ثلاثون سؤالا وجوابا في فقه الأضحية

تاريخ الإضافة 14 يونيو, 2024 الزيارات : 7331

ثلاثون سؤالا وجوابا في فقه الأضحية

1- اذكر تعريف الأضحية؟

 الأضحية هي ما يذبح من الأنعام  في ضُحى يوم العيد تقرباً إلى الله تعالى.

والأنعام هي الإبل والبقر ويشملها الجاموس والغنم ويشملها الماعز

2- ما حكم الأضحية بغير بهيمة الأنعام؟

لا تصح التضحية بالدجاج ونحوه لأن من شروط الأضحية : أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي الإبل والبقر والغنم بسائر أنواعها  لقوله تعالى : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَام)

وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَلا عَنْ أحد من أَصْحَابِهِ التَّضْحِيَةُ بِغَيْرِهَا . 

قال النووي ” فشرط المجزئ في الأضحية أن يكون من الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم , سواء في ذلك جميع أنواع الإبل ، وجميع أنواع البقر , وجميع أنواع الغنم من الضأن والمعز وأنواعهما ، ولا يجزئ غير الأنعام من بقر الوحش وحميره وغيرها بلا خلاف ، وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك ، ولا خلاف في شيء من هذا عندنا . . . ” انتهى باختصار .“المجموع” (8/364-366)

وهل يصح الخبر أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل بلالا بما ضحيت يابلال قال بلال بـ (ديك ) فقال له النبي ممازحا مؤذن ضحى بمؤذن ؟

هَذَا كَلامٌ لا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ ُعَبْدُ الْحَمِيدِ كِشْكٍ رَحِمَهُ اللهُ فِي درس لَهُ فاشتهر على ألسنة الوعاظ .

3- هل الأضحية فرض أم سنة؟

بعد الاتفاق على مشروعيتها اختلف أهل العلم في حكمها على قولين:

القول الأول: الجمهور على أنها سنة مؤكدة،

واستدلوا بما يلي:

1- حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا” مسلم.

ووجه الدلالة: قوله (أراد) فتعليق الأضحية على الإرادة دليل على عدم الوجوب.

2- صح عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس أنها واجبة.

القول الثاني: ذهب أبو حنيفة والأوزاعي والليث بن سعد وأحد قولي الإمام مالك وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أنها واجبة على القادر،

واستدلوا بـ:

1- قوله تعالى ««فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»» الكوثر ، فقد قيل في تفسيره صلِّ صلاة العيد وانحر، قالوا ومطلق الأمر للوجوب

2- قوله صلى الله عليه وسلم: “من وجد سَعَةً لأن يضحي فلم يضحِ فلا يحضر مصلانا )

ووجه الدلالة أن هذا كالوعيد على ترك الأضحية، والوعيد لا يكون إلا على ترك واجب .

قال الحافظ في الفتح عن هذا الحديث رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب، ومع ذلك فليس صريحًا في الإيجاب

والذي يظهر – والله أعلم – أنها سنة مؤكدة، وأدلة الوجوب لا تدل على الوجوب، لأنها مجرد فعل، والفعل لا يصل للوجوب بذاته كما هو مقرر في علم الأصول، إلا أنه لا ينبغي للقادر تركها لما فيها من العبودية لله سبحانه وتعالى، ولاتفاق أهل العلم على مشروعيتها.

4- ما حكم اجتماع الأضحية مع العقيقة؟

إذا اجتمعت الأضحية والعقيقة ، فأراد شخصٌ أن يعقَ عن ولده يوم عيد الأضحى ، أو في أيام التشريق ، فهل تجزئ الأضحية عن العقيقة ؟

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:

القول الأول : لا تجزئ الأضحية عن العقيقة ، وهو مذهب المالكية والشافعية ، ورواية عن الإمام أحمد رحمهم الله .

وحجة أصحاب هذا القول : أن كلاً منهما – أي : العقيقة والأضحية – مقصود لذاته فلم تجزئ إحداهما عن الأخرى ، ولأن كل واحدة منهما لها سبب مختلف عن الآخر ، فلا تقوم إحداهما عن الأخرى ، كدم التمتع ودم الفدية .

القول الثاني : تجزئ الأضحية عن العقيقة، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو مذهب الأحناف، وبه قال الحسن البصري ومحمد بن سيرين وقتـادة رحمهم الله.

وحجة أصحاب هذا القول : أن المقصود منهما التقرب إلى الله بالذبح ، فدخلت إحداهما في الأخرى ، كما أن تحية المسجد تدخل في صلاة الفريضة لمن دخل المسجد .

6- ما حكم الجمع بين النذر والأضحية؟

من نذرأن يذبح شاة لله فهل له أن أجمع بين النذر والأضحية بذبح شاة واحدة  ؟

فى هذه المسألة اجتمع أمران واجب وسنة

الواجب :هو ما تعلق بالوفاء بالنذر .

والسنة ما تعلق بذبح الأضحية.

والقاعدة الشرعية فى ذلك أنه إذا اجتمع واجب وسنة فإن السنة تترك من أجل الواجب ولا يجوز ترك الواجب من أجل سنة قال تعالى : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [سورة الحج29]

وقال عليه الصلاة والسلام (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه ) رواه البخاري عن عائشة.

فالواجب الوفاء بالنذر مادام قادرا عليه ،ولا يجوز له الجمع بين النذر والأضحية بذبح شاة واحدة لأن ذبح الشاة قد وجب بالنذر .

7- ما الحـكمة من الأضحية؟ 

1- التقـرّب إلى الله تعالى

2 – إحياءً لسنّة أبينا إبراهيم عندما ذبح كبشاً فداءً لـولده إسماعيل (عليهما الصلاة والسلام).

3 – التوسعة على العيال يوم العيد

4 -شُكراً لله عز وجل لما سخّر للناس من الأنعام

5- إشاعة الفرحة بالعيد بين الفقـراء والمساكين.

8- هل صح في فضلها شيئا؟

 لسنة الأضحية فضل عظيم كما في الحديث: ( ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم ، و إنها لَتأتي يوم القيامة بقرونها و أظلافها و أشعارها ، و إن الدم ليقع من الله عز و جل بمكان قبل أن يقع على الأرض ، فطيبوا بها نفساً ) والحديث ذكره الألباني في ضعيف ابن ماجة

9- ماحكم قص الشعر او الاظافر بالنسبة للمضحي؟

الأصل في ذلك حديث حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئا) رواه مسلم.

فهل الأمر هنا بعدم الاخذ من الشعر والظفر هل هو للوجوب أم الاستحباب؟

اختلف الأئمة في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :

1- فقال أبو حنيفة: بجواز أخذ الشعر وتقليم الظفر للمضحي بلا كراهة.

2- وذهب الإمامان مالك والشافعي إلى أنه مكروه كراهة تنزيهية.

3- والحنابلة على حرمة أخذ المضحي من شعره واظفاره شئ .

والشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية بدولة قطر كان له بحث فقهي في هذا الشأن وأوفى المسألة حقها وقال في هذا الحديث : إن هذا الحديث ورد من طريق أم سلمة وحدها، ولم يروه أحد من الصحابة غيرها، وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها على أم سلمة هذا الحديث مبينة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال هذا في حق من أحرموا بالحج، وذلك لكون أهل المدينة يهلون بالحج عند طلوع هلال ذي الحجة، قالت: ولقد فتلت قلائد هدى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يمتنع من شيء كان مباحاً أي لا من الطيب ولا من النساء، ولا غير ذلك من شعره وأظفاره، ومكث عليه السلام في المدينة عشر سنين وهو يضحي عنه وعن أهل بيته، ولم يثبت عنهم هذا النهي،  ومن المعلوم أن السيدة عائشة هي أعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرف من أم سلمة بحديثه، ولو كان هناك نهي للمضحي عن أخذ الشعر وتقليم الظفر لما خفي عليها أبداً، ولكان من لوازم هذا النهي أن يشتهر بين الصحابة، ولم نعلم أن أحداً قال به ما عدا انفراد أم سلمة بحديثه.

وقد عللوا هذا النهي بأنه تشبه بالمحرم، وقول عائشة — رضي الله عنها هو المعقول المطابق للحكمة، ويؤكد فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد على كلا القولين فإن الرجل والمرأة لو أخذ كل منهما من شعره أو قلم أظفاره وأراد أن يضحي فإن أضحيته صحيحة بلا خلاف.

فاختلاف العلماء رحمة كما يقال وشعائر الأضحية فيه معنى التشبه بالمحرم، في أنه لا يتحلل إلا بعد ذبح الهدي.

10- ما هو السن الواجب في الأضحية؟

يجزئ في الأضحية من الضأن ما قارب سنة ،أو ستة أشهر

 و من الماعز ما دخل في السنة الثانية.

و من الإبل ما دخل في السنة الخامسة.

 و من البقر ما دخل في السنة الثالثة ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم: ( لا تذبحوا إلا مُسِنَّة إلا أن يُعسِر عليكم فتذبحوا جَذَعَة من الضأن ).

11- هل يجوز التضحية بعجل عمره عام واحد ؟

 يرى جمهور الفقهاء أن السن في الأضحية أمر معتبر ، ولا يجوز مخالفته ، وجوَّز المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء أن يضحي بالحيوانات المسمنة التي لم تبلغ سن الأضحية إذا كان لحمها مساويا للحم الحيوانات البالغة سن الأضحية.

فإذا كان هناك من الأضاحي ما عظم لحمه، من البقر المهجن بحيث إذا زادت عن سنتين ،فإن لحمها لا يكون مستساغًا ، ولا يوجد البقر غير المهجن، فإنه يجزئ ما كان أقل من سنتين، نظرًا لحكمة الشارع من الأضحية، وهي وفرة اللحم ، حتى ينعم الفقراء، وتيسيرًا على الناس، والأمور بمقاصدها.

فتوى المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء: 
إن اعتبار السن المحدد للأضحية في الضأن والبقر إنما هو للتحقق من الانتفاع بها ليكون ما يُضَحَّى به مجزئاً، والسن هو علامة أو أمارة على ذلك، والأصل مراعاة اشتراط السن في الظروف العادية، ما لم يتحقق النمو المطلوب قبل السن، خصوصاً الضأن الذي ينمو بسرعة في أوروبا، وكذلك عجول التسمين التي تنمو في عدة شهور، سواء أتم ذلك بنمو طبيعي أم باستخدام طرق التسمين، فإن التضحية بها جائزة تحقيقاً للمقصود الشرعي من اشتراط السن، وقد أفتى بهذا بعض مشاهير المالكية.

12- ما هي العيوب التي لا تجوز في الأضحية؟

لا يجزئ في الأضحية سوى السليمة من كل نقص في خلقتها ، فلا تجزئ العوراء و لا العرجاء و لا العضباء ( أي مكسورة القرن من أصوله أو مقطوعة الأذن من أصولها ) و لا المريضة و لا العجفاء ( و هي الهازل الضعيفة ) ؛ و ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم : ” أربعٌ لا تجوز في الأضاحي : العوراء البيِّن عورها ، و المريضة البيِّن مرضها ، و العرجاء البيِّن ضَلَعها الكسيرة التي لا تُنْقِي ( أي الهازل العجفاء )

13- ما هو وقت الذبح؟

 يبدأ وقت ذبح الأضحية في صباح يوم العيد بعد الصلاة ـ أي صلاة العيد ـ فلا تجزئ قبله أبداً ؛ لقوله صلى الله عليه و سلم: ( من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ، و من ذبح بعد الصلاة فقد تم نُسُكه و أصاب سنة المسلمين )

وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة ، أي أن أيام الذبح أربعة : يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده .

والأفضل أن يبادر بالذبح بعد صلاة العيد ، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته .

روى أحمد  عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ.

ويجوز ذبح الأضحية في أي وقت ليلاً ونهارا ، وكل يوم أفضل مما يليه ؛ لما فيه من المبادرة إلى فعل الخير

14- من الذي يصح ذبحه للأضحية؟

 يستحب أن يباشر المسلم أضحيته بنفسه ، و إن أناب غيره في ذبحها جاز ذلك بلا حرج ، و لا خلاف بين أهل العلم في ذلك.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية” (5 / 105 – 106):” اتفق الفقهاء على أنه تصح النيابة في ذبح الأضحية إذا كان النائب مسلما …والأفضل أن يذبح بنفسه إلا لضرورة.

وذهب الجمهور إلى صحة التضحية ، مع الكراهة ، إذا كان النائب كتابيا، لأنه من أهل الذكاة” انتهى.

15- ما الحكم إذا اختلفت المواقيت بين بلد الوكيل والموكل؟

وإذا اختلفت المواقيت بين بلد الوكيل والموكل ، فالعبرة في ذلك ببلد الوكيل .

وقد سُئلت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”:”  تقدم إلينا سائل بسؤال يقول فيه: بأن قريبًا له مقيم في الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج، وقد وكله في شراء وذبح أضحيته هنا في المملكة العربية السعودية، ويسأل ويقول: هل يجوز له أن يذبح هذه الأضحية مع ضحاياه بعد أن يصلي هو العيد ، وقبل أن يدخل وقت صلاة العيد على قريبه في الولايات الأمريكية، أخذًا بقوله صلى الله عليه وسلم: ( الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون ) وإذا فعل ذلك فماذا يجب عليه؟

فأجابت: يجوز للوكيل في الأضحية ذبح أضحية الموكل بعد صلاة العيد بالنسبة للوكيل ، دون الموكل؛ لأن الوكيل قائم مقام موكله ، ولا يؤثر كون ذبح الأضحية قبل دخول وقت الذبح في البلد الذي يقيم فيه الموكل .

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

15- اذكر ما يستحب عند الذبح؟

يستحب عند ذبح الأضحية توجيهها إلى القبلة ، و يقول الذابح : ” إني وجهت وجهي للذي فطر السماواتِ و الأرضَ حنيفاً وما أنا من المشركين ، إن صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي للهِ ربِّ العالمين لا شريك له و بذلك أُمِرْتُ و أنا أول المسلمين ”

 وعندما يباشر الذبح يقول : “بسم الله و الله أكبر ، اللهم هذا منك وإليك” ؛ قال تعالى : { و لا تأكلوا مما لم يُذكَرِ اسمُ اللهِ عليه } الأنعام:121 .

 وإن كان يذبح أضحية غيره قال : هذا عن فلان اللهم تقبل من فلان وآل فلان.

روى البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ : (ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا )

وروى مسلم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَأُتِيَ بِهِ لِيُضَحِّيَ بِهِ فَقَالَ لَهَا يَا عَائِشَةُ هَلُمِّي الْمُدْيَةَ (يعني السكين) ثُمَّ قَالَ اشْحَذِيهَا بِحَجَرٍ فَفَعَلَتْ ثُمَّ أَخَذَهَا وَأَخَذَ الْكَبْشَ فَأَضْجَعَهُ ثُمَّ ذَبَحَهُ ثُمَّ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ .

وروى الترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ عَنْ مِنْبَرِهِ فَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي . صححه الألباني في صحيح الترمذي .

 16- كيف تقسم الأضحية؟

 يستحب أن تقسَّم الأضحية ثلاثاً :

يأكل أهل البيت ثلثاً

و يتصدقون بثلث

و يهدون لأصدقائهم ثلثاً

عن ابن عمر قال: الضحايا والهدايا ثلث لك، وثلث لأهلك، وثلث للمساكين.

17- هل يجب الأكل منها؟

 جمهور العلماء على أن الأكل منها مستحب وليس بواجب ، وهو مذهب الأئمة الأربعة .

وذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل منها ولو شيئاً يسيراً ؛ لظاهر النصوص الشرعية الآمرة بالأكل منها، فَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا ، أَوْ بِأَكْثَرِهَا ، جَازَ .

18- هل يجب التصدق منها؟

وقد دلت النصوص الشرعية على وجوب التصدق بشيء من الهدي والأضحية ، وإن قلَّ هذا الشيء ، قال تعالى : ( فَكُلُوا مِنْهَا ، وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ، كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) .

القانع : هو الفقير الذي لا يسأل تقنعاً وتعففاً .

والمعتر : هو الفقير الذي يسأل .

فلهؤلاء الفقراء حقٌّ في الهدي ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَارِدًا فِي الْهَدْيِ ، إِلاَّ أَنَّ الْهَدْيَ وَالأُضْحِيَّةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ

وقال صلى الله عليه وسلم في الأضاحي : ( فَكُلُوا ، وَادَّخِرُوا ، وَتَصَدَّقُوا ) رواه مسلم  .

والقول بوجوب التصدق بشيء منها هو مذهب الشافعية والحنابلة ، وهو الصحيح ، لظاهر النصوص الشرعية .

وسئل الشيخ ابن عثيمين : عمن يقوم بطبخ كامل الأضاحي مع أقاربه بدون التصدق منها هل عملهم صحيح ؟

فأجاب رحمه الله بقوله :” هذا خطأ ؛ لأن الله تعالى قال : ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ) وعلى هذا : يلزمهم الآن أن يضمنوا ما أكلوه ، عن كل شاة شيئًا من اللحم ، يشترونه ويتصدقون به ” انتهى من ” مجموع فتاوى ابن عثيمين ” (25/132) .

وقال أيضا في كتاب الشرح الممتع: “قوله: يأكل ويهدي ويتصدق أثلاثاً، هذا ما اختاره أصحاب الإمام أحمد ـ رحمهم الله ـ وهذا ما ورد عن السلف ـ رحمهم الله

ـ وقيل: بل يأكل ويتصدق أنصافاً لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، وقوله: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ، ولم يذكر الله تعالى الهدية، والهدية من باب جلب المودة يحصل بهذا أو بغيره.

وهذا القول أقرب إلى ظاهر القرآن والسنة، ولكن مع ذلك إذا اعتاد الناس أن يتهادوا في الأضاحي، فإن هذا من الأمور المستحبة؛ لدخولها في عموم الأمر بما يجلب المودة والمحبة بين الناس، ولا شك أنك إذا أهديت من لحم الأضاحي في أيام الأضحية إلى غني، أنها تقع في نفسه موقعاً، أعظم مما لو أهديت له ما يقابلها من الطعام كالتمر والبر وما أشبه ذلك، وإذا كان في هذا مصلحة فهي مطلوبة، ولكن تحديدها بالثلث يحتاج إلى دليل من السنة.

والرسول صلّى الله عليه وسلّم تصدق بكل لحم الإبل في الهدي، إلا القطع التي اختارها صلّى الله عليه وسلّم أن تجمع في قدر وتطبخ” انتهى من “الشرح الممتع” (7/ 482).

19- هل يجوز إعطاء غير المسلمين من الأضحية؟

يجوز الاهداء من الأضحية لغير المسلمين ، ويدل على ذلك قوله تعالى : ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة / 8.] وإعطاؤه لحم الأضحية من البر الذي أذن الله لنا به .

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن تصل أمها بالمال وهي مشركة

وعَنْ مُجَاهِدٍ : ” أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ فِي أَهْلِهِ ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ؟ ، أَهْدَيْتُمْ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ) رواه الترمذي  وصححه الألباني.

وقال ابن قدامة رحمه الله :”ويجوز أن يُطعِم منها – أي : الأضحية – كافراً ، وبهذا قال الحسن وأبو ثور وأصحاب الرأي لأنها صدقة تطوع فجاز إطعامها الذميَّ والأسير كسائر صدقة التطوع ، فأما الصدقة الواجبة منها : فلا يجزئ دفعها إلى كافر لأنها صدقة واجبة فأشبهت الزكاة وكفارة اليمين” انتهى باختصار من” المغني ” ( 11 / 109 ) .

وفي فتاوى اللجنة الدائمة (11/424) : ” يجوز لنا أن نطعم الكافر المعاهد ، والأسير من لحم الأضحية ، ويجوز إعطاؤه منها لفقره ، أو قرابته ، أو جواره ، أو تأليف قلبه…؛ لعموم قوله تعالى: ( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ، في وقت الهدنة ” . انتهى

20- هل يعطى الجزار من اللحم؟

 لا يُعطى الجازر أجره من الأضحية ؛ لقول عليٍّ رضي الله عنه : ” أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقوم على بَدَنَةٍ ( ناقة أو بقرة ) و أن أتصدق بلحومها و جلودها و جِلالها ( مكوناتها ) ، وألا أعطي الجازر منها شيئاً ( أي على سبيل الأجرة ، و إنما يجوز على سبيل الصدقة ) ، و قال : نحن نعطيه من عندنا “.

21- هل تجزئ شاة واحدة عن أهل البيت كلهم؟

تجزئ الشاة الواحدة عن أهل البيت كافةً و إن كانوا أنفاراً عديدين ؛ لقول أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه : ” كان الرجل في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحي بالشاة عنه و عن أهل بيته “.

وحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر بكبشٍ أقرن يطأ في سواد ، ويبرك في سواد ، وينظر في سواد فأُتي به ليضحي به فقال لها : ” يا عائشة هلمي المدية ( أي أعطيني السكين ) ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ( أي أخذ يستعد لذبحه ) ثم قال : بسم الله ، اللهم تقبل من محمد ، وآل محمد ، ومن أمة محمد ثم ضحى به ” رواه مسلم

وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : ” كان الرجل في عهد النبي صلى الله عليه وسلّم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون “. رواه ابن ماجه والترمذي وصححه. وصححه الألباني في صحيح الترمذي

22- كم عدد من يجوز اشتراكهم في عجل أو جمل؟

ويجزىء سبع البعير أو سبع البقر عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم ، فلو ضحى الرجل بسبع بعير أو بقرة عنه وعن أهل بيته أجزأه ذلك ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلّم جعل سبع البدنة والبقرة قائماً مقام الشاة في الهدي فكذلك يكون في الأضحية لعدم الفرق بينها وبين الهدي في هذا .

ولا تجزئ الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر يشتريانها فيضحيان بها ؛ لعدم ورود ذلك في الكتاب والسنة، كما لا يجزئ أن يشترك ثمانية فأكثر في بعير أو بقرة ( لكن يجوز اشتراك سبعة في بعير أو بقرة ) ؛ لأن العبادات توقيفية لا يجوز فيها تعدي المحدود كمية وكيفية.

 وقد ثبت اشتراك الصحابة رضي الله عنهم في الهدي ، السبعة في بعير أو بقرة في الحج والعمرة .

روى مسلم  عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .

وفي رواية : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحَرْنَا الْبَعِيرَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ .

وروى أبو داود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( الْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْجَزُورُ – أي : البعير – عَنْ سَبْعَةٍ ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود .

23- هل يجوز للزوجة أن تضحي إذا كان الزوج لا يقدر على دفع ثمنها؟

الأضحية عبادة من العبادات رغب الشرع فيها ، من غير فرق بين الرجل والمرأة ، ولا بين المتزوجة وغير المتزوجة ، وقد دل على ذلك عمومات النصوص الواردة بشأن الأضحية ، من غير تخصيص ولا تقييد .

فإذا كانت المرأة عندها القدرة المالية ، سُن لها أن تضحي عن نفسها وأهل بيتها من مالها ، خاصة إذا لم يضح الزوج.

وجاء في ” الموسوعة الفقهية ” (5/81) : ” وليست الذكورة من شروط الوجوب ولا السنية, فكما تجب على الذكور تجب على الإناث؛ لأن أدلة الوجوب أو السنية شاملة للجميع” .انتهى باختصار.

24 – هل ثبت أن الرسول ضحى عن جميع الأمة؟

أي نعم صح ذلك ، فمن عجز عن الأضحية من المسلمين ناله أجر المضحين ؛ و ذلك لما جاء عن جابر ابن عبدالله رضي الله عنه قال : ( صليت مع رسول الله عيد الأضحى ، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه ، فقال : بسم الله والله أكبر ، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي)


25- ما حكم نقل الأضحية وذبحها في غير بلد المضحي؟

الأفضل للمسلم أن يذبح أضحيته بنفسه ؛ لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ) رواه البخاري

ويجوز أن يستنيب من يقوم مقامه في ذبح أضحيته ، ولو بلا عذر ؛ لما روى جابر أن : ( فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا، فَنَحَرَ مَا غَبَرَ) رواه مسلم

وأما التضحية خارج البلد ففيها خلاف بين أهل العلم .

فقال الحنفية: يكره نقلها كالزكاة من بلد إلى بلد ، إلا أن ينقلها إلى قرابته ، أو إلى قوم هم أحوج إليها من أهل بلده ، ولو نقل إلى غيرهم : أجزأه مع الكراهة.

وقال المالكية: ولا يجوز نقلها إلى مسافة قصر فأكثر، إلا أن يكون أهل ذلك الموضع أشد حاجة من أهل محل الوجوب، فيجب نقل الأكثر لهم، وتفرقة الأقل على أهله.

وقال الحنابلة والشافعية كالمالكية: يجوز نقلها لأقل من مسافة القصر، من البلد الذي فيه المال، ويحرم نقلها كالزكاة إلى مسافة القصر وتجزئه..” انتهى .

وقد اختار جمع من المعاصرين جواز التضحية خارج البلد لتعطى لمسلمين أشد حاجة وعوزا .

و من المصالح الكبرى التي عنيت بها الشريعة الإسلامية : تقديم المصالح، والعناية بذوي الحاجات والفقراء من المسلمين ، وإن من المصالح المحققة في هذا الباب جواز نقل الأضحية من بلد المضحي إلى بلد آخر ، لاسيما وليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ما يمنع ذلك ويدفعه ، والأصل في ذلك الجواز ، فإذا كانت الزكاة وهي واجبة بالإجماع يجوز نقلها من بلد إلى بلد للمصلحة والحاجة ، فكيف بالأضحية المستحبة ؟!

26- هل يضحي أم يعطي قريبه المريض الفقير ثمن الأضحية للعلاج ؟

الأصل أن الأضحية أفضل من التصدق بثمنها ؛ لما يترتب عليها من القربان إلى الله تعالى بالذبح والتصدق ، وإظهار هذه الشعيرة بين الأهل والأولاد وإحيائها في الناس ؛ فإن الأضحية من شعائر الإسلام .

فإن كان هذا القريب مريضا وحاجته شديدة إلى العلاج والدواء ، فإعانته في مرضه والسعي في علاجه أولى من الأضحية ، وخاصة إذا اشتد مرضه وتعينت مساعدته ولم يوجد له من أقربائه أو معارفه من يعينه .

وقد روى عبد الرزاق في المصنف عن الثوري عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال : سمعت بلالاً يقول :  لأنْ أتصدق بثمنها – يعني الأضحية – على يتيم أو مغبرّ أحب إليَّ من أن أضحي بها  . قال : فلا أدري أسويد قاله من قبل نفسه ، أو هو من قول بلال ؟ .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وَالْحَجُّ – يعني حج التطوع – عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ وَاجِبَةً . وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أَقَارِبُ مَحَاوِيجُ فَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ مُضْطَرُّونَ إلَى نَفَقَتِهِ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ كِلَاهُمَا تَطَوُّعًا فَالْحَجُّ أَفْضَلُ ، لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَالِيَّةٌ . وَكَذَلِكَ الْأُضْحِيَّةُ وَالْعَقِيقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ “. انتهى من”الفتاوى الكبرى” (5/382) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا دار الأمر بين الأضحية وقضاء الدين عن الفقير فقضاء الدين أولى ، لاسيما إذا كان المدين من ذوي القربى “. انتهى من”مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين” (13 /1496) .

27-  ما الحكم إذا عيّن الإنسان الأضحية ثم ماتت بغير تفريط منه ولا تعدٍ  ؟

إِنْ تَلِفَتْ الْأُضْحِيَّةُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ  أَوْ سُرِقَتْ أَوْ ضَلَّتْ  فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ  لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ , فَلَمْ يَضْمَنْهَا إذَا لَمْ يُفَرِّطْ كَالْوَدِيعَةِ، فإن أتلفها هو أو غيره ضمن المتسبب في التلف قيمتها أو بدلها .

28-ما حكم من اشترى أضحية وعند ذبحها تبين أنها كانت حاملا؟

اختلف العلماء في جواز التضحية بالحامل من بهيمة الأنعام ؛ فذهب الجمهور إلى جواز التضحية بها ، ولم يذكروا الحمل في عيوب الأضحية التي تمنع من الإجزاء ، وخالف الشافعية ، فذهبوا إلى المنع من التضحية بالحامل .

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (16 / 281):”ولم يذكر جمهور الفقهاء الحمل عيبا في الأضحية ، خلافا للشافعية ، حيث صرحوا بعدم إجزائها في الأضحية ؛ لأن الحمل يفسد الجوف ويصير اللحم رديئا ” انتهى.

والراجح أن الحامل من بهيمة الأنعام تجزئ في الأضحية , إذا لم يكن بها مانع آخر .

أما بالنسبة للجنين فإذا خرج حيا فإنه يذكى ويؤكل ، قال ابن قدامة في “المغني” (9/321) : ” فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً , يُمْكِنُ أَنْ يُذَكَّى , فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ , فَلَيْسَ بِذَكِيٍّ ، قَالَ أَحْمَدُ : إنْ خَرَجَ حَيًّا , فَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ ; لِأَنَّهُ نَفْسٌ أُخْرَى ” انتهى .

وإذا خرج ميتا : فجمهور العلماء على أنه يؤكل أيضا ؛ لأنه قد ذكي بذكاة أمه .

روى أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ ) وصححه الألباني

وهذا – كما ذكرنا – مذهب جماهير أهل العلم ، خلافا للحنفية .

قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (26 / 307) :”والأضحية بالحامل جائزة , فإذا خرج ولدها ميتا : فذكاته ذكاة أمه عند الشافعي وأحمد وغيرهما , سواء أشعر أو لم يشعر, وإن خرج حيا ذبح ،ومذهب مالك : إن أشعر حل ، وإلا فلا، وعند أبي حنيفة لا يحل حتى يذكى بعد خروجه ” انتهى.

29 – ما حكم الأضحية عن الأموات ؟

الأضحية عن الأموات تقع على ثلاث صور :

الأولى : أن يضحي عنهم تبعاً للأحياء مثل أن يضحي الرجل عنه وعن أهل بيته وينوي بهم الأحياء والأموات ، وهذا جائز ، ودليل هذا : أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان يضحي عنه وعن أهل بيته وفيهم من قد مات من قبل ، كخديجة رضي الله عنها .

الثاني : أن يضحي عن الأموات بمقتضى وصاياهم تنفيذاً لها ، وهذا واجب إلا إن عجز عن ذلك ، ودليل هذا قوله تعالى في تبديل الوصية : ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَآ إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) .

الثالث: أن يضحي عن الأموات تبرعاً مستقلين عن الأحياء ( بأن يذبح لأبيه أضحية مستقلة ، أو لأمه أضحية مستقلة ) فهذه جائزة ، وقد نص فقهاء الحنابلة على أن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به قياساً على الصدقة عنه ، لكن الأولى ترك ذلك لعدم وروده ، فلم يضح النبي صلى الله عليه وسلّم عن أحد من أمواته بخصوصه ، فلم يضح عن عمه حمزة وهو من أعز أقاربه عنده ، ولا عن أولاده الذين ماتوا في حياته ، ولا عن زوجته خديجة وهي من أحب نسائه إليه ، ولم يرد عن أصحابه في عهده أن أحداً منهم ضحى عن أحد من أمواته .

30- ما حكم الأضحية للحاج؟

اختلف العلماء في حكم الأضحية له ، بين قائلٍ بالمشروعية – سواء الاستحباب أم الوجوب – ، ومنهم من قال بعدم المشروعية.

والذين قالوا بعدم مشروعية الأضحية للحاج اختلفوا في سبب ذلك على قولين :

الأول : أن الحاج ليس له صلاة عيد ، ونسكه هو هدي التمتع أو القِران .

والثاني : أن الحاج مسافر ، والأضحية مشروعة للمقيمين ، وهذا قول أبي حنيفة ، وعنده أن الحاج إن كان من أهل مكة : فهو غير مسافر ، وتجب عليه الأضحية .

وأما المالكية : فقد قالوا بأنه لا أضحية على الحاج لكونه حاجّاً لا لكونه مسافراً .

وقال الشافعية وابن حزم باستحباب الأضحية للحاج وغيره .

لأن رسول الله عليه السلام حض على الأضحية فلا يجوز أن يمنع الحاج من الفضل والقربة إلى الله تعالى بغير نص في ذلك.

 وأما الحنابلة : فالأضحية عندهم جائزة للحاج وقد جاء في الحديث عن عَائِشَةَ رضي الله عنها (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

وقد ردَّ بعض أهل العلم – كابن القيم – الاستدلال بهذا الحديث ، وقالوا : إن المراد بالأضحية هنا : الهدي .” زاد المعاد ” ( 2 / 262 – 267 ) .

واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم أن الحاج لا يضحي

 ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، فقد سئل رحمه الله : كيف يجمع الإنسان بين الأضحية والحج ، وهل هذا مشروع ؟

فأجاب : “الحاج لا يضحي ، وإنما يهدي هدياً ، ولهذا لم يضحِ النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وإنما أهدى ، ولكن لو فرض أن الحاج حج وحده وأهله في بلده فهنا يدع لأهله من الدراهم ما يشترون به أضحية ويضحون بها ، ويكون هو يهدي ، وهم يضحون ، لأن الأضاحي إنما تشرع في الأمصار ، أما في مكة فهو الهدي ” انتهى من “اللقاء الشهري”.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع