حدث قبل الإسراء
رحلة الطائف دروس وعبر
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقتدي بالأنبياء والمرسلين الذين سبقوه في الدعوة إلى الله، وكان يواصل الدعوة ليلا ونهارا، ويطرق كل الأبواب ويبذل كل الجهد، ويسلك كل السبل التي تكون سببا في هداية الناس إلى صراط الله المستقيم.
وها هو عليه الصلاة والسلام ينتقل إلى الطائف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى لإيجاد مركز جديد للدعوة، وطلب النصرة من ثقيف.
وسوف تنتظم الخطبة في العناصر التالية:
أولا / لماذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم الطائف؟
ثانيا / شكوى النبي إلى ربه.
ثالثا/ قصة إسلام عداس.
رابعا/ صدق من سمّاك الرؤوف الرحيم.
خامسا/إسلام الجن.
سادسا/ عودة النبي إلى مكة.
سابعا/ الدروس والعبر من رحلة الطائف
أولا / لماذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم الطائف؟
كانت الطائف تمثل العمق الاستراتيجي لملأ قريش، وقد كان كثير من أغنياء مكة يملكون الأملاك في الطائف؛ ويقضون فيها فصل الصيف، فإذا اتجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الطائف فذلك توجه مدروس، وإذا استطاع أن يجد له فيها موضع قدم، وعصبة تناصره، فإن ذلك سيفزع قريشًا، ويهدد أمنها ومصالحها الاقتصادية تهديدًا مباشرًا.
وهذا التحرك الدعوي السياسي، الذي يقوم به الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على حرصه في الأخذ بالأسباب لإيجاد قوة جديدة، تطرح نفسها داخل حلبة الصراع؛ لأن تأسيس الدولة وإيجاد القوة التي لها وجودها، من الوسائل المهمة في تبليغ دعوة الله إلى الناس.
اتجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مباشرة حينما دخل الطائف، إلى بني عمرو بن عمير وهم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم، وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل بن عمرو، ومسعود بن عمرو، وحبيب بن عمرو غير أنهم كانوا شديدي الحذر وكثيري التخوف، فلم يستجيبوا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم بل بالغوا في السفه وسوء الأدب معه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، وقد يئس من خير ثقيف وقال لهم: «إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني ) وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه ما حدث له فيشددون وطأتهم عليه هو وأصحابه ويشمتون بهم.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يود أن تتم اتصالاته تلك في جو من السرية، وألا تنكشف تحركاته لقومه؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم كثيرا بجوانب الحيطة والحذر فقد:
- كان خروجه من مكة على الأقدام، حتى لا تظن قريش أنه ينوي الخروج من مكة؛ لأنه لو خرج راكبًا فذلك مما يثير الشبهة والشكوك، وأنه ينوي الخروج والسفر إلى جهة ما، مما قد يعرضه للمنع من الخروج من مكة دون اعتراض من أحد.
- واختيار الرسول صلى الله عليه وسلم زيدًا كي يرافقه في رحلته فيه جوانب أمنية، فزيد هو ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتبني، فإذا رآه معه أحد، لا يثير ذلك أي نوع من الشك لقوة الصلة بينهما، كما أنه صلى الله عليه وسلم عرف زيدًا عن قرب.
- وعندما كان رد زعماء الطائف ردًا قبيحًا مشوبًا بالاستهزاء والسخرية، تحمله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يغضب أو يثُر، بل طلب منهم أن يكتموا عنه، فهذا تصرف غاية في الحيطة، فإذا علمت قريش بهذا الاتصال فإنها لا تسخر منه فحسب، بل ربما شددت عليه في العذاب والاضطهاد، وحاولت رصد تحركاته داخل وخارج مكة.
ثانيا / شكوى النبي إلى ربه:
كان بنو عمرو لئامًا فلم يكتموا خبر الرسول صلى الله عليه وسلم بل أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويرمون بالحجارة، حتى دمت عقباه وتلطخت نعلاه، وسال دمه الزكي على أرض الطائف، وما زالوا به وبغلامه زيد بن حارثة حتى ألجأوهما إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة، وهما فيه، فعمد إلى ظل شجرة من عنب، فجلس فيه هو وصاحبه زيد، ليستريحا من عنائهما، وما أصابهما، وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف، ولم يحركا ساكنًا.
وفي هذه الغمرة من الأسى والحزن، والآلام النفسية والجسمانية توجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه بهذا الدعاء الذي يفيض إيمانًا ويقينًا، ورضى: «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك لك العتبى([1])حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله([2]).
ثالثا/ قصة إسلام عداس:
فلما رآه عتبة وشيبة رقَّا له، ودعوا غلامًا لهما نصرانيًّا يقال له: عدَّاس، فقالا له: خذ قطفا من هذا العنب، فضعه في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل، فقل له يأكل منه، ففعل عدَّاس، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له: كل.
فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده، قال: «باسم الله» ثم أكل، فنظر عدَّاس في وجهه، ثم قال: والله إن هذا الكلام، ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟» قال: نصراني وأنا رجل من أهل نينوى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى» فقال له عدَّاس: وما يدريك ما يونس بن متى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك أخي، كان نبيا وأنا نبي»، فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه، قال: يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه، أما غلامك فقد أفسده عليك، فلما جاءهما عداس قالا له: ويلك يا عداس! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟ قال: يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي، قالا له: ويحك يا عدَّاس، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه.
رابعا/ صدق من سمّاك الرؤوف الرحيم:
كانت رحمته وشفقته العظيمة هي التي تغلب في المواقف العصيبة التي تبلغ فيها المعاناة أشد مراحلها، وتضغط بعنف على النفس لتشتد وتقسو، وعلى الصدر ليضيق ويتبرم، ومع ذلك تبقى نفسه الكبيرة ورحمته العظيمة هي الغالبة.
فعن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كُلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ([3])فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشركُ به شيئًا .
كانت إصابته صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبلغ من الناحية الجسمية، أما من الناحية النفسية، فإن إصابته يوم الطائف أبلغ وأشد؛ لأن فيها إرهاقًا كبيرًا لنفسه ومعاناة فكرية شديدة جعلته يستغرق في التفكير من الطائف إلى قرن الثعالب.
خامسا/ إسلام الجن:
لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف راجعًا إلى مكة حين يئس من خبر ثقيف، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تعالى، وكانوا سبعة نفر من جن أهل نصيبين([4])، فاستمعوا لتلاوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته، ولَّوا إلى قومهم منذرين، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا فقص الله تعالى خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ( وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الأحقاف: 29-30].
هبط هؤلاء الجن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: ( أَنْصِتُوا ).
هذه الدعوة التي رفضها المشركون بالطائف تنتقل إلى عالم آخر هو عالم الجن، فتلقوا دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ومضوا بها إلى قومهم، كما مضى بها أبو ذر الغفاري إلى قومه، والطفيل بن عمرو إلى قومه، وضماد الأزدي إلى قومه، فأصبح في عالم الجن دعاة يبلغون دعوة الله تعالى: ( يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) [الأحقاف: 31].
وأصبح اسم محمد صلى الله عليه وسلم تهفو إليه قلوب الجن، وليس قلوب المؤمنين من الإنس فقط، وأصبح من الجن حواريون، حملوا راية التوحيد، ووطنوا أنفسهم دعاة إلى الله. وأنزل في حقهم قرآنا يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ` يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ` وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَدًا ` وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللهِ شَطَطًا ……….. ) [الجن: 1-13].
سادسا/ رجوع النبي إلى مكة:
ثم إنه صلى الله عليه وسلم لما انصرف من الطائف، صار إلى حِراء ثم بعث إلى الأخنس بن شريق ليجيره فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال له: إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث إلى المطعم بن عدي -سيد قبيلة بني نوفل بن عبد مناف- بعث إليه رجلاً من خزاعة، «أدخل في جوارك؟» فقال: نعم: ودعا بنيه وقومه فقال: البسوا السلاح وكونوا عند أركان البيت فإني قد أجرت محمدًا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهى إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدي على راحلته، فنادى: يا معشر قريش إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم، فانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه وصلى ركعتين وانصرف إلى بيته، والمطعم بن عدي وولده محدقون بالسلاح حتى دخل بيته.
وقد حفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيع مطعم بن عدي، وعرف مدى الخطورة التي عرض نفسه وولده وقومه لها من أجله، فقال عن أسارى بدر السبعين يوم أسرهم: لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له، ورجع النبي مكة مرة ثانية وقد اجتمعت عليه مرارة الرحلة القاسية والتعب الجسماني والنفسي فأراد الله أن يسري عنه فكانت رحلة الإسراء والمعراج .
سابعا/ الدروس والعبر من رحلة الطائف:
رحلة النبي ﷺ إلى الطائف تعد واحدة من أصعب المواقف التي تعرض لها النبي ﷺ في سيرته، وهي مليئة بالدروس والعبر التي تلهم المسلمين في حياتهم ودعوتهم. فيما يلي أبرز الدروس والعبر:
- الصبر والثبات في الدعوة
النبي ﷺ واجه في الطائف صدودًا قاسيًا وأذى جسديًا ونفسيًا شديدًا، ومع ذلك لم يتخل عن دعوته، يعلّمنا ذلك أهمية الصبر في مواجهة التحديات والصعوبات، خاصة عندما تكون الغاية سامية.
- أهمية البحث عن بدائل وأبواب جديدة
بعد أن لقي معارضة في مكة، حاول النبي ﷺ فتح أبواب جديدة لدعوته بالتوجه إلى الطائف، وهذا يعلّمنا أهمية الاستمرار في البحث عن فرص جديدة وعدم الاستسلام أمام العقبات.
- التوكل على الله والتضرع إليه عند الشدائد:
النبي ﷺ بذل جهده ولاقى ما لاقى من أهل الطائف وهنا يلجأ إلى الله بالدعاء والشكوى، فما أحوجنا للركون إلى الله والتضرع إليه خاصة عند الشدائد، وهذا يظهر أهمية التوكل والاعتماد على الله في أشد الظروف، مع الإيمان بأنه لن يخذل عباده الصالحين.
- إنما أنا رحمة مهداة:
بعد أن عرض عليه ملك الجبال أن يُطبق على أهل مكة الأخشبين (جبلين)، رفض النبي ﷺ وقال: بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا. هذا الموقف يعكس رحمة النبي ﷺ حتى بمن أساؤوا إليه، ورؤيته البعيدة لتحقيق الخير للبشرية.
- الدعوة ليست مرتبطة بالنتائج الآنية:
لم يحقق النبي ﷺ نجاحًا ظاهريًا فوريًا في الطائف، لكن بذرة الدعوة التي زرعها أثمرت فيما بعد عندما دخل كثيرون في الإسلام، ويعلّمنا ذلك أن العمل والإخلاص في الدعوة لا يعتمد على النتائج الفورية، بل على النية والمثابرة.
- القوة الحقيقية في العفو:
عفو النبي ﷺ عن أهل الطائف رغم قدرته على الانتقام مما فعلوه به يبيّن أن العفو من شيم العظماء، فما أسهل الانتقام والتشفي وما أعظم العفو عند المقدرة.
- الأمل رغم المحن:
لم يفقد النبي ﷺ الأمل، وظل يعمل ويجتهد رغم الظروف القاسية، مؤمنًا بأن النصر من عند الله، يعلّمنا ذلك أن الفرج قد يأتي بعد أشد اللحظات صعوبة، وأن المسلم يجب أن يبقى متفائلًا مهما بلغت التحديات.
([2]) ذهب الدكتور العمري إلى تضعيف الحديث في كتابه السيرة النبوية الصحيحة (1/186) وذهب إبراهيم العلي إلى صحته وبين أن للحديث شاهدًا يقويه ولذلك اعتبره صحيحًا وذكره في كتابه صحيح السيرة النبوية، ص136، وذهب الدكتور عبد الرحمن عبد الحميد البر مدرس الحديث وعلومه في جامعة الأزهر أن الحديث بطريقيه قوي مقبول، وخرج طرقه في كتابه الهجرة النبوية المباركة، ص38.
([3]) هو قرن المنازل ميقات أهل نجد ويسمى الآن السيل الكبير.
([4]) نصيبين مدينة تاريخية قديمة تقع حاليًا في جنوب شرق تركيا، قرب الحدود مع سوريا. تُعرف اليوم باسم نُصايبين تقع في ولاية ماردين التركية.