سؤال حول الآية (لا يمسه إلا المطهرون)

تاريخ الإضافة 15 أبريل, 2024 الزيارات : 4250

سؤال حول الآية (لا يمسه إلا المطهرون)القرآن الكريم

المطهرون هنا هل معناها الطهارة من الجنابة أم من الحدث أيضاً، بمعنى آخر … هل يجوز مس المصحف لمن ليس على وضوء بالرغم من طهارته من الجنابة؟

الجواب

الاستدلال بعموم قوله تعالى : ( لا يمسه إلا المطهرون ) ليس بصواب ذلك أن الآية مرتبطة بما قبلها

قال الله تبارك وتعالى : ( إنه لقرآن كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون ) فالذي في الكتاب المكنون هو ما في اللوح المحفوظ ، وقد تكرر وصف القرآن بذلك . قال الله جل جلاله : ( بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ )

هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى فإن المقصود بـ ( المطهّرون ) هم الملائكة . وأما البشر فإنهم لا يُطلق عليهم ( مطهّرون ) لأنهم يتطهرون، ولذا قال الله عز وجل في شأن البشر ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )

وقال في أهل قباء : ( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) وقال في شأن النساء : ( فإذا تطهّرن ) فالناس يتطهّرون ، ولا يُوصفون بأنهم ( مُطهّرون ) قال ابن عباس : ( لا يمسه إلا المطهرون ) قال : الكتاب الذي في السماء .وقال مرة ثانية : يعني الملائكة .

وكذا ورد عن ابن مسعود حيث قال : هو الذِّكر الذي في السماء لا يمسُّه إلا الملائكة . قال قتادة : ( لا يمسه إلا المطهرون ) قال : لا يمسُّه عند الله إلا المطهرون ، فأما في الدنيا فإنه يمسُّه المجوسي النجس، والمنافق الرجس ، وقال وهي في قراءة ابن مسعود ( ما يمسُّه إلا المطهرون ) .

وقال أبو العالية ( لا يمسه إلا المطهرون ) قال : ليس أنتم . أنتم أصحاب الذنوب .

قال الإمام مالك أحسن ما سمعت في هذه الآية : ( لا يمسه إلا المطهرون ) إنما هي بمنزلة هذه الآية التي في عبس وتولى ؛ قول الله تبارك وتعالى : ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ) .يعني أن المقصود به الصحف التي بأيدي الملائكة . إذاً سقط الاستدلال بالآية على منع المُحدث من مسّ المصحف .

وقد بوّب البخاري – رحمه الله – باباً في الصحيح فقال : تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت ، وقال إبراهيم : لا بأس أن تقرأ الآية ، ولم يَــرَ ابن عباس بالقراءة للجنب بأساً .

قال ابن حجر في توجيه التبويب : والأحسن ما قاله ابن رُشيد تبعا لابن بطال وغيره : إن مراده الاستدلال على جواز قراءة والجنب بحديث عائشة رضي الله عنها ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستثن من جميع مناسك الحج إلا الطواف ، وإنما استثناه لكونه صلاة مخصوصة ، وأعمال الحج مشتملة على ذكر وتلبية ودعاء ، ولم تمنع الحائض من شيء من ذلك ، فكذلك الجنب لأن حدثها أغلظ من حدثه .

ولما سُئل سعيد بن جبير : يقرأ الحائض والجنب ؟ قال : الآية والآيتين .

وهذا الذي رجّحه الشيخ الألباني – رحمه الله – ومن قبله الشوكاني . بل إن الشيخ الألباني – رحمه الله – يرى جواز قراءة الجنب للقرآن ، وأنه لا يوجد دليل صحيح يمنع الجنب من قراءة القرآن ، وإن كان الأولى أن يُقرأ القرآن على طهارة كاملة .

وقد ناقش الشيخ الألباني – رحمه الله – هذه المسألة في تمام المنة ، ورجّح أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم : لا يمسّ القرآن إلا طاهر

أن المقصود بـ ( الطاهر ) المؤمن .

والمشرك نجس بنص القرآن ، والمؤمن طاهر بنص قوله صلى الله عليه وسلم : المؤمن لا ينجس . متفق عليه . قال – رحمه الله – : والمراد عدم تمكين المشرك من مسِّـه . ويُراجع قوله – رحمه الله وتفصيله في المسألة .

ثم إن البراءة الأصلية تقتضي عدم منع الجنب أو الحائض من مس المصحف أو من قراءة القرآن ، إذ الأصل عدم التكليف .

وهذه المسألة مما تعمّ به البلوى ، أعني الجنابة والحيض ، ومع ذلك لم يرد حديث واحد صحيح في منع الجنب أو الحائض في قراءة القرآن .

قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – : وليس من أثبت الأحكام المنسوبة إلى الشرع بدون دليل بأقل إثماً ممن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام ، فالكل إما من التقوّل على الله تعالى بما لم يَـقـُـل ، أو من إبطـال مـا قـد شرعـه لعباده بلا حُجـة .

وخُلاصة القول بالنسبة للمصحف أنه لا يُمنع المسلم من مسِّه ولو كان على غير طهارة كاملة ، إلا أن الأفضل له الوضوء عند قراءة القرآن .

وأما الأشرطة أو تفسير القرآن فليس لها حُـكم المُصحف فلا يُمنع من مسِّها .ومثلها المصاحف التي كُتِبت بطريقة ” برايل ” للمكفوفين .

والأشرطة الإسلامية بما فيها أشرطة القرآن وكذلك تراجم معاني القرآن يجوز إهداؤها للكافر الذي يُرجى إسلامه .

والله أعلم .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع