ترك النبي صلى الله عليه وسلم الخطبة ونزل من المنبر لحمل الحسن والحسين ثم قال : صدق الله : { إنما أموالكم وأولادكم فتنة } .. معنى دقيق للفتنة لا يُرى إلا بعين نبي .
انشغال النبي عليه الصلاة والسلام بــ (حمل ابنيه) عن الأولى (وهو الخطبة) لِـلَحظات يسيرة لا تؤثر ومع ذلك سماه فتنة، فما مقدار فتنة من انشغل بفضول الانترنت عما وجب عليه لأمته.
إذا كثر اضطراب الإنسان وتقلبه، أو كثرت زلاته مع أنه أوتي علماً، فهذا علامة على ضعف توكله على الله، وقصور في التعبد لديه، فقلّت كفاية الله له .
قال تعالى : { ومن يهد الله فماله من مضل } لا يتأثر أو يتغيّر أو يتراجع من ثبّته الله، ولو أرادت نفسه أن تُغيُّره ما استطاعت، فقلبه في يد الله فأيّ يَدٍ تطاله .
إذا وَرِث العالم من النبي عليه الصلاة والسلام رسالته فلا بد أن يرث معها خصومَه، وإلا ففي رسالته خلل فليُفتش عنه .
كل ثمن يُقبض في قول الباطل فهو قليل وإن استكثروه في مقابل عقاب الله لمن قصّر، وعظيم ثوابه لمن وفّى
الأصل أن يذهب يوسف عليه السلام لأبيه لا أن يُرسل إليه ولكن الانشغال بحق الرعية أولى
أضعف الناس يقيناً برأيه من يقابل الحجة بالاستهزاء، قال الله تعالى عن خصوم نبيه عليه الصلاة والسلام : { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا } والاستهزاء ملاذ الضعفاء .
ينبغي أن يكون صاحب الرسالة متبسطاً مع المخاطبين، وكلما قرب من حياتهم رسخ قوله،قال الله عن نبيه : { يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون } .
{ بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم } العلم الذي لا يحفظ في الصدور دليلاً وتعليلاً لا يسمى صاحبه عالماً، ومسألة لاتستظهرها لست بعالم فيها
· كثيرا ما تُطلق الفتنة ويراد بها الإثارة والهرج، مع أن أخطر أنواعها قلب الحقائق والمفاهيم والسكوت عنها (لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله) ومن يجيء بالحق ويُظهر أمر الله دارىء للفتنة، ومطالبته بالسكوت درءاً للفتنة هو من الفتنة
{ ومن يُهن الله فما له من مكرم } ما أضعف الإنسان إذا أراد الله إهانته مهما علا قدره , يُذل العظماء في الدنيا هذا الذل , فكيف بذل الآخرة ؟
لا حرمة للأسرار إن خرجت عن حكم الله فيجب إظهارها للمتضرر بها، جاء رجل لموسى وقال : { يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين }
* المتكبرون أقل الناس فهما لأن قلوبهم مليئة بالوهم، وإذا جاءهم الحق فاض، قال تعالى : { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون } .. وأكثر الناس فهما المتواضعون .
* كثير من الناس عند انتشار الباطل يلزمون الصمت مع القدرة على البيان ويرون هذا أدنى مراتب السلامة وهو خطأ قال الله : { سماعون للكذب } يعني ويسكتون !!
خلطاء الباطل يؤثرون على رأيك: (ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك) هذا النبي! فمن يملك فضلاً من الله ورحمةً كنبيه فيأمن كأمنه !؟
رُبما يُردي الإنسان في آراء الباطل أقرب الناس وأكثرهم جلوساً إليه، وآنسهم له : { حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين فبئس القرين }
الحرية الحقة بينها الله لإبليس: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك) عُبّاد إبليس ينتقلون بين أيدي نُوّابه، يفرحون بحريتهم من يدٍ سلمتهم لأخرى !
* أول صفات النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة : الحسبة { يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر } ولذا كرهوه وكرهه المنافقون .
* يجتهد الإنسان ليفهم الحق ولايستطيع، وأعظم منه من ينظر في الحق فيفهم منه الباطل، يأخذ بكل سبب ويغفل عن أنه حُجب عن الحق لحكم أظهرها حرمانٌ بسبب ذنب: (واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه) .
* تتقلب آراؤهم طلبا للسلامة لا طلبا للحق { يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم } .
وهذا هو سبب الحكمة الإلهية في توجيه الخطاب للنفوس والقلوب والعقول قبل خطاب الجوارح للعمل؛ لأن النفوس تحتاج ترويضا لتتمكن من قبول الحق قبل أن تعمل؛ لأن العمل والترك ثقيل بعد استدامته والاعتقاد والقناعة أسهل منهما وأسرع، وعلى أرض العقائد والأفكار تثبت الأفعال وليس العكس.
* إذا جعل الإنسان بينه وبين الحق حاجزاً نفسياً فلن يقبله ولو جاء به إليه نبي: (أفكلما جاءكم رسول بما لاتهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون)
*المنافق كثير القلق لتردده بين صدق يخفيه وكذب يبديه فيخرج كرهه بالاستهزاء {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا}.
*المنافق حذِر من خروج ما يُخفيه في غير وقته المناسب، ولكن لا بد من أن يخونه حذره فيخرج ما يُخفيه {قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون}
لا يخاف من النقد إلا من لديه شر يُخفيه، أو لديه خير يُبديه، فالأول منافق والآخر غير واثق ..
* الإكثار من ذكر الله يعين على سداد الرأي، وقليل الذكر قلّما يصيب وإن أصاب قلّت بركة إصابته (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه) .
* ذكر الله والهوى لا يجتمعان، كلما لهج اللسان بالذكر نفر الهوى من القلب (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه) .
* ذكر الله في القرآن ( السلطان والسلطة ) في ثمانين موضعا وجلّها يريد بها الحجة وقوة البينة ولو من رجل ضعيف، واستعملها الناس لكل قاهر ولو كان جاهلا .