أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

تاريخ الإضافة 26 نوفمبر, 2023 الزيارات : 372

أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون 

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّـهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ ﴾ [يونس: 62] فمن هم أولياء الله؟

تعريف الوليّ  :

الأولياء هم {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [سورة يونس:63] فالولي هو العبد الذي آمن بالله، وصدّق به وبما جاء من عنده، والتزم بالشرع باطناً وظاهراً، وداوم على ذلك، هذا هو ولي الله  الذي يحبه وينصره، ويبشره برضوانه، وعند فراقه للدنيا، يرتفع عنه الخوف والحزن.

والولاية على درجتين :

1- درجةُ المقتصدين.

2- درجةُ المقربين.

وقد جاء تِبيان هاتين الدرجتين العاليتين في قوله تعالى:﴿ثُمَّ أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَـٰبَ ٱلَّذِینَ ٱصۡطَفَیۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمࣱ لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدࣱ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِیرُ﴾ [فاطر 32]

وفي حديث رواه الإمام البخاري في صحيحه عن حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- وهو حديث قدسي يقول الله جل وعلا : (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) فذكر جل شأنه في هذا الحديث القدسي أهل الولاية وأنهم على درجتين :

الدرجةُ الأولى :المقتصد : وهو من فعل الواجب وترك المحرم ، كما في الحديث : (مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ) والله عز وجل افترض على العباد فعل الواجبات وترك المحرمات ، فمن أعانه الله ووفقه ففعل ما وجب عليه وترك ما حرمه الله عليه فهو من أولياء الله جل وعلا وهو من عباد الله المقتصدين .

والدرجة الثانية وهي أعلى وأرفع : درجة السابقين بيَّنها جلّ شأنه بقوله : ( وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ – أي بعد الفرائض – حَتَّى أُحِبَّهُ ) ؛ بمعنى أن السابق بالخيرات وعبد الله المقرَّب بعد رعايته للفرائض وحفظه لها وعنايته بها ينافسُ في فعل الرغائب والمستحبات حتى يفوز برفيع الدرجات وعالي الرُّتب ، قال : (حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ) أي أن دعوته مستجابة ولا يردها ربُّ العالمين .

 ومن قصر عن هاتين الرتبتين ولم يبلغ بقصوره حد الكفر بالله جل وعلا فهو مسلِمٌ ظالمٌ لنفسه وهو معرَّضٌ يوم القيامة لعقوبةِ الله جل وعلا إلّا أن العقوبةَ لمثل هذا إذا حصلت تكون للتمحيص والتطهير ثم يكونُ مآله بعد ذلكم دخولُ الجنة.

أما المقتصدون والسابقون بالخيرات فإن دخولهم إلى الجنة دخولاً أوَّلياً بدون حسابٍ ولا عذاب ، وقد جمع الله جل شأنه هذه الأصناف الثلاثة في الآية السابقة : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ  جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ( [فاطر:32-33] 

وقوله جل شأنه: ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا) يتناول بعمومه الظالم لنفسه والمقتصد والسابق للخيرات إلا أن المقتصد والسابق بالخيرات كما تقدم دخولهما إلى الجنة بلا عذاب وأما الظالمُ لنفسه بالمعاصي والموبقات التي هي دون الكفر بالله جل وعلا فمآله إلى الجنة لكنه قبل ذلك قد يمرُ بمرحلة تمحيصٍ وتطهيرٍ وتنقية فيكون دخولُه للنار دخولَ تمحيصٍ وليس دخولَ تخليدٍ وتأبيد .

معنى قوله:﴿ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ ﴾:

الحزن هو انكسار النفس من إثر حصول المكروه عندها فهو أمر لا توجد حقيقته إلا بعد حصوله، والخوف يكون قبل حصوله.

ثم هم وإن كانوا يحزنون لما يصيبهم من أمور في الدنيا كقول النبي – صلى الله عليه وسلم – (وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون) فذلك حزن وجداني لا يستقر بل يزول بالصبر ، ولكنهم لا يلحقهم الحزن الدائم وهو حزن المذلة وغلبة العدو عليهم وزوال دينهم وسلطانهم ، ولذلك جيء في جانب نفي الحزن عنهم بإدخال حرف النفي على تركيب مفيد لتقوي الحكم بقوله : ولا هم يحزنون لأن جملة هم يحزنون يفيد تقديم المسند إليه فيها تقوي الحكم الحاصل بالخبر الفعلي ، فالمعنى لا يحصل لهم خوف متمكن ثابت يبقى فيهم ولا يجدون تخلصا منه .

 فمعنى (لا خوف عليهم) أنهم بحيث لا يخاف عليهم خائف ، أي هم بمأمن من أن يصيبهم مكروه يخاف من إصابة مثله، ولذلك لا يخاف عليهم أولياؤهم لأنهم يأمنون عليهم من عاقبة ما يتوجسون منه خيفة ، وهم أنفسهم إذا اعتراهم الخوف لا يلبث أن ينقشع عنهم وتحل السكينة محله ، كما قال – تعالى : ( وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين )[التوبة:25]

وقال لموسى:( لا تخاف دركا ولا تخشى )[طه:77]، وقال : (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)[الأعراف:201] 

ويحتمل أن يكون في الآخرة، أي: لا يهتمون بهمها، ولا يخافون عذابًا ولا عقابًا ولا يحزنون لذلك، ويحتمل أن يكون ذلك في الدنيا، أي لا يخافون أحدًا من أهل الدنيا، ولا من أعراضها، ولا يحزنون على ما فاتهم منها، والأول أظهر، والعموم في ذلك صحيح، لا يخافون في الآخرة جملة، ولا في الدنيا الخوف الدنيوي الذي هو في فوت آمالها، وزوال منازلها، وكذلك في الحزن.

وفي الحديث عن أبي هريرة : (إنَّ من عبادِ اللهِ عبادًا ليسو بأنبياءَ ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهَداءُ قيل : من هم ؟ لعلنا نحبُّهم ؛ قال : هم قوم تحابّوا بنورِ اللهِ ، من غيرِ أرحامٍ ولا أنسابٍ ، وجوهُهم نورٌ على منابرَ من نورٍ ، لا يخافون إذا خاف الناسُ ، ولا يحزنون إذا حزن الناسُ ، ثم قرأ : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) صححه الألباني في صحيح الترغيب.

وبين الله سبحانه لنا أن لأولياء الله بشرى:(لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة)[يونس 64] فما هي هذه البشرى؟

أولاً: البشرى في الحياة الدنيا تكون بأشياء، منها:

1-  إعلام الولي بأن الله معه بنصره وتأييده، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) [سورة النحل:128]. وقال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [سورة غافر:51].

2- إعلام الولي بما أعده الله له في الآخرة من النعيم والرضوان، كما قال تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [سورة البقرة:25].

3- من ثمرات الولاية تسديد الله لوليه كما في الحديث السابق قوله : ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها) والمعنى هنا على تقدير مضاف محذوف؛ أي: کنت حافظ سمعه الذي يسمع به، فلا يسمع إلا ما يحل سماعه، وحافظ بصره فلا ينظر إلا إلى ما يحل نظره، وهكذا.

4- من البشارات للولي في الدنيا ما يراه المؤمن في النوم، أو يرى له من الخير، فقد قال الرسول ﷺ: لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة، وقال ﷺ في تفسير البشرى: الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له هذا تفسير البشرى، ورواه الترمذي وهو حديث حسن.

6-  مما أعد الله للولي في الدنيا استجابة الدعوة، وهذا الذي تضمنه الحديث الذي سبق شرحه: (ولئن سألني لأعطينه) أي : لأعطينه ما سأل من أمور الدنيا والآخرة جلبا أو دفعا، والتعبير بالإعطاء بمعنى التحقيق لا الإيصال حتى لا يكون السؤال مقصورا على الجلب.

قوله: (ولئن استعاذني لأعيذنه) أي: إن طلب الإعاذة مني والحفظ مما يضره في دنياه، أو آخرته، لأعيذنه مما يخاف، وهذا حال المحب مع محبوبه يعطيه ما سأل، ولا يرد دعاءه، ويعيذه مما استعاذ منه، وسنة الله مع أوليائه أن يعيذهم، وأن يحفظهم من كل مكروه.

7- ما يجريه الله على يدي الولي من العجائب مما هو فوق قدرة البشر، وهي الكرامات ؛ كما وقع لمريم -عليها السلام، وأصحاب الكهف، والغلام مع الساحر، والصبي الذي خاطب أمه في أصحاب الأخدود في قصة الأخدود إلى غير ذلك، وكما قلنا هذا الأخير لا يشترط للولي، بمعنى إذا لم يقع لا يكون ولياً، فقد يقع وقد لا يقع.

ثانيا: البشرى في الآخرة تكون بأشياء، منها:

1- حسن الخاتمة: قال تعالى : ﴿یُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَیُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِینَۚ وَیَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا یَشَاۤءُ﴾ [إبراهيم 27]، وهذا وعد من الله تعالى لعباده المؤمنين الصادقين بأنه يثبتهم على الإيمان مهما كانت الفتن والمحن حتى يموتوا على الإيمان فيوفقهم في الدنيا لطاعته، ويتوفاهم على حسن الخاتمة ﴿وفِي ٱلآخِرَةِ﴾ أي في القبر إذ هو عتبة الدار الآخرة عندما يسألهم الملكان من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيثبتهم بالقول الثابت وهو الإيمان .

2- تبشير الملائكة له عند خروج روحه  برحمة الله تعالى وهذا من معنى قول الله تعالى: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) [سورة يونس:64] وقال تعالى : ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ قَالُوا۟ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَـٰمُوا۟ تَتَنَزَّلُ عَلَیۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ أَلَّا تَخَافُوا۟ وَلَا تَحۡزَنُوا۟ وَأَبۡشِرُوا۟ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِی كُنتُمۡ تُوعَدُونَ نَحۡنُ أَوۡلِیَاۤؤُكُمۡ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَشۡتَهِیۤ أَنفُسُكُمۡ وَلَكُمۡ فِیهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلࣰا مِّنۡ غَفُورࣲ رَّحِیمࣲ ﴾ [فصلت 30-32]

2- ويبشرأيضا بمدح الأخيار وهذا من عاجل بشرى المؤمن والناس شهداء الله في أرضه كما في الحديث الصحيح أنه مُر على النبي -عليه الصلاة والسلام- بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال «وجبت وجبت وجبت» ومر بأخرى بأثني عليها شيئًا فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- «وجبت وجبت وجبت» قيل يا رسول الله ما وجبت؟ قال «أثنيتم على الأولى خيرًا فوجبت له الجنة وأثنيتم على الثانية شرًا فوجبت له النار أنتم شهداء الله في أرضه»

3- يبشر بالنعيم في الحياة البرزخية ، فأرواح المؤمنين تسرح في الجنة إلي يوم القيامة روي النسائي في سننه بسند صححه الألباني كعب بن مالك كان يحدث عن رسول الله ( قال « إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه » روي الطبراني في معجمه الكبير بسند صححه الألباني عن أم هاني الأنصارية أنها سألت النبي صلى الله عليه و سلم أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضا ؟ قال النبي صلى الله عليه و سلم : تكون النسم طيرا تعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها “

4- الأمن يوم الفزع الأكبر: يناديهم منادي الرحمن مطمئناً لهم: (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ) ويقول لهم: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) وسِرُّ هذا الأمن أن قلوبهم كانت تخاف ربها في الدنيا، فقاموا من ليلهم وأظمئوا نهارهم واستعدوا ليوم الوقوف بين يدي الله، كما قال تعالى مخبراً عن مقالتهم: (إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً)  ومن كانت هذه حاله وقاه الله شر ذلك اليوم: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً، وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم (يقول الله عزَّ وجلَّ: وعِزَّتي وجلالي، لا أجمع لعبدي أمنين، ولا أجمع عليه خوفين، إن هو أَمِنني في الدنيا أخفته يوم أجمع فيه عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمَّنته يوم أجمع فيه عبادي).

5- أن يكونوا تحت ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: إمامٌ عادلٌ، وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ، ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في المَسَاجِدِ، ورَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ اجْتَمعا عليه وتَفَرَّقَا عليه، ورَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أخَافُ اللَّهَ، ورَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ، ورَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ)  

6-وتعظم الفرحة حين يأتي أهل الإيمان وجوههم بيضاء مستنيرة، قال الله تعالى: قال الله -تعالى-: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون) [آل عمران: 106-107]، فهنا يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل، فقال: ﴿يوم تبيض وجوه﴾ وهي وجوه أولياء الله أهل الإيمان وفعل الخيرات والاعتصام بحبل الله المتين ﴿وتسود وجوه﴾ وهي وجوه أهل الشقاوة والشر،هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة، وأولئك أبيضت وجوههم، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم.

.وقال تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ)[عبس:38،39] ومسفرة: أي: مشرقة مضيئة مستنيرة، ويأتي المصلون المتوضئون يوم القيامة غُرًّاً مُحجَّلين من آثار الوضوء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أمتي يدعون يومَ القيامةِ غُرًّا محجَّلين من آثار الوضوء)؛ والمراد: النور الكائن في وجوه أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

7-الفرحة بدخول الجنة دار النعيم: قال تعالى :﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [النساء: 13]

 والسعادة الكبرى يوم القيامة تكون في سَوْقِ المتقين مُكرَّمين إلى جنات النعيم؛ قال الله تعالى: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]. أي طابتْ أعمالُكم وأقوالُكم وعقائدُكم، فأصبحتْ نفوسُكم زاكية، وقلوبُكم طاهرة، فبذلك استحققتم الجنات.وقد أخبر النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أوَّلِ زُمرةٍ تدخلُ الجنةَ بلا حسابٍ، ولا عذاب، فقال: «أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم، من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، يسبحون الله بكرة وعشيا» رواه البخاري ومسلم.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 52 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع