مع حلول شهر من الأشهر الحرم هل تضاعف السيئات فيها أم لا ؟
الجواب :
يرجع ذلك لتفسير قوله تعالى: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} فيه قولان:
أحدهما : لا تظلموا أنفسكم في الشهور كلها،
الثاني: المراد بذلك الأشهر الحرم فقط .
واختلف في المراد بالظلم على قولين أيضا:
أحدهما: لا تظلموا فيهن أنفسكم بتحليلهن ، يعني قلبها من شهر حرام إلى شهر حلال كما كان يفعل العرب .
الثاني : لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب فيهن .
فإن الله إذا عظم شيئا من جهة صارت له حرمة واحدة ، وإذا عظمه من جهتين أو من جهات صارت حرمته متعددة بعدد جهات التحريم ، ويتضاعف العقاب بعمل السيئات فيها، كما ضاعف الثواب بالعمل الصالح فيها ؛ فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام والمسجد الحرام ليس كمن أطاعه في شهر حلال في بلد حلال في بقعة حلال. وكذلك العصيان والعذاب مثله في الموضعين .
ومن العلماء من يرى أن تضاعف الحسنة والسيئة في الزمان والمكان الفاضلين حاصل ، ولكن هناك فرق بين مضاعفة الحسنة ومضاعفة السيئة ، فمضاعفة الحسنة مضاعفة بالكم والكيف ، والمراد بالكم : العدد ، فالحسنة بعشر أمثالها أو أكثر ، والمراد بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر ، وأما السيئة فمضاعفتها بالكيف فقط أي أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد ، وأما من حيث العدد فالسيئة بسيئة واحدة ولا يمكن أن تكون بأكثر من سيئة .
قال تعالى : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) الحج/25 . ولم يقل : نضاعف له ذلك . بل قال : ( نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة مضاعفة كيفية .( بمعنى أنها تكون أشد ألماً ووجعاً (أفاده ابن عثيمين رحمه الله )
وقال ابن القيم – رحمه الله – “تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمايتها فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة”. ثم يقول: “فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه”. انتهى. زاد المعاد 1-51 .
وهذا كله اجتهاد في فهم الآية لا يرقى أن يكون دليلا قطعيا في المسألة وأرى أن الحديث القدسي (وإن هم عبدي بسيئة فعملها فاكتبوها له واحدة) يفصل في المسألة بشكل واضح وأن ما يساق من شأن المضاعفة من باب الترهيب من الوقوع في السيئات والترغيب من الإكثار من الحسنات ، لكن الحقيقة الشرعية لم يأت دليل قطعي في مضاعفة السيئات في بعض الأزمان وإنما هو اجتهاد من أهل العلم .
قال اسحق بن منصور : قلت لأحمد : في أي شيء من الحديث أن السيئة تكتب بأكثر من واحدة ؟ قال : لا ، وما سمعنا إلا بمكة لتعظيم البلد .
لمزيد من الفائدة يمكنك مراجعة جامع العلوم والحكم عند حديث ” إن الله عز وجل كتب الحسنات والسيئات “
سامي
جزاكم الله خيرا وجعله في ميزان حسناتكم ; اللهم آمين.
abojannah
و جزاكم الله خيرا ورفع قدرك وأعزك أخي سامي