حكم أداء العمرة عن الغير
هل يجوز أداء العمرة عن أحد أقاربي سواء كان حيا أو ميتا؟
الجواب :
يجوز أداء العمرة عن الميت، وعن الحي العاجز عن أدائها بنفسه، سواء كانت عمرة فريضة، أو عمرة تطوع، أما الحي القادر فإذا كان قد أدى عمرة الفريضة بنفسه فيجوز عند الحنفية أداء عمرة تطوعاً عنه، وإلا فلا، وذهب الجمهور إلى المنع .
ويشترط فيمن يؤدي العمرة عن غيره أن يكون قد اعتمر عن نفسه أولا فإن الأصل جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ الْعُمْرَةِ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ كَالْحَجِّ تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَالِيَّةٌ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ :
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاءُ الْعُمْرَةِ عَنْ الْغَيْرِ بِأَمْرِهِ ؛ لِأَنَّ جَوَازَهَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ ، وَالنِّيَابَةُ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْأَمْرِ ، فَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَاعْتَمَرَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ تُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْعُمْرَةِ وَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: تَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَدَاءِ الْعُمْرَةِ عَنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ مَيِّتًا أَوْ عَاجِزًا عَنْ أَدَائِهَا بِنَفْسِهِ, فَمَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ عُمْرَةٌ وَاجِبَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِأَنْ تَمَكَّنَ بَعْدَ اسْتِطَاعَتِهِ مِنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى مَاتَ ، وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى الْعُمْرَةُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَلَوْ أَدَّاهَا عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ بِلَا إذْنٍ.
وَتَجُوزُ النِّيَابَةُ فِي أَدَاءِ عُمْرَةِ التَّطَوُّعِ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ أَدَائِهَا بِنَفْسِهِ, كَمَا فِي النِّيَابَةِ عَنْ الْمَيِّتِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْعُمْرَةُ عَنْ الْحَيِّ إلَّا بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ فَلَمْ تَجُزْ إلَّا بِإِذْنِهِ أَمَّا الْمَيِّتُ فَتَجُوزُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ انتهى.
ومن الأدلة على جواز ذلك :
ما روى الترمذي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي ماتت ولم تحج أفأحج عنها؟ قال: نعم حجي عنها. قال: وهذا حديث صحيح.
قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي: قوله : نعم حجي عنها. فيه جواز الحج عن الميت. اهـ
وفي الترمذي أيضا عن أبي رزين العقيلي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حُجَّ عن أبيك واعتمر. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح
وإنما ذكرت العمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن يعتمر الرجل عن غيره. وأبو رزين العقيلي اسمه لقيط بن عامر. اهـ
ويدل لجواز العمرة عن الغير ما رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شبرمة! قال: من شبرمة؟ قال أخ لي أو قريب لي، فقال: حججت عن نفسك ؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم عن شبرمة. قال الترمذي: حسن صحيح .
والعمرة والحج في ذلك سواء.
والخلاصة نجدها في ما قاله ابن قدامة في المغني:
قال : ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه فرضا كان أو تطوعا لأنها عبادة تدخلها النيابة فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة، فأما الميت فتجوز عنه بغير إذن واجبا كان أو تطوعا لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحج عن الميت، وقد علم أنه لا إذن له، وما جاز فرضه جاز نفله كالصدقة، فعلى هذا كل ما يفعله النائب عن المستنيب مما لم يؤمر به مثل أن يؤمر بحج فيعتمر أو بعمرة فيحج يقع عن الميت لأنه يصح عنه من غير إذنه، ولا يقع عن الحي لعدم إذنه فيه، ويقع عمن فعله لأنه لما تعذر وقوعه عن المنوي عنه وقع عن نفسه مُقَامَهُ كَالْفِدْيَةِ فِي بَابِ الصَّوْمِ .انتهى