شرح أسماء الله الحسنى: القادر والقدير والمقتدر
” القادر “ اسم فاعل ، من الفعل قدر، والقادر معناه المتمكن من الفعل فلا يلحقه عجز فيما يريد إنفاذه .
ويقال قدرت الأمر أقدره إذا نظرت فيه ، ومنه قوله تعالى ” إنه فكر وقدر ” ، والتقدير التروي والتفكير في تسوية الأمور.
وقدْر كل شيء ومقداره مقياسه ، وقَدر الشيء بالشيء ، وقدّرَهُ قاسه.
ويقال قَدْرتُ لأمر كذا إذا نظرت فيه ودبرته.
والقدير :(صِيغَةُ فَعِيل لِلْمُبَالَغَةِ) ومعناه: التامّ القدرة لا يلابس قدرتَه عجز بوجه.
المقتدِر : اسم فاعل من اقتدرَ على فعل كذا ، ومعناه: صاحب القدرة العظيمة التي لا يمتنع عليها شيء، المُتناهي في الاقتدار.
ثانيا / المعنى في حق الله تعالى
القادر معناه ذو القدرة التامة والنفوذ الكامل الذي لا يعجزه شيء، فله التصرف المطلق في سائر شؤون خلقه، وهو على كل شيئ قدير، وهو المستغني عن معاونة غيره، فلا يعارضه منازع، ولا يخرج عن قبضته مخلوق .
وقد يكون القادر بمعنى المقدر للشيء، يقال: قدرت الشيء وقدرته بمعنى واحد كقوله تعالى: فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ [المرسلات: 23] أي: نعم المقدرون .
والقدير : صيغة مبالغة من القادر .
والمقتدر : من الاقتدار معناه أنه المقتدر على جميع الممكنات بإحاطة تامة وقوة ، وهو التام القدرة الذي لا يمتنع عليه شيء .
ثالثا / ورود الأسماء في القران
جميع هذه الأسماء وردت في القرآن وأكثرها ورودًا القدير ثم القادر ثم المقتدر.
ورد اسم القادر 12 مرة في القرآن منها : قوله تعالى : ( وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) الأنعام/ 37 . ، وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) الأنعام/ 65 ، وقال عز وجل : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الخَلاقُ العَلِيمُ ) يس/81 .
و اسمه القدير ورد 45 مرة في سور متعددة من القرآن الكريم منها على سبيل المثال:
قوله سبحانه في سورة البقرة : ” أينما تكونوا يأتي بكم الله جميعا إن الله على كل شي قدير” البقرة : 148
واما اسمه المقتدر فقد ورد 4 مرات :
قوله سبحانه : ” وكان الله على كل شيء مقتدرا ” (الكهف :45)
وقوله تعالى : ” أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ” الزخرف 42
وقوله تعالى : ” وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ “ [القمر:41-42] .
وقال أيضاً : ” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ “ [القمر:54-55] .
رابعا / تأملات في رحاب الأسماء
تدل أسماء الله القادر والقدير والمقتدر على السيطرة والتمكن والهيمنة، مع الحكمة التامة؛ فالقادر -تبارك وتعالى- هو الذي له القدرة المطلقة، والقوة الكاملة، الذي لا يُعجزه شيء، ولا يفوته مطلوب، القادر على ما يشاء، الفعّال لما يريد، لا يعترضه عجزٌ، ولا ينتابه فتور، وهو الذي إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون.
والمقتدر -سبحانه- هو المتمكن من كل شيء بإحاطة تامة وقوة بالغة، لا يمتنع عليه شيء، وظهرت قدرته -سبحانه- في كل شيء.
والقدير -سبحانه- هو المُصلح للخلائق على وجهٍ لا يقدر عليه أحدٌ إلا هو، وهو الذي عظمت قدرته على خلق أعظم المخلوقات، وما من شيء تسمع به أو تراه أو تشعر بوجوده إلا والله هو الذي خلقه فقدَّره تقديرًا.
مظاهر قدرة الله تعالى:
من مظاهر قدرة الله -تعالى- أنه خلق المخلوقات كبيرها وصغيرها، وما فيها من عجائب الخلق، وكثرة أعدادها واختلاف أحجامها، وتنوع صورها وألوانها، قال -سبحانه-: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا)[الطلاق:12]، وقال -تعالى-: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[النور:45].
ومن المظاهر الدالة على قدرته -سبحانه وتعالى-: إخضاعه لجميع الكائنات بقدرته أينما كانت؛ فالإنسان وهو أرقى الكائنات وأقواها قدرته ضعيفة، وهو عاجز مهما بلغ من العلم والقوة أمام قدرة الله -تعالى- (أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[البقرة:148].
ومنها: ما يحدث في الأرض من الآيات الربانية العظيمة من الزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأعاصير المهلكة، والطوفانات المغرقة؛ ففي لحظات تصبح مدناً بمن فيها خراباً كأن لم تكن من قبل؛ (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[يونس:24].
وعن ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ قال ﺟﺎﺀ ﺣَﺒﺮٌ ﻣﻦَ ﺍﻷﺣﺒﺎﺭِ ﺇﻟﻰ ﺭﺳﻮﻝِ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ ﻓﻘﺎﻝ : ﻳﺎ ﻣﺤﻤﺪُ ، ﺇﻧﺎ ﻧَﺠِﺪُ : ﺃﻥَّ ﺍﻟﻠﻪَ ﻳَﺠﻌَﻞُ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕِ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺒَﻊٍ ﻭﺍﻷﺭَﺿﻴﻦَ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺒَﻊٍ ، ﻭﺍﻟﺸﺠﺮَ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺒَﻊٍ ، ﻭﺍﻟﻤﺎﺀَ ﻭﺍﻟﺜَّﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺒَﻊٍ ، ﻭﺳﺎﺋﺮَ ﺍﻟﺨﻼﺋﻖِ ﻋﻠﻰ ﺇﺻﺒَﻊٍ ، ﻓﻴﻘﻮﻝُ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤَﻠِﻚُ ، ﻓﻀﺤِﻚ ﺍﻟﻨﺒﻲُّ ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ ﺣﺘﻰ ﺑﺪَﺕْ ﻧَﻮﺍﺟِﺬُﻩ ﺗَﺼﺪﻳﻘًﺎ ﻟﻘﻮﻝِ ﺍﻟﺤَﺒﺮِ ، ﺛﻢ ﻗﺮَﺃ ﺭﺳﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ ﺻﻠَّﻰ ﺍﻟﻠﻪُ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠَّﻢ (ﻭَﻣَﺎ ﻗَﺪَﺭُﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪَ ﺣَﻖَّ ﻗَﺪْﺭِﻩِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽُ ﺟَﻤِﻴﻌًﺎ ﻗَﺒْﻀَﺘُﻪُ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻭَﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕُ ﻣَﻄْﻮِﻳَّﺎﺕٌ ﺑِﻴَﻤِﻴﻨِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ ﻭَﺗَﻌَﺎﻟَﻰ ﻋَﻤَّﺎ ﻳُﺸْﺮِﻛُﻮﻥَ) ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ
وأخبرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقصة الرجل الذي كان “يسرفُ على نفسه، فلما حضره الموتُ، قال لبنيه: إذا أنا متُّ، فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح؛ فوالله لئن قدَرَ عليَّ ربي ليعذبَنِّي عذابًا ما عذَّبه أحدًا، فلما مات، فُعل به ذلك، فأمر اللهُ الأرضَ، فقال: اجمعي ما فيك منه، ففعلتْ، فإذا هو قائمٌ؛ فقال: ما حمَلَكَ على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتُك؛ فغفر له))؛ متفق عليه.
قدرة الله على العلم المطلق بما خلق :
الله تعالى خلق الكون وكل ما فيه من أشياء وأحياء ويدبر أموره كلها في آن واحد وباستمرار. والله تعالى وحده محيط بكل ما في الكون وما يقع فيه ويعلم ما هو كائن وما يحدث في كل لحظة وباستمرار سواء ما يظهر للناس ويسمعونه أو ما هو غائب عنهم لا يرونه ولا يسمعونه. بل يعلم الله ما في باطن الأرض والبحار وما في جسم الإنسان الذي له قدرة على التحكم فيه متى شاء ، ويعلم ما في نفس الإنسان وفكره قبل التعبير عن ذلك بالقول والعمل.
وهذا من أدلة قدرة الله وسلطانه وحكمه وخلقه لما يريد سبحانه، قال -جلا وعلا-: “قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون”[ سورة النمل الآية 65]وقال -جلا وعلا-: “لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما”[ الطلاق الآية 12]
سنة الله في الظالمين الإمهال ثم الأخذ :
ومن مظاهر قدرة القدير -سبحانه-: قدرته في نصر أوليائه رغم ضعفهم وقلة عدتهم وعددهم، قال -عز وجل-: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)[الحج:39].
ومن مظاهر القدرة الإلهية: قدرته -تعالى- في إهلاك المكذبين والمعاندين للرسل، قال -جلا وعلا-: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا)[فاطر:44]، وقال -تعالى-: (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ)[القمر:41-42].
إن لله -تعالى- سننًا في خلقه، قدّر أن تكون في هذا الوجود، ولا يخرج شيء منها عن إرادته وحكمه، وقدرته وسلطانه؛ فمن ذلك سنة وجود الحق والباطل، والخير والشر، والقوي والضعيف، والقادر والعاجز، والظالم والمظلوم؛ حتى يتمخض عن ذلك فريق أهل الجنة وفريق أهل السعير؛ فدار الدنيا لأجل ذلك خُلقت، ودار الآخرة لنتائجها أُعدّت، قال -تعالى-: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)[هود:118].
فلا يظنن مخلوق أن بقاءه على باطله وشره، وظلمه وجبروته سيدوم، وأن الله القادر عاجزٌ أو غافل عنه، كلا -والله- إن الأمر ليس كذلك؛ لأنه -تعالى- القدير القوي يقدر أن يأخذ الظالم والمذنب في لمحة بصر، ولكنه -تعالى- يمهل عباده بمقتضى حلمه وحكمته، حتى لا تكون لهم معذرة لديه بعدم الإمهال للتوبة؛ كما قال -تعالى-: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا)[فاطر:45].
فإذا انتهت فرصة الإمهال جاء وقت مؤاخذة المبطل والظالم؛ ففي الصحيحين قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته”، قال ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هود:102].
وفيما جرى في الماضي لكل جبار ومذنب معتبر للحاضر، قال -تعالى-: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)[العنكبوت:40].
فلا يأمن ظالم من انتصار الله القدير منه للمظلوم؛ فإن زمان الدنيا مهما طال بالظالم فستأتي عقوبته في حياته أو بعد مماته، ولا يحزن مظلوم من بقاء ظالمه بدون نزول عقوبة عاجلة؛ فإن ما جرى للمظلوم قد يكون تكفيراً لسيئاته، ورفعًا لدرجاته، وتكثيراً لحسناته، وحقه من المتعدي عليه سيناله ولو امتد حبل الإمهال؛ (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)[إبراهيم: 42].
خامسا / ثمرات الإيمان بهذه الأسماء
1- الإيمان بأن الله على كل شيء قديرفهو سبحانه لايفوته مطلوب ولا يعجزه شي فقدرة الله متحققة متعدية لكل شيء، أما قدرة الناس فمحدودة ولازمة عند أشياء محددة.
2- هذه المخلوقات التي لا تحصى بتعدد اشكالها وبتنوع أصنافها فيها برهان ساطع ودليل باهرعلى كمال قدرة الله تعالى.
3- التعبد لله بهذه الأسماء :
فقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن على التوسل إلى الله -تبارك وتعالى- وسؤاله بقدرته عند رغبته وإقدامه على أمر مستقبلي لا دراية له بعاقبته؛ كأن يرغب في أمرٍ ما: سفرٍ أو زواجٍ أو عملٍ أو غير ذلك، حثَّه على أن يستخير الله، ويرجوه ويدعوه ويتوسل إليه بقدرته وعلمه واطلاعه على ما كان وما سيكون، ويلحّ عليه ويرجوه؛ لأنه الأعلم والأحكم والأقدر، أن يتخير له بعلمه ما ينفعه.
قال جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُعَلِّمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يعلِّمنا السورةَ من القرآن، يَقُولُ: “إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ…” (البخاري) ففي هذا الدعاء ركون العبد إلى قدرة الله، مع إظهار ضعفه وجهله وقلة علمه.
وعَنِ ابْنِ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: “رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي كُلِّهِ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطَايَايَ، وَعَمْدِي وَجَهْلِي وَهَزْلِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” (البخاري).
4- الإيمان بأنه لا يحدث شيء في هذا الكون صغيرا كان أم كبيرا خارجا عن قدرته تعالى: (قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ المُلكِ تُؤْتِي المُلكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [آل عمران:26].