القرين
تأتي كلمة القرين في اللغة بمعني الصاحب والشريك في الأمر.
وشرعا : أن لكل إنسان (قرين) من الملائكة وقرين من الشياطين من وقت الولادة إلى الممات.
الآدلة على القرين من القرأن :
قال الله تعالى (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ,قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ،مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ) ،( سورة ق – 27 – 29 ).
يقول ابن كثير :{ قال قرينه } قال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وقتادة وغيرهم: هو (الشيطان الذي وُكِّل به)
{ ربَّنا ما أطغيته } أي: يقول عن الإنسان الذي قد وافى القيامةَ كافراً يتبرأ منه شيطانه ، فيقول:{ ربنا ما أطغيته } أي : ما أضللتُه.
{ ولكن كان في ضلالٍ بعيدٍ } أي : بل كان هو في نفسه ضالاًّ قابلاً للباطل معانداً للحقِّ .
الآدلة على القرين من السنة:
1-عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن ، قالوا: وإياك يا رسول الله ؟ قال وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ) وفي رواية : (وقد وكِّل به قرينُه من الجنِّ وقرينُه من الملائكة) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه
وبوَّب عليه النووي بقوله باب تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس وأن مع كل إنسان قريناً.
قال النووي: (فأسلم ” برفع الميم وفتحها ، وهما روايتان مشهورتان ، فمن رفع قال: معناه : أسلم أنا من شرِّه وفتنته، ومَن فتح قال: إن القرين أسلم ، من الإسلام وصار مؤمناً لا يأمرني إلا بخير .
والأرجح منهما أنه صار مسلماً فالأمَّة مجتمعة على عصمة النَّبي (صلَّى الله عليه وسلم) من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه .
2- وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان أحدكم يصلِّي فلا يدع أحداً يمرُّ بين يديه ، فإن أبى فليقاتلْه فإن معه القرين ) أخرجه مسلم في صحيحه.
3- وأخرج مسلم عن عائشة -رضى الله عنها-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم( خرج من عندها ليلا قالت: فغرت عليه، فجاء فرأى ما أصنع فقال:”ما لك يا عائشة أغرت؟ فقلت: وما لى لايغار مثلى على مثلك، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقد جاءك شيطانك؟
قالت: يا رسول الله أو معى شيطان؟ قال: نعم ومع كل انسان؟ قال:نعم ، قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: نعم ولكن ربى أعاننى عليه حتى أسلم” (صحيح رواه مسلم).
4- وعن عبدالله بن مسعود (إن للشيطان لمة بابن آدم ، وللملك لمة ، فأما لمة الشيطان ، فإيعاد بالشر ، وتكذيب بالحق ، وأما لمة الملك ؛ فإيعاد بالخير ، وتصديق بالحق ، فمن وجد ذلك ، فليعلم أنه من الله ، فليحمد الله ، ومن وجد الأخرى ، فليتعوذ بالله من الشيطان ، ثم قرأ { الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا } وصحح الشيخ أحمد شاكرأنه موقوف له حكم الرفع فإن هذا الحديث مما لا يعلم بالرأي ، ولا يدخله القياس ، فلا يعلم إلا بالوحي من المعصوم صلى الله عليه وسلم . فالروايات الموقوفة لفظا ، هي مرفوعة حكما .
وقوله : ( لَمَّة ) من الإلمام ومعناه النزول والقرب والإصابة , والمراد بها ما يقع في القلب بواسطة الشيطان أو المَلَك .
وقوله : ( إيعاد بالشر ) كالكفر والفسق والظلم.
( وتكذيب بالحق ) أي في حق الله أو حق الخلق أو تكذيب بالأمر الثابت كالتوحيد والنبوة والبعث والقيامة والنار والجنة.
وقوله ( وأما لمة الملك فإيعاد بالخير ) كالصلاة والصوم.
( وتصديق بالحق ) ككتب الله ورسوله.
وقوله ( فمن وجد ) أي في نفسه أو أدرك وعرف ( ذلك ) أي لمّة الملك.
( فليعلم أنه من الله ) أي منّة جسيمة ونعمة عظيمة واصلة إليه ونازلة عليه إذْ أمَر الملك بأن يلهمه.
( فليحمد الله ) أي على هذه النعمة الجليلة حيث أهَّله لهداية الملك ودلالته على ذلك الخير.
( ومن وجد الأخرى ) أي لمّة الشيطان.
( ثم قرأ ) أي النبي صلى الله عليه وسلم استشهادا (الشيطان يعدكم الفقر) أي يخوفكم به ليمنعكم عن الإنفاق في وجوه الخيرات ويأمركم بالفحشاء أي المعاصي .
فكل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، فالمؤمن بطاعته لله ورسوله والإستقامة على دين الله يقهر شيطانه ، ويذل شيطانه ، ويهينه ، حتى يكون ضعيفاً لا يستطيع أن يغالب ، ويمنع المؤمن من الخير.
والمؤمن العاصي بسبب معاصيه وسيئاته يعين شيطانه ، حتى يقوى على مساعدته على الباطل ، وعلى تشجيعه على الباطل .