ورثة الفردوس (3)
(والذين هم للزكاة فاعلون)
ثالث صفة من صفات المؤمنين (والذين هم للزكاة فاعلون).
والزكاة : هي اسم لما يخرجه الإنسان من حق الله إلى الفقراء .
كما نعلم أن السورة مكّية،نزلت في وقت لم تشرّع فيه الزكاة بعد ، لذلك نجد إختلافاً بين المفسّرين في تفسير هذه الآية، ولكن الذي يبدو أصوب هو أن الزكاة كانت واجبة بمكة لكن دون تحديد، حيث كان الواجب على كلّ مسلم مساعدة المحتاجين بما يتمكّن، إلاّ أنّه أصبح للزكاة اُسلوبها الخاص عقب إقامة الدولة وتأسيس بيت مال المسلمين، حيث تحدّدت أنصبتها من كلّ محصول ومال. وأصبح لها جباة يجبونها من المسلمين بأمر من الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
يقول الشهيد سيد قطب :بعد إقبالهم على الله ، وانصرافهم عن اللغو في الحياة . . والزكاة طهارة للقلب والمال : طهارة للقلب من الشح ، واستعلاء على حب الذات ، وانتصار على وسوسة الشيطان بالفقر ، وثقة بما عند الله من العوض والجزاء . وطهارة للمال تجعل ما بقي منه بعدها طيباً حلالا ، لا يتعلق به حق إلا في حالات الضرورة ولا تحول حوله شبهة . وهي صيانة للجماعة من الخلل الذي ينشئه العوز في جانب والترف في جانب ، فهي تأمين اجتماعي للأفراد جميعاً ، وهي ضمان اجتماعي للعاجزين ، وهي وقاية للجماعة كلها من التفكيك والانحلال .
وعندما خلق الله تعالى الإنسان جعل فيه ميلا إلى حب المال وتملكه والاستكثار منه، فقال عنه (وإنه لحب الخير لشديد)، وقال تعالى :(وتحبون المال حباً جماً ) الفجر،وقد جعل الله تعالى المال والبنين زينة الحياة الدنيا فقال: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) [الكهف:46]، وقال تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة). فإن المال لا يطلب لذاته في هذه الدنيا، وإنما يطلب عادة لما يضمنه من مصالح، ولما يحققه من منافع، إنه وسيلة، والوسيلة تحمد أو تعاب، بمقدار ما يترتب عليها من نتائج حسنة أو سيئة.
فالمال كالسلاح، والسلاح في يد المجرم يقتل به الآخرين, ولكنه في يد الجندي قد يدفع به عن وطنه أو يحرس به الأمن في بلده، فليس السلاح محموداً أو معيباً لذاته، والمال كذلك، وقد قال الله تعالى في المال وما يسوق لأصحابه في الدنيا والآخرة من خير أو شر، قال: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ فَسَنُيَسّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ وَمَا يُغْنِى عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّىٰ [الليل:5-11].
لماذا لم يخلق الله الناس كلهم أغنياء ؟ الله تعالى من حكمته أن خلق الأغنياء والفقراء لنعرف نعمة الله علينا من رؤية هذا الاختلاف قال تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ )الشورى 27 .
أيضا تسيير أمور الناس والفقراء يقومون بالأعمال التي في نظرنا وضيعة ولكنها شريفة ومن يقم بهذه الأعمال لو خلق الله العباد كلهم أغنياء ؟ وقال سبحانه: (وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) الزخرف : 32
لماذا أمر الله بالإنفاق ؟
1. المال مال الله: المالك لكل مال هو الله الذي ملكك ومنحك وأعطاك!! وأنت لست إلا صاحب يد عارضة عليه، ومن فضل الله عليك أن جعل يدك في هذا المال تعطي نفسك، وتعطي غيرك، والمالك الأول هو رب العالمين , وهذا المعنى هو الذي أكده القرآن في قوله جل شأنه: (وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) الحديد:7.
سئل أعرابي كان في قطيع غنم يملكها … سئل: لمن هذا القطيع؟ قال: هو لله عندي!! وهذا جواب سديد، فلا تظن نفسك بالتملك قد أصبحت مالك الملك (لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ) الشورى:49.
2.المال ابتلاء من الله: ينظر ماذا أنت فاعل فيه, هل تؤدي حق الله في المال أم لا ؟ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) البقرة : 254
وقال تعالى (فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ )الفجر 15 :16
3.الرغبة فيما عند الله من الأجر والمثوبة :
عن أ بي هريرة قال : قال رسول الله(من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب , فإن الله تعالى يقبلها بيمينه , ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه , حتى تكون مثل الجبل). متفق عليه
الله تعالى فتح باب الإنفاق للجميع يا فقير يا غني يا كل رجل أو امرأة
أليس معك تمرة … تمرة من كسب طيب المهم الكسب الطيب …كانت عئشة تمسك الدراهم لأنها تقع بيد الله قبل أن تقع بيد الفقير ، والتشبيه بالفلو هنا لأنه يحتاج إلى رعاية خاصة فصاحبه يحرص على نموه ورعايته كالأم التي ترى ولدها يكبر كل يوم أمام عينها فالله ينمى لنا اللقمة …والإنسان يتصدق ولا يدري أن الله ينميها له .
4.اليقين بالعوض والجزاء : قال تعالى( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {245}البقرة
الله تعالى يعلم سجية الإنسان حب المال فعرض عليه الإنفاق في سورة قرض حسن وهذا القرض ليس للفقير إنما لله فلا خاب ولا خسر من عامل الله وطمأننا أن هذا المال سيعود لا محالة فقال تعالى :( وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سبأ 34
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان أبو طلحة أكثر أنصاري المدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء – أرض بالمدينة – وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، فلما نزلت هذه الآية: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) آل عمران: 92 ، قام أبو طلحة فقال: يا رسول الله ! إن الله تعالى يقول: (لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها حيث أراك الله، فقال رسول الله : (بخ ذاك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين) قال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه . متفق عليه.
و الملائكة صبح مساء تدعو للمنفقين .. مامن يوم يصبح فيه العباد إلا والملائكة تقول: ( اللهم اعط منفقاً خلفاً واعط ممسكاً تلفاً )
5.أكثر ما يندم عليه الإنسان عند الموت تركه للإنفاق :
قال تعالى (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )المنافقون
6– الإنفاق طهارة للنفس وللمال معا التطهير، والتزكية، اللتان وردت بهما الآية الكريمة : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها.وهما يشملان كل تطهير وتزكية، سواء كانا ماديين أو معنويين، لروح معطي الزكاة ونفسه، أو لماله وثروته.
وهي أيضا تطهير من الشح:فالشح آفة خطرة على الفرد والمجتمع، أنها قد تدفع من اتصف بها إلى الدم فيسفكه، وإلى الشرف فيدوسه، وإلى الدين فيبيعه، وإلى الوطن فيخونه.
7– الزكاة مجلبة للمحبة:
والزكاة تربط بين الغني ومجتمعه برباط متين سداه المحبة ولحمته الإخاء والتعاون، فإن الناس إذا علموا في الإنسان رغبته في نفعهم، وسعيه في جلب الخير لهم، ودفع الضير عنهم، أحبوه بالطبع، ومالت نفوسهم إليه لا محالة، على ما جاء في الأثر “جبلت القلوب على حب من أحسن إليها وبغض من أساء أليها”. فالفقراء إذا علموا أن الرجل الغني يصرف إليهم طائفة من ماله، وأنه كلما كان ماله أكثر كان الذي يصرف إليهم من ذلك المال أكثر أمدوه بالدعاء والهمة، وللقلوب آثار، وللأرواح حرارة، فصارت تلك الدعوات سبباً لبقاء ذلك الإنسان في الخير والخصب. وكما قال الرازي، وإليه الإشارة بقوله تعالى (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) وبقوله عليه الصلاة والسلام: “حصنوا أموالكم بالزكاة“.
8– والزكاة وسيلة أساسية في محاربة الفقر تعاونها وسائل أخرى مثل الصدقات التطوعية، والكفارات، وقوانين المعاملات الشرعية من أداء للأمانات، واستيفاء للعقود، وتحريم للربا والميسر والتطفيف والاحتكار والاكتناز والغرر، ونحو ذلك. وهي تسهم مساهمة كبيرة في إزالة آثار الفقر على النحو التالي:
إزالة آثار الفقر الاقتصادية :
أ- تعمل الزكاة على القضاء على الفقر في المجتمع المسلم؛ إذ إنها تستهدف الفقراء في المقام الأول، وتذهب لسد الحاجات الأولية لهم؛ بل إن المهمة الأولى للزكاة هي علاج مشكلة الفقر علاجا جذريا أصيلا لا يعتمد على المسكنات الوقتية، أو المداواة السطحية الظاهرية، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر في بعض الأحيان هدفا للزكاة غير ذلك، كما في حديثه لمعاذ حين أرسله لليمن، وأمره أن يعلم من أسلم منهم أن “الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم”.
ب- الزكاة تضمن توزيع العائد الاقتصادي، وتحقيق العدالة الاجتماعية حتى لا يكون المال متداولا بين الأغنياء فقط {كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} .
والزكاة بهذا لا تحارب الفقر بمعونة مؤقتة أو دورية، وإنما بوسيلة وقائية توسع فيها دائرة التمليك وتكثر عدد الملاك؛ “ذلك أن هدف الزكاة إغناء الفقير بقدر ما تسمح به حصيلتها، وإخراجه من دائرة الحاجة إلى دائرة الكفاية الدائمة، وذلك بتمليك كل محتاج ما يناسبه ويغنيه كأن يُملَّك التاجر متجرا وما يلزمه ويتبعه، ويُملَّك الزارع ضيعة وما يلزمها ويتبعها، ويُملَّك المحترف آلات حرفته، وما يلزمها ويتبعها؛ فهي بهذا العمل تعمل على تحقيق هدفٍ عظيم: هو التقليل من عدد الأجراء والزيادة من عدد الملاك” .
ج. الأثر المباشر في تخصيص الموارد: فمصارف الزكاة الثمانية تتوزع بين مجالات الضمان الاجتماعي (الفقراء والمساكين وابن السبيل) والنشاط العسكري (في سبيل الله)، وتأمين النشاط الإنتاجي والتعامل الائتماني (الغارمين)، والنشاط الدعوي (المؤلفة قلوبهم) ونحوه.
د- الزكاة تشجّع على الاستثمار لأنها تجب في المال المرصود للنماء بالفعل كالحيوانات التي تنمو وتلد، والأرض التي تُزرع وتُحصد، والمرصود للنماء بالقوة كالدراهم والدنانير.. فالزكاة تُجبر صاحب المال على ألا يترك ماله مخزنا معطلا عن الاستثمار، وإلا صار في تناقص مستمر كما في الحديث “ألاَ مَن ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة”.
هـ- الزكاة حل لمشاكل الفقراء الاجتماعية ومن أمثلة ذلك:
– مشكلة العزوبة: كل مؤمن يريد إعفاف نفسه بالزواج يمد المجتمع إليه بالمساعدة في المهر ونفقات الزواج إن كان من أهل الحاجة.
– مشكلة المشردين واللقطاء: يقول الدكتور القرضاوي: “إن من المعاصرين من صرف معنى ابن السبيل إلى اللقيط، ولا بُعد في ذلك؛ فمن الواجب أن يكون لهم حظ في مال الزكاة؛ ترعى به شئونهم، وينفق منه على حسن تربيتهم، وإعدادهم لغد طاهر مستقيم. والذين لا يدخلون اللقيط في (ابن السبيل) يدخلونه قطعا في الفقراء والمساكين؛ فهو من مصارف الزكاة بلا نزاع.
فاعلية الزكاة في معالجة الفقر في صدر الإسلام
لقد أثبتت الزكاة فاعليتها في علاج الفقر في تاريخ السلف الصالح؛ إذ كانت تؤخذ بتمام حقها وتصرف إلى مستحقيها.. فأدت إلى القضاء على الفقر في وقت وجيز.. وتواترت قصص وأخبار صحيحة عن أن بعض ديار المسلمين خلت من الفقراء.. من هذه الأخبار:
ما رواه أبو عبيد أن عمر بن الخطاب أنكر على معاذ بن جبل أن بعث إليه بثلث صدقة أهل الجند باليمن فقال له: لم أبعثك جابيا ولا آخِذَ جزية، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم. فرد معاذ بقوله: ما بعثت إليك بشيء وأنا أجد أحدا يأخذه مني، فلما كان العام الثاني بعث إليه بشطر الصدقة فتراجعا بمثل ذلك، فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها، وكانت حجة معاذ أيضا: ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا .
ما رواه البيهقي عن عمر بن أسيد أن عمر بن عبد العزيز قد أغنى الناس حتى لا يجدون من يأخذ منهم مال الصدقة، وشهد بذلك يحيى بن سعيد حين قال: بعثني عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية (منطقة تونس)، فجمعتها وطلبت الفقراء أعطيها لهم، فلم أجد فقيرا يقبل أن يأخذ مني صدقة بيت المال، فاشتريت بها رقابا وأعتقتهم بعد أن جعلت ولاءهم للمسلمين .
أخيرا : احترم الإسلام حق التملك: أو الملكية الخاصة:
فالإسلام يبيح حرية التملك، ويعتبره حقاً له مكانته، ويعتبر أن الجور على هذا الحق في المجتمع ليس من شأن المسلمين، ، فلكل إنسان الحق المطلق في أن يكتسب بكد يمينه، وعرق جبينه ما يقيم به معايشه، وما يصون به مروءته، وما يربي به ولده، وما يحفظ به عرضه، لكل إنسان الحق كاملاً في هذا .
السبب في أن الإسلام احترم الملكية الخاصة، ورفض ما تبنته بعض النظريات القديمة والحديثة من شيوع المال ورفض الملكية الخاصة لأنه يحترم حرية الإنسان، ولما كان حق التملك جزءاً من الحرية الإنسانية فإن الإسلام لم يصادره، والله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان ليكون عبد أحد، وإنما خلقه ليكون عبد ربه وحده جل شأنه، ومن حق الإنسان أن يكون حُراً، ومن تمام حريته أن يمتلك، هذا سبب.
وسبب آخر أن استثمار الأموال وزيادة الإنتاج إنما يكونان بالملكية الخاصة، فإن صاحب المال الذي يعلم أن يده عليه وحقه فيه يسهر على حمايته، ويتفننُّ في إبعاد الآفات عنه، ولكنه يوم يعلم أن هذا المال ليس له، وأن زيادته لن تعود عليه فإنه لا يبالي زاد أم نقص، وإن بالى فإن دوافعه إلى حفظه ستكون أضعف من دوافعه النفسية يوم يكون المال ملكاً له.
وقد ثبت عن طريق التجربة أن المال الخاص أنمى وأقدر على المضي في سلم الترقي والزيادة من أي مال عام!!
يسر الإسلام للناس أسباب التملك, ودعا الناس لتنمية أموالهم ولكن وضع لهم ضوابط عديدة منها تنمية المال بطرق الكسب الحلال , ثم أداء حق الله في المال , والبعد عن السرقة والغش والاحتكار والخيانة .. إلخ .