نعيش مع قوله تعالى : ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون )- [البقرة/121]
عن ابن عباس: (يتلونه حق تلاوته) يتبعونه حق اتباعه، واستدل بقوله تعالى : -(والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها )- [الشمس1/2]
تلاها يعني تبعها، والمعنى أنهم يحلون حلاله ويحرمون حرامه ،ويتبعون أوامر الله عزوجل ويجتنبون نواهيه .
والقرآن لم ينزله الله ليتلى فقط إنما أنزله الله ليتلى ويعمل به قال تعالى : -( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29]
وقد جعل الله السعادة في اتباع القرآن -( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم )- [محمد1/2]
ولاحظوا أن الله سمى القرآن روحا ، أي جسد بدون روح هو جثة هامدة ،فقلوبنا تحيا بالقرآن قال تعالى : -( وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم )- [الشورى/52]
ونقرأ في آيات القرآن الكثير من البشائر لمن اتبع القرآن منها قوله تعالى : -( فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )- [الأعراف/157] فمن أراد سعادة الدنيا والآخرة فعليه بالقرآن .
وقد ذم الله من يحمل القرآن ولا يعمل بما فيه فقال : -( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين )- [الجمعة/5] الأسفار جمع سفر وهو الكتاب فلو حمل الحمار كتبا فيها ما فيها من العلوم والمعارف لن يستطيع أن ينتفع بها فهذا مثل من آتاه الله آياته فلم يعمل بها كما قال الشاعر :
كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
فالإبل تحمل الماء فوق ظهرها وهي في الصحراء، وتموت من العطش لأن صاحبها ما أعطاها الماء، فالماء على ظهرها ما نفعها، فكذلك علماء بني إسرائيل لما حملوا التوراة ولم يعملوا بها كانت عليهم كمثل الأسفار على ظهر الحمار، وهو أشبه ما يكون من ضرب المثل بالبلادة، فيثقل ظهره بحمله، ولا يستفيد منه شيئاً.
فنحن معنا نور الله وهناك من يؤثر أن يبقى في الظلام يقول تعالى -( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى )- [طه123 /124]
نسمع من يقولون لو اتبعنا الحلال والحرام لن نعيش ، كلا والله لن نشعر بالسعادة إلا باتباع منهج الله ، والشقاء كل الشقاء بالإعراض عن منهج الله ، من أراد أن يحيا فليحيا بالقرآن ، ومن أراد أن يشقى بمعيشة ضنكا كلها قلق وتوتر وتعب سيشقى بإعراضه عن القرآن .
يقول ابن القيم في تفسير قوله تعالى : -( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم )- [الأنفال/24] قال: اعلم أن حياتك بقدر استجابتك .
إذن نقرأ القرآن ونعمل بما فيه ولنحذر ما قاله أنس بن مالك ( رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه)
والمعنى : تحذير المسلم الذي يقرأ القرآن من ترك العمل به ، فإن من عباد الله من يمر على ما ينهى عنه القران ، كنهيه عن الربا ثم يتعامل بالربا ، وكنهيه عن الظلم ثم يظلم ، وكنهيه عن الغيبة ثم يقع فيها ، ونحو ذلك مما في القرآن الكريم من الأوامر والنواهي.
اللهم اجعلنا ممن يقرؤه فيرقى ولا تجعلنا ممن يقرؤه فيذل ويشقى اللهم امين