فن التعامل مع الناس 5- الانشغال بعيبك عن عيوب الناس
الكمال لله وحده والعصمة للأنبياء ، فلا عصمة لأحد بعد الأنبياء ؛أما بقية البشر فكلهم يصيبون ويخطئون ، ولا يخلو إنسان من نقص وعيب ، لكن هنالك مشكلة تنغص على كثير من الناس حياتهم وهي أن يكون هناك من يترصد للأخطاء والعيوب ، من تكون عينه دائما مسلطة عليك يراقب حركاتك وسكناتك ويرصد عليك أخطاءك وعيوبك ، لا لينصح وإنما ليشهر ويفضح ؛ يرى نفسه دائما على صواب وغيره على خطأ ؛ ولا يسلم الناس من لسانه بتتبع عوراتهم وهتك أستارهم ؛ وهذا عيب كبير لو اتصف به أحد فلا بد أن يعالج نفسه منه .
النهي عن الانشغال بعيوب الناس:
لو أبصر المرء عيوب نفسه لانشغل بها عن عيوب الناس ؛ لأن المرء مطالب بإصلاح نفسه أولا وسيسأل عنها قبل غيرها.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (إِذَا قَالَ الرَّجُلُ هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ)رواه مسلم .
قال النووي رحمه الله”:اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الذَّمّ إِنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَالَهُ عَلَى سَبِيل الْإِزْرَاء عَلَى النَّاس , وَاحْتِقَارهمْ , وَتَفْضِيل نَفْسه عَلَيْهِمْ , وَتَقْبِيح أَحْوَالهمْ .
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ لَا يَزَال الرَّجُل يَعِيب النَّاس , وَيَذْكُر مَسَاوِيَهُمْ , وَيَقُول : فَسَدَ النَّاس , وَهَلَكُوا , وَنَحْو ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ أَيْ أَسْوَأ حَالًا مِنْهُمْ بِمَا يَلْحَقهُ مِنْ الْإِثْم فِي عَيْبهمْ , وَالْوَقِيعَة فِيهِمْ , وَرُبَّمَا أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى الْعُجْب بِنَفْسِهِ , وَرُؤْيَته أَنَّهُ خَيْر مِنْهُمْ” انتهى.
وقال ابن عبد البر رحمه الله :هذا معناه عند أهل العلم أن يقولها الرجل احتقارا للناس وإزراء عليهم وإعجابا بنفسه ، وأما إذا قال ذلك تأسفا وتحزنا وخوفا عليهم لقبح ما يرى من أعمالهم فليس ممن عني بهذا الحديث ، والفرق بين الأمرين : أن يكون في الوجه الأول راضيا عن نفسه معجبا بها حاسدا لمن فوقه محتقرا لمن دونه ، ويكون في الوجه الثاني ماقتا لنفسه موبخا لها غير راض عنها ” انتهى.التمهيد” (21/242)
كمثل الغراب أو الذباب :
فبعض الناس تجلس اليه فلا هم له إلا العيب في غيره فيقول فلان كذا وكذا وفلانة فيها من العيوب كذا وكذا …. والجمعية الفلانية والهيئة الفلانية …الخ ، فلا يرى إلا العيوب فقط .
وقد ضرب العلماء مثالا بهذه النوعية من الناس بالغراب الذي يمر ببستان جميل فيه الثمار والأشجار تجرى من تحتها الأنهار يمر هذا الغراب فلا يخرج من البستان إلا بدودة !!!
أو كالذباب الذي لا يحط إلا على القاذورات فينقل الجراثيم والميكروبات !!!
وهناك من هو كالنحل لا يحط إلا على أطايب الزهر جعلني الله وإياكم منهم .
وفي هذا المعنى يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ ، لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ) ، رواه الترمذي عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وصححه الألباني في “صحيح الترمذي” .
من أقوال السلف في ذم الانشغال بعيوب الناس:
لقد تعلّقت قلوب الجيل الرَّباني من الصَّحابة والتّابعين بالله دائمًا، وانشغلوا بأنفسهم التي هي أعدى أعدائهم؛ من أجل الله سبحانه وتعالى، فانشغلوا عن كلّ الشواغل بالنَّفس التي بين جنبيهم، يهذبونها ويربونها؛ لأنَّهم فهموا أنَّ تربية الفرد لنفسه وتعاهدها أولاً بأول أمر لا بدَّ منه لمن يريد دوام الاستقامة على أمر الله، بل كانوا يخافون إن تكلموا في الناس بما فيهم أن يبتلوا بما ابتلي به الناس من هذه العيوب كما قال الأعمش: سمعت إبراهيم يقول: ” إني لأرى الشيء أكرهه، فما يمنعني أن أتكلّم فيه إلا مخافة أن أُبتلى بمثله“.
وقال الآخر: ‘كانوا ينهون عن فضول النظر كما ينهون عن فضول الكلام’
وكان عمر رضي الله عنه يُربي الأمة كلها من فوق المنبر فيقول: (رحم الله امرأً أهدى إليَّ عيوبي) فعرف أولئك الأخيار الأطهار أن الذي يضرك هو عيبك أنت، وأن الذي يسيء إليك هو ذنبك أنت لا ذنوب الناس وعيوبهم.
وقيل للربيع بن خثيم:ما نراك تغتاب أحداً، فقال: لستُ عن حالي راضياً حتى أتفرغ لذم الناس.
وعن عون بن عبد الله قال: “لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه“.
وعن ابن سيرين قال:كنا نحدَّث أن أكثرَ الناس خطايا أفرغُهم لذكر خطايا الناس“.
وقال الفضيل:ما من أحد أحب الرياسة إلا حسد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكَر أحدٌ بخير“.
وقال مالك بن دينار: كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا للخونة، وكفى المرء شراً ألا يكونَ صالحا ويقعَ في الصالحين“.
ويشتد الأمر خطورة إذا كانت الوقيعة والعيب في العلماء والدعاة والصالحين.
قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرتُه، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته“.
وقال بعضهم: أدركنا السلف وهم لا يرون العبادة في الصوم ولا في الصلاة ولكن في الكف عن أعراض الناس.
–وقال ابن عباس رضي الله عنهما: إذا أردت أن تذكر عيوب صاحبك فاذكر عيوبك.
–وقال عمر رضي الله عنه: عليكم بذكر الله تعالى فانه شفاء و إياكم و ذكر الناس فانه داء.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ( كان بالمدينة أقوام لهم عيوب ، فسكتوا عن عيوب الناس ، فأسكت الله الناس عنهم عيوبهم ، فماتوا ولا عيوب لهم ، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم ، فتكلموا في عيوب الناس ، فأظهر الله عيوباَ لهم ، فلم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا )
لماذا لا نرى إلا الأخطاء ؟
فالإنسان –لنقصه وحب نفسه – يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه، فيدركه مع خفائه ، فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر، ولو أنه انشغل بعيب نفسه عن التفرغ لتتبع عيوب الناس، لكف عن أعراض الناس وسد الباب إلى الغيبة.
وكثيرا ما ننتبه للأعمال السيئة ونغفل عن الأعمال الحسنة التي قد تكون أكثر بكثير من السيئة وما انتبهنا!!
يقول سعيد بن المسيب : ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، فمن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله، ولا تذكر عيوب أهل الفضل تقديراً لهم.
ويقول الإمام أبو حاتم بن حبان:الواجبُ على العاقل لزومُ السلامة بترك التجسس عن عيوب الناس، ومع الاشتغال بإصلاح عيوب نفسه، فإن من اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره، أراح بدنه ولم يتعب قلبه، فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه. وإن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه عمي قلبه وتعب بدنه، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه، وإن من أعجز الناس من عاب الناس بما فيهم، وأعجز منه من عابهم بما فيه، ومن عاب الناس عابوه“.
خطورة هذا المرض على الفرد :
1- غفلة المرء عن عيوب نفسه :
إن من أخطر الأمراض القلبية التي يُصاب بها العبدُ أن يرضى عن نفسه، ويرى كمالات نفسه، ويغفل عن عيوبه، مع أنه لا يخلو إنسان من نقص وعيب وذنب وخطيئة.
وإذا أراد الله بعبده خيراً صرفه إلى الاعتناء بعيوب نفسه، ومحاولة إصلاحها، فتجده دائماً منشغلاً بنفسه، حريصاً على تزكيتها.
وكم هو قبيح أن ينسى الإنسان عيوب نفسه ، وينظر في عيوب إخوانه بمنظار مُـكـبِّـر!!
والإنسان ـ لنقصه ـ يتوصل إلى عيب أخيه مع خفائه، وينسى عيب نفسه مع ظهوره ظهورا مستحكما لا خفاء به.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، وينسى الجِذْعَ في عينه”.رواه البخاري في الأدب المفرد مرفوعاً وموقوفاً ، وصحح الألباني وقفـه على أبي هريرة
والقذاة ما يقع في العين من غبار وغيره فيؤذيها.
والجـذل الخشبـة العالية الكبيرة.
2- الشعور الدائم بالنقص :
فالحديث عن أخطاء الآخرين، والإسراف في ذكرها، ولوك اللسان بها ، يدل على مرض عضال في النفس وهو الشعور الدائم بالنقص ؛ فيبحث عن الأخطاء، كأنها هواية عنده؛ فهو يفرح بها إذا وجدها ويضخمها إذا عرضها، وهو يذكر دائمًا الخطأ، ولا يذكر أبدًا الصواب، ولذا تبرز شخصية الإنسان من خلال نصيبه من هذه القضية، فإذا عُرف بأنه مشغول بتضخيم عيوب الآخرين والطعن في الناس، فهذه مرآة تعكس أنه يشعر بضآلة نفسه وحقارتها وأن حجم نفسه صغير؛ لأنه يعتقد أنه لن يعلو قدره إلا على أنقاض الآخرين، فدائماً يحاول أن يحطم الآخرين، ويكثر نقدهم ويذكر عيوبهم، وهذه مرآة تعكس أن إحساسه وثقته بنفسه ضعيفة، وأنه في داخل نفسه يحس أنه صغير وحقير، فلذلك يشتغل بعيوب الآخرين.
3- إسقاط عيوب النفس على الآخرين :
وقد يكون انشغال العبد بعيوب الناس والتحدث بها بمثابة ورقة التوت التي يحاول أن يغطي بها عيوبه وسوءاته ، فقد سمع أعرابي رجلا يقع في الناس، فقال: ” قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس؛ لأن الطالب لها يطلبها بقدر ما فيه منها”.
ويقول عون بن عبد الله رحمه الله: لا أحسب الرجل ينظر في عيوب الناس إلا من غفلة قد غفلها عن نفسه.
وعن محمد بن سيرين رحمه الله تعالى قال: كنا نحدث أن أكثر الناس خطايا أفرغهم لذكر خطايا الناس.
وكان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول: كفى بالمرء إثماً ألا يكون صالحاً، ثم يجلس في المجالس ويقع في عرض الصالحين.
قال بكر بن عبد الله: ” إذا رأيتم الرجل موكّلا بعيوب الناس، ناسيا لعيوبه ـ فاعلموا أنه قد مُكِرَ به”.
4- الوقوع في الغيبة :
والانشغال بعيوب الناس يجر العبد إلى الغيبة ولابد، وقد عرفنا ما في الغيبة من إثم ومساوىء أقلها تفكك الروابط بين الناس كما قال بعض السلف : إذا ذكرت الغيبة ارتفعت الأخوة .
5- الوقوع في أمراض القلوب كالكبر والعجب والغرور :
والذي يعيب غيره ربما يكن له هدف شخصي من خلا تسفيه غيره وإبراز عيوبهم أن يريد ألا يبدو في الصورة غيره فهو المؤمن التقي النقي الصادق الأمين المعصوم الذي لا يخطأ ، العفيف الشريف الكبير …..وكثيراً ما يكون هذا نابعاً من الرضى عن النفس والإعجاب بها، بل والكبر والغرور والعياذ بالله، فإن (الكبر بطر الحق وغمط الناس( رواه مسلم
و(بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) رواه مسلم.
خطورة هذا المرض على المجتمع :
1- رفض المشاركة في الأعمال الخيرية والتطوعية :
لأن التركيز على العيوب في أي مجتمع هو قتل لأي إيجابية ، ووأد لأي عمل فيه خير أو منفعة ، لأن كل من يقترب من هذه النقطة يجد لسانا حادا يسلقه بالسب والطعن والخوض في عرضه ….. فهذا يجعل الناس دائما بعيدين عن هذه الأمور فيقول أحدهم : أنا لا أريد أن يخوض الناس في عرضي بألسنتهم أو أسب وأهان !!!
فهذا يكون للأسف الشديد مثبط لكل خير .
2- شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع:
كما أن الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع ، فحين يتكلم المرء في الناس فإنهم سيتكلمون فيه ، وربما تكلموا فيه بالباطل ، وفي هذا المعنى يقول الشافعي رحمه الله:
إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى = ودينك موفور وعرضك صيّن
لسانك لا تذكر به عورة امرئ = فكلّـك عورات وللناس ألسـن
وعينك إن أبدت إليك معايباً = فدعها وقل : يا عين للناس أعينُ
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى = وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ
فكما أن لي لسان يطال الناس فللناس ألسـن وكما أن لي عين لا ترى إلا عيوب الناس فللناس أعينُ.
3- المثالية الحالمة سبب فشل أي عمل :
يقول العلامة القرضاوي: وهناك من يسمون بأصحاب المثالية الحالمة، وهؤلاء يريدون أن يبدأ العمل كاملاً، عملاقًا، ولا يمرُّ بمراحل النمو، ولا يتعرض لأمراض البيئة، وآفات الحياة، ومتاعب الطريق الطويل، وهؤلاء “لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب”، فهم لا يعملون ولا يدعون غيرهم يعمل، كل ما لديهم لسان طويل على ذراع قصير، وبراعة النقد، وإخفاق العمل، وهمة الهدم، وقعود عن البناء.
كفى بالمرء فخرا أن تعد معايبه :
لو أننا ركزنا في معاملاتنا المختلفة مع من حولنا ( زوجاتنا أبنائنا أصدقائنا زملائنا ) لوركزنا على محاسنهم وفضائلهم وإيجابياتهم وما يحسنون لرأينا عجبا والله !!!
أبدأ بزوجتك قل لها أجمل ما فيك كذا وكذا …. انا أحب فيك كذا وكذا …
إذا شجعت من حولك بميزة فيه ستجد منه إبداعا وحرصا على المزيد من التميز والتفوق ، كما في قصة ” زازان” الذي كان رجلا حسن الصوت يغني وكانت الناس تستمع له وتتلذذ بشعره وصوته الجميل…. وفى يوم مر عبد الله بن مسعود بجوار مجلسه فسمعه وهو يغني ، فقال ما أجمل هذا الصوت لو كان بكتاب الله!!!
وبلغت الكلمة زازان فتأثر بها جدا، وكانت سببا لتغيير مجرى حياته وذهب لعبد الله بن مسعود تائبا باكيا… فبشره أن الله يحبه فدهش زازان وقال كيف؟ فقال له (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) واتجه الرجل بعدها للقرآن .
مناقب الصحابة :
والرسول أظهر أجمل ما في أصحابه من خلال المناقب التي جمعها علماء السنن والحديث وزع النبي الألقاب والمناقب ليس نفاقا ولا مجاملة ( وما ينطق عن الهوى )
مثل :حَدِيثٌ: ” أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَأَقْرَأُهُمْ أُبيٌّ ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ “
وروى ابن أبي شيبة عن أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: « … ولا أظلّت الخضراء، ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر“
وهكذا وظف النبي كل واحد من أصحابه فيما يحسن ويجيد ورأيناهم من بعده كل رجل منهم بأمة .
الإعاقة ليست عيبا :
فنحن في البلاد العربية المعاق إنسان ضعيف فقير له منا الإحسان والشفقة ويحيا حياة الذل والفقر ، وينظر إليه الناس نظرة انتقاص وازدراء ، ويعيش متسولا أو يتلقى الصدقات أو يدفعون به إلى التعليم الأزهري ليحفظ القرآن ويتخرج شيخا وانتهى الأمر !!!
لكن ماذا فعل الغرب مع المعاقين ؟ عاملهم على أنهم بشر لهم منا حق الاحترام لشخصه وآدميته وسنوا القوانين والتشريعات التي تخدم هذه الشريحة من المجتمع ، حتى رأينا فيهم مبدعين في مجالات شتى منهم على سبيل المثال :
العالم البريطاني المعروف “ستيفن هاو كنج” الحائز على أعلى منصب أكاديمي في مجال الرياضيات، وهو كرسي الرياضيات الذي كان يشغله العالم الشهير نيوتن، فقد كان مقعدا ويسير على كرسي متحرك ومع ذلك أطلق العنان لإرادته، وتغلب على كل الصعوبات التي واجهته ليحقق ما يريد.
أما أعجوبة المعاقين “هيلين كيلر” الأمريكية، فقد كانت مصابة بالعمى والصمم والبكم منذ صغرها، ورغم هذا تعلمت الكتابة والنطق ثم تعلمت اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ودخلت الجامعة وتخرجت ثم تفرغت للكتابة والتأليف.
وقد رأينا في البطولات الرياضية العالمية كيف انتصر المعاق على الإعاقة وحقق ما عجز عن تحقيقه الكثير من الأصحاء بعد ما رفعوا علم بلادهم في المحافل الدولية أمام أعين ومسامع العالم، وهذا يعني أن النجاح والتفوق والوصول إلى منصات التتويج لا يفرق بين إنسان معاق وغير معاق وأن الإنجازات لا تتحقق إلا بالإصرار والتحدي والعزيمة.
كيف رسم الفنان صورة الملك الأعرج الأعور؟
يحكى أن ملكا كان أعرجا ولا يرى إلا بعين واحدة …. ، وفي أحد الأيام دعا هذا الملك الرسامين ؛ ليرسموا له صورته الشخصية بشرط ألا تظهر عيوبه في هذه الصورة!
فرفض كل الفنانين رسم هذه الصورة!فكيف سيرسمون الملك بعينين وهو لا يملك سوى عين واحدة ؟وكيف يصورونه بقدمين سليمتين وهو أعرج ؟
ووسط هذا الرفض الجماعي تقدم أحد الفنانين وقبل رسم الصورة ،وبالفعل رسم صورة جميلة وفي غايــة الروعة.
كيف ؟
تصور أن الملك ممسكاً ببندقية الصيد (بالطبع كان يغمض إحدى عينيه) ويحني قدمه العرجاء إلى الأمام، وهكذا رسم صورة الملك بلا عيوب وبكل بساطة!!!
فليتنا نحاول أن نرسم صورة جيدة عن الآخرين مهما كانت عيوبهم واضحة ..وعندما ننقل هذه الصورة للناس نستر الأخطاء ..فلا يوجد شخص خال من العيوب !
لا تفترض في نفسك دائما أنك على صواب :
انتقل رجل مع زوجته إلى منزل جديد ، وفي صبيحة اليوم الأول ، وبينما يتناولان وجبة… الإفطار قالت الزوجة مـُـشيرة من خلف زجاج النافذة المطلة على الحديقة المشتركة بينهما وبين جيرانهما انظر يا عزيزي إن غسيل جارتنا ليس نظيفا ؛ لابد أنها تشتري مسحوقا رخيصا و دأبت الزوجة على إلقاء نفس التعليق في كل مرة ترى جارتها تنشر الغسيل
و بعد شهر اندهشت الزوجة عندما رأت الغسيل نظيفا على حبال جارتها
و قالت لزوجها : انظرلقد تعلمت أخيرا كيف تغسل !!!
فأجاب الزوج: عزيزتي أنا نهضت مبكرا هذا الصباح ونظفت لك زجاج النافذة التي تنظرين منها
كن جميلا ترى الوجود جميلا انزع النظارة السوداء من على عينك ، وانظر إلى الناس بشفافية ووضوح .
لا تنجح بالعدوان على الآخرين :
كثير منا من يفكر بالنجاح على حساب اﻵخرين ، بإمكان الجميع النجاح…
ولكن للأسف دائماً نتجه نحو تدمير الآخر وهدمه لكي نحقق النجاح ويذكر أن أحد المدربين في إحدى الدورات التدريبية قام بتوزيع بالونات على كل متدرب..ثم طلب من كل واحد نفخ البالون الخاص به وربطها بقدمه.
وفعلاً قام كل شخص بنفخ وربط البالونة.
جمع المدرب الجميع في ساحة مدورة ومحدودة ، وقال لدي مجموعة من الجوائز وسأبدأ من الآن بحساب دقيقة واحدة فقط ، وبعد دقيقة سيأخذ كل شخص مازال محتفظ ببالونته جائزة.
بدأ الوقت وهجم الجميع على بعضهم البعض ؛ كل منهم يريد تفجير بالونة الآخر حتى انتهى الوقت ، فقط شخص واحد مازال محتفظ ببالونته..
وقف المدرب بينهم مستغرباً..وقال : لم أطلب من أحد تفجير بالونة الآخر
ولو أن كل شخص وقف بدون اتخاذ قرار سلبي ضد الآخر
لنال الجميع الجوائز ولكن التفكير السلبي يطغى على الجميع!!!