شرح أسماء الله الحسنى :8- السلام

تاريخ الإضافة 9 أكتوبر, 2023 الزيارات : 15561

شرح أسماء الله الحسنى (8) السلام

أولا /المعنى اللغوي
سلم من الآفات ونحوها أي برئ … وأسلم أي انقاد

وتطلق أيضا على من يعتنق الإسلام .. وأسلم أمره لله أي فوضه فيه

وسلم بالأمر أي رضي به .. وسلم على القوم أي حياهم بتحية الإسلام .

ومنه : السلّم وهو من السلامة أيضا لأن النازل عليه ترجى له السلامة

والسلم ضد الحرب لأن كلا المتحاربين يرجو السلامة من الآخر
والسلم أي الصلح ، وقد يراد بها الإسلام كما في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ) البقرة 208  .

والسلام اسم من أسماء الله الحسنى ، وهو يعني في اللغة البراءة من العيوب والنقائص .. ويشمل في ثناياه معاني متعددة كالسكينة والأمان والاستقرار والهدوء .

الفرق بين اسم الله السلام والقدوس

القدوس المبرئ من جميع العيوب في الماضي والحاضر

السلام لا يطرأ عليه شئ من العيوب في الزمان والمستقبل فإن الذي يطرأ عليه شئ من العيوب تزول سلامته ولا يبقى سليما.

تأملات وإيمانيات في رحاب الكتاب والسنة :
الله سبحانه هو السلام  : فهو سبحانه سلام في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله من كل عيب ونقص وظلم وشر .

إذا نظرت إلى صفات كماله وجدت كل صفة سلاما مما يضاد كمالها :

1. فحياته سلام من الموت ومن السنة والنوم

2. وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب

3. وعلمه سلام من عزوب (غياب ) شيء عنه أو عروض نسيان أو حاجة إلى تذكر وتفكر

4. وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة

5. وحلمه وعفوه ومغفرته سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذل أو مصانعة بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه .

6. وكذلك عذابه وسرعة عقابه سلام من أن يكون ظلما  أو تشفيا أو غلظة , أو قسوة  بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها

7. سلم ملكه من كل منازع أو شريك أو معاون

8. سلم كل ما خلق من الآفة والعيب إلا بإذنه (الذي أحسن كل شيء خلقه )

9. شاء الله ألا تكون الدنيا في سلام كامل لأنها ليست دار قرار أما الجنة فهي دار السلام وأهلها في عافية وسلام فلا حسد ولا حقد .

والسلام اسم من أسماء الله الحسنى التي تمثل صفة من صفاته عز وجل :

فإذا تأملت الكون ستجد أن السلام كامن في كل بقعة من بقاعه , فالكون يسير وفقا لنظام محكم وثابت لا يعتريه خلل ولا عطب ..

الأرض التي نعيش عليها تدور بسرعة كبيرة حول نفسها .. وتدور في نفس الوقت حول الشمس بما يترتب على ذلك من تعاقب الليل و النهار وتعاقب فصول السنة .
ورغم هاتين الحركتين تجد أن الكون سلام من الأعطاب وسلام من الاضطرابات

الشمس تحافظ على بعد ثابت من الأرض لا تتجاوزه بالنقص أو بالزيادة … فلو اقتربت الشمس من الأرض لا حترقت كل الكائنات الحية .. ولو بعدت لتجمدت كل الكائنات من البرودة .

الكواكب التي تدور في فلكها حول الشمس منها ما يمثل أضعاف أضعاف الكرة الأرضية من حيث الحجم والوزن .. فماذا لو خرجت إحدى هذه الكواكب عن مدراها فصدم الكرة الأرضية ؟

لا شك أنه سيصيب الأرض بدمار شامل .. وهب أن الأرض فقدت جاذبيتها للأجسام التي تعلوها ؟

ألن تتطاير تلك الأجسام إلى الفضاء الخارجي بلا ضابط ولا رابط وماذا لو ضعفت القشرة الأرضية أو تفككت ؟

ألن تسقط الكائنات الحية ضحايا للزلازل والبراكين ؟

إن الموجودات الكونية جميعها تؤدي عملها بلا توقف وبلا أعطال أو خلل  فالكون كله في سلام وأمان وسكينة واستقرار ،  وإن كان الحق جل وعلا يصيبنا ببعض الكوارث الطبيعية بين الحين والآخر ، فإنها إصابة مقصودة ولحكمة إلهية ؛ فهو سبحانه  يريد بهذه الكوارث أن يجعلنا نذكره ونلجأ إليه لنطلب منه العون النجاة.

ويلاحظ أن هذه الكوارث تأتي في الغالب حين يكون هناك إعراض من الغالبية العظمى من الناس … فتأتي الكارثة ليفيق الجميع من الغفوة ، ويتذكر بعد النسيان .

وقد تكون هذه الكوارث غضبا من الله عز وجل على من حلت بهم لتجعلهم عبرة للمؤمنين .

وقد تكون تذكرة لنا بنعمة السلام الدائم الذي نعيش فيه ليل نهار دون أن نلتفت إليها فنقدم من الحمد والشكر لله ما يكافئها .

اسم الله السلام والدين الذي ارتضاه هو الإسلام:

الإسلام سمي بهذا الاسم لما فيه من إسلام الوجه لله سبحانه وتعالى والخضوع له وطاعته .. ولما فيه من نشر السلام بين الناس

. إن العبادات في الإسلام بما فيها من تذكرة دائمة للإنسان بخالقه ولما فيها من تدريب على ضبط النفس وقمع الأهواء وبما يتخللها من إرشادات ونصائح كخطبة الجمعة وكالاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم في الصلاة وخارج الصلاة .. كل هذه المعاني الكامنة في العبادات الإسلامية تهذب النفس البشرية وتجعل الإنسان في سلام داخلي مع نفسه ومع خالقه ومع الكون المحيط به وتجعله في سلام مع غيره من الناس .
والإسلام قد نظم أيضا القواعد التي تحكم المعاملات بين الناس .. هذه القواعد تغطي جميع صور التعاملات .. وبها من القواعد العامة ما يكفي لاستنباط قواعد تفصيلية لكل ما يستجد من وجوه التعامل.

وتتسم هذه القواعد بتحقيق العدل بين الناس والتوازن بين مصالحهم المتعارضة , مما يؤدي إلى القضاء على أسباب المشاكل بين الناس على مستوى الأفراد والدول .. فيقيهم شر الحروب الطاحنة وينشر بينهم السلام والود والأمان .

وفضلا عن ذلك ؛ وضع الإسلام عقوبات معينة لكل من يرتكب جريمة من الجرائم كالقتل والزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها من الجرائم المخلة بالأمن والسلام بين الناس . . فمن يرتكب أيا من هذه الجرائم يعاقب بالعقوبة المحددة لها فتكون رادعة له ولكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة .
إنه نظام محكم شيده الإسلام لتحقيق السلام بين الناس أفراد ودولا .. وبين الإنسان ونفسه .. وبينه وبين خالقه عز وجل .

ولا يوصف بالإسلام والسلام إلا من سلم المسلمون من لسانه ويده ، وكيف يوصف به من لم يسلم هو من نفسه ؟

وقد أراد الحق سبحانه أن يكون الإسلام خاتما للأديان السابقة فقال : ( وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)المائدة 3

وقال سبحانه : ( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ) الأنعام125

والجنة دار السلام

الجنة دار السلام إضافة إلى مالكها الله،أو لأنها دار السلام من كل آفة ونقص وشر.
فإذا كنا قد عانينا في الدنيا من الأمراض المختلفة فإننا سننعم في دار السلام إن شاء المولى بصحة دائمة لا يقطعها مرض .

 

وإذا كنا قد تناحرنا وتحاربنا في الدنيا على متاعها فإننا سننعم في دار السلام بود لا يقطعه حسد أو حقد أو غل أو ضغينة .. ومن أين تأتينا هذه الآفات القلبية وليس في الجنة إنسان ينقصه شيءإن أقل أهل الجنة درجات سيكون لهم فيها ما تشتهي الأنفس وهو فيها خالدون .

حين يلقى المؤمنون ربهم سيحيهم بتحية السلام كما قال عز وجل : ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا )الأحزاب 44

وسوف تحييهم الملائكة بتحية السلام  كما قال سبحانه : (جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)الرعد 23

اللهم أخرجنا من الدنيا بسلام … وابعثنا يوم القيامة آمنين في سلام واجعلنا من الخالدين في دارك … دار السلام .

ثمار إيماننا بهذا الاسم :

1. وصفه سبحانه بالسلامة من كل نقص وعيب وشر في ذاته وصفاته وأفعاله .

2. أن الله هو السلام فمنه تلتمس السلامة من كل سوء ومرض وخوف :

ولذا لما كان الصحابة يقولون السلام على الله قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله هو السلام ولكن قولوا (التحيات لله والصلوات ….) مخرج في الصحيحين عن ابن مسعود

فأنكر عليهم لأن الله هو السلام فكل سلام ورحمة له هو معطيها ومالكها ومانحها .

ومن فقه خديجة أن جبريل لما قال إن الله يقرأ خديجة السلام فإخبرها النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته )

ففقهت خديجة أن الله لا يرد عليه السلام كما يرد على المخلوقين لأن الله هو السلام .

3. المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

4. إشاعة تحية الإسلام لأنها سلام على كل من تلقاه :

فلكل امة من الأمم تحية اصطلحوا عليها يتداولونها فيما بينهم , وقد منّ الله – عز وجل – على هذه الأمة بتحية الإسلام فجعلها شعارا لهم يميزهم عن غيرهم ؛ فهي شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة ، وقد جاء الحث عليها وعلى إفشائها وإعلانها بين الناس
عن عبد الله بن سلام – رضي الله عنه – قال :سمعت رسول الله “صلى الله علية وسلم ” يقول: “يا أيها الناس افشوا السلام , وأطعموا الطعام , وصلوا الأرحام  وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ” رواه الترمذي وقال :حسن صحيح.
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه – قال : قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم “:”لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ” رواه مسلم .

(4) تعليقات


  • اماني عبد الرحمن

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…..انا اكتب هنا لاني لم اجد بريد اليكتروني او اكتب في الشات علي الخاص…..هل وجود صورة المعلم في كل انتاجه مسموح به؟ اليس فيه نوعا ما من الرياء فيما يبدو لاول وهله؟طبعا هذا حسب النوايا ولا يوخذ بهذا الراي في هذه الحاله….:) وشكرا شيخي الكريم!!!!

    • abojannah

      وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
      يتعين على المسلم أن يحرص على الإخلاص لله تعالى في جميع أموره، وأن يحمل نفسه على البعد عن الرياء، ثم إن الرياء عرفه أهل العلم بمراعاة الخلق في الأعمال رغبة في تحصيل منفعة منهم، أو مدح، أو سلامة من ضر أو ذم،
      وأما كتابة اسم المؤلف على الكتاب فلا تضر إذا كان المؤلف ألف الكتاب مخلصاً، فإن معرفة الناظر في الكتاب لمن ألفه تدعو للثقة به إذا كان المؤلف معروفاً لديه بالعلم واتباع السنة، كما أن معرفة كون المؤلف مبتدعاً أو جاهلاً، أو مجهولاً تدعو لعدم الثقة بالكتاب، ومما يدل على أنه لا حرج في كتابة اسم المؤلف أن أهل العلم المتقدمين كتب كثير منهم اسمه في بداية كتابه؛ كما فعل ابن أبي زيد، وخليل، وابن مالك،وغيرهم. ولم نعلم أن أحداً من أهل العلم أنكر ذلك عليهم.

  • عبد الله

    الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
    يليق بعظمتك ونورك يارحمن يارحيم

  • علا يوسف

    جزاك الله خير الجزاء


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع