شرح أسماء الله الحسنى 15-الخالق
أولا/ المعنى اللغوي :
الخلق : ابتداع الشيء على مثال لم يسبق إليه .
ويرد في لغة العرب بمعنى صناعة الشيء ، فالإنسان قد يشكل الجلد ويصنع منه حذاءًا مثلا، فيصح أن يقال أنه خلق الحذاء أي صنعه ، وهذا لا يعني أنه يوجد من يخلق من العدم غير الله إنما المقصود في الخلق بتغيير خصائص المادة وتحويلها وتشكيلها، هذا في لغة العرب يسمى خلق أيضا .
يقول مجاهد في قوله تعالى (فتبارك الله أحسن الخالقين )المؤمنون 14
يصنعون ويصنع الله، والله خير الصانعين.
إذن فالله يخلق من العدم بخلاف الإنسان فهو يصنع شيئا من جملة أشياء موجودة
فهو تبارك وتعالى يخلق الشيء دون أن يكون له سابقة وجود على الإطلاق ، ولقد أكد عز وجل على مسألة الخلق من العدم المطلق في العديد من الآيات القرآنية منها قوله تعالى : ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) . سورة مريم 9
وقوله تعالى(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا) الإنسان 1 أي أن الإنسان لم يكن له وجود قبل أن يخلقه الله عز وجل .
وقوله تعالى : (إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ) . سورة يونس4
وقوله تعالى : ( قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) سورة يونس34
وقوله تعالى : (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) سورة الأنبياء104
وقال تعالى ( وتخلقون إفكا ) العنكبوت 17 ، والإفك هو الكذب والمقصود : اختلاقه واختراعه وتقديره في النفس .
والخلاق : الحظ والنصيب كما في قوله تعالى ( وماله في الآخرة من خلاق )البقرة 200، أي حظ ونصيب
ثانيا / المعنى في حق الله عز وجل :
هو الذي أوْجد جميعَ الأشياء بعد أن لم تكنْ مَوْجُودة ، وقدر أمورها في الأزل بعد أن كانت معدومة ، ويكون معني الخالق أيضا هو الذي ركب الأشياء تركيبا ، ورتبها بقدرته ترتيبا .
وعلى هذا التعريف فإن اسم ( الخالق ) مرد معناه إلى أمرين إما من التقدير وهو العلم السابق ، أو القدرة على الإيجاد والتصنيع والتكوين.
فمن الأدلة على معنى الإنشاء والإبداع وإيجاد الأشياء من العدم قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) (فاطر:3)
ومن الأدلة على معنى التركيب والترتيب الذي يدل عليه اسمه الخالق قوله تعالى : ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين ) (المؤمنون:14) .
اسم الله الخلاق :
من أفعال المبالغة من الخالق تدل على كثرة خلق الله تعالى وإيجاده، فكم يحصل في اللحظة الواحدة من بلايين المخلوقات التي هي أثر من آثار اسمه سبحانه الخلاق .
وقد جاء الاسم بصيغة المبالغة مرتين في القرآن الكريم في :
في قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيم ُ) (الحجر:86)
و ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ ) (يّس:81) .
الفرق بين اسم الخالق والخلاق :
الخالق هو الذي ينشئ الشيء من العدم بتقدير وعلم ثم بتصنيع وخلق عن قدرة وغنى ، فالخالق هو الذي قدر بعلم وصنع بقدرة فخلق الشيء من العدم .
والخلاق صيغة مبالغة من الخالق الموصوف بخلق غيره ، وهو الذي يبدع في خلقه كما وكيفا ، كما يخلق ما يشاء ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً) (النساء:133)
( وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ) (الأنعام:133)
وكيفا : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُون َ) (النمل:88)
فهو الذي يبدع في خلقه كما وكيفا بقدرته المطلقة ، فيعيد ما خلق ويكرره كما كان ، بل يخلق خلقا جديدا أحسن مما كان .
ثالثا/ وروده في القرآن:
ورد مرة واحدة في قوله تعالى : (هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ) الحشر 24
وقد ورد الاسم مضافا في عدة مواضع :
قال تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (الأنعام:102)
و( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (الزمر:62)
و( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) (فاطر:3)
و( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ) (ص ّ:71)
و ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) (الرعد:16)
و( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) (غافر:62) .
رابعا/ تأملات في رحاب الاسم الجليل :
الله سبحانه وتعالى خلق الكون كله من العدم ، وكل شيء عدا الله عز وجل مخلوق له خاضع لأمره ، وفي ذلك يقول سبحانه وتعالى : (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا) سورة الفرقان2
وقوله تعالى : ( قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) سورة الرعد16
ولا يقدر أحد غير الله أن يخلق كائنا حيا يدرك ذاته ويدرك الكون المحيط به ويدرك خالقه ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) سورة الحج73
لقد صنع الإنسان السيارة والقطار والطائرة والصاروخ والقمر الصناعي والتلفاز والمذياع وغير ذلك كثير ، ولكن البشرية جمعاء لن تستطيع خلق ذبابة ولو اجتمعت في صعيد واحد ، والسبب هو أن الذبابة كائن تدب فيه الحياة بنفخة من الله عز وجل لا يملكها سواه .
ومن معجزات الخلق أيضا أنه بين الكاف والنون ؛ فالحق سبحانه وتعالى إذا أراد أن يخلق شيئا فإنما يقول له ( كُن فَيَكُونُ) دون أدنى جهد أو إعياء ؛ وفي ذلك يقول تبارك وتعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) سورة آل عمران 59
وحينما ادعى اليهود أن الله استراح بعد أن خلق الخليقة رد عليهم الحق عز وجل بقوله : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ) ق 38
أيضا الحق تبارك وتعالى يخلق ما يشاء ، فإذا أراد أن يخلق شيئا لن يحول دون هذا الخلق حائل .
وقد أكد جل وعلا هذه الحقيقة بقوله تعالى : (قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء) سورة آل عمرآن47
والخلق الإلهي ليس خلقا عشوائيا .. بل هو خلق محكم مبنى على علم إلهي مطلق ، فإذا تأملت الكون وما به من تكامل وتناسق بين المخلوقات علمت مدى القدرة الإلهية على الخلق والإبداع .
انظر إلى أي مخلوق من مخلوقات الله عز وجل على حدة .. يهيأ لك أنه كائن مستقل بذاته منفصل عما حوله ، ولكن دقق النظر تجد أن هذا المخلوق ليس مستقلا بذاته منفصلا عن الكون بل هو جزء من كل .
فالإنسان مثلا لا يمكن أن يتصور وجوده بدون الهواء الذي يحيط به في كل مكان على سطح الكرة الأرضية ، أو الماء الذي وفره له الله عز وجل ، أو الطعام الذي تنبته له الأرض بإذنه .
وبهذه النظرة يبدو الإنسان وكأنه ترس في ساعة الكون لا انفصال ولا وجود لأحدهما بدون الآخر ، فالحق سبحانه وتعالى خلق المخلوقات الحية وخلق لها مقومات الحياة في إبداع لا يدانيه إبداع ، وعلم لا يدانيه علم ، وحسن لا يدانيه حسن ، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ) سورة السجدة7
فإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد خلق الكون بهذا الإبداع وهذا الإحكام فهل يمكن أن نتصور أنه خلق بلا غاية وبلا هدف ، وأن المسألة أرحام تدفع وقبور تبلع كما قال الدهريون : (وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ) سورة الجاثية24
فيرد الحق تبارك وتعالى عليهم (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ) سورة المؤمنون115
فالخلق إذن ليس عبثا وليس زوالا وفناء ، وإنما لحكمة أرادها سبحانه وتعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات56
فقد شاءت حكمة المولى أن يخلق الكون ويخلق الإنسان , ويجعل الحياة الدنيا دارا للاختبار والآخرة دارا للجزاء والقرار .. هل سيشكر الإنسان على هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى أم سيكفر ويشرك ويجحد ؟ . فالخلق إذن لغاية والبعث حقيقة لا مراء فيها , وفي ذلك يقول جل شأنه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) سورة الحج5
والمسألة لا تقف عند حد قدرته سبحانه وتعالى على البعث , بل هو قادر على تغيير الجنس البشري بأكمله بمخلوقات أخرى , وما ذلك عليه بعزيز وفي ذلك يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ*إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ* وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) سورة فاطر16
فإذا كان الحق جل وعلا هو الخالق المحدث المبدع .. فإنه إذن وحده المستحق للعبادة والمستحق للشكر , وعبادة غيره ظلم للنفس وحياد عن الحق , وفي ذلك يقول جل شأنه : ( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ) سورة النحل20
معجزة خلق الإنسان.. “وفي أنفسكم أفلا تبصرون”
جاءت الآيات القراّنية لتتحدث عن معجزات الله في الكون من خلق السموات والأرض، والانسان والحيوان والنبات، الشمس والقمر والنجوم….الخ
وكان الانسان أعظم خلق الله الذي دل على قدرة الله سبحانه وتعالى,,وعظمة اعجازه في خلق الإنسان
فالإنسان مكون من روح ومادة فلا يوجد شيء في الوجود ولا في الكون يضاهي خلق الإنسان قال تعالى : ( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ )
لقد مر خلق الانسان بمراحل وتطورات معقدة جدا تدعو للتفكير والتدبر في خلق الله,, ومازال العلم يقف عاجزا عندها
فالبداية كانت قطرة ماء وبويضة
قال تعالى ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[سورة آل عمران: 6
وقال أيضا ( يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ) الزمر
وقال أيضا ( مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا )
إذا بداية الانسان قطرة ماء وبويضة فيتكون منها مادة وروحا يتم اللقاء بين الزوجين ، ثم يتم التلقيح فتصبح بويضة مخصبة، ثم تتجه البويضة المخصبة الى الرحم لتستقر به.
قال عليه الصلاة والسلام : ( يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو بخمس وأربعين )
ولذلك قال تعالى : ( قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ )
وقال تعالى : ( وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىِ * من نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ) النجم 45 46
أما مراحل خلق الانسان
قطرة ماء
البويضـة
تلقيح البويضة لتصبح نطفة
مرحلة الغيض
المضغة
الجنين
وقد تحدثت الآية القرآنية التالية عن مراحل خلق الانسان قال تعالى :( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ )
نطفة
ثم علقة
ثم المضغة
ثم العظام
كساء اللحم للعظام
ثم يصبح خلقا آخر
يقول سبحانه وتعالى:: ( اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ )
مرحلة الغيض
مفتاح من مفاتيح الغيب الذي لا يعلمه الا الله ومن المستحيل أن يتعرف الطب ومهما تقدم على صفات الجنين في هذه المرحلة
بعد ذلك يصبح علقة والعلقة تكون محاطة بالماء وتمص الدماء
( ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ )
الجنين عمره سبع أسابيع
الجنين في الأسبوع الثامن
الجنين في الأسبوع الحادي عشر
الجنين في الأسبوع الثاني عشر
الجنين عمره ثلاث شهور
الجنين في الشهر الرابع:
الجنين في الشهر الخامس:
لا يسعني أن أقول إلا إن معجزة خلق الإنسان تذكر الناس دوما بعظمة الخالق وابداعه وبأن الله تعالى هو أحسن الخالقين .
فيجب أن ينظر الانسان الى نفسه كيف خلق؟؟ ويتدبر ويتفكر في المراحل التي مرت بها خلقته .
وما أروع ماورد في كتاب الله في هذا الشأن
قال تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ )السجدة 7،8،9.
ثمرات الإيمان بهذا الاسم :
1. الله خالق كل شيء وكل ما سوى الله مخلوق .
2. أن الله لم يزل خالقا كيف شاء ومتى شاء (وربك يخلق ما يشاء ويختار)بمعنى أن الله اتصف بالخلق قبل أن يخلقنا جميعا ،وليس بعد خلق الخلق استفاد صفة الخلق واسم الخالق .
3. خلق الله كل شيء من العدم ، وخلقه سبحانه عظيم محكم فلا يتهيأ لمخلوق أن يخلق مثله سبحانه ( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه )لقمان11
ومن الطريف أن أحد الملحدين قال يوماً : أنا أخلق ! فقيل له : أرنا خلقك ؟ فأخذ لحماً فشرحه ، ثم جعله في إناء وأغلقه .. وبعد ثلاثة أيام فتح الإناء فإذا هو ملآن بالدود ، فقال : هذا خلقي !!.
فقال له بعض الحضور : أنت خلقت هذا ؟
فأجاب بزهو وغرور : نعم
قال فكم عدده ؟ فلم يجب ، فقال : كم منه ذكور وكم منه إناث ، وهل تقوم برزقه ؟ فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين ، فقال له : الخالق الذي أحصى كل ما خلق عدداً ، وعرف الذكر من الأنثى ، ورزق ما خلق ، وعلم مدة بقاءه وعلم نفاذ عمره.
4. لكل خلق هدف وغاية فلا بد أن يدرك الإنسان الغاية من خلقه ، ويقصد خالقه وحده بالعبادة قال تعالى : ( ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) (الأنعام:102)
5. وحدة الخلق تدل على وحدانية الخالق : فلو فرضنا أن هناك آلهة غير الله أليس من العقلي أن يكون لها مخلوقات تختلف عن ما خلق الله كعباد البقر الهنود مثلا أو عبدة الأوثان …..(أروني ماذا خلقوا من الأرض )لكن علم الطب في العالم كله واحد لأن بنية الإنسان واحدة وإن اختلف دينه أو عرقه أو جنسه ، ومثل هذا يقال عن بقية الكائنات الطيور الوحوش البهائم …… وحدة خلقها تدل على وحدانية الخالق (أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار )الرعد 16