قوانين السعادة 5- الرضا جنة الدنيا

تاريخ الإضافة 15 أبريل, 2024 الزيارات : 57

قوانين السعادة

5- الرضا جنة الدنيا

نتكلم عن قانون جديد من قوانين السعادة؛ وهو: السعادة في الرضا.

هل أنت فعلا راضِ عن حياتك ؟ كلا لست راضيا عنها.

 هذا طبيعي لأنك في الدنيا ولست في الجنة ،الرضا التام في الجنة لأنها ليس فيها نقص ليس فيها تعب ليس فيها هم ولا غم ولا مرض ولا موت ….

سماها ربنا سبحانه وتعالى دار السلام، لكن الدنيا دار الابتلاء والاختبار، ووجودنا فيها مؤقت، ولا يوجد أحد من أهل الدنيا نال كل شيء فيها ؛ حتى خيرة خلق الله من الأنبياء وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بل قد شدد الله عليهم في الابتلاء أكثر من غيرهم، ليكونوا قدوات لنا.

فالسعادة في الدنيا ليست بكثرة ما أعطاك الله إنما في الرضا عن الله وبما قسمه لك ( القناعة)، وأن يكون لدى المسلم ثقة في أن الله لا يظلم عباده شيئا، ولسان حاله أنا واثق يا رب من قسمتك لأني لا أستطيع أن أدرك كل شيء، وهذا هو الإيمان الحقيقي: الاستسلام لله والرضا عن أقداره سبحانه وتعالى وعما قسمه لك.

والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإن اللهَ – عز وجل – إذا أَحَبَّ قومًا ابتلاهم ؛ فمن رَضِيَ فله الرِّضَى، ومن سَخِطَ فله السُّخْطُ)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا )

وقيل ليحيى بن معاذ : متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا ؟ فقال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه ، فيقول : إن أعطيتني قبلت . وإن منعتني رضيت . وإن تركتني عبدت . وإن دعوتني أجبت .

ولذلك نجد الامام ابن القيم في مدارج السالكين يقول: إن الرضا هو أعلى درجات التوكل على الله وثمرة من ثمار محبة الله.

وقيل للحسين بن علي رضي الله عنهما : إن أبا ذر رضي الله عنه يقول : الفقر أحب إلي من الغنى ، والسقم أحب إلي من الصحة . فقال : رحم الله أبا ذر . أما أنا ، فأقول : من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمن غير ما اختار الله له .

وقال الفضيل بن عياض لبشر الحافي : الرضا أفضل من الزهد في الدنيا . لأن الراضي لا يتمنى فوق منزلته .

 وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى رضي الله عنهما : أما بعد ، فإن الخير كله في الرضا ، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر .

إذن قضاء الله وقسمة الله لأرزاق العباد كل ذلك نافذ على الجميع ففز بالرضا.

وليس معنى كلامي التواكل أو الدعوة للكسل، وندخل في الجبرية ؛ كلا أنا أقصد أن تأخذ بالأسباب كما أمر الله ، ثم ترضى بقسمة الله لك، فلا تسخط.

قصة رجل أراد بيع بيته:

أراد رجل أن يبيع بيته فذهب لمكتب متخصص في السمسرة، وقام المكتب بتصويرالبيت وغرفه وموقعه، وعمل وصف للبيت، فلما رأى صاحبنا صور بيته والوصف قال له باندهاش هذا بيتي؟!! كلا لا أريد بيعه.

لما اعتاد النعمة وألفها لم يعرف قيمة النعمة… وكثير من النعم لأننا ألفناها واعتدنا عليها لا نلتفت إليها، ودائما الإنسان فينا ينظر إلى ما أخذ منه ، لكن لا ينظر كم أعطاه الله عز وجل ولذلك العلماء قالوا لا تنظر ماذا فقدت لكن انظر كم وجدت؟

كلنا قرأنا قصة موسى والخضر، ونبي الله الخضرفي هذه القصة يمثل قدرالله الخفي، فهنالك من أقدار الله الخفية التي لا يدرك الإنسان ما وراءها وحقيقتها لحكمة يعلمها الله سبحانه وتعالى، لكن الإيمان بالله جل وعلا يجعلك مستسلما راضيا بما قضى الله وقدر، جاء في هذه القصة المباركة ثلاثة مشاهد تبين حكمة مخفية وراء كل حدث ، وطبعا الأحداث نعرفها وهي :
1-
مشهد ركوب السفينة وخرقها .
2-
مشهد قتل الغلام .
3-
مشهد الجدار وهدمه ثم بنائه مرة أخرى .
فهذه الحالات الثلاث لو أخذنا بظاهرها فلكل أحد أن يقف موقف موسى منها بالإنكار على الخضر ، كيف لك أن تركب سفينة ثم تحدث بها عيبا وقد أحسن الناس إليك فهذا شر في مقابل الإحسان، وكيف تقتل نفسا زكية طفلا صغيرا غلاما لم يبلغ الحلم، ولم يجر عليه القلم تقتله بدون وجه حق ، أيضا أهل القرية ، وهم أهل لؤم وبخل رفضوا أن يضيفوا موسى والخضر رغم أنهم غرباء عن المكان فلم يعطوهم ولو قليلا من الطعام ، ثم يقوم الخضر بهدم جدار بالمدينة ثم يبنيه فيقول له موسى -( لو شئت لاتخذت عليه أجرا )- [الكهف/77]

ثم تأتي الآيات بعد ذلك على لسان الخضر ليفسر لنا حكمة الله التي خفيت عن موسى والتي تخفى عنا في كثير من أقدار الله عز وجل ، هذه المسألة هامة جدا لأن القضاء والقدر يحتاج إلى الثقة والإيمان بالله ، واليقين بالله سبحانه وتعالى .

قصة شاب من دمشق:

سمعت قصة للشيخ راتب النابلسي قال كان عندنا شاب في قرية من قرى دمشق وكان يدرس الطب في جامعة دمشق، ويسافر يوميا إلى الجامعة للدراسة، وهذا الطالب كان ضعيف البنية، فركب يوما سيارة أجرة ليذهب للجامعة وفي الطريق أوقف السيارة اعترض طريق السيارة شبيح (بلطجي) فسأل السائق : عندك مكان؟ قال له :لا ، فلمح الشبيح الطالب بعينه فحمله ، وقام برميه خارج السيارة وركب مكانه، وبكى هذا الشاب كثيرا لهذا الموقف لأنه أحس بضعفه وانكساره ، وجاءت سيارة أخرى بعد ربع ساعة تقريبا، وركبها ، وبعد ستة كيلومتر رأى منظرا بشعا، فقد انقلبت السيارة التي كان يركبها واشتعل الحريق فيها!!!

 فلو تأملنا لعلمنا أن هذا الشبيح جاء لينقذه من الموت وأن ما حدث له من قهر وظلم كان لطفا من الله تعالى بهذا الشاب.

وتأملوا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- ” واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وما أخطأك لم يكن ليصيبك ” ليس عندنا في الإسلام شيء اسمه الحظ والنحس بالمفهوم الشائع ، إن فلان له حظ اليوم أو حظ الشهر …الخ من كلام الناس ، أو أن هذا نحس ، هذا اليوم أو الرقم أو البيت أو الشارع الفلاني نحس …الخ ، فيعلقون الأشياء بالحظ والنحس وهذا كله خلل بالعقيدة ؛لأن كل شيء يحدث إنما يحدث بتقدير وتدبير من الله عز وجل .

أقدار الله لا تخلو من حكمة :

لا ينبغي أن يخفى علينا أبدا أن كل شيء يحدث في الكون لله فيه تقدير وتدبير وحكمة ، -( تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير )- [الملك/1] بيده الملك جل جلاله ، فلا تخلو أوامر الله من حكمة ، ولا تخلو نواهيه عن حكمة ، ولا تشريعاته ولا أقداره عن حكمة.
تسأل نفسك :
لماذا اشتغلت في الشركة الفلانية ؟ الخ 

ربما ساعتها لا تدرك الإجابة ولا تحيط بها علما تماما كموسى ، لكن بعد أن يمر الوقت ترى أن الله جعل في هذا الشر الظاهر خيرا كامنا ، ودائما ما أسمع البعض يقول : ليه يا رب كده ، وهذا طبعا لا يجوز ، لكن من يقولها إنما يقولها بوسوسة من الشيطان حتى يوقعه في السخط على الله ولا يشكره على نعمة من نعمه -( ولا تجد أكثرهم شاكرين )- [الأعراف/17] فتسمع أحدهم يقول : يا رب أنا لم أخطئ في حق أحد ، أنا لم أظلم أحد ؟ لماذا يحدث لي كل هذا ؟ هذا على وفق علمك القاصر ، على وفق ما تراه عيناك ، لكن الله سبحانه وتعالى يجعل أحيانا فيما يقدره لك من شر دفعا لشر أكبر.

فكلنا نحتاج أن نحقق السعادة بالرضا عن الله وبالثقة في الله عز وجل.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 54 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع