قوة الجسم وسلامة البدن

تاريخ الإضافة 25 أغسطس, 2022 الزيارات : 8042
قوة الجسم وسلامة البدن
إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والقيام بمهمة الخلافة في الأرض تحتاج إلى جهد وطاقات جسدية، حتى يتم أداؤها على الوجه الأكمل ، لذا حضت التربية النبوية الكريمة على بناء الفرد المسلم على أساس من القوة.
 
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : “المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ” رواه مسلم.
 
إن المسلم مطالب بالأخذ بأسباب القوة ، وهجر الضعف والعجز ،وكيف يضعف المسلم أو يعجز وهو مؤمن بنظام الأسباب وقانون السنن في الكون ؟!
إن الضعف في البدن أو النفس أو الحال صفة ذميمة ينبغي على المسلم أن يتنزه عنها ويهجرها ، ولهذا رغّب الشرع في إعداد العدة والأخذ بأسباب القوة ،
 
فقال تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(الأنفال:60) .
بل إننا نجد القرآن الكريم قد شنع على أقوام رضوا بالدون ، وعاشوا حياة الضعف والعجز مع قدرتهم على التحول عن هذا الحال .. قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(النساء:97) .إن الذين يرضون حياة الضعف والعجز يعرضون أنفسهم للذل والهوان وتسلط الجبابرة .. قال تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ)(الزخرف:54) .
إن الأمم التي يضعف أبناؤها تُستذل وتُهزم ؛ إذ أن الهزيمة تبدأ بهزيمة النفوس ، وإلا فإذا كانت النفوس كبارًا والهمم عالية فإنها تستعصي على الهزيمة والذل ،وقد رأينا في تاريخ أسلافنا كيف سادوا وعزوا وفتحوا الدنيا حين كانت النفوس قوية معتزة بدينها ، آخذة بأسباب القوة ، لكن عندما ضعف أبناؤها واستسلموا للعجز رأينا كيف كان الجندي التتري يأمر المسلم – الذي ضعف وعجز – بالقعود مكانه ريثما يذهب فيحضر حجرًا يقتله به ، فيستسلم ذاك ، ولا يحرك ساكنـًا إلى أن ينجز التتري ما أوعده !!كما رأينا من يُسَوِّغ تعبيد الأمة لأعدائها بحجة أننا : ” لن نفكر برأسنا ، ما دمنا لا نأكل بفأسنا ” .

كيف هذا وقد امتدح الله جل جلاه، المَلكْ صاحب الجسد القوي، القادر على تحمل الشدائد، وجعل موهبته من العلم والقوة سبباً لترشيحه للملك قال تعالى: “إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ” البقرة 247 “كما وصف الله سبحانه وتعالى كرام أنبيائه بقوله عنهم “أولو العزم من الرسل”.
ولما رأت ابنة شعيب مظاهر القوة عند سيدنا موسى عليه السلام قالت لأبيها، كما جاء في سياق القصة في القرآن الكريم : “يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِين ” القصص 26 “.
وهكذا نرى كيف ربط الإسلام قوة الإيمان بالاهتمام بقوة الأبدان، والغاية من القوة أن تكون الأمة الإسلامية مرهوبة الجانب، منيعة محمية عزيزة كريمة.
وهذا أمرٌ من الله سبحانه وتعالى للأمة الإسلامية في قوله تعالى : “وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ” الأنفال 60 “.
وأول سبيل للقوة ممارسة الرياضة البدنية ،والرياضة في الإسلام موجهة نحو غاية، تهدف إلى القوة، وهي في نظر الشارع وسيلة لتحقيق الصحة والقوة البدنية لأفراد الأمة، وهي مرغوبة بحق عندما تؤدي إلى هذه النتائج على أن تستر فيها العورات وتحترم فيها أوقات الصلاة.
وقد تبنى الإسلام حتى في صلب عباداته ما يشجع على تحقيق أفضل مزاولة للتربية البدنية ، وخير مثال على ذلك ما نرى في أعمال الصلاة والحج. فنحن إذا تمعنا في حركات الصلاة نجد أنها تضمنت تحريك عضلات الجسم ومفاصله، وهي حركات تعتبر من أنسب الرياضات للصغار والكبار، للنساء والرجال، لدرجة أنه لا يستطيع أي خبير من خبراء التدريب الرياضي أن يضع لنا تمريناً واحداً يناسب جميع الأفراد والأجناس والأعمار ويحرك كل أعضاء الجسم في فترة قصيرة، كما تفعل الصلاة وأكدت الدراسات الطبية أن حركات الصلاة من أنفع ما يفيد الذين أجريت لهم عمليات انضغاط الفقرات وتجعلهم يعودون سريعاً إلى أعمالهم .
ونرى في أعمال الحج أيضاً رياضة بدنية عظيمة خلاف ما تحمله من رياضة روحية فأعمال الحج تتوافق مع ما يحتويه نظام الكشافة بحذافيره، ففي رحلة الحج مشي وهرولة وطواف وسعي، وسكنى خيام وتحلل من اللباس الضاغط إلى لباس الإحرام، مما يجعل الحج رحلة رياضية بحق، فهي وإن كانت في أسِّ تشريعها رحلة تسمو بالحاج إلى الأفق الأعلى، فهي في برنامجها رحلة تدريب بدنية تقوي الجسم وتعزز الصحة.
يقول الدكتور يوسف القرضاوى :جاء الإسلام ديناً شاملاً متوازناً، جاء ينظم شؤون الدنيا والآخرة ويعنى بشؤون الفرد والمجتمع ويعنى في شأن الفرد بالروح والجسم والعقل .
فهويريد المسلم القوي في جسمه وعقله وروحه وإيمانه، المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، إذا كان هناك بعض الأديان لا تهتم بالجسم الإنساني، ولا تهتم إلا بالروح، بل بعضها يقوم على تعذيب البدن لتصفو الروح وترقى، جاءت تحرم على الجسد الطيبات من الرزق ومن زينة الله، جاء القرآن يعارض هذه الوجهة ويقول (يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين، قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) من حرّم هذه الزينة وحرّم الطيبات من الرزق على الإنسان.
جاء الإسلام يعنى بالجسم الإنساني وسمع الناس لأول مرة في جو الدين هذه الكلمات النبوية (إن لجسدك عليك حقاً) ومن حق جسدك عليك أن تقويه إذا ضعف، أن تنظفه إذا اتسخ، أن تريحه إذا تعب أن تعالجه إذا مرض، بل أن تقيه ما استطعت من الأمراض، هكذا أراد الإسلام، أن ينشئ أمة قوية، ولا يمكن أن تكون الأمة قوية إلا إذا كان أفرادها أقوياء، فمن الأفراد يتكون المجتمع كما يتكون البناء من اللبنات، أيمكن أن يوجد بنيان قوي من لبنات خاوية ضعيفة؟ لا يمكن، لهذا كان حرص الإسلام على إنشاء الفرد الصالح القوي في كل ناحية من النواحي ومنها الناحية الجسمية .
عناصر التربية الجسمية في الإسلام :
يريد الإسلام أن يربي الإنسان من الناحية الجسمية على ثلاثة عناصر أساسية:
الأول : الصحة والسلامة من الأمراض :
أن يكون الإنسان معافىً في بدنه، كما جاء في الحديث (من أصبح منكم معافى في بدنه آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) عافية البدن أول مقومات الحياة الآمنة الهادئة، وكان النبي يسأل الله العفو والعافية، فيقول (أفضل ما أوتي الإنسان اليقين والعافية) ويدعو الله في قنوته ويقول (وعافني فيمن عافيت) ويقول بين السجدتين، (اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني وارزقني)، طلب العافية، سلوا الله العفو والعافية والمعافاة، في الدين والدنيا والآخرة عافية البدن سلامة البدن .

كيف يتعامل الإسلام مع الطهارة وكيف تتعامل معها أديان أخرى؟
ومن أجل هذا شرع الإسلام النظافة وأوجب الطهارة في الصلاة، طهارة الثوب والبدن والمكان،هذه الطهارة الحسية والطهارة الحكمية أوجبها بالغسل والوضوء.
النظافة فإن الإنسان لا يمكن أن يعافى إذا تعرض للأقذار باستمرار ولم ينظف نفسه ، حتى جاء في الحديث (حق على كل مسلم في كل سبعة أيام يوم يغسل فيه رأسه وجسده ) حق عليه إذا لم تأت الظروف الطبيعية وتسمح له بالغسل من الجنابة أو نحو ذلك فينبغي في كل أسبوع مرة على الأقل، يوم يغسل فيه رأسه وجسمه، 
هذا في الوقت الذي كان الرهبان في العصور الوسطى في أوروبا يتقربون إلى الله بالقذارة وكلما كان أحدهم أقذر ظن أنه إلى الله أقرب، حتى قال بعضهم :
واأسفا كان من قبلنا يعيش أحدهم طول عمره ولا يبل أطرافه بالماء ولكننا وا أسفا أصبحنا في زمن يدخل فيه الناس الحمامات، وإنما دخلوا الحمامات عدوى من المسلمين .
المسلمون في الأندلس كان عندهم في قرطبة مئات الحمامات وهؤلاء ما كانوا يعرفون هذا ، يقولون أصبحنا في زمن يدخل فيه الناس الحمامات.
 
حق الإنسان من ناحية تكوينه البدني الصحيح
أن ينظف جسمه وأن يبتعد عن كل ما يجلب عليه الأمراض، البول، الماء الراكد، البول في الطريق ، في موارد الماء ، الأشياء التي تجلب على الناس الأمراض المعدية، الإسلام اعتبرها من اللواعن، اللواعن الثلاث التي تجلب لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، جاء الإسلام يعلّم الإنسان المسلم الذوق الراقي، الإنسان لا ينبغي أن يبول في الطريق أو في موارد المياه أو في الظل أو نحو ذلك، فهو يحافظ على صحته ويعلمه الذوق، ويعلمه المروءة والترفع والرقي من ناحية أخرى.
حرم الإسلام على المسلم أن يشرب المسكرات أو يتناول المخدرات وقد نهى النبي من كل مسكر ومخدر، بل نهى عن كل ما يضر بالبدن، )ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة، لا ضرر ولا ضرار، لا تضر نفسك ولا تضار غيرك، ومن هنا حُرّم التدخين لأن الإنسان يضر نفسه بنفسه، يشتري ضرره بفلوسه.

و ينبغي للإنسان أن يحافظ على نفسه، لا ينبغي أن يسهر طويلاً فيضني نفسه ويصبح في الصباح متعباً مكدوداً مهدوداً، حتى لو كان هذا السهر في الطاعة والعبادة.

النبي قال للصحابة الذين أتعبوا أنفسهم في عبادة الله إن لبدنك عليك حقاً، أي في الراحة،وإن لعينك عليك حقاً أي في النوم، وإن لأهلك عليك حقاً ، أي في المؤانسة والإمتاع، وإن لزورك عليك حقاً، أي في الضيافة والإكرام، على الإنسان أن يعطي كل ذي حق حقه.

إذن يجب على الإنسان أن يحافظ على جسمه، المحافظة على صحة الجسم وعافيته وسلامته، هذا هو العنصر الأول الذي جاء به الإسلام.
العنصر الثاني هو المرونة والقدرة على الحركة والسرعة:
أن يكون الإنسان مرن متحرك قادر على أداء الواجبات الدينية والدنيوية، فالإسلام أوجب علينا واجبات دينية ودنيوية منها الصلوات الخمس يصليها الإنسان ما استطاع في المسجد يغالب الكسل، ويغالب الهوى، ويذهب إلى المسجد ويصلي، هذه تحتاج إلى قوة جسمية، الحج الإنسان في الحج كأنما هو كشاف أو جوال يبيت كيفما اتفق ويمشي كيفما اتفق، يحتاج إلى قوة جسمية، واجباته الدنيوية السعي على المعيشة السعي على عياله، يحتاج إلى قوة.
فلابد أن يكون الإنسان قوياً قادراً على الحركة، الجهاد إذا اعتدي على دينه أو على أرضه أو عرضه، يجب أن يدافع، كيف يدافع الإنسان الضعيف؟؟
لابد أن يكون الإنسان قوياً (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ) ومن القوة التي يجب أن تعد قوة الأجسام، ولهذا كان النبي قوي الجسم صارع رجلاً عرف بالمصارعة فصرعه، وكان يركب الفرس ليس عليه سرج، ولا لجام وكان الصحابة فيهم العداؤون والراكبون وكلهم يتقنون فن الفروسية ،ركوب الخيل ورمي السهام، كانوا يلعبون بهذا، ألعابهم فروسية يعدوًن أنفسهم للجهاد .
هذه أمة القوة الحقيقية :هذه الأمة، أمة القوة الحقيقية، لم يكن الصحابة مثل هؤلاء المتزينين المتماوتين، رأى سيدنا عمر رجلاً متماوتاً في صلاته فقال له يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع في القلوب، ليس الخشوع في الرقاب، أي لا تحني رقبتك ورأسك، ارفع رأسك.
ورأت إحدى الصحابيات بعض الشباب يمشون متهاونين متهالكين متماوتين فسألت من هؤلاء؟ فقالوا هؤلاء نساك أي عباد، قالت كان عمر إذا مشى أسرع وإذا تكلم أسمع وإذا ضرب أوجع وكان هو الناسك حقاً، كان قوياً في كلامه ومشيه وحركته وهؤلاء ليسوا نساكاً، الناسك هو عمر، وعمر كان يمثل القوة.
ومن هنا يشرع الإسلام الرياضات، كل الرياضات التي تقوي الجسم مشروعة ، وجاء عن عمر (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل )
الإسلام لا يرفض الرياضة ولكن يرفض المبالغة : في عصرنا وجدت رياضات وأصبحت الرياضة علماً وفناً وأصبح هناك معاهد للرياضة، معاهد متوسطة ومعاهد عالية تعلّم الناس كيف يروّضون أنفسهم، خصوصاً في عصرنا بعد أن أصبح الناس لا يكادون يمشون، كان الناس في الزمن الماضي يمشون ليقضوا حاجاتهم أميالاً وأميال.
الناس الآن يركبون لأي غرض، فهم محتاجون إلى تمرينات رياضية تقوي أجسامهم، الإسلام لا يرفض هذا، أي لعبة من اللعب بشرط عدم المبالغة، المبالغة تفسد الأمور كلها، إذا زاد الشيء عن حده انعكس إلى ضده، لا بأس أن يلعب الناس كرة القدم أو كرة الطائرة أو كرة السلة أو كرة التنس، لا مانع، لكن لا أن ينقسم الناس بعضهم على بعض ويتحزبّوا هذا فريق ضد فريق وتصبح الكرة وثناً يعبد، هذا مالا ينبغي.
الرياضة ليست خاصة بالرجال:
يمكن للنساء أن يلعبن الرياضة، ولكن بضوابط شرعية وقواعد مرعية ، إن أردنا أن نعلم المرأة الرياضة لابد أن يكون ذلك في نواد خاصة بها.
المرأة القوية مطلوبة في الإسلام :
لم تعد المرأة السمينة المترهلة هي المرأة المطلوبة في عصرنا وليست هي المطلوبة في الإسلام، المرأة القوية الجسم القادرة على خدمة بيتها وزوجها وأولادها ومجتمعها وخدمة دينها عند اللزوم،وأين من الصحابيات ومن أمهات المؤمنين في بعض الغزوات من شاركن في الغزوات، شاركن بخدمة المقاتلين بإسعاف الجرحى وسقاية المقاتلين ومن شاركن بالقتال. كانت أم عمارة نسيبة بنت كعب و أم سليم،الرميصاء وأمثالهن من الصحابيات يقاتلن في غزوة أحد.
ونظر النبي إلى نسيبة بنت كعب وهي تقاتل فدعا لها وقال اللهم اجعلها وزوجها وأولادها رفاقي في الجنة .
ومن هنا ينبغي أن يمارس أنواعاً من الرياضة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.

هذا هو العنصر الثاني.

العنصر الثالث هو الخشونة: 

وهذا خصوصاً بالنسبة للرجال فلابد أن نربي الرجال على الخشونة، الجسم الذي يتحمل المشاق والمصاعب، ليست الحياة كلها ورداً بلا شوك، الحياة وروداً وأشواك، الحياة نسمات وأعاصير الحياة حلو ومر، فلابد أن يؤهل الإنسان نفسه لملاقاة الحياة كما هي، يستطيع أن يجوع عند اللزوم وأن يعطش عند اللزوم، وأن يتحمل الآلام عند اللزوم، لذلك فرض الإسلام الصوم شهراً كل سنة ليدرب المسلم على أن يجوع ويعطش، قد تقتضيه سنن الحياة هذا رغماً عنه، فلابد للإنسان أن يتحمل وأن يتدرب على الخشونة، كما جاء عن عمر(اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم) فدوام الحال من المحال، قد يتغير الحال ويتغير الزمان والدهر قلبّ، وتلك الأيام نداولها بين الناس، فمن عاش طول عمره على الرفاهية وعلى التنعم لا يستطيع أن يواجه الحياة إذا تغيرت إنما يواجهها إذا عوّد نفسه الخشونة وركوب المصاعب.

هذه هي العناصر الثلاثة التي يريدها الإسلام لتربية الجسم البشري، جسم الإنسان المسلم، فهو أمر لابد منه لتكوين الشخصية المسلمة، الشخصية المسلمة جسم قوي وعقل قوي وروح قوية، هذه هي معالم الشخصية التي يريدها الإسلام .
كيف تكون قوي الجسم ؟
انطلاقًا من حديث رسول الله “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”، فالمؤمن يحتاج لقوة جسمه كي يقوم بالتكاليف الشرعية وعمارة الأرض، ولكي تحوز قوة الجسم لابد من عدة أمور:
-1 أن يتغذى الغذاء المتوازن المفيد الذي يحتوي على المجموعات الغذائية ممثلة بالكربوهيدرات والبروتينات ويحرص على الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن ولا يعتمد في طعامه على الوجبات الجاهزة ويكثر من تناول الفاكهة الطازجة ويتجنب الدهون .
2- إحسان التعامل مع الجسم وتوفير الاحتياجات اللازمة لقوته دونما إفراط أو تفريط.. “… ولكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني”.
3- اكتشاف المهارات والطاقات التي أودعها الله – تعالى – في أجسادنا وتنميتها “ألا إن القوة الرمي”، “علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل” كل منا يملك مهارة وطاقة أودعها الله فيه وكفله الاستفادة منها .
وقدأجازالنبي يوم أحد رافع بن خديج وكان صغير السن لما قيل له : إنه رامٍ، فبلغ ذلك سمرة بن جندب فذهب إلى زوج أمه مري بن سنان بن ثعلبة عم أبي سعيد الخدري وهو الذي ربى سمرة في حجره يبكي, وقال له: يا أبت أجاز رسول الله رافعًا وردني، وأنا أصرع رافعًا، فرجع زوج أمه هذا إلى النبي ، فالتفت النبي إلى رافع وسمرة فقال لهما: «تصارعا» فصرع سمرة رافعًا فأجازه كما أجاز رافعًا، وجعلهما من جنده.

ونلحظ أن رسول الله أجاز رافعًا وسمرة لامتياز عسكري امتازا به على أقرانهما, ورد صغار السن خشية ألا يكون لهم صبر على ضرب السيوف، ورمي السهام، وطعن الرماح، فيفروا من المعركة إذا حمي الوطيس، فيحدث فرارهم خلخلة في صفوف المسلمين.
ونلحظ أن المجتمع الإسلامي يضج بالحركة ، ويسعى للشهادة شيبًا، وشبابًا، وحتى الصبيان يقبلون على الموت ببسالة، ورغبة في الشهادة، تبعث على الدهشة، دون أن يجبرهم قانون التجنيد، أو تدفع بهم قيادة إلى ميدان القتال، وهذا يدل على أثر المنهج النبوي الكريم في تربية شرائح الأمة المتعددة على حب الآخرة والترفع عن أمور الدنيا.
4- صيانة الجسم والإسراع بمعالجة ومداوة أي خلل يصيبه، ويحسن في هذا العصر الذي نحياه مع كثرة الملوثات التي تُحيط بالإنسان أن يُجري كشفًا دوريًا عامًا على بدنه ليكتشف أي علة أو مرض قبل أن يتمكن من الجسم والأعضاء والمسارعة بعلاجه؛ “ما خلق الله من داء إلا خلق له الدواء فتداووا”.
-5أن يمارس الرياضة مثل الألعاب الجماعية أو حتى الألعاب القتالية الفردية وغيرها والذي لا يلعب الرياضة فعليه أن يضع له برنامجا يوميا يحتوي على المشي الجدّي لمدة ساعة مثلا وتمارين الإحماء لمدة ربع ساعة يومياً .
-6 وعليه أن يتخلّص من العادات الصحية السيئة ممثلة بالتدخين وغيره،وكثرة شرب المنبهات .

تعليق واحد


  • حمزة

    كلام راق و مقنع زادني إيمان و حبا بالإسلام ، الإسلام دين قوة بارك الله فيك ❤️


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 241 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم

جديد الموقع