فقه الصلاة 35- آداب المشي إلى الصلاة في الجماعة

تاريخ الإضافة 9 يونيو, 2023 الزيارات : 746

آداب المشي إلى الصلاة في الجماعة

1- أن يتوَضأ في بيته ويسبغ الوضوء؛ لحديث ابن مسعود – رضي الله عنه-: ”ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة“ رواه مسلم
2- أن يبتعد عن الروائح الكريهة؛ لحديث جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته“.

وفي لفظ لمسلم: ”فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس“. وفي لفظ لمسلم: ”من أكل البصل والثوم والكراث، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم“.

حكم من يأتي المسجد وفي فمه رائحة السجائر:

هذه الأحاديث تدل على ضرورة احترام المساجد واحترام العبادات بتجنيبها الروائح المستكرهة، وكذلك احترام المصلين واحترام الملائكة عن الأقذار وعما يستنكر أو تكره رائحته.

بل طبق صلى الله عليه وسلم ذلك النهي عملياً، حيث دخل ذات يوم المسجد النبوي فشم من أحدهم رائحة الثوم فأمر بإخراجه من المسجد، إلى البقيع -إلى المقابر- كأنه يشير بهذا التنفيذ العملي، أن المسلم الذي يحضر مساجد المسلمين وهو يحمل في فمه رائحة كريهة يؤذي المصلين، فلا يليق أن يعيش مع المصلين، بل ولا مع الأحياء الذين خارج المسجد، بل عليه أن يعيش مع الأموات في المقابر.

ورغم أن الأطباء اليوم يذكرون من منافع البصل والثوم الشئ الكثير ، فعلى العكس من ذلك؛ فهم يذكرون من أضرار الدخان أمراضا عدة أخطرها السرطان.
ونحن نرى المدخنين يعتادون السيجارة رغم أذيتها للأسنان والفم والرئتين ، حتى سماها بعضهم ” مسواك إبليس “.

فبدلا من أن يستاك المدخن عند كل صلاه أصبح يدخن سيجارة قبل الدخول إلى المسجد
نسأل الله أن يهدي هؤلاء إلى ترك كل مضر بصحتهم ومؤذٍ لعباد الله.

ومن هؤلاء مثلاً عمال بعض المهن الشاقة والتي يتعرّق أصاحبها كثيراً؛ ثم يأتي الواحد منهم مع ما به من عرق وروائح مؤذية إلى الصلاة، فيؤذي برائحة عرقه كثيراً، أو يؤذي برائحة مهنته إن كان من أصحاب تلك المهن، كروائح الزيوت والشحم لدى العاملين في الورش ،فالأولى بهؤلاء عدم صلاتهم في المسجد إلا إذا خصص ثيابا للصلاة والله المستعان.

وقد تكون الروائح الكريهة ليست ناجمة عن تهاون في النظافة، وإنما نتيجة عن التجمل والتزين ، فقد يستخدم بعض الناس دهون وأطياب ذات روائح نفاذة جداً، يؤذي شمها بعض المصلين وقد تؤدي بأحدهم إلى القيء.

أو يحرص البعض على لبس الجوارب، ، مع نسيان نظافتها، وبالتالي تنبعث منها روائح تصدع الرؤوس وتزكم الأنوف وتقزز النفوس، ويا ويلك إن سجدت وأمامك أحد هذه الجوارب تدمع عينك من الرائحة الكريهة !!!

ولقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته على النظافة، والعناية بالمظهر، لما في ذلك من تحقيق التحاب والتآلف، التواد بين المسلمين، فإن المظهر الحسن والريح الطيبة تحبذها النفس طبيعة. والريح الكريهة تبغضها وبالتالي تبغض صاحبها ولاشك، وعلى الرغم من شدة العيش التي كانت في عهده -صلى الله عليه وسلم- إلا أنه لم يكن – صلى الله عليه وسلم- وهو المبلغ لأمته- أن يسكت عن هذه المسألة دون أن ينبه عليها، ويترك الناس يؤذي بعضهم بعضاً، ويقع التدابر والتشاحن والتباغض بينهم، فقد أخرج أبو داوود والحاكم والبيهقي عن عكرمة:”

أن ناساً من أهل العراق جاؤوا فقالوا: يا ابن عباس، أترى الغسل يوم الجمعة واجباً؟ قال: لا، ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل، ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب، وسأخبركم كيف بدأ الغسل:

كان الناس مجهودين يلبسون الصوف، ويعملون على ظهورهم، وكان مسجدهم ضيقاً مقارب السقف، إنما هو عريش، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم حار، وعرق الناس في ذلك الصوف، حتى ثارت منهم رياح، آذى بعضهم بعضاً، فلما وجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تلك الريح قال:

(أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس أحدكم أفضل مما يجد من دهنه وطيبه) قال ابن عباس: ثم جاء الله -تعالى- بالخير، ولبسوا غير الصوف، وكفوا العمل، ووسع مسجدهم، وذهب بعض الذي كان يؤذي بعضهم بعضاً من العرق).

وهذا يدلنا على التشديد والتأكيد على الاهتمام بالنظافة، وأهمية ظهور المسلم بالمظهر الجميل واللائق، و البعد عن كل ما يؤذي المسلم والحرص على أن تدوم روح الاجتماع والألفة، وإزالة الروائح الكريهة المؤذية للمصلين بل وللملائكة، الذين يحضرون أماكن العبادة والذكر، لأنه لا يمكن لأحد أن يدخل في جماعة ويتآلف معها إلا إذا قدر أفرادها، واحترم مشاعرهم، وأحب ما يحبون، وكره ما يكرهون…

مسألة: هل أكل الثوم والبصل وما يقاس عليه يعتبر عذراً في التخلف عن الجماعة؟
إذا أكل الإنسان من الثوم والبصل فيكره له الحضور في المسجد، ولا إثم عليه إذا كان لعذر، ولا يتخذ ذلك عادة، أما إذا أكل لقصد أن يكون له عذر عن التخلف عن صلاة الجماعة فهو محروم من الخير وآثم (عند من يرى وجوب صلاة الجماعة )، وعلى المسلم أن يتحرى الأوقات التي يأكل فيها الثوم والبصل حتى لا يتعارض ذلك مع وقت ذهابه للمسجد، أو يستعمل المواد المزيلة لرائحة الثوم كغسل الأسنان والفم بمعجون الأسنان.

3- يأخذ زينته ويتجمل ويتعطر ؛ لقول الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [سورة الأعراف، الآية: 31]؛ ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ”إن الله جميل يحب الجمال“رواه مسلم

4- لا يشبك بين أصابعه في المسجد ولا في صلاته؛ لحديث كعب بن عجرة – رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإنه في صلاة“صححه الألباني في صحيح الترمذي

وتشبيك الأصابع له ثلاث حالات:
الحالة الأولى:
في الصلاة، فيكره التشبيك فيها لما روي عن كعب بن عجرة – رضي الله عنه -: (أنّ رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم – رأى رجلاً قد شبّك أصابعه في الصّلاة ففرّج رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم – بين أصابعه )

الحالة الثانية:
تشبيكها في المسجد في غير الصلاة، وفي انتظارها أي حيث جلس ينتظرها، فيكره التّشبيك حينئذ، لأنّ انتظار الصّلاة هو في حكم الصّلاة لحديث: (لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصّلاةُ تَحْبِسُه)

الحالة الثالثة:
تشبيكها بعد الصلاة وفيها أحاديث صحيحة منها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِحْدَى صَلَاتَيْ الْعَشِيِّ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، وَقَامَ إِلَى خَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ، وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ الْعُلْيَا فِي السُّفْلَى وَاضِعًا، وَقَامَ كَأَنَّهُ غَضْبَانُ … ) الخ الحديث
؛ فهذا يدل على أن تشبيك الأصابع بعد الصلاة لا بأس به؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – شبك بين الأصابع ظاناً أن الصلاة قد انتهت.

قال الحافظ ابن حجر عن الجمع بين هذه الأحاديث وأحاديث النهي: “وَجَمَعَ الإِسْمَاعِيلِيّ بِأَنَّ النَّهْيَ مُقَيَّد بِمَا إِذَا كَانَ فِي الصَّلاةِ أَوْ قَاصِدًا لَهَا، إِذْ مُنْتَظِر الصَّلاةِ فِي حُكْمِ الْمُصَلِّي، ثم قال الحافظ: وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا النَّهْي عَنْ ذَلِكَ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ ضَعِيفَة كَمَا قَدَّمْنَا”.

والخلاصة :
أن تشبيك الأصابع مكروه لمن خرج إلى الصلاة حتى يفرغ من الصلاة، وأن الجالس في المسجد لا حرج عليه في تشبيك أصابعه إلا إذا كان ينتظر الصلاة فيكره له تشبيكها، أما التشبيك خارج المسجد وخارج الصلاة فلا بأس به، ومما يدل على ذلك: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – شبك بين أصابعه كما في الحديث الصحيح لما قال: (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، وشبك بين أصابعه عليه الصلاة والسلام)
.
الحكمة من النهي عن تشبيك الأصابع:
وقد اختلف في الحكمة في النّهي عن التّشبيك في المسجد:
– إنّ النّهي عنه لما فيه من العبث
– لما فيه من التّشبّه بالشّيطان
-أنّه يجلب النّوم، والنّوم من مظانّ الحدث

5- يمشي وعليه السكينة والوقار؛ لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا“. وفي لفظ: ”إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، وأتوها تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا“متفق عليه

6- يقدم رجله اليمنى عند دخول المسجد ويقول: “أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم” فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ مني سائر اليوم) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود

وصح أيضا أن يقول :بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك؛ لحديث أبي أسيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك“ رواه مسلم

ويقدم رجله اليمنى عند الدخول للمسجد ،واليسرى عند الخروج ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله: في طهوره، وترجله، وتنعله.

وكان ابن عمر – رضي الله عنهما- يبدأ برجله اليمنى فإذا خرج بدأ برجله اليسرى

وقال أنس – رضي الله عنه-: “من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى وإذا
خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ) رواه الحاكم وصححه

وإنما شرعت الصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عند دخول المصلي المسجد وعند خروجه لأنه السبب في دخوله المسجد ووصوله الخير العظيم فينبغي أن يذكره بالخير

وتخصيص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج لأن الدخول وضع لتحصيل الرحمة والمغفرة وخارج المسجد هو محل الطلب للرزق وهوالمراد بالفضل .

7- استحباب الصلاة في المسجد الأبعد والكثير الجمع :

يستحب الصلاة في المسجد الأبعد الذي يجتمع فيه العدد الكثير ، لما رواه مسلم عن أبي موسى قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أعظم الناس في الصلاة أجرا أبعدهم إليها ممشى ) .

ولما رواه عن جابر قال : خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد ) ؟ ! قالوا : نعم يا رسول الله قد أردنا ذلك . فقال : ( يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم ) .

 

وعن أبي بن كعب قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده. وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى ) رواه أحمد

 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 354 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم