حقائق تاريخية حول القضية الفلسطينية

تاريخ الإضافة 22 يناير, 2024 الزيارات : 191

حقائق تاريخية حول القضية الفلسطينية

ينبغي أن نفهم الأبعاد التاريخية للقضية والإجابة عن هذا السؤال :
هل لليهود حق في فلسطين  ؟
بداية ينبغي أن نوضح هذه الحقيقة :
إن إسرائيل كيان قام على الغصب والاحتلال وأي دولة في التاريخ قامت على الاحتلال لم تنعم بالأمن ، فرنسا لم تنعم بالأمن في الجزائر ،إيطاليا لم تنعم بالأمن في ليبيا ، بريطانيا لم تنعم بالأمن لا في مصر ولا العراق ولا الهند ، فمن حق أهل الأرض أن يدافعوا ويقاوموا حتى تتحرر الأرض السليبة وتعود لأهلها.
دعوى الحق الديني :
وقبل أن ندخل في مناقشة الحق المزعوم لليهود في فلسطين نود أن نسألهم: لماذا لم يظهر هذا الحق طوال القرون الماضية ؟ بل لماذا لم يظهر في أول الأمر عند ظهور الصهيونية السياسية المنظمة على يد (هرتزل)؟ فمن المعروف أن فلسطين لم تكن هي المرشحة لتكون الوطن القومي لليهود. بل رشحت عدة أقطار في أفريقيا وأمريكا الشمالية كذلك، ولم تظهر فكرة فلسطين -باعتبارها أرض الميعاد- الا بعد فترة من الزمن.
لقد حاول هرتزل الحصول على مكان في (موزمبيق) ثم في (الكنغو) البلجيكي، كما رشحت (الأرجنتين) عام 1897 و(قبرص) عام 1901، و(سيناء) في 1902 ثم (أوغندا) مرة أخرى في 1903 بناء على اقتراح الحكومة البريطانية.
وأصيب هرتزل بخيبة أمل كبيرة، لأن اليهود في العالم لم ترق فكرة دولة يهودية سياسية، سواء لأسباب أيديولوجية، أو لأنها كانوا عديمي الرغبة في النزوح عن البلاد التي استقروا فيها. بل ان مؤتمر الحاخامات الذي عقد في مدينة فيلادلفيا في أمريكا في أواخر القرن التاسع عشر أصدر بيانا يقول: ان الرسالة الروحية التي يحملها اليهود تتنافي مع إقامة وحدة سياسية يهودية منفصلة !
وإزاء هذا الموقف، فكر “هرتزل ” في طريقة يواجه بها هذا الوضع، وهداه تفكيره الى أن يحول الموضوع الى قضية دينية يلهب بها عواطف جماهير اليهود.. ورأى أن فلسطين هي المكان الوحيد الذي يناسب هذه الدعوة الجديدة، ولليهود بفلسطين علائق تاريخية، ولهم فيها مقدسات دينية، وارتفعت راية الدين على سارية المشروع والتهبت العواطف، وأنتصر رأي ” هرتزل ” لكن بعد وفاته، فقد احتضن المؤتمر اليهودي العالمي فكرة الوطن اليهودي في فلسطين عام 1905، بعد موته بسنة.
دعوىية الحق التاريخي: 
من المعروف تاريخيا، أن أول من بنى القدس هم “اليبوسيون ” وهم قبيلة من قبائل العرب القدامى، نزحت من شبه الجزيرة العربية مع الكنعانيين، وذلك منذ نحو ثلاثين قرنا قبل الميلاد، وكانت تسمى ” أورشالم” وقد ورد ذكر هذا الاسم في التوراة.
و بعد ذلك سكن القدس وسكن فلسطين عامة: العرب الكنعانيون وغيرهم قرونا وقرونا، إلى أن جاء إبراهيم عليه السلام مهاجرا من وطنه الأصلي بالعراق، غريبا، وقد دخل فلسطين هو وزوجه سارة، وعمره – كما تقول أسفار العهد القديم -(75) سنة.
و لما بلغ (100) سنة ولد له إسحاق، ومات إبراهيم وعمره (175) سنة، و لما بلغ إسحاق (60) سنة ولد له يعقوب، ومات إسحاق وعمره (180) سنة.
ارتحل يعقوب بذريته بعد أبيه إلى مصر، ومات بها وعمره (147) سنة، وكان عدد بنيه وأولادهم (70) نفسا لما دخلها وكان عمره (130) سنة.
و معنى هذا أن المدة التي عاشها إبراهيم وابنه إسحاق، وحفيده يعقوب في فلسطين: (230) سنة، وقد كانوا فيها غرباء لا يملكون من أرضها ذراعا ولا شبرا.
و تقول التوراة: أن المدة التي عاشها بنو إسرائيل بمصر حتى أخرجهم موسى: (430) سنة ، كانوا أيضا غرباء لا يملكون شيئا، كما تقول التوراة: إن المدة التي عاشها موسى وبنو إسرائيل في التيه بسيناء (40) سنة، أي أن العهد الذي صدر إليهم من الله مضى عليه حينذاك (700) سبعمائة سنة، وهم لا يملكون في فلسطين شيئا فلماذا لم يحقق الله تعالى وعده لهم؟؟ ومات موسى ولم يدخل أرض فلسطين، إنما دخل الأردن ومات بها , والذي دخلها بعده (يوشع بن نون).
وقسم الأرض على أسباط بني إسرائيل، ولم يقم لبني إسرائيل ملك ولا مملكة، وإنما قام بعده قضاة حكموهم (200) سنة، ثم جاء بعد القضاة حكم الملوك: شاؤول وداود وسليمان، فحكموا (100) سنة، بل أقل، وهذه هي مدة دولتهم، والفترة الذهبية لهم. وبعد سليمان انقسمت مملكته بين أولاده:
• يهوذا في أورشليم
• وإسرائيل في شكيم (نابلس)
• وكانت الحرب بينهما ضروسا لا تتوقف، جاء الغزو البابلي فمحقهما محقا، دمر الهيكل واورشليم، واحرق التوراة، وسبى كل من بقي منهم حيا، كما هو معلوم من التاريخ .
فلو جمعت كل السنوات التي عاشوها في فلسطين غزاة مخربين، ما بلغت المدة التي قضاها الإنجليز في الهند أو الهولنديون في إندونيسيا ‍‍‍‍‍ فلو كان لمثل هذه المدة حق تاريخي لكان للإنجليز والهولنديين أن يطالبوا به مثلهم !
و لو كانت الأرض ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍تملك بطول الإقامة في زمن الغربة، لكان الأولى بهم أن يطالبوا بملكية مصر التي عاشوا فيها (430) سنة بدل فلسطين التي عاش فيها إبراهيم وأولاده (200) سنة أو تزيد قليلا ودخلوها شخصين وخرجوا (70) نفسا ‍!.
بل في نكبة (5 يونيو 1967) سأل مندوب الاسوشيتدبرس جنديا إسرائيليا: ما هي حدود دولة إسرائيل ؟ فأجابه بكل غرور: (حيث أضع قدمي)، وضرب بحذائه الأرض.
إن الحق التاريخي الذي يدعونه على أنهم لم يكادوا ينفكون من الغزو البابلي، حتى جاءهم الغزو الروماني فأباد خضراءهم ومزقهم كل ممزق، ثم جاء الفتح الإسلامي وهم مشردون في الأرض، محرم عليهم أن يقيموا في أورشليم، حتى إن البطريرك صفرنيوس بطريرك القدس شرط على أمير المؤمنين عمر وهو يسلمه مفاتيح القدس: ألا يسمح لليهود بدخول إيليا أو الإقامة فيها.
لقد دخلها العرب وهي خالية من اليهود، بعد ما طردهم الرومان، وأسلم أهلها، وبقي العرب فيها أكثر من ألف واربعمائة عام، أفلا يكون لهم حق تاريخي مثل اليهود؟!
وفي التاريخ الحديث :
ساعدوا في الغاء الخلافة الإسلامية بعد الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني لأنه أبى أن يسلم لليهود شبرا واحدا في أرض فلسطين ، ذهب إليه اليهودي الماسوني (قرة صو) وقال له إنني مندوب إلى جلالتكم عن الجمعية الماسونية لأرجو جلالتكم أن تقبلوا خمسة ملايين ليرة لخزينتكم الخاصة ومائة مليون كقرض لخزينة الدولة بلا فائدة لمدة مائة سنة على أن تسمحوا لنا ببعض الامتيازات في فلسطين.
فلم يتم “قره صو” كلامه حتى نظر السلطان عبدالحميد إلى مرافقه بغضب وقال له: هل كنت تعلم ماذا يريد هذا ؟ فهب المرافق مقسماً بعدم علمه فالتفت السلطان الى “قره صو” وقال له: ( اخرج من وجهى يا سافل ) فأرسل اليه “قره صو” برقية تضمنت إن رفضك سيكلفك مملكتك وأنت شخصياً.. فلم يهتز السلطان عبدالحميد.
ولقد حاول اليهود مرة ثانية عن طريق هرتزل اليهودي الذي حاول رشوة السلطان مقابل امتيازات لليهود في فلسطين فرفض السلطان فى إباء وشموخ وعزة وكبرياء ندر أن نجدها فى هذا الزمان.
ولقد كتب هرتزل هذا الموقف في مذكراته فقال: ( ونصحني السلطان عبدالحميد أن لا أتخذ أية خطوة أخرى فى هذا السبيل لأنه لا يستطيع ان يتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين إذ هى ليست ملكاً له بل هى لأمته الإسلامية التى قاتلت من أجلها وروت التربة بدماء أبنائها كما نصحنى أن يحتفظ اليهود بملايينهم، وقال اذا تجزأت امبراطوريتى يوماً ما فإنكم قد تأخذونها بلا ثمن أما وأنا حى فإن عمل المبضع فى بدنى لأهون لى من أن أرى فلسطين قد بترت من امبراطوريتى وهذا أمر لا يكون.
ونظرا للإلحاح اليهودي المستمر فقد أصدر السلطان عبد الحميد تعليمات بأن يمنع اليهود من الهجرة إلى فلسطين بقصد التوطن أما إذا كانوا حجاجا فيسمح لهم بالإقامة لمدة شهر أو شهرين ثم مغادرة البلاد .
ولما يئسوا من ذلك قال هرتزل: (إن القضاء على الدولة العثمانية أو تقسيمها هو الحل الوحيد لقيام الدولة اليهودية )
وبدأت المؤامرة لإزاحة السلطان عبد الحميد من خلال يهود الدونمة الذين عملوا على خلع السلطان على يد حكومة الاتحاد والترقي .
وبعد الحرب العالمية الثانية صارت الدولة العثمانية كما يسمونها تركة الرجل المريض وقسمت الأراضي طبقا لاتفاقية (سايكس بيكو ) وبدأت المؤامرة الكبرى.
وأقنع اليهود الدول الغربية وخاصة إنجلترا بأن لهم حقا دينيا في فلسطين ،وصدر وعد بلفور سنة 1917
وقد حكى الشيخ محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين قال كنت في زيارة للمندوب البريطاني في فلسطين فقال إن أمي علمت بوجودك وتود مقابلتك ، وخاطبتني العجوز قائلة (أرجوك ألا تقف ضد إرادة الرب فقلت لها : ومن يستطيع أن يقف ضد إرادة الرب ؟
أنت ؟ كيف ؟ لأنك لا تريد أن تعطي اليهود الأرض التي أعطاها الله لهم ؛قلت إنها أرضي وبيتي فكيف يعطيها الله لهم وأنا أين أذهب ؟!!
قالت إنها إرادة الله !!
وانتهت المقابلة ؛فقلت لابنها إن والدتك طيبة متأثرة باليهود قال لا بل نحن البروتستانت نؤمن بهذا والأناجيل تبشر به .
ولما أصدرت بريطانيا الكتاب الأبيض سنة 1939تحدد فيه أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين ثار اليهود وسيروا المظاهرات في عواصم أوربا تنادي الكتاب المقدس لا الكتاب الأبيض يعطينا الحق في فلسطين وهذا ما رأيناه ونراه بجلاء في مواقف رؤساء أمريكا مثل كارتر الذي أعلن في مذكراته أن تأسيس إسرائيل المعاصرة تحقيق للنبوءة التوراتية ، وكذلك في سياسة ريجان وبوش الأب والابن وكلينتون .
ومما هو جدير بالذكر أن الصهيونية المسيحية تعتقد أن ثلاث إشارات ينبغي أن تسبق عودة المسيح :
1-الإشارة الأولى هي: قيام إسرائيل، وقد قامت سنة (1948 م).
2-و الإشارة الثانية هي: احتلال مدينة القدس، وقد احتلت سنة (1967 م).
3-و الإشارة الثالثة هي: إعادة بناء هيكل سليمان على أنقاض المسجد الأقصى. وهذا ما تعمل له إسرائيل منذ زمن، وما تقوم به من حفريات تحت بنيان المسجد الأقصى، بحجة البحث عن آثار يهودية مطموسة، وفي مقدمتها الهيكل المزعوم.
 
و لقد نشرت الصحف منذ سنوات تصريحا للجنرال الإسرائيلي المعروف موشي ديان يبرر به ضم القدس إلى إسرائيل وإنشاء مستوطنات جديدة فيقول: ” إن على الذين يعارضون هذه السياسة مراجعة موقفهم من الإنجيل والتوراة !).
و من عجائب ما سمعناه وقرأناه أن مناحيم بيجن حينما خطب – معقبا على خطاب الرئيس: ” أنور السادات” في الكنيست الإسرائيلي – ليؤكد حق اليهود في إقامة وطن في فلسطين، كان مما قاله: ” إن حق إسرائيل في فلسطين حق أبدي تاريخي تشهد له الكتب، ومنها القرآن نفسه “.
و استدل هنا بالآية الكريمة التي جاءت في سورة المائدة على لسان موسى عليه السلام: {يقوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خسرين } [المائدة: 21].
و قال: ” إن الله فرض لنا الأرض المقدسة دون سائر الخلق، فلا يجوز لأحد دينيا أن ينازعنا فيها ” !!.
و الآية تعني أنه كتب لهم دخولها، أي قدره سبحانه، وقد دخلوها بالفعل وأنفذ الله قدره، بعد ما ضرب عليهم التيه أربعين سنة جزاء نكوصهم، وقولهم لنبيهم في وقاحة متناهية: {إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقتلا إنا ههنا قعدون } [المائدة: 24].
و لا تعني الآية أن الله كتب لهم البقاء الدائم فيها، وإلا لتناقض هذا مع الواقع، فقد أخرجوا منها منذ ألفي سنة!!.
إذن ليس لليهود حق في فلسطين لا من منطلق ديني ولا تاريخي والمطلوب توضيح مثل هذه الأمور لترسخ في النفوس وتتأكد لدى المسلمين بل وغير المسلمين.
نقلا عن كتاب القدس قضية كل مسلم للدكتور يوسف القرضاوي -رحمه الله-


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 48 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع