أحبابي وإخواني الكرام، ما زلنا نعالج أسباب ضيق الصدر وكان لقاؤنا الأخير عن علاج ضيق الصدر بإسعاد الآخرين.
فكما تدخل السعادة على قلب من حولك ببذل المعروف وإسداء الجميل لهم، فإن الله يجعل ذلك سعادة في قلبك.
اليوم نتكلم عن الموضوع من زاوية أخرى، وهي
( الرضا والقناعة )
فما علاقة الرضا والقناعة بعلاج ضيق الصدر :
من أسباب ضيق الصدر أن الإنسان دائما غير راض عن حاله، غير راض عن عطاء الله له، ساخط على حياته، ساخط على رزقه، ساخط على وضعه، ساخط على كل شيء.
سبحان الله، وقعت عيني على كلمة لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول :
“جعل الله السعادة والروح في الرضا واليقين وجعل الغم والحزن في السخط والجزع. “
الروح :بسكون الواو من الراحة يعني الشعور بالطمأنينة والسكينة وراحة النفس.
جعل الله السعادة و الروح في الرضا واليقين وجعل الغم والحزن دائما مقترن بعدم الرضا بالسخط على الحال. فهذا من سنن الله المادية في الكون .
فالإنسان الجائع يبحث عن الطعام ، والعطشان يبحث عن الماء ليرتوي. ….فكذلك من ضاق صدره يسأل نفسه هل هو ساخط على حياته، هل هو ساخط على ربه، هل هو ساخط على رزقه أم هو راض؟
فالسخط من أكبر أسباب ضيق الصدر وشعور الإنسان الدائم بالنقص وعدم الرضا عما هو فيه يؤدي حتما إلى الشعور الدائم بالإكتئاب وضيق الصدر والغم والعياذ بالله.
ولذلك بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: “من سعادة ابن آدم استخارته لله ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله ومن شقوة ابن آدم تركه استخارته لله ومن شقوة ابن آدم عدم رضاه بما قضى الله. “
إذن فقبل فعل الأمر الإستخارة ، وبعد وقوع الأمر الرضا فتتحصل لك سعادتين، سعادة التوكل على الله والرضا بما قضاه الله.
والعكس في ذلك، من لم يفعل الإستخارة في أمر من الأمور ولم يرض بما قضاه الله فهذا من الشقاء والتعاسة نعوذ بالله!!
ولو لاحظتم يا إخواني أن المسلم فينا يتميز عن غيره أن شدائد الدنيا وما فيها من تعقيدات يهونها عليه الإيمان بالله.
فدائما ما يبصر الإنسان نعم الله تعالى عليه التي يمتلكها فتعظم في عينه ويهون عليه ما سلب منه أو ما أخذ منه.
هل الغني هو من يملك المال فقط ؟
والعلماء يقولون أن آفة العصر الذي نعيشه هي أن الناس لما تقول فلان غني ظنوا أن الغنى هو المال فقط. ، فعلا هذا التصور الشائع أوالمعروف عندنا تقول ما يملك.
لكن لو تأملنا لوجدنا أن الغنى والفقر قضية موزعة عند كل إنسان منا….. فالمال ليس هو الغنى فقط وليس هو العطاء الإلهي الوحيد للبشر فقط. الغنى جزء من العطاء…. وإلا فإن العطاء يتنوع….. فما وهبنا الله تعالى من قدرات في العقل كالذكاء والتفكير والحكمة، هذه لا تقدر بمال.
لو أن إنسانا غبيا أو أحمقا يملك الملايين كم تساوي مع قلة ذكائه أو حماقته؟
سبحان الله هذا داء لا دواء له… أن الإنسان يكون غني مالا وعنده تهور، عنده طيش، ليس عنده اتزان.
فسبحان الله الإدراك والعطاء الذي أعطاه الله تبارك وتعالى لعباده من الذكاء والحكمة والحلم والأناة وهذه الصفات كلها هذا من الغنى.
أيضا أدوات الحس التي أعطاه الله تعالى لنا (السمع والبصر والشم والذوق واللمس ) وغيرها من النعم التي نستشعر بها وندرك بها الوجود والعالم حولنا، بكم تقدرها؟ فهذا من الغنى أيضا ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أصبح معافا في بدنه …)
عندك عافية والحمد لله في أعضائك، تستطيع أن تمشي على قدميك، عندك عمل تذهب إليه، عندك سيارة تركبها، عندك زوجة، عندك أولاد، تمشي في أمان…. لا تترقب وقوع صاروخ أو أنك يعتدى عليك ، أو أنك تسجن أوتعتقل ، أو يحدث تفجير في المكان أو أو… كما هو في كثير من بقاع الدنيا (نسأل الله أن يفرج كرب المكروبين.)
فأصبحت معافى في بدنك، هذه من النعم التي يعجز اللسان عن شكرها….
ولذلك يذكر أن رجلا شكى لعالم من العلماء فقره وحاجته. قال بكم تفتدي عينك، بكم تفتدي سمعك، بكم بكم … قال أنت من الأغنياء يعني أنت تملك كل هذه النعم فأنت من الأغنياء.
إن كان عندك معدة تهضم الطعام هذه نعمة سلبت من غيرك.
إن كان عندك دم يتدفق في العروق والحمد لله هذه نعمة سلبت من غيرك.
تأمل عظم وقدر النعمة عند من فقدها.
إلف النعمة:
ولذلك نبه العلماء على مسألة إلف النعمة، أن الإنسان فينا لما يألف النعمة لا يستشعر قيمتها، لا يستشعر عظم قدر هذه النعمة التي أنعم الله عليه بها…. فلما جعل الله في هذا الكون الأضداد يعني الشيء وضده حتى ينتبه العباد .. .. فتجد الأعمى والمبصر وتجد الذي يمشي على قدميه والذي يتحرك على كرسي متحرك أو يستعين بعكاز مثلا ….. والذي يأكل بيده ، والذي يستعين بغيره ليأكل ، والذي يأكل الطعام والذي طعامه الأدوية والمحاليل -عافاكم الله- إلى غير ذلك.
فقدر الله الشيء وضده، الليل والنهار، الظلمة والنور، البياض والسواد حتى ينتبه الخلق إلى عظم نعم الله تعالى عليهم.
فالعطاء الإلهي ليس هو المال فقط… العطاء الإلهي يشمل السلامة والعافية، الذكاء، الحكمة، الغنى بالنفس، الزوجة، الأولاد، الذرية الطيبة.
هنالك موقع على الإنترنت قام بعمل إحصائية جاء فيها إذا كان عندك زوجة فإن في العالم كذا مليون بدون زوجة.
إذا كان عندك عمل فإن نسبة البطالة على مستوى العالم كذا.
إذا كان عندك أولاد فإن نسبة من لا يستطيعون الإنجاب كذا.
إذا كنت لا تداوم على الذهاب إلى المستشفى مرتين أو ثلالثة في الأسبوع فإن هنالك كذا مليون يذهبون إلى المستشفى.
إذا كنت لا تأخذ أدوية عقب الطعام أو كل يوم فإن هناك كذا مليون يأخذون الدواء… إلى آخر ذلك.
فالإنسان فينا مع إلف النعمة لا يستشعر مدى قيمتها ودائما ما يتطلع الإنسان إلى أن يستحوذ على المال وينسى أن هذا الإستحواذ هو من قدر الله عز وجل وحكمته كما قال: “وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ….”.
لو شاء الله لرزق الجميع كما قال تعالى : (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر على من يشاء.)
لو أنا أملك كفايتي وأنت تملك كفايتك إلى آخره معنى ذلك أنه لن يذهب أحد إلى العمل، لن يتعب أحد ولن يبذل جهدا لأنه يملك كفايته من المال.
عنده من المال ما يكفيه أبد الدهر.
لكن جعل الله من سننه في الكون ألا يصل الإنسان إلى حد الكفاية يعني خلق الإنسان دائما محتاجا ، أنا عندي نقص فأسعى إلى إكماله، وأنت وأنت …… فكما بين الله عزوجل أنه رفع بعضنا فوق بعض درجات (ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) سخريا يعني من السخرة وهي الخدمة وليس من السخرية يعني الإستهزاء. فكل واحد منا أو بعضنا لبعض مسخر.
هذه إرادة الله لتدور عجلة الحياة، ليدور الكون بهذه الكيفية التي نراها سبحان الله.
من أصبح معافى في بدنه :
نرجع مرة أخرى فتعظم نعمة الله عليك حينما تتأمل الحديث النبوي: (من أصبح معافى في بدنه، آمنا في سربه، عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها. ) أنت والغني الذي يملك الملايين هل يلبس أكثر مما يلبس، هل يأكل أكثر من معدته، هل ينام على أكثر من سرير، هل يركب أكثر من مقعد في سيارة أو في طائرة؟
إذن سبحان الله ما فاض عن حاجته ربما له وربما لغيره.
والعلماء قالوا عن الرزق هو ما ساقه الله إليك فانتفعت به…. قد يكون المال مالك وينتفع به عيالك ورثتك، ينتفع به من حولك، يسرق، يسلب إلى آخره… لكن الرزق هو ما انتفعت به.
العطاء الإلهي هو ما رزقك الله وانتفعت به.
إذن إخواني هذه مسألة مهمة جدا مسألة أن الغنى والعطاء الإلهي ليس مال فقط بل يتنوع ويتعدد.
النظر إلى نصف الكوب الفارغ :
الأمر الثاني من الأسباب الباعثة على عدم الرضا دائما النظر إلى نصف الكوب الفارغ يعني كالمثل الذي ضربه العلماء : واحد عنده كأس ماء نصفه ملآن ونصفه فارغ. الكثير منا ينظر إلى النصف الفارغ. لو تأملت النصف الملآن لعظمت نعم الله عليك.
يعني لا تنظر كم فقدت من نعم بل انظر كم أنعم الله عليك من نعم، كم وجدت من نعم.
فهذه النظرة تحول دائما كل سخط وعدم قناعة إلى رضا وتعظم نعمة الله تعالى عليك.
شاهد المرضى واحمد الله على نعمة العافية.
شاهد من فقد نعمة من النعم واحمد نعمة الله تعالى عليك.
المشكلة أن الإنسان فينا دائما يتطلع إلى المفقود، يتطلع إلى أنه دائما عنده نقص، إلى أنه لا يستطيع، إلى أنه كذا…
سيدوم سخطه وسيدوم غضبه وجزعه والعياذ بالله.
لكن حينما تنظر إلى نصف الكوب الملآن وتحمد الله عز وجل وتسأل الله تعالى من فضله فهذا من عظيم نعم الله عليك.
نعمة الرضا بما قضاه الله وبما رزقك الله إياه….
إذن يا إخواني هذه المسألة الثانية، لا تنظر إلى نصف الكوب الفارغ.
ما الفرق بين الطموح والطمع ؟
طيب وهل هناك مانع أن يكون عندي طموح؟
هنا المسألة: فارق بين الطمع والطموح :
الطموح أنك تخطط لمستقبلك. أنك اليوم عندك سيارة سيئة ربنا يوسع عليك وتشتري سيارة بدون مشاكل.
أنت الآن عندك شقة إيجار تستطيع غدا أن تكون شقة تمليك أو بيت.
أنك عندك مثلا دخلك كذا….. مثلا تأخذ شهادة أو تتحصل على خبرة فيكون إن شاء الله الراتب كذا وكذا….. هذا هو الطموح.
أنك تسلك الأسباب التي جعلها الله تعالى في الكون. هذا لا بأس به.
لكن الطمع هو أنك دائما لا تقنع مهما كان في يدك.
دائما عينك تنظر إلى ما في يد غيرك.
دائما ترى النقص فيما تملك والزيادة فيما بملكه غيرك.
ولذلك الإنسان الطماع دائما حسود دائما حريص يستسهل أنه يأكل حرام يستسهل أن يظلم غيره لماذا؟ لحرصه وطمعه.
إنما الإنسان الطموح دائما إنسان عنده همة، دائما عنده سعي وأخذ بالأسباب وتدبير وتخطيط شخصية منظمة شخصية محبوبة لأنه عنده إنجازات عنده سعادة بحركاته وإنجازه وفوزه وتحصله على نجاح إلى نجاح إلى نجاح.
أما الطماع أما الشره الحريص فدائما تجده عالة على المجتمع يود أن يتحصل على أكبر جزء من المال أوالثروة بدون عمل.
ينظر إلى الثراء من وجه سريع حتى وإن كان حراما حتى وإن كان غصبا لغيره حتى وإن كان اعتداءا فيقع في هذه المسألة.
فهناك فرق بين الأمرين أن يكون عندي طموح فهذا شيىء مطلوب أو أن يكون عندك طمع فهذا شيء غير مرغوب.
الإنسان الطماع دائما ساخط على ربه ….دائما حاسد للناس …..دائما يتمنى زوال النعمة من الغير لينالها هو -والعياذ بالله-
فيظل هكذا في كمد وفي غم ولا حول ولا قوة الا بالله.
من ثمرات الرضا السكينة والطمأنينة :
من الأمور التي توضح لنا الصورة بجلاء أن الإنسان يا إخواني حينما يكون راض عن الله عز وجل راض بقضاء الله سبحانه وتعالى تأتيه السكينة والطمأنينة وهذا ما عناه الرسول بقوله: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله بخير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن) هذه العبارة تبين لنا الفارق بيننا وبين غيرنا (إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له و إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)
وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: لأن غير المؤمن إن أصابه الخير فرح ….. لكن إن أصابه الشر النقص الضر طبعا يعني يشقى ويتعب ويسخط ويجزع. فالفارق بين المؤمن وغيره : أن المؤمن إن أصابه الخير فمن فضل الله وعطائه ……. وإن أصابه الضر فهذا ابتلاء واختبار يصبر عليه .
وهذا ليس معناه التفريط أو التضييع إنما نجمع الآيات والأحاديث مع بعضها…. الرسول يقول : “احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ولا تقل لو فإن لو تفتح عمل الشيطان ولكن قل قدر الله وما شاء فعل.”
هذه مسألة مهمة أن تفهم هذا المعنى أنك بفضل الله عليك في حالة العطاء تشكر الله عز وجل ، وفي حالة المنع فإنك تصبر لأن هذا اختبار من الله. فالله يربي عباده بالعطاء والمنع.
تربية الأبناء بالعطاء والمنع :
حتى علماء التربية يقولون في تربية الأبناء : أنك ينبغي أن تربي أبناءك على هذا المعنى معنى أنه يأخذ وأن يمنع عنه. فلما تعطيه يستشعر قدر ما أعطي. يستشعر أهمية الشيء الذي أعطيه ، ولما تمنع عنه يستشعر قيمة ما منع عنه.
إنما العطاء الدائم ….. أنا لا أريد أن أحرم أولادي …..أنا أريد أن أعطيهم كل ما يريدون هذه تربية فاشلة…… تنشئ جيلا مدللا جيلا لا يعرف التعب ولا الكد ولا السعي في تحصيل ما يريد إنما ما يطلبه يجده.
فالتربية السليمة تربية على العطاء والمنع…. فلا ينبغي أن نربي أبناءنا يعني على حد عبارة أحد العلماء (إن أبانا على كل شيء قدير )
يعني يكون الولد هذه عقيدته أنه أي شيء يطلبه يجده.
إنما يتربى على أن هناك شيء يطلبه فيجده وشيء يسعى إليه باجتهاده وشيء يمنع عنه لأنه فيه ضرر أو أنه لا يصلح له أو أنه ينبغي أن يبذل مزيد جهد إلى غير ذلك.
ولله المثل الأعلى…. فالله تعالى يربينا بالعطاء والمنع يعطينا فتعظم نعمة الله علينا ويمنع عنا فنصبر ونحتسب ذلك عند الله عز وجل.
والنهاية يا إخواني سنلقى الله سبحانه وتعالى وسيجازينا على هذه الأمور كلها سيحاسبنا على شكرنا في النعمة بالثواب الجزيل ويحاسبنا على الصبر على البلاء أو على المنع بالثواب الجزيل. “وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً…”. فالإبتلاء بكلا الأمرين.
الفرق بين الرضا والقناعة والخنوع والذل :
ومن المفاهيم التي نريد التوقف عندها أن بعض الناس يظن أن الرضا معناه أن الإنسان يرضى أن يكون ذليلا، يرضى أن يكون فقيرا، يرضى بالهوان والحرمان. هذا ليس هو المقصود يا إخواني.
الرضا كما قلت رضا بالحال بالعطاء ولا مانع من السعي من خلال سنن الله في الكون والأخذ بالأسباب للإزدياد.
لكن أن شخص عنده أرخص شيء نفسه وأرخص شيء كرامته يقول لك فقط نعيش ( نأكل عيش) نريد فقط أن نأكل (عيش) أن نربي أولادنا فهو من خوف الفقرفي فقر ، ومن خوف الذل في ذل ، ومن خوف المرض في مرض…
هذه ليست أخلاق الإسلام…. الإسلام لا يعلمنا المذلة ولا الهوان ولا يعلمنا أن يكون المسلم جبانا خاضعا ذليلا من أجل لقمة عيشه لأنه يعلم أنه ما قدر الله على فكيه أن يمضغاه فستمضغاه فليمضغه بعزة…. يمضغ بعزة…. طعمته، لقمته يمضغها بعزة.
أما إذا رأى أن لقمته أو لقمة عياله تأتي من طريق ذل فلا حاجة فيها أبدا.
سبحان الله العظيم يعني كما يقول الإمام الشافعي رحمه الله:
فلا يليق بالمسلم أن يكون ذليلا جبانا منافقا عنده شعور دائم بالحرمان والهوان من أجل لقمة عيش.
بل اطلب لقمة عيشك بعزة.
اطلب لقمة عيشك بأسبابها لأن الرزاق ليس هم البشر، الرزاق هو الله.
ولو ظن أحد من البشر أن بيده مفاتيح الرزق أو أنه يمنع عن الناس فهو واهم.
الله سبحانه وتعالى قال:” وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ”. وقال في نهاية سورة الذاريات :” إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”.
وقال ” …لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ …”.
فسبحان الله العظيم، الظالمين دائما ما يكون من سننهم ومنهاجهم أن يجعلوا صبغة الحرمان والجوع والهوان على شعوبهم حتى لا يتطلع يوما ما لأن يثور على ظلم ولا على حق مضيع فيظل هكذا.
لكن المسلم عزيز بالله، يعلم أن الله هو الرزاق.
كل ما يدور حولك أسباب لا أكثر ولا أقل .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” إن روح القدس (يعني جبريل عليه السلام) نفث في روعي (ألقى في باله صلى الله عليه وسلم) إنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها . وتستوفي أجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله.”
الخلاصة :
أحبابي وإخواني الكرام خلاصة خطبتنا في كلمات :
- ينبغي أن نعلم يقينا أن الله سبحانه وتعالى جعل الدنيا دار نقص وجعل فيها العطاء والمنع، وفضل بعضنا على بعض في الرزق وأن الله عز وجل إذا أعطى فعطاؤه لحكمة وإذا منع منع لحكمة.
- أن الرضا ينتج عنه الشعور بالسعادة.
- أن السخط ينتج عنه دائما الشعور بالغم والحزن.
- لا ينبغي أن تكون دائم الشعور بالنقص متوهما أنك محروم، أوأنك مشؤوم، أو أنك منحوس.
- جعل الله في الكون الأسباب. خذ بالأسباب، تعاطى الأسباب، اركب الأسباب كما يقول العلماء. ثم بعد ذلك يأتي التدبير من الله عز وجل ، سبحان الله! لكن أن الإنسان يظل مكانه عاجزا ضعيفا ثم يتهم القدر أو يعلق فشله على القدر.؟! كما يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله: لو نزل البحر مؤمن وكافر، المؤمن لا يجيد السباحة والكافر يجيد السباحة سيغرق المؤمن وسينجو الكافر…. المؤمن هلك لأنه قصر في الأخذ بالأسباب. قصر في أن يتعلم كيف يسبح فينجو والآخر تعلم كيف يسبح فنجا.
- استعن بالله ولا تعجز .
- انظرإلى ما أعطاك الله، كم أعطاك. فإذا نظرت إلى كم أعطاك تعلم أن ما سلبه منك شيء لا يذكر.
- لا مانع من أن يكون المسلم طموحا متطلعا إلى الخير والأفضل ، لكن لا يكن طماعا ولا حاسدا لغيره فإن ذلك يجعله في غم دائم وسخط دائم وحسد على من حوله.
- لا ينبغي المسلم أن يكون راضيا بالذل والهوان طلبا لرزقه أو رضا بحاله لأن هذا رضا بالهوان والمذلة وهذا أمر لا يرضاه الله إنما يعلم أن رزقه بيد خالقه وأن الله عز وجل هو الرزاق ذو القوة المتين.
- فلا ينافق طلبا للقمة عيش ولا يكون ذليلا طلبا للقمة عيش ولا يتنازل عن دينه أو يتبع باطلا طلبا للقمة عيش. وقد أخبرنا رسول الله عن طرف من هذه الفتن فقال : “يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا.”
- نعوذ بالله من الخذلان ونسأل الله تعالى أن يرزقنا حلاوة الإيمان كما بشرنا صلى الله عليه وسلم : “ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا.”
بكر القرنة
جزاك الله خيرا ، خطبة رائعة جدا
abojannah
وجزاكم الله خيرا وبارك فيك وزادنا الله وإياكم من فضله العظيم