والبلاء كل البلاء يأتي من هؤلاء.

وآخرون جهلة مقرون بجهلهم، ولكن قد عرفوا قدر أنفسهم، فإن زل أحدهم رجع عن قوله بعد علمه بخطئه، وهذا هو ما يسميه أهل العلم بالجاهل البسيط وهو الجاهل الذي يدري أنه جاهل.

وإنه من الخطورة بمكان على المسلم أن يصدّر نفسه للقول في دين الله بما لا يعلم، أو مجادلاً في دين الله تعالى بغير حجة ولا برهان، ولقد تربى الصحابة رضي الله عنهم على يد الرسول صلى الله عليه وسلم على تلقي النصوص وفهمها واستيعابها والعمل بها.

يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه:  (لقد لبثنا برهة من دهر وأحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن تنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فنتعلم حلالها وحرامها وأمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما يتعلم أحدكم السورة ؛ ولقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان يقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يعرف حلاله ولا حرامه ولا أمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه وينثره نثر الدقل) والدقل التمر الردئ

ومتى ما اختل هذا الأمر وتصدر الناس ورأسهم من يدعي العلم وهو في الحقيقة جاهل بشيء مما مضى فهنا تقع الفتنة في الأمة والاختلاف في الدين ويصاب المجتمع المسلم بالفرقة.

ولقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوقوع هذا الأمر وحذرنا من ذلك ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)

وجاءت نصوص أخرى تحذر من ترؤس هؤلاء الجهلة وتصدرهم لقيادة الأمة إذ بذلك تجتلب المحن والفتن على المسلمين ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

(سيأتي على الناس سنوات خداعات ، يصدق فيها الكاذب ، ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ، ويخون فيها الأمين ، وينطق الرويبضة ، قيل وما الرويبضة؟

قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة)

فما أحوجنا للعلم والفهم والبصيرة في دين الله.

6- انتشار السطحية في التفكير :

السطحية هي : الاهتمام دوما بمظاهر الأمور دون جوهرها وبناء الأحكام والآراء أو الحلول لقضايا مطروحة بشكل مظهري لا ينفذ إلى عمق هذه الأمور.

والسطحية نراها الآن  في الاتجاهات الفكرية العلمانية التي تضجر بذكر الدين في أي شأن من الشؤون وترغب بأن تكون كل الأمور بمقاييس غربية .

وقد تجد أشخاصا سطحيين بطبيعتهم مرجعهم في السطحية هي ذواتهم ورغبتهم المستمرة الإدلاء بالرأي في كل الأمور ولأنه هدفه ليس التفكير أو إيجاد جديد أو مميز فانه لا يقبل أي مخالف له في الرأي ويحاول فرض رأيه بالقوة على الآخرين  .

وهنا نرى أن مرجع هذا الشخص ليس الدين أو انبهاره بالمادة أو العلم بل هو ذاته ورغبته في السيطرة.

وهناك سطحية نتيجة الكسل في التفكير:فقد نجد شخصا سطحيا نتيجة للكسل وعدم الرغبة في التفكير أو إيجاد جديد، فهو ببساطة لا يريد أن يبذل مجهودا في فهم الأمور أو فهم طرح معين طرح أمامه، وبناء على ذلك يبني أحكامه على الجهل والوهم والتصورات الخاطئة.

من أجل هذه الأسباب  نحن نحتاج إلى البصيرة ، فكيف ننال البصيرة وما هو الطريق إليها ؟

هذا هو موضوعنا في اللقاء القادم إن شاء الله .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1034 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع