هل يصل رحمه من الشيعة ؟
إذا كان للإنسان قريب ممن يوجب فيه صلة الرحم و كان هذا القريب من الروافض و لا يترك مناسبة إلا و سب فيها صحابة رسول الله رضوان الله عليهم و طعن في أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ناهيك عن بدع الشرك الذي يدعو إليها من التوسل إلى السيدة فاطمة و دعائها و قد تم نصحه عدة مرات ولكن يرى أن التشيع هو الحق و الباقي على ضلال فهل يجوز قطع صلة الرحم مع هذا الشخص؟
التعامل مع الشيعة يختلف باختلاف حال بِدْعَتِهِم العَقَدِيَّة، فإن كانت بدعةً مُكَفِّرَة، كالغُلُوِّ في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ودعائهم، والاستغاثةِ بهم، وطلبِهم المددَ، أو أن القرآن قد انتقص منه شيءٌ، أو اعتقاد أنهم يعلمون الغيب، أو تكفيرهم لجمهور الصحابة؛ الذي يلزم منه ردّ الشرع، وغيرِه مما يُوجِبُ خروجَهم من الإسلام – فإنهم حينئذ ليسوا مسلمين بل يجب البراءة منهم، حتى يؤمنوا بالله وحده، ويتركوا بدعهم.
وأما إن كانت بدعتُهم مُفَسِّقَةً، فهؤلاء يُنْظَرُ في أمرهم: – فإن كانوا ممن يَدْعُونَ إلى بدعتهم، فالأَوْلَى هَجْرُهُمْ لمن يَخْشَى على نفسه التَّأَثُّرَ بهم؛ حفاظًا على دينه وعقيدته، وكذلك لمن يعجز عن الرد عليهم وعلى شُبَهِهِم؛ وأما من يستطيع الردَّ عليهم، فهذا يتعين عليه الإنكار حسب الاستطاعة؛ استجابةً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان” (رواه مسلم)، ثم القيام بالتناصح والتواصي معهم بالحق والصبر، وتوجيههم إلى السُّنَّة، وتحذيرهم من البدع والمعاصي، وعليه أن يتوخى في ذلك الحكمة والجدل بالحسنى عند الحاجة؛ عملاً بقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125]، فإن استقاموا وقبلوا النصيحة، فالحمد لله، وأما إن تَعَصَّبوا، وكابروا، وأَصَرُّوا على البدع، فهؤلاء يُشْرَعُ هَجْرُهم، ومقاطعتهم، وترك السلام عليهم،
ولْيَعلمْ السائلُ الكريم: أن كل ما ذكرناه من وسائل وضوابط لهجر المبتدع – يدور مع المصلحة وجوداً وعدماً، فإذا كانت المصلحة في هجره، وظُنَّ أن ذلك سيرجعهم عن بدعتهم وضلالتهم، فالهجر هو الأفضل، أما إذا كان الهجر يزيدهم تمسّكاً بباطلهم، ويزيدهم نفرة من أهل الحق، كان تركُه أصلحَ؛ كما ترك النبي – صلى الله عليه وسلم – هجرَ عبد الله بن أُبَيِّ بن سلول، رأسِ المنافقين؛ لما كان ترك هجره أصلحَ للمسلمين، وأما إذا كان المبتدع من العوام، لا يستطيع أن يدعو إلى بدعته، فالأولى التلطُّف به، وعدم هجره؛ لأنه يجهل البدعة التي اعتنقها في الغالب، ولعل الله أن يهديهم”.