معنى قوله تعالى : “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى…”
ما معنى هذه الآية لو تفضلت : قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:62]
الإيمان بالله يدخل فيه الإيمان بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الرسل كلهم، فالذي آمن بالله وما آمن بمحمد ما آمن بالله لا يكون آمن بالله إلا إذا آمن بالرسول ﷺ فالآيات المجملة تفسرها آيات مفصلة، فالذي ما آمن بالرسول ﷺ يعد كافرًا، الله يقول: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] ويقول: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا [سبأ:28].
فاشترط الله عزّ وجلّ في الآية لنجاتهم في الآخرة كما قال “مَن آمنَ باللهِ واليومِ الآخِر وعَمِلَ صالحًا”، وكيف يكون مؤمنًا بالله من رفض طاعة رسوله والانقياد لكتابه؟! وكيف يكون قد “عمل صالحًا” من رفض اتباع الرسالة الأخيرة التي قال الله فيها: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” (الأنبياء: 107)؟!
فإذا تبيّن أنّ رسالة النبيّ صلى الله عليه وسلم قد جاءت “للعالمين”، وأنّها جاءت بأوامر ونواهٍ “للعالمين”؛ فكيف يكون ناجيًا في الآخرة من أعرض عنها ورفض اتّباعها وقد قال الله تعالى: “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا” (النساء: 65).
وكيف نفهم قول الله عزّ وجلّ لأهل الكتاب: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ” (المائدة: 15). هل يتصوّر عاقل أنّ الله عزّ وجلّ يخاطب أهل الكتاب بالقرآن ويخبرهم بأنّه أرسل إليهم رسوله بكتابه ليكون كافيا عنده أن “يصدّقوا” الرسول مع رفضهم اتباع ما جاء في الكتاب؟!