ما حكم دخول المسلم الكنيسة؟
سائل يسأل: هو يعمل في مدرسة هنا كاثوليك مع أطفال لديهم إعاقات مختلفة ويكون ملازما لهم في المناسبات الدينية تذهب المدرسة بالطلاب والموظفين للكنيسة لآداء صلوات وطقوس فهل عليه اثم ان ذهب للكنيسة ملازما للأطفال الذين يعمل معهم
طبعا هو لا يقوم بتأدية اي صلاة فقط يلازم الأطفال كما هو مطلوب منه في عمله؟
حكم دخول الكنيسة:
الراجح من أقوال أهل العلم جواز دخول الكنائس ومعابد الكفار من غير كراهة كما هو مذهب الجمهور؛ فهو مذهب المالكية وقول عند الشافعية والصحيح من مذهب الحنابلة.
وقيل: يجوز دخولها ما لم يكن فيها تصاوير وتماثيل وهو مذهب الشافعية ورواية في مذهب الحنابلة.
وقيل: يكره دخولها لأنها مجمع للشياطين وهو مذهب الحنفية ورواية عند الحنابلة.
وقال بعض الشافعية: لا يدخلها إلا بإذن أهلها .
أدلة القول بالجواز :
1. ثبوت دخول الصحابة رضوان الله عليهم للكنائس وصلاتهم فيها, فصلى أبو موسى رضي الله عنه بكنيسة بدمشق اسمها نحيا (المصنف 4871) كما ثبت ذلك عن غيره من الصحابة.
2. عقد عمر رضي الله عنه مع النصارى المشهور بالشروط العمرية وفيه وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل وأن نُنزِل من مر بنا من المسلمين ثلاثة أيام ونطعمهم(البيهقي 18497)
قال ابن القيم رحمه الله: وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها, ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها (أحكام أهل الذمة3/164)
3- ما ثبت من زيارة أمهات المؤمنين لكنيسة في الحبشة حيث ذكرت بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية وكانت أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أتتا أرض الحبشة, فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها فرفع رأسه فقال: أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، ثم صوروا فيه تلك الصورة، أولئك شرار الخلق عند الله (البخاري 1276)
فأنكر عليه الصلاة والسلام فعل النصارى في تصويرهم وبنائهم على القبور ولم ينكر على أمهات المؤمنين زيارتها.
وأما الأثر الذي علقه البخاري عن عمر رضي الله عنه, ووصله عبد الرزاق من طريق أسلم مولى عمر رضي الله عنه: لما قدم عمر الشام صنع له رجل من عظماء النصارى طعامًا ودعاه فقال عمر: إنا لا ندخل كنائسكم من الصور التي فيها يعني التماثيل(مصنف عبد الرزاق 1610)
فمحمول على أن عمر هو خليفة المسلمين وقد يغتر بفعله الناس إذا رأوه يدخل الكنيسة مع ما فيها من التماثيل والصور فيظنون ذلك منه إقرارًا لما هم عليه من الشرك والضلال ؛ فامتنع حينئذ من الدخول.
قال ابن قدامة رحمه الله: وروى ابن عائد في فتوح الشام أن النصارى صنعوا لعمر رضي الله عنه حين قدم الشام طعامًا فدعوه، فقال: أين هو ؟ قالوا: في الكنيسة فأبى أن يذهب, وقال لعلي: امض بالناس فليتغدوا, فذهب علي رضي الله عنه بالناس فدخل الكنيسة وتغدى هو والمسلمون, وجعل علي ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل. (المغني8/113)
أحوال لا يجوز فيها زيارة الكنيسة أو المعبد:
1 عندما يوافق ذلك عيدًا أو مناسبة دينية لديهم فيكون الحضور حينئذ مشاركة في أعياد الكفار المنهي عنها شرعًا، وقد قال عمر رضي الله عنه بإسناد صحيح: لا تدخلوا عليهم في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم (مصنف عبد الرزاق 1609)
2 عندما يُلزم الحاضرون بالمشاركة في الشعائر كأن يطلب من الزائر تقديم أو فعل ما فيه تعظيم للمعبد ككشف الرأس أو الانحناء أو الإنشاد ونحو ذلك.
3 إذا خُشيت الفتنة على الزائر ومن معه بورود الشبه على قلوبهم مما يرونه ويسمعونه ، وهذا يرد كثيرًا على الأطفال ومن ليس لديه علم ويقين بحقيقة بطلان دينهم .
4 إذا كان حضورك بغير إذنهم أو ظن من في المعبد أو الكنيسة أن حضورك فيه استهزاء بشعائرهم وعباداتهم.
5 إذا كان لك شأن فيفتتن بذلك ويظن من لا علم لديه أن هذا إقرار منك لشعائر دينهم كما في قصة عمر رضي الله عنه.
6 إذا كان حضورك ووجودك على هيئة المقر لما يقولونه ويفعلونه من كفر وشرك في صلواتهم وعباداتهم ، ولا يصدق الإنكار بالقلب إذا لم يخالطه مفارقة للمنكر وأهله مع القدرة على ذلك .
قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}.
قال القرطبي رحمه الله: فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر، لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله عزوجل: {إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ} فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.
لم يتضح الحكم حصرا في حالة هذا الشخص الموظف الذي جزء من مهمته يتطلب منه كما أشرنا الذهاب للكنيسة مجرد مرافق وغير موافق
لقد ذكرت التفصيل بأن دخول الكنيسة جائز عند بعض العلماء لكن لا يجوز حضور أعيادهم او قداسهم وصلواتهم فان استطاع ان يوكل غيره معتذرا عن هذا العمل فهذا أفضل، وان حضر مضطرا فينكر بقلبه.
ويبقى في عمله مضطرا وعليه أن يبحث عن عمل لا يباشر فيه ذلك الأمر.
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى