علاج ضيق الصدر
نعيش اليوم مع خطبة بعنوان علاج ضيق الصدر:
وضيق الصدر مرض يشتكي منه الكثير منا خاصة مع هذه الأوضاع العجيبة التي نعيشها نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر كل عسير وأن يفرج كل كرب.. اللهم آمين.
فالكثير منا دائما ما يشكو من ضيق الصدر وضغوطات الحياة وأنه يركض حيث لا منتهى ولا راحة.
إخواني وأحبابي الكرام، لعلنا قد تناولنا طرفا من هذه المسألة في خطب كانت بعنوان : (علاج الخوف والتوتر) وتكلمنا عن مسألة :
1-العمل للدنيا ونسيان الآخرة:
فالكثير منا يظن أن الراحة في هذه الدنيا… أبدا لا راحة في الدنيا بالمعنى الحقيقي؛ لا راحة دائمة؛ لا راحة أبدية؛ لا سعادة باقية…. هذه ليست نظرة تشاؤمية….. الدنيا فيها الخير والشر، فيها الراحة والتعب، فيها الصحة والمرض. ….لكن من يظن أنها صحة أبدا أو عافية أبدا أو غنى أبدا… فهذا واهم والله سبحانه وتعالى قال: ” لقد خلقنا الإنسان في كبد” يعني في تعب ومشقة.
فالواحد منا يسعى في هذه الدنيا ويعلم أن سعيه منتهاه أن يلقى الله عز وجل بما عمل خيرا كان أو شرا، فيلقى الله جل وعلا فيجازيه على أعماله.
إذن فمن أكبر أسباب ضيق الصدر هو العمل للدنيا ونسيان الآخرة… العمل للغنى. العمل والسعي والكد والتعب في سبيل الدنيا. لا مانع أن يسعى الإنسان كما أمرنا الله بأن نسعى أخذا وطلبا للرزق “هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه” لكن الإشكال أن تكون الدنيا هي أكبر همك. ….اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.
وهذا ما قال عنه رب العزة سبحانه: ” ولكن أكثر الناس لا يعلمون* يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون”. فلما يتكلم عن الدنيا هو الخبير بها، هو العامل الساعي فيها. فإذا سألته عن آخرته كأنه لم يسمع أو كأنه لم يفهم. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا. نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الصالحين.
إذا يا إخواني من أوسع وأكبر أسباب ضيق الصدر أن الدنيا كبيرة في نفوسنا فلما يفوتنا شيء منها يصيبنا الألم والحسرة والضيق.
ولذلك سبحان الله حتى علماء السلوك كالحسن البصري وغيره كانوا يقولون أن المنافسة على الدنيا تسبب ضيق الصدر أما المنافسة على الآخرة فإنها تسبب اتساع الصدر وانشراحه لأن المنافسة على الدنيا فيها التحاسد، فيها التباغض، فيها المنافسة على المال والمادة. فكل منا يشعر أن غيره سيأخذ حقه أو سيأخذ نصيبه. أما السباق على الآخرة فإنه سباق نحو الجنة، سباق إلى مرضاة الله ؛ فهنا تجد الصدر وقد اتسع وانشرح وشعر دائما بالراحة سبحان الله. فكان الحسن البصري رحمه الله يقول: من نافسك في الآخرة فنافسه فيها ومن نافسك في الدنيا فاتركها له.خليه يشبع يعني سبحان الله فهي دار الزوال وليست دار البقاء.
2- الأمر الثاني يا إخواني، التفاؤل وعدم الإستجابة للتشاؤم. هنالك في الحياة مراحل يمر بها الإنسان: مراحل بناء الشخصية، بناء المستقبل، بناء الذات، تكوين الأسرة… هذه المراحل لا شك أنها صعبة فيجد الإنسان صعوبات كثيرة. وأنا أعلم أن الكثير منا جاء هنا إلى هذا البلد وأحلامه عريضة كبيرة وأنه وأنه… فتفاجأ بأن شهادته غير مقبولة لا بد من معادلة وتفاجأ أن سوق العمل لا يحتاج إلى تخصصه، فاحتاج إلى أن يدرس مرة أخرى أو أن يعمل عملا دون ما خطط له… ويخطط لدخل معين فالدخل يكون أقل… وأولاده و و و …فيجد نفسه سبحان الله متشائما. وهنالك من أصيب بأمراض عضوية بسبب هذه الضغوطات والشعور بالخيبة والتشاؤم والفشل. لماذا؟
سبحان الله… أنت عليك أن تسعى وليس عليك إدراك المقاصد. الذي عليه النتائج هو الله سبحانه وتعالى. قد تسعى، وهذه سنة الله التي علمنا إياها “فإذا عزمت فتوكل على الله” لكن من تمام التوكل أن ترضى بما أراده الله. ….نحن نفهم التوكل خطأ يا إخواني. التوكل ليس معناه أن تفوض الله في الأمر فقط. التوكل معناه أن تفوض الأمر لله و ترضى بما أراده الله……. أنت تقول حسبنا الله ونعم الوكيل. نعم الوكيل يعني وكلته في أمورك فهو الوكيل في أمرك ترضى بما قضاه فيك سبحانه وتعالى ، فهذه الآمال العريضة كما قلت صاحبها ما صاحبها من ضغوطات فحدثت أمراض وحدثت مشاكل وحدث خراب لبعض الأسر. نقول لا ينبغي أبدا أن يكون الإنسان واهما. هذه الدنيا تحتاج إلى جد واجتهاد. بل لذتها في تعبها كما قال من عاش فيها دهرا طويلا. ثم بعد ذلك كما بنيت وكما أسست ستجد الراحة.
3- ولنعلم يا إخواني أن من أسباب ضيق الصدر الشيطان :
لأن الشيطان دائما ما يبث فينا روح التشاؤم. روح المشاعر السلبية. إفتراض السيء والأسوأ، أنك دائما على خطر، أنك دائما كذا وكذا. بعض الناس ربما مشكلته يقول والله المشكلة هي أن عملي غير دائم. المشكلة أنه غدا لا أدري أين سأكون. المشكلة أني كنت أنوي شراء كذا ولم أشتر. يا أخي هذه ليست مشكلة. أنت لست من يقول للشيء كن فيكون. لكن الشيطان يشعرك بهذا كما قال الله عزوجل “إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا” هو يريد إدخال الغم والكآبة عليك. “الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء” سبحان الله حين تدعى إلى الصدقة يعني يجعل الدنيا كلها فوق رأسك. صدقة… من أين لك بالصدقة؟ أنت عليك وعليك وعليك إلتزامات وديون وكذا وكذا…..أبوك يطلب منك المساعدة أو أسرتك أو كذا. من أين؟ فيعدك بالفقر ويحضر لك كل شيء يحتاج إلى نفقة؛ إذا فلا تنفق !!! الشيطان يعدكم الفقر. سبحان الله… فلما دائما تستشعر هذا المعنى أنك عندك فقر، أن النفقات عالية، أنك غدا ستكون محتاج، غدا ستغرق في الديون، غدا أسوأ، غدا أسود، غدا مظلم. أعوذ بالله ما هذا؟ فتستسلم لوساوس الشيطان. الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء. هذا وعد الشيطان فما وعد الرحمن؟
“والله يعدكم مغفرة منه وفضلا”. اذا هل تصدق وعد الله؟
ومن أصدق من الله حديثا. طيب لماذا تستجيب لتشاؤمات الشيطان؟
لماذا تستجيب لغد أسود مظلم يعدك به الشيطان وهو كذاب؟
وهو كذاب سبحان الله “يعدهم و يمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا”. الشيطان لن يعدك أبدا إلا بشهوات وإغراق فيها وملذة حاضرة وسعادة زائفة. لكن هل تجد الشيطان يدعوك إلى التفاؤل؟
يدعوك إلى الثقة في الله، إلى الرضى بقضاء الله وقدره؟ فلا تسترسل مع الشيطان في هذه الأمور. لا تسترسل.
4- من أسباب ضيق الصدرالتمادي في الخيالات والأوهام :
لا تتمادى في الخيالات والأوهام. بعض الناس، من أسباب ضيق الصدر عندهم الإغراق في الخيالات مع الإستجابة لوساوس الشيطان أن غدا مظلم أسود. بعض الناس لما يسمع أن فلان أصيب بمرض يتشاءم. سبحان الله هذا فلان في قارة أخرى غير القارة التي تعيش فيها. لأ ما هو سبحان الله ممكن يصيبني. تسمع أن فلان قريبك إبنه عمل حادث. أن فلان الذي تعرفه له قريب توفى أخ أو أخت. أن فلان، أن فلان… فتضع نفسك فورا في هذا الموقف وتعيش مرحلة من ضيق الصدر وضيق الحال وضغط النفس….. وهذا كله من الشيطان يا إخواني.
الهدف منه أن تبقى ساخطا على الله. أن تبقى دائما محزونا متشائما سلبيا. والنبي صلى الله عليه وسلم علمنا وهو الذي مر بفترات في حياته صعبة قاسية. مر في المصائب وفي الإبتلاءات وعلى الرغم من هذا كان صلى الله عليه وسلم يتفاءل.
كان يرى ضوء الفجر في ظلمة الليل. وكان يبشر أصحابه رضوان الله عليهم وكانوا يثقون فيما يقوله صلى الله عليه وسلم. كما في الآية “ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما” فدائما يا إخواني ما نستشعر روح التفاؤل والإيجابية والتعامل مع الأموربهذه الروح.
فأنت تزرع دائما في نفسك هذه الروح فينشرح صدرك وتقبل على العمل وتقبل على السعي بعكس الآخر الذي أحاط نفسه بالأوهام والقلق والمتاعب والغموم. هذا كله يا إخواني من أسوأ ما يصيب الإنسان. سبحان الله العظيم.
ولذلك لعلكم تذكرون قصة الحصان الذي وقع في بئر. الحصان كان يعدو بسرعة لم ينتبه أن البئر أمامه فسقط فيها. نادى صاحب الحصان على جيرانه ليساعدوه قالوا :لا حل إلا أن تقوم بردم البئر كله ويموت الحصان وانتهى لأنه هكذا يتعذب!!!
لم يجدوا حلا إلا هذا الحل. فماذا فعلوا؟
أخذوا التراب وأخذوا يلقون به على الحصان في البئر. فبينما هم منشغلين بالعمل هذا يلقي وهذا يلقي وهذا يلقي، سمعوا صهيل الحصان قد اقترب. فنظروا في البئر فإذا بالحصان كلما سقط عليه شيء من التراب هز ظهره وجعله تحت قدمه فيرتفع ويرتفع ويرتفع حتى نجا الحصان. فالحصان هذا الحيوان البهيم فكر بأيجابية مع هذه الأزمة الشديدة التي معناها إنتهاء حياته فكلما نزل التراب على رأسه ارتفع بهذا التراب ….ونجا وعاش لصاحبه.
فسبحان الله ربما الأزمات والشدائد هي التي تصنع منك الإنسان. لما تتكلم مع واحد خبرته في الحياة خمسين سنة مثلا ويكلمك عن ماضيه وعن شبابه وعن اجتهاده يتكلم بخبرة السنين. تعب واجتهد وسافر وسهر. وهكذا فكثير من شبابنا و الذين هم في مقتبل الحياة عندهم مسألة الشعور بالعجز والفشل.
يا أخي نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم علمنا قال: احرص على ما ينفعك (هذا الأخذ بالأسباب) واستعن بالله ولا تعجز. اعمل ما في يدك ما في استطاعتك. لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. يا أخي لن تصلح العالم. لن تغير الكون. أنت فرد فافعل ما في وسعك. إفعل ما تستطيعه. لكن البعض حتى عندما يسمع النشرة ويسمع بمشكلة هنا وهنالك، يشعر أنه سبب هذه المشكلة. يشعر أنه جزء من هذه المشكلة. التفكير السلبي هو هذا أنك لما ترى المذابح والمجازر ومناظر الدمار والقنابل المتفجرة وهذه الحوادث المتكررة في حياتنا تشعر وكأنك جزء من هذه المنظومة. وهذا هو التفكير السلبي. التفكير الإيجابي أن تسأل ما الذي ينبغي أن أعمله لإنهاء هذه المجازر أو هذه البشاعات. عمل إنساني، عمل سياسي، عمل تطوعي، عمل إيماني وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وهكذا كان يفكر صلى الله عليه وسلم. لكن التفكير السلبي الدائم أنه أي مشكلة أنت جزء منها. أي مصيبة أنت جزء منها. أي مرض ينتشر في العالم سيصيبك. أي واحد يصاب بنكبة ستأتيك. لماذا هذا يا إخواني؟ لماذا هذا؟
فسبحان الله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمنا أن نتعوذ بالله من هذه الروح السلبية فكان كل صباح ومساء يقول:
“اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”
فالهم هو أن تعيش الروح التشاؤمية لما سيأتي (المستقبل). الخوف من المستقبل. التشاؤم بما هو في غد. فدائما همام. عندك هم.
والحزن المقصود به ما يداخل القلب بسبب شيء مضى. فالإثنان مرفوضان عندنا في الإسلام.
لا حزن دائم ولا هم دائم لأن الإثنان سيذهبان بالإنسان.
اسأل أي واحد بدأ مرحلة الضغط العصبي أو النفسي أو الاكتئاب أو هذه الأمراض كلها ، بدأت بهذا الشكل. بدأت أنه كان أسير لأزمة نفسية مضت أو أنه أسير مستقبل مظلم متشائم. فالرسول علمنا أن نتعوذ بالله من الإثنين (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال)
5- من أسباب ضيق الصدر الإغراق في الديون :
وفي الحديث السابق أيضا نتعلم مسألة من المسائل التي تسبب ضيق الصدر وهي مسألة الإغراق في الديون. الحياة هنا في كندا تشجع على التسوق. أي مكان للبيع هنا يشفط ما في جيبك شفطا -إن صح التعبير- بمعنى أنه لا يترك لك خيار الإدخار أبدا. لكن المؤمن الحكيم الذي يعلم أين ينفق ولماذا ينفق. المسألة ليست الإنفاق من أجل الإنفاق. الشراء من أجل الشراء. والله سبحانه وتعالى وصف عباد الرحمن بأنهم( إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) لا إسراف ولا تقتير ولا بخل يعني. (وكان بين ذلك قواما ) وسطا. لا نقول لك لا تأكل ولا تشرب. إنما قال تعالى:” وكلوا واشربوا ولا تسرفوا” ونبينا صلى الله عليه وسلم قال: (كل ما شئت )من طيبات الله عز وجل (والبس ما شئت ما اجتنبتك خصلتان) تجنب أمرين. ما هما يا رسول الله؟(سرف ومخيلة ) السرف هو الإسراف والمخيلة :الكبر.
إذا فتنفق في طعامك في شرابك في معاشك باعتدال بلا إسراف ولا تقتير.
الإشكالية مع وجود بطاقات الإئتمان هذه الأشياء شجعت على الإنفاق دون أن تبالي. سبحان الله أنت جالس على الإنترنت فتشتري الشيء أون لاين مجرد تدخل أرقام البطاقة الخاصة بك فيأتيك الشيء المشترى إلى باب بيتك. لا دفعت ولا رأيت فلوس خرجت منك ولا تعبت حتى في الذهاب للمكان. فتشتري وتشتري وتشتري. نفس الحكاية البعض يذهب هنالك في عروض في كذا في كذا… هل تحتاج إليه؟ ربما. هل تقدر على ثمنه؟ لا.ولذلك حتى العلماء الذين رخصوا في استعمال هذه البطاقات قالوا أنه يجب عليك أن يكون عندك في رصيدك ما يغطي هذا الصرف. يعني لو أني مثلا في حسابي في البنك ألفين دولار وأنا أنفقت بهذا الكارت ثلاثة أو أربعة فأنا متعمد لأكل الربا بدون داعي. أنا أتعمد ذلك لأنه ليس عندي ما يغطي.
طبعا هنالك حالات الضرورة هذه لا نتكلم فيها نحن نتكلم عن الأشياء التي من الممكن أن تؤجل. الأشياء التي من الممكن أن يكون لها وقت آخر. إذا استغنينا عنها لا نشعر بضيق في حياتنا ولا أثر بالغ ولا حرج ولا شيء من هذا القبيل.
حدث عن هذا الكثير يا إخواني نغرق أنفسنا في الأقساط و الفواتير وسداد الديون لسنين طويلة. بالله عليك تتقاضى راتب ما شاء الله وفي أول الشهر يقص من هذا الراتب ستين أو سبعين في المئة. ماذا تبقى لك؟
لا شك أنك ستشعر بضيق الصدر. أنك تعمل ولا تجد. تعمل لحساب من تنفق أو تدفع لهم كل شهر.
أنت الذي غمرت نفسك في هذه الديون. فغلبة الدين أن الدين يعجزك يغلبك. عندك دخل لا يتوازى مع نفقاتك. السبب هو أنك دائما تتطلع أن تعيش حياة أكبر وحياة أفضل وحياة أرقى وهذا يا إخواني ليس بشيء فيه حرمة إنما الحرمة حينما تتطلع إلى الأحسن وأنت لا تملك. تتطلع إلى الإنفاق والكماليات وأنت لست معك. فأتمنى لو ضيقنا جانب الديون. صدقوني يا إخواني ستفرق في الحالة النفسية كثيرا. الحالة النفسية تشتد مع غلبة الدين. عندك مسؤوليات كثيرة. عندك نفقات كثيرة فلما تزود هذه النفقات بالمزيد من الديون لا شك أنك ستصاب بالضغط وضيق الصدر ودوام الهم. فانتبه لهذا الأمر. خل عندك توازن في الأمور. خل عندك توازن في الديون. خل عندك توازن في السداد. كل شيء يمشي بخطة بترتيب.
أما قصة أنه أنا جالس أون لاين أو أن الشيء الفلاني أعجبني وإن لم أحتج إليه أو الشيء الفلاني أريد شراءه فقط لأني أريد أن أشتريه دون أن يكون معي ثمنه فأنت بذلك ستقع في دائرة الربا وأكل الربا. ستقع في دائرة الديون وغلبة الدين. ستقع في ضيق الصدر. ستقع في مشاكل أسرية. وهذا الأمر عجيب جدا يا إخواني.
من الأشياء التي تسبب نفس الموضوع، موضوع السفر إلى بلادنا. مسافرإلى بلده يريد أن يشتري هدية لكل كبير وصغير في بلده وهذا يا إخواني صعب. أنت في بلد هنا مسؤولياتك فيها كبيرة وكثيرة. فلما تشتري مع ضغط السفر تقول لا مشكلة هذا الشهر بالكريديت . يا أخي أنت دخلت في الربا وهذه هدايا فسبحان الله ينسى ويذهب معه الهدايا لكل كبير وصغير ويدخل السعادة على أقاربه وإخوانه وأبناء إخوانه والتعاسة تلحق به حينما يعود وقد دخل في دائرة الربا.
هذه الكروت لا يقومون بتفعيلها لك لوجه الله الكريم. الهدف الفائدة الربوية. طيب أنا ما الذي أوقعني في هذا الأمر؟
لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها. نازل البلاد ما معك هدايا ولا قدرة على الهدايا ما في إشكال. هل سيقولون لك تفضل إرجع إلى الخلف لا نريد رؤيتك بدون هدايا؟ طبعا ليس معنى هذا أني أقول أن لا نهادي الناس أو نقطع الرحم ولكن أقول أن من معه وسع الله عليك أما من ليس معه فلا شيء عليك. لا توقع نفسك في ضغط الربا. لا توقع نفسك في كثرة الديون. لا توقع نفسك في أن تدخل في مرحلة الإنهيار المالي. فهذه المسائل يعني لها آثارها السلبية. فمن أسباب ضيق الصدر يا إخواني غلبة الدين. التوسع في الديون. لا ينبغي أبدا أن نكون أسرى لهذا الجانب.
العلاج يكون باللجوء إلى الله :
إخواني، أقول أن التغلب على الحياة وما فيها من مشقات ومتاعب باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى. يا إخواني أنا إنسان ضعيف. رب العزة يقول “وخلق الإنسان ضعيفا”. أعبد إلها قويا. إذن حينما أضعف وأعجز ألجأ إليه سبحانه وتعالى. نحن يا إخواني ماديين إلى حد عجيب. نسلك كل الأسباب ونطرق كل الأبواب إلا باب الله. يا أخي، الله خالق كل شيء. إنتبه لهذا. يقول للشيء كن فيكون. ربك قادر ليس بعاجز. قوي ليس بضعيف. عليم ليس بجاهل. أرحم الراحمين وهكذا.
فحينما تضيق بك إلجأ إلى الله. سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم كان مع شدة الدعوة ما كان همه الدنيا أبدا وما كان يحزن على الدنيا. إنما كان حزنه وضيق صدره سببه إعراض المشركين عن الإيمان. يدعوهم فيرفضون. يدلهم على الخير ويفعلون به ما يفعلون كما نعلم من أحداث السيرة. فأنزل الله تعالى قرآنا يتلى عليه لنتعلم. قال
“ولقد نعمل أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين* واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”.
ربما يلتفت البعض لهذا الأمر على أنه من السيرة. نعم هو من السيرة ولكن لنتعلم. عندما يضيق صدرك على دنيا أو على دين على مستقبل على شيء لم تنجزه على شيء عجزت عنه، فسبح سبح بألفاظ التسبيح المعروفة. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. سبحان الله وبحمده. سبحان الله العظيم. دعوة يونس عليه السلام: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. النبي قال ما دعا بها مسلم في كرب إلا أجابه الله. قال له رجل يا رسول الله أليونس خاصة؟ قال بل المسلمين عامة. ألم تقرأ قول الله تعالى “فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين”.
فلما يصيبك كرب سبح حتى ينشرح صدرك، حتى يتسع. فسبحان الله يا إخواني التسبيح ربما نغفل عنه. “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”. لما تقع في ورطة أو في مشكلة، فيقال لك لاتخف عندنا محامي هذا المحامي عنده خبرة كذا وكذا من السنين. فتطمئن نعم تطمئن. فأنا أقول لك مع أخذك بالأسباب من المحامي أو غيره سبح بحمد ربك. إلجأ إليه. “ألا بذكر الله تطمئن القلوب”.
وكن من الساجدين.
سبحان الله النبي علمنا لما كان يصيبه أمر يفزع إلى الصلاة وكلمة يفزع لاحظوا الصحابة كان عندهم دقة في استعمال الألفاظ. كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة بمعنى كلمة فزع. مثل الطفل لما يفزع يجري إلى أمه أو أبيه. فأنت إذا حزبك أمر اشتد عليك أمر افزع إلى الصلاة. بعض الأئمة وهو في سفره جاءه خبر وفاة أحد إخوانه. نزل فتوضأ وصلى. قالوا سبحان الله نقول لك فلان مات تصلي؟ قال “يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”.
فلما تصاب بضيق أو شدة صلي لله. ولا أريد التوسع في المسألة الأطباء يقولون أنه حينما تصاب بالضيق أو ارتفاع بالضغط يكون هناك شحنات كهربية في الرأس وحين تضع رأسك على الأرض تفرغ هذه الشحنات. كل هذا وارد لكن أترك المسألة في الأساس علاقة بينك وبين الله. دعك من شحنات الكهرباء وهذه الأشياء وأبق على الجانب الروحي بينك وبين الله وكن من الساجدين. “يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين” سبحان الله أرحنا بها يا بلال فاسترح مع الله. إسترح بالله.
الشيخ علي الطنطاوي فقيه الشام رحمة الله عليه يقول حينما كنت صغيرا كنت أظن أني لن أعيش بدون أبوي فلما مات والدي قلت سأعيش مع إخوتي فظننت مع مرور الزمن أني لن أعيش بدونهم ولن أفارقهم فتزوج كل واحد من إخوتي وصارت له حياته وتزوجت أنا الآخر وأنجبت وصار لكل منا أبناء فقلت هؤلاء أبنائي هم حياتي لن أعيش بدونهم ولن أفارقهم. قال ودار الزمن وتزوج كل واحد منهم وصارت له أسرة فلم يبق لي إلا الله فقلت فعلا لاغنى لنا عن الله. لا تقطع صلتك بالله. كل صلة تنقطع إلا صلتك بالله.
كل من على هذه الدنيا كما قال الله عز وجل والباقي هو الله عز وجل “ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”.
فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين.آخر نقطة واعبد ربك حتى يأتيك اليقين :
يعني لا تجعل الأمر بالعكس. بعض الناس لما يصاب بمصيبة الشيطان يوسوس له وبماذا نفعتك الصلاة وبماذا نفعتك العبادة وبماذا كذا و…. واعبد ربك لا تشك. لا يتسرب الشك إلى نفسك. أنت على يقين بالله. تعلم أن هذا اختبار من الله عز وجل. تعلم أن الله يضيقها ليربينا فعطاؤه جل وعلا لحكمة ومنعه لحكمة.
(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) يعني الموت يعني طالما أنت في هذه الدنيا لاتنقطع عن عبادة الله. لا غنى لك عن الله عز وجل. فهذا دواء من أدوية القرآن علم الله نبيه وعلمنا من خلفه. “ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين”.
وللحديث بقية إن شاء الله