قال ابن قدامة في المغني: عن الاقتداء بإمام يلحن بالفاتحة: فإن سمع قراءته وعلم أنه يلحن في الفاتحة لحنا يخل بالمعنى مثل من يبدل حرفا بحرف نوى مفارقته وأتم صلاته، ولا يجوز له الاقتداء به بعد أن علم حاله، فإن اقتدى به بطلت صلاته وعليه إعادتها، سواء كانت صلاة واحدة أو أكثر، فإن لم يعلم عدد تلك الصلوات التي صلاها على هذه الحالة أعاد من الصلوات ما يغلب على ظنه أنه عدد ما عليه من فوائت الصلاة،
هذا كله إذا كان المأموم يحسن قراءة الفاتحة، فإن كان مثل الإمام في اللحن صحت صلاته، ويجب عليهما التعلم وإصلاح ما تصح به صلاتهما إن أمكن ذلك، أما اللحن في غير الفاتحة مثل إبدال العين همزة من التسميع فلا يبطل الصلاة ولا يبيح مفارقته.
وقال ابن قدامة في المغني: ومن ترك حرفا من حروف الفاتحة; لعجزه عنه، أو أبدله بغيره، كالألثغ الذي يجعل الراء غينا، والأرت الذي يدغم حرفا في حرف، أو يلحن لحنا يحيل المعنى، كالذي يكسر الكاف من إياك، أو يضم التاء من أنعمت، ولا يقدر على إصلاحه، فهو كالأمي، لا يصح أن يأتم به قارئ. ويجوز لكل واحد منهم أن يؤم مثله ; لأنهما أميان، فجاز لأحدهما الائتمام بالآخر، كاللذين لا يحسنان شيئا. وإن كان يقدر على إصلاح شيء من ذلك فلم يفعل، لم تصح صلاته، ولا صلاة من يأتم به.
إلى أن قال: تكره إمامة اللحان، الذي لا يحيل المعنى، نص عليه أحمد. وتصح صلاته بمن لا يلحن ; لأنه أتى بفرض القراءة، فإن أحال المعنى في غير الفاتحة، لم يمنع صحة الصلاة، ولا الائتمام به، إلا أن يتعمده، فتبطل صلاتهما. انتهى.
ويرى المالكية أن اللحن إذا كان غير متعمد لا تفسد به الصلاة ولو كان في الفاتحة سواء في ذلك الإمام والمأموم. وعلى هذا القول لا يشرع للمأموم مفارقة الإمام الذي يلحن في الفاتحة إذا لم يتعمد اللحن، لكن يكره الاقتداء به إن وجد من هو أحسن منه.
هذا إضافة إلى أن المتأخرين من الحنفية يرون صحة الاقتداء بمن يبدل حرفا من الفاتحة نظراً لعموم البلوى بذلك عند كثير من الناس حيث لا يقيمون الحروف إلا بمشقة.