مع قوله تعالى: ” إليه يصعد الكلم الطيب…” خطبة مكتوبة

تاريخ الإضافة 7 مايو, 2022 الزيارات : 3716

مع قوله تعالى: ” إليه يصعد الكلم الطيب…”

لقاؤنا اليوم عن تفسير قول الحق جل وعلا –( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )- [فاطر/10] 
ما هي العزة ؟ العزة هي القوة والشرف

ما هو السبيل إلى العزة ؟

الناس في هذه الدنيا حينما يطلبون العزة يطلبونها بأكثر من طريق:
فمنهم من يطلبها مع ذوي السلطان والسيادة ، فيكون في ظلهم ويعيش في ركابهم ، يصفق ويطبل ويوافق وينافق، حتى ينال العزة كما يظن .
ومنهم من يبحث عن العزة عند أهل الغنى والثراء عسى أن يناله منهم خيرا أو شيئا من فتات الدنيا .
ومنهم من يطلب العزة بالنسب ويفخربعائلته الكبيرة القوية التي فيها من الوجهاء والكبراء فلان وفلان ….الخ
لكن في هذه الآية الكريمة بين الله سبحانه وتعالى أن كل هذه الأسباب تتلاشى … كلها لا شيء، لأن من أراد العزة فليطلبها من الله ، قال تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)- [فاطر/10] لأن العزة ليست مسألة عضلات تظهر على الجسم، وليست ألقاب، وليست كثرة أموال بالجيوب، أو البنوك ، إنما العزة مسألة روحية نفسية يستشعرها الإنسان بداخله ، وهذا الأمر لا يملكه أحد ، ولا يهبه أهل السيادة، ولا أهل الأموال، أو غيرهم ، إنما يهبه الله عز وجل، قال تعالى : ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)- [فاطر/10] فهو الذي بيده الحول والطول والقوة ، فلا حول ولاقوة إلا بالله فهو الذي -( يدبر الأمر )- [يونس/3] و -( وإليه يرجع الأمر كله )- [هود/123]

وقال تعالى : -( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )- [آل عمران/26]
ولذلك أن تلين لعبد مثلك رجاء ما عنده فلن تحقق العزة ، أو أن تكون لغيرك ذيلا أو ظلا له فلن تنال العزة ، فأنت تنال الشرف والعزة بأن تكون عبدا لله ، ومن كان عبدا لله كان عزيزا بين خلقه ، وكما قيل : “كن عبدا لله تكن حرا ” لا تكن عبدا لغيرك، لا تكن عبدا لدنيا ، أو مال أو جاه ، بل كن عبدا لله تكن عزيزا كريما ، كما قال الشاعر :
                العز في كنف العزيز *** ومن عبد العبيد أذله الله
نسأل الله أن يعزنا بطاعته اللهم آمين .

العزة بطاعة الله:

وبين الله في الآية هنا سبيل العزة فقال : -( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)- [فاطر/10] إليه وحده فهو الذي يتقبل الأعمال فيصعد إليه جل وعلا الكلم الطيب.

ما هو الكلم الطيب ؟
ذكر الله ( تسبيح ، تحميد، استغفار، صلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ) ، أيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إرشاد التائه ، إغاثة الملهوف بالكلمة الطيبة ، طمأنة الخائف ، الوعظ والتذكير ، ولا ننس خير الكلام كلام الله عز وجل القرآن الكريم .
فالكلم الطيب يصعد إلى الله سبحانه وتعالى

وقوله تعالى : ( والعمل الصالح يرفعه)- [فاطر/10] إذن في كلام وفي عمل.

لكن ضمير الغائب هنا في الفعل ( يرفعه ) يعود على من ؟

هناك ثلاثة أقوال :
القول الأول / أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب :

يعني لو أنا قلت سبحان الله هل لابد من عمل؟ وما هو هذا العمل ؟

كلا هناك أقوال يؤجر الإنسان بمجرد قولها كالذكر، والنصيحة ، وغيرها تؤجر على ذلك ، لكن هناك أقوال لا بد لها من عمل ، فما فائدة لا إله إلا الله بدون عمل ؟ فمن قال لا إله إلا الله وقلبه ليس فيه إخلاص لله ؛ يعبد الله رياء ونفاقا أو شركا ؛ فهذه لا تقبل، فلا بد من قول لا إله إلا الله، ويتبعها عمل يصدق هذه الكلمة ولذلك قال تعالى : -( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون )- [البقرة8 /9] فهم يقولون لا إله إلا الله نفاقا لا صدقا واعتقادا .

إذن فمعنى ( والعمل الصالح يرفعه)- [فاطر/10] أن العمل الصالح يصدق الكلم الطيب.

ومن العلماء من قال إن العمل الصالح هو ثمرة الكلم الطيب ، فلو قلت لك لا تسرق وأنا أسرق فما فائدة القول ؟

لقد دعوتك إلى الجنة بقولي ودعوتك إلى النار بفعلي فصرت بذلك فتنة لك ، لاأني قلت مالم أفعل .

ولو أن رجلا كان يصلي ويقول الكلام الطيب ويسمع الناس منه كل طيب ، ثم لما عاملته بالبيع والشراء أكل علي مالي ، فعمله كذّب قوله، فقالوا إن العمل الصالح ثمرة للكلم الطيب، فمن خالف فعله قوله كان ذلك دلالة على أن في قوله عدم قبول .

القول الثاني / العمل الصالح يرفعه الله سبحانه وتعالى:

فالكلم الطيب” يصعد” والصعود يكون من أسفل لأعلى كناية عن رفعه إلى الله والقبول ، والعمل الصالح يرفعه الله ، ويرفع صاحبه أيضا ، فيجعل لصاحبه مكانة وعزة ، لأن العزة بطاعته ، فمن عصى الله أذله الله كما قال الحسن البصري : “أبى الله إلا أن يذل من عصاه “
فمن كان يريد العزة فإن الله يرفعه بعمله الصالح ويعزه بطاعته .

القول الثالث / يرفع من كان يريد العزة :

 ( والعمل الصالح يرفعه)- [فاطر/10] العمل الصالح يرفع من ؟ يرفع من كان يريد العزة-( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا)- [فاطر/10] فمن أراد العزة فليستعز بطاعة الله (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )- [المنافقون/8] 

فالعز في الدارين الدنيا والآخرة بطاعة الله وترك معصيته ، العز أن تعلو بين الناس بدينك وأمانتك وأخلاقك وإخلاصك لله ، وبقصدك وجه الله سبحانه وتعالى ، فهل يعز الله من عصاه وأصر على معصيته قال تعالى -( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور )- [النور/40] و -( ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء )- [الحج/18] وقال أيضا -( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية )- [البينة/6] ثم قال بعدها -( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )- [البينة/7]
فسبيل العزة طاعة الله واتقاء محارمه .
نسأل الله أن يعزنا بطاعته وأن يثبتنا على صراطه المستقيم اللهم آمين .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 69 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع