ما حكم أكل الجبن الشيدر في كندا؟
هل الجبن الذي أحد مكوناته( Rennet ) وهو المنفحة التي تجعل الحليب جبنا حلال أم حرام أكله؟
وكذلك أسال عن حكم أكل الجبن الشيدر في كندا؟
حكم الأنفحة :
ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه :
1- إن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة يجوز أكل الجبن المصنوع منها اتفاقاً .
2- وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية ، ففيها خلاف بين الفقهاء :
أ- فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة ، ودليلهم: أن الإنفحة نجسة، لكونها في وعاء نجس، وهو كرش الميتة، فيكون مائعاً لاقى نجساً فتنجس بمجرد الملاقاة، ولأن اللبن لو صب في إناء نجس تنجس، فكذلك الإنفحة لكونها في وعاء نجس.
ب-وذهب جماعة من الصحابة والتابعين منهم عمر، وسلمان الفارسي، وطلحة، والحسين بن علي وغيرهم، وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، واختاره ابن تيمية ؛ ذهبوا إلى طهارتها ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، حيث قال في “الفتاوى ” والأظهر أن جبنهم حلال – أي المجوس – وأن إنفحة الميتة ولبنها طاهر….. لأن إنفحة الميتة طاهرة على هذا القول ، لأن الإنفحة لا تموت بموت البهيمة ، وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس .
وإذا كان هذا هو الراجح ، فسواء علمنا مصدر الإنفحة وأنها من حيوان مذكى ، أو غير مذكى ، أو لم نعلم ، فلا حرج عليك في أكل الجبن المصنوع منها .
وروى ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل، قال: ذكرنا الجبن عند عمر، فقلنا: إنه يصنع فيه أنافيح الميتة، فقال: “سموا عليه وكلوه”. وهذا سند في غاية الصحة، وقال أحمد: هو أصح حديث في الباب، كما سبق.
ويدل عليه أيضا أن سلمان الفارسي كان نائب عمر بن الخطاب على المدائن، وكان يدعو الفرس إلى الإسلام، وقد ثبت عنه: أنه سئل عن شيء من السمن والجبن والفراء؟ فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفى عنه.
ومعلوم أنه لم يكن السؤال عن جبن المسلمين وأهل الكتاب، فإن هذا أمر بين، وإنما كان السؤال عن جبن المجوس: فدل ذلك على أن سلمان كان يفتي بحلها
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فتوى عن الجبن المصنوع بأنفحة المجلوب من بلاد الإفرنج: قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (21/531ـ533): “أما الجبن المجلوب من بلاد الإفرنج فالذين كرهوه ذكروا لذلك سببين: أحدهما : أنه يوضع بينه شحم الخنزير إذا حمل في السفن.
والثاني : أنهم لا يذكون ما تصنع منه الأنفحة بل يضربون رأس البقر ولا يذكونه!
فأما الوجه الأول؛ فغايته أن ينجس ظاهر الجبن فمتى كشط الجبن أو غسل طهر؛ فإن ذلك ثبت في الصحيح: “أن النبي سئل عن فأرة وقعت في سمن فقال: ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم”؛ فإذا كان ملاقاة الفأرة للسمن لا توجب نجاسة جميعه فكيف تكون ملاقاة الشحم النجس للجبن توجب نجاسة باطنه؟ ومع هذا فإنما يجب إزالة ظاهره إذا تيقن إصابة النجاسة له وأما مع الشك فلا يجب ذلك.
وأما الوجه الثاني؛ فقد علم أنه ليس كل ما يعقرونه من الأنعام يتركون ذكاته بل قد قيل: إنهم إنما يفعلون هذا بالبقر وقيل أنهم يفعلون ذلك حتى يسقط ثم يذكونه ومثل هذا لا يوجب تحريم ذبائحهم بل إذا اختلط الحرام بالحلال في عدد لا ينحصر كاختلاط أخته بأهل بلد واختلاط الميتة والمغصوب بأهل بلدة لم يوجب ذلك تحريم ما في البلد كما إذا اختلطت الأخت بالأجنبية والمذكى بالميت؛ فهذا القدر المذكور لا يوجب تحريم ذبائحهم المجهولة الحال وبتقدير أن يكون الجبن مصنوعا من أنفحة ميتة فهذه المسألة فيها قولان مشهوران للعلماء:
أحدهما : أن ذلك مباح طاهر كما هو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين.
والثاني : أنه حرام نجس كقول مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى. والخلاف مشهور في لبن الميتة وأنفحتها هل هو طاهر أم نجس؟
والمطهرون احتجوا بأن الصحابة أكلوا جبن المجوس مع كون ذبائحهم ميتة ومن خالفهم نازعهم كما هو مذكور في موضع آخر”اهـ
وقال في مجوع الفتاوى (35/154): “أما الجبن المعمول بأنفحتهم ففيه قولان مشهوران للعلماء كسائر أنفحة الميتة وكأنفحة ذبيحة المجوس وذبيحة الفرنج الذين يقال عنهم إنهم لا يذكون الذبائح:
ـ فمذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: أنه يحل هذا الجبن لأن أنفحة الميتة طاهرة على هذا القول ولأن الأنفحة لا تموت بموت البهيمة وملاقاة الوعاء النجس في الباطن لا ينجس.
ـ ومذهب مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: أن هذا الجبن نجس لأن الأنفحة عند هؤلاء نجسة لأن لبن الميتة وأنفحتها عندهم نجس ومن لا تؤكل ذبيحته فذبيحته كالميتة. وكل من أصحاب القولين يحتج بآثار ينقلها عن الصحابة؛
فأصحاب القول الأول نقلوا أنهم أكلوا جبن المجوس، وأصحاب القول الثاني نقلوا أنهم أكلوا ما كانوا يظنون أنه من جبن النصارى فهذه مسألة اجتهاد للمقلد أن يقلد من يفتي بأحد القولين”اهـ