الحرب على غزة في الأشهر الحرم

تاريخ الإضافة 30 يناير, 2024 الزيارات : 28261

الحرب على غزة في الأشهر الحرم

 ما هي الأشهر الحرم؟

شهر رجب من الأشهر الحرم التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم قال تعالى: ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ)[التوبة:36]

فأخبر سبحانه أنه منذ خلق السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا، ومن هذه الأشهر أربعة أشهر حرما، وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فقال : (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ؛ السنة اثنا عشر شهر، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ،ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) رواه البخاري

وكانت العرب تعظم الأشهر الحرم قبل الإسلام فلا تقاتل فيها، وجاء الإسلام وعظم هذه الأشهر وجعل لها مكانة كبيرة بتأكيد تحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو،

وسمي رجب مضر لأنه كانت بنو ربيعة يقصدون الكعبة في رمضان ويسمونه رجب فضبطه النبي بقوله: (ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان) وربيعة ومضر يرجع إليهما أصل كثر من القبائل بالجزيرة العربية.

ما هو النسيء؟

كانوا يحلون المحرم فيستحلون القتال فيه لطول مدة التحريم عليهم بتوالي ثلاثة أشهر محرمة، فكانوا يحلون المحرم مع صفر من عام، ويسمونها صفرين ثم يحرمونهما من عام قابل ويسمونهما محرمين، ثم يدور كذلك التحريم والتحليل والتأخير إلى أن جاء الإسلام ووافق حجة الوداع صار رجوع التحريم إلى محرم الحقيقي، قال تعالى : (إنما النسيء زيادة في الكفريضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ۚ زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين) [التوبة: 37] ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم(إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا) أراد بذلك إبطال ما كانت الجاهلية تفعله من النسيء، كما قال تعالى: (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله) 

وقال مجاهد: كانوا يسقطون المحرم ثم يقولون: صفرين لصفر وربيع الأول وربيع الآخر ثم يقولون: شهرا ربيع، ثم يقولون: لرمضان شعبان، ولشوال رمضان، ولذي القعدة شوال، ولذي الحجة ذو القعدة، على وجه ما ابتدأوا، وللمحرم ذو الحجة فيعدون ما ناسؤوا على مستقبله على وجه ما ابتدأوا.

سرية عبدالله بن جحش الأسدي إلى نخلة

وكانت في رجب 2هـ ،بقيادة عبدالله بن جحش الأسدي ،وكان معه 12رجلا من المهاجرين ، وقد أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم كتاباً ، وأمره ألا يقرأه إلا بعد مسيرة يومين ، وتضمن الكتاب الأمر بالمُضِّي حتى وصول نخلة (مكان بين مكة والطائف )، ثم القيام برصد عيرٍ لقريش ، فساروا حتى بلغوا المكان ، فمرت العير تحمل زبيباً ، وأُدْماً ، وتجارة ، فلحق بها المسلمون حتى أدركوها في آخر يوم من رجب وهو من الأشهر الحرم ، فقتلوا ناساً من القافلة ، ولاذ البعض بالفرار ، وكانت القافلة بالنسبة لهم فرصة كبيرة لأكثر من سبب فهي:

أولاً: ستكون الضربة الأولى لقريش لأن كل الغزوات والسرايا السابقة لم تسفر حقيقة عن أي غنائم أو انتصارات.

ثانيًا:هذه الضربة في عمق الجزيرة العربية بعيدًا جدًا من عقر دار المسلمين، وقريبًا جدًا من عقر دار الكافرين، وهي تحمل جرأة لا تخفي على أحد، وسيكون لها أثر سلبي ضخم على المشركين،

ثالثًا:الحراسة في صحبة القافلة ضعيفة وقليلة وليست إلا أربعة رجال فقط بينما المسلمون عشرة.

رابعًا:المسلمون في هذه السرية من المهاجرين الذين أوذوا إيذاءًا كبيرًا من قريش، بل إن قائدهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه قد سلبت داره شخصيًا حين استولى عليها أبو سفيان بعد هجرة عبد الله بن جحش وباعها لنفسه.

وعادت السرية بالعير وأسيرين إلى المدينة ، فعاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتالهم في الشهر الحرام ، واستغل المشركون الحادثة ، وتحدثوا أن المسلمين قد انتهكوا الأشهر الحرم ، ثم نزل القرآن حاسماً للموقف بأنّ ما يقوم به المشركون من الصد عن دين الله ، وعن المسجد الحرام ، وإيذاء المؤمنين، والشرك بالله، أشد حرمة من القتال في الأشهر الحرم، قال تعالى: { يَسأَلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أَهله منه أَكبر عند اللَّه والفتنة أَكبر من القتل } [البقرة:217]، بعد ذلك أطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراح الأسيرين، ودفع دية المقتول إلى أوليائه.

والمعنى:يسألك الناس – أيها النبي – عن حكم القتال في الأشهر الحرم: ذي القعدة وذي الحجة والمحرم ورجب، قل مجيبًا إياهم: القتال في هذه الأشهر عظيم عند الله ومستنكر، كما أن ما يقوم به المشركون من صد عن سبيل الله مستقبح كذلك، ومنع المؤمنين عن المسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام منه أعظم عند الله من القتال في الشهر الحرام، والشرك الذي هم فيه أعظم من القتل.

حرب غزة في الشهر الحرام:

وهذا الذي نراه الآن في الحرب الوحشية الدائرة في غزة والتي دخلت على مئة يوم الآن أرقام مهولة :

عدد الشهداء يتجاوز الآن 24 ألف شهيد 70% منهم نساء وأطفال، ودمار شامل في القطاع، حيث تبلغ نسبة المباني المدمرة في غزة: 50% من المباني السكنية ،عدد المساجد المتضررة: 142.عدد الكنائس المتضررة: 3.عدد سيارات الإسعاف المتضررة: 121.

عدد الجرحى الفلسطينيين في غزة: ستين ألفا ، وفي الضفة الغربية: أكثر من أربعة آلاف.

عدد الفلسطينيين المهجرين في غزة: 1.9 مليون (85 بالمئة من سكان غزة).

هذا الآلة الطاغية التي تفتك وتدمر – ليل نهار- في كل شيء برا وبحرا وجوا، ثم وقفوا في محكمة العدل الدولية طبعا تعلمون القضية قدمتها حكومة جنوب أفريقيا الآن ، يقول محامو الكيان إن المقاومة هي التي أخطأت، هي التي اعتدت وارتكبت مجزرة في يوم السابع من أكتوبر طيب سلمنا لكم أن هناك مجزرة حدثت في يوم السابع من أكتوبر !!!

ولم يكن قبلها أي شيء هذا الكيان دولة مسالمة أليفة جميلة طيبة تبذل الخير والمعروف والسلام في كل بقعة من بقاع فلسطين ليس هناك أسرى وليس هناك قتلى وليس هناك اعتداء على أطفال وليس هناك إيقاف للناس على المعابر بالساعات ولا حبس المرضى حتى لا يصلوا إلى المستشفيات وليس هناك اعتداء على المسجد الأقصى ولا على المرابطين فيه ولا منع للمصلين ليس هناك حصار على غزه ولا منع للماء والغذاء والدواء ليس هناك ترصد للناس يمينا وشمالا في كل حركاتهم كل هذا غير موجود والمقاومة ارتكبت هذا الذنب الكبير وهو المجزرة يوم أكتوبر!!!

فماذا فعلتم أنتم بداية من يوم الثامن من أكتوبر إلى يومنا هذا كم عدد القتلى كم عدد الشهداء كم عدد الجرحى ماذا فعلوا حينما دخلوا مستشفى الشفاء الذي هو في التاريخ عمره أكبر من عمر الكيان نفسه أخرجوا الأطفال الخدج الأطفال في الحضانات خرجوهم فماتوا جميعا، وخرجوا الناس من العناية المركزة فماتوا جميعا، واضطرالناس تحت الضغط وتهديد السلاح ألا يجدوا مكانا لدفن الشهداء إلا في فناء المستشفى، لأن الرصاص يرصد كل متحرك فتطلق عليه النار.

قالوا للناس هناك ممرات آمنة للنزوح من الشمال إلى الجنوب فترصدوا لهم في الطريق وقتلوهم بالطيران …قالوا لهم اذهبوا إلى مدارس الأونروا التابعة للأمم المتحدة فهاجموها وقتلوهم…هدموا المساجد  وقالوا فيها أسلحة وفيها أنفاق وهدموا الكنائس …

لم يبقوا لا شجر ولا حجر ولا مدر ولا صغير ولا كبير ثم يقفون أمام محكمة العدل الدولية ليبرروا أن كل هذا الإجرام سببه ما حدث يوم السابع من اكتوبر.

نحن يا اخواني أمام مأساة من أكبر المآسي في التاريخ البشري، والآلة العسكرية حينما تكون هي لغة الحوار بين الدول أو بين الامم فإنها آلة طغيان وبغي وفساد وقتل ولا حول ولا قوة الا بالله.

أخلاق الإسلام فى الحرب

يقول الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي عن أخلاق الإسلام فى الحرب :

سياسة الإسلام في الحرب كالسلم ، لا تنفصل عن الأخلاق.

فالحرب لا تعني إلغاء الشرف في الخصومة، والعدل في المعاملة، والإنسانية في القتال وما بعد القتال.

إن الحرب ضرورة تفرضها طبيعة الاجتماع البشري، وطبيعة التدافع الواقع بين البشر الذي ذكره القرآن الكريم بقوله:

(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا)الحج 40

و (لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) البقرة 251

ولكن ضرورة الحرب لا تعني الخضوع لغرائز الغضب والحمية الجاهلية وإشباع نوازع الحقد والقسوة والأنانية.

إذا كان لا بد من الحرب، فلتكن حربا تضبطها الأخلاق، ولا تسيرها الشهوات، لتكن ضد الطغاة والمعتدين لا ضد البرآء والمسالمين.

(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) البقرة190

و (ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام، أن تعتدوا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب).المائدة 3

إذا كان لا بد من الحرب، فلتكن في سبيل الله، وهو السبيل الذي تعلو به كلمة الحق والخير ـ لا في سبيل الطاغوت ـ الذي تعلو به كلمة الشر والباطل، (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا).النساء 76

لتكن من أجل استنقاذ المستضعفين، لا من أجل حماية الأقوياء المتسلطين: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا). النساء75

ولتتقيد الحرب بأخلاق الرحمة والسماحة، ولو كانت مع أشد الأعداء شنآنا للمسلمين، وعتوا عليهم.

وإذا كان كثير من قادة الحروب وفلاسفة القوة، لا يبالون أثناء الحرب بشيء إلا التنكيل بالعدو، وتدميره، وإن أصاب هذا التنكيل من لا ناقة له في الحرب ولا جمل، فإن الإسلام يوصى ألا يقتل إلا من يقاتل، ويحذر من الغدر والتمثيل بالجثث وقطع الأشجار، وهدم المباني، وقتل النساء والأطفال والشيوخ والرهبان المنقطعين للعبادة والمزارعين المنقطعين لحراثة الأرض.

وفي هذا جاءت آيات القرآن الكريم، ووصايا الرسول الكريم، وخلفائه الراشدين، ففي القرآن:

(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين) البقرة 190

وفي السنة كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه إذا توجهوا للقتال بقوله: (اغزوا باسم الله، وفي سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا…) وكذلك كان الخلفاء الراشدون المهديون من بعده يوصون قوادهم: ألا يقتلوا شيخا، ولا صبيا، ولا امرأة، وألا يقطعوا شجرا، ولا يهدموا بناء”.

بل نهوهم أن يتعرضوا للرهبان في صوامعهم، وأن يدعوهم وما فرغوا أنفسهم له من العبادة.

يذكر المؤرخون المسلمون أن الخليفة الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه ـ في المعارك الكبرى التي دارت بين المسلمين والإمبراطوريتين العتيدتين فارس والروم ـ أرسل إليه رأس أحد قادة الأعداء من قلب المعركة إلى المدينة عاصمة الدولة الإسلامية، وكان القائد يظن أنه يسر بذلك الخليفة، ولكن الخليفة غضب لهذه الفعلة لما فيها من المثلة، والمساس بكرامة الإنسان فقالوا له: إنهم يفعلون ذلك برجالنا،

فقال الخليفة في استنكار: آستنان بفارس والروم؟ لا يحمل إلى رأس بعد اليوم!

وبعد أن تضع الحرب أوزارها، يجب ألا ينسى الجانب الإنساني والأخلاقي في معاملة الأسرى وضحايا الحرب.

يقول الله تعالى في وصف الأبرار من عباده: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) [الإنسان :8]

الحروب بين سماحة الإسلام ودموية الغرب

يقول الدكتور راغب السرجاني : لو قمنا بإحصاء عدد الذين ماتوا في كل الحروب النبويَّة -سواء من شهداء المسلمين، أو من قتلى الأعداء- ثم قمنا بتحليل لهذه الأعداد، وربطها بما يحدث في عالمنا المعاصر، لوجدنا عجبًا!

لقد بلغ عدد شهداء المسلمين في كل معاركهم أيام رسول الله -وذلك على مدار عشر سنوات كاملة– 262 شهيدًا تقريبًا

وبلغ عدد قتلى أعدائه حوالي 1022 قتيلاً (1)، وبذلك بلغ العدد الإجمالي لقتلى الفريقين 1284 قتيلاً فقط!

وحتى لا يتعلَّل أحدٌ بأن أعداد الجيوش آنذاك كانت قليلة؛ ولذا جاء عدد القتلى على هذا النحو، فإنني قمتُ بإحصاء عدد الجنود المشتركين في المعارك، ثم قمتُ بحساب نسبة القتلى بالنسبة إلى عدد المقاتلين، فوجدتُ ما أذهلني!

أن نسبة الشهداء من المسلمين إلى الجيوش المسلمة تبلغ 1% فقط

بينما تبلغ نسبة القتلى من أعداء المسلمين بالنسبة إلى أعداد جيوشهم 2%!

وبذلك تكون النسبة المتوسطة لقتلى الفريقين هي 1.5% فقط!

إن هذه النسب الضئيلة في معارك كثيرة -بلغت خمسًا وعشرين أو سبعًا وعشرين غزوة، وثماني وثلاثين سريَّة (2) ، أي أكثر من ثلاث وستِّين معركة- لَمِنْ أصدق الأدلَّة على عدم دمويَّة الحروب في عهد رسول الله .

ولكي تتَّضح الصورة بشكل أكبر وأظهر فقد قمتُ بإحصاء عدد القتلى في الحرب العالميَّة الثانية -كمثال لحروب (الحضارات) الحديثة- فوجدتُ أن نسبة القتلى في هذه الحرب الحضاريَّة بلغت 351%!!!

فالأرقام لا تكذب؛ فقد شارك في الحرب العالمية الثانية 15.600.000 جندي (خمسة عشر مليونًا وستمائة ألف)، ومع ذلك فعدد القتلى بلغ 54.800.000 قتيل (أربعة وخمسين مليونًا وثمانمائة ألف)!! أي أكثر من ثلاثة أضعاف الجيوش المشاركة!

وتفسير هذه الزيادة هو أن الجيوش المشاركة جميعًا -وبلا استثناء- كانت تقوم بحروب إبادة للمدنيين، وكانت تُسْقِطُ الآلاف من الأطنان من المتفجِّرات على المدن والقرى الآمنة؛ فتُبيد البشر، وتُفني النوع الإنساني، فضلاً عن تدمير البِنَى التحتيَّة، وتخريب الاقتصاد، وتشريد الشعوب! لقد كانت كارثة إنسانيَّة بكل المقاييس.

التوراة المحرفة تأمرهم بذلك :

اقرأوا معي لهذا النص الذي نقلته لكم من التوراة (المحرفة) وكيف يتعاملون مع غيرهم في القتال، والنص من سفر التثنية (20-10):” حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح فان أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك، وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها ، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك)

بهذا الشكل الذي يدعو الى سفك دماء الجميع واستعباد الجميع وانهاك كل معالم لحياة او مدنية في الارض ولا حول ولا قوة الا بالله!!!

إن أخطر شيء أن يكون الطغيان باسم الدين وأن يكون الاعتداء وسفك الدماء باسم الدين وهذا كله كذب على الله- سبحانه وتعالى- فالله بين في كتابه( والله لا يحب الفساد) و (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)

 فنحن نعيش في هذه الفترة العصيبة من تاريخ العالم هذا الواقع المرير وهذه الحرب التي تجري تحت سمع وبصر العالم ويسمع فيها أنات المرضى والجرحى والاطفال والصغار ويسمع فيها بكاء المكلومين من الأمهات ويسمع فيها زخات الرصاص الذي ينصب والصواريخ التي تنصب على المدنيين الأبرياء ثم بعد ذلك نجد من يدعي ان هذا كله حق لهذا الكيان الغاصب الغاشم الذي لا يرقب في صغير ولا كبير إلا ولا ذمة.

فالذي يحدث الآن في محكمة العدل الدولية خطوة غير مسبوقة ووسيلة من وسائل الضغط على هذا الكيان لإيقاف هذا العدوان الوحشي والهمجي وحتى يكون العالم على بينة وبصيرة من هذا الذي يحدث.

ولذلك أوصيكم بمتابعة الأحداث والمرافعات وانظروا كيف يفكر الطرف الآخر وكيف يحاول أن يظهر بصورة البريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب في هذه الحرب العجيبة التي نتابعها لحظة بلحظة.

أردت أن أوضح لكم من هذه المقارنة السريعة كيف تكون الحروب وأخلاق الحروب في الإسلام .

نسال الله العظيم الكريم جل وعلا أن يجعل لاخواننا بغزة فرجا قريبا وأن ينزل عليهم سكينته وأن يشملهم بلطفه وعفوه وكرمه اللهم آمين


(1)يقول الدكتور راغب السرجاني: اعتمدتُ في حصر الأرقام على ما ورد أوَّلاً في كتب الصحاح والسنن والمسانيد، ثم على روايات كتب السيرة بعد توثيقها، كسيرة ابن هشام، وعيون الأثر، وزاد المعاد، والسيرة النبوية لابن كثير، وتاريخ الطبري، وغيرهم.

(2)ابن كثير: السيرة النبوية 4/432، ابن قيم الجوزية: زاد المعاد 1/125، وابن حزم: جوامع السيرة 1/16.

تعليق واحد



اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 31 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع