سجود السهو : عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي لجبر الخلل الحاصل في صلاته من أجل السهو
وأسبابه ثلاثة : الزيادة والنقص والشك
الزيـادة :
إذا زاد المصلي في صلاته قياماً أو قعوداً أو ركوعاً أو سجوداً متعمداً بطلت صلاته .وإن كان ناسياً ولم يذكر الزيادة حتى فرغ منها فليس عليه إلا سجود السهو وصلاته صحيحة وإن ذكر الزيادة في أثنائها وجب عليه الرجوع عنها وسجود السهو وصلاته صحيحة .
مثال ذلك : شخص صلى الظهر (مثلاً ) خمس ركعات ولم يذكر الزيادة إلا وهو في التشهد ، فيكمل التشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم ، فإن لم يذكر الزيادة إلا بعد السلام سجد للسهو وسلم ، وإن ذكر الزيادة وهو في أثناء الركعة الخامسة جلس في الحال فبتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم.
دليل ذلك: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي :”صلى الظهر خمساً فقيل له : أزيد في الصلاة ؟ فقال : وما ذاك ؟ قالوا صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم وفي رواية فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثمل سلم .رواه الجماعة .
إذا قام الإمام لركعة زائدة فماذا على المأموم ؟
في صلاة الجماعة سها الإمام ولم يعرف عدد الركعات التي صلاها وصلى الظهر خمس ركعات وتم تنبيهه من المأمومين ولكنه أصر وذلك على يقين منه بأنه على صواب فماذا نفعل نحن المأمومين ؟
الإمام إذا سبح له أكثر من واحد وجب عليه أن يرجع إلى جلوس التشهد .
ولا يجوز له أن يتمادى في الزيادة ما دام قد علم أنها خامسة فإن لم يرجع بطلت صلاته دون صلاتهم ووجب عليهم أن ينتظروه حتى يجلس فيسلم فيسلموا وصلاتهم صحيحة وصلاته باطلة لتعمده الزيادة ،وللمأموم أيضا في هذه الحالة أن ينوي المفارقة
فإذا اتبعه البعض عمدا بطلت صلاتهم معه وأما من تابعه جاهلا أو ناسيا ، فصلاته صحيحة.
قال ابن قدامة ولا يرجع إلا إذا نبهه أكثر من شخص على الزيادة فإن نبهه واحد فقط فعل ما يغلب على ظنه لأن رسول الله لم يكتف بما قاله ذواليدين وإنما سأل الصحابة أحقا ما يقول ذواليدين ؟
قال في “شرح منتهى الإرادات” (1/223) : ( ومن سها فنبهه ثقتان لزمه الرجوع ما لم يتيقن صوابَ نفسه فلا يجوز رجوعه )
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا صلى الإمام خمسا سهوا فما حكم صلاته وصلاة من خلفه ؟ وهل يعتد المسبوق بتلك الركعة الزائدة ؟
فأجاب : ” إذا صلى الإمام خمسا سهوا فإن صلاته صحيحة ، وصلاة من اتبعه في ذلك ساهيا أو جاهلا صحيحة أيضا
وأما من علم بالزيادة فإنه إذا قام الإمام إلى الزائدة وجب عليه أن يجلس ويسلم ، لأنه في هذه الحالة يعتقد أن صلاة إمامه باطلة إلا إذا كان يخشى أن إمامه قام إلى الزائدة ، لأنه أخل بقراءة الفاتحة ( مثلا ) في إحدى الركعات فحينئذ ينتظر ولا يسلم ( أي ينتظر حتى يسلم مع الإمام.
وأما بالنسبة للمسبوق الذي دخل مع الإمام في الثانية فما بعدها فإن هذه الركعة الزائدة تحسب له ، فإذا دخل مع الإمام في الثانية مثلا سلم مع الإمام الذي زاد ركعة ، وإن دخل في الثالثة أتى بركعة بعد سلام الإمام من الزائدة ، وذلك لأننا لو قلنا بأن المسبوق لا يعتد بالزائدة للزم من ذلك أن يزيد ركعة عمدا ، وهذا موجب لبطلان الصلاة، أما الإمام فهو معذور بالزيادة ، لأنه كان ناسيا فلا تبطل صلاته.
إذا قصر الصلاة في السفر ثم نسي وقام للثالثة ما الحكم ؟
هو مخير بين أن يتم أو يرجع لأنه إذا أتم لم تبطل صلاته وإن رجع لم تبطل أيضا “
السلام قبل تمام الصلاة
السلام قبل تمام الصلاة من الزيادة في الصلاة( وجه كونه من الزيادة أنه زاد تسليماً في أثناء الصلاة ) فإذا سلم المصلي قبل تمام صلاته متعمداً بطلت صلاته .
وإن كان ناسياً ولم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد .وإن ذكر بعد زمن قليل كدقيقتين وثلاث فإنه يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
دليل ذلك : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر أو العصر فسلم من ركعتين فخرج السرعان من أبواب المسجد يقولون : قصرت الصلاة ، وقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى خشبة المسجد فاتكأ علها كأنه غضبان ، فقام رجل فقال يا رسول الله : أنسيت أم قصرت الصلاة ؟فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لم أنس ولم تقصر ، فقال رجل : بلى قد نسيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة : أحق ما يقول ؟ قالوا : نعم ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ما بقي من صلاته ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم . متفق عليه .
وإذا سلم الإمام قبل تمام صلاته وفي المأمومين من فاتهم بعض الصلاة فقاموا لقضاء ما فاتهم ثم ذكر الإمام أن عليه نقصاً في صلاته فقام ليتمها فإن المأمومين الذين قاموا لقضاء ما فاتهم يخيرون بين أن يستمروا في قضاء ما فاتهم ويسجدوا للسهو وبين أن يرجعوا مع الإمام فيتابعوه فإذا سلم قضواما فاتهم وسجدوا للسهو بعد السلام وهذا أولى وأحوط .
زيادة جلوس في غير موضع التشهد :
من نسي فجلس بعد الركعة الأولى أو بعد الثالثة فإن كان بمقدار جلسة الاستراحة فللعلماء فيها قولين :
1- يسجد للسهو لأنه لم يرد بهذا الجلوس جلسة الاستراحة إنما أراد غيرها ورجحه ابن قدامة في المغني
2- لا يلزمه سجود سهولأنه فعل فعلا (وهو جلسة الاستراحة) لو تعمده لم تبطل صلاته وهو رأي الشافعية
واتفق الفقهاء فيما لو زاد عن قدر جلسة الاستراحة على أنه يسجد للسهو لأنه زاد قعودا في الصلاة لو فعله متعمدا بطلت صلاته
إذا أخطأ المصلّي مثلاً فبدل أن يقول (سبحان ربي العظيم) في الركوع قال (سبحان ربي الأعلی) (سهواً) ثم صحح الخطأ فهل يسجد سجدتي السهو ؟
الجواب إذا أتى المصلي بذكر مشروع في غير محله كالحالة هذه أو قنت في غير موضع القنوت ففيه قولان :
1-لا يشرع لأن الصلاة لا تبطل بعمده (لأنه ذكر )
2- يشرع له لأنه سهو
والأرجح الأول كما قال الإمام أحمد إنما السهوالذي يجب فيه السجود ما ورد عن النبي .
ماالحكم إذا قام الإمام إلى ثالثة في التراويح فأضاف إليها أخرى ، ليكون العدد أربع ركعات ؟ ؟
المشروع في قيام الليل أن يُصلى ركعتين ركعتين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) رواه البخاري \
وقد حمل الإمام أحمد هذا الحديث على الوجوب ، فقال ببطلان الصلاة إذا قام إلى ركعة ثالثة في قيام الليل عمداً فهي كقيامه إلى ثالثة في الفجر .
وذهب جمهور العلماء إلى جواز صلاة قيام الليل أربعاً أربعاً ، وحملوا هذا الحديث إما على الاستحباب ؛ وأن هذا هو الأفضل ، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك لكونه أسهل وأخف على المصلي ؛ كما ذكره الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” وعلى هذا كان ينبغي لهذا الإمام إذا تذكر أن هذه هي الثالثة أن يجلس ، ثم يسجد للسهو في آخر صلاته .
لكن ما فعله هذا الإمام وهو جعله الصلاة أربعاً بعد أن قام إلى الثالثة نسياناً جائز عند بعض العلماء . فقد ذكر الشافعية فيمن قام إلى ثالثة في نفل نسياناً ، أنه يجلس ثم يسجد للسهو ؛ فإن أراد الزيادة بعد القيام فالأصح عندهم أنه يجلس ثم يقوم إلى الثالثة ، حتى يكون نوى الزيادة قبل البدء فيها . وأجاز بعضم أن ينوي الزيادة بعد القيام إليها ولا يلزمه القعود ….. وعلى هذا ، فصلاة الإمام صحيحة .
النقــص
1- نقص الأركان :
إذا نقص المصلي ركناً من صلاته فإن كان تكبيرة الإحرام فلا صلاة له سواء تركها عمداً أم سهواً لأن صلاته لم تنعقد .
وإن كان غير تكبيرة الإحرام فإن تركه متعمداً بطلت صلاته . وإن تركه سهواً فإن وصل إلى موضعه من الركعة الثانية لغت الركعة التي تركه منها ،وقامت التي تليها مقامها وإن لم يصل إلى موضعه من الركعة الثانية وجب عليه أن يعود إلى الركن المتروك فيأتي به وبما بعده وفي كلتا الحالين يجب عليه أن يسجد للسهو بعد السلام .
مثال ذلك : شخص نسي السجدة الثانية من الركعة الأولى فذكر ذلك وهو جالس بين السجدتين في الركعة الثانية فتلغى الركعة الأولى وتقوم الثانية مقامها فيعتبرها الركعة الأولى ويكمل عليها صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
ومثال آخر : شخص نسي السجدة الثانية والجلوس قبلها من الركعة الأولى فذكر ذلك بعد أن قام من الركوع في الركعة الثانية فإنه يعود ويجلس ويسجد ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
أما لو كانت السجدة الأخيرة من الصلاة فما الحكم ؟
مثاله: في صلاة صلى الإمام ، ، وفي آخر ركعة لم يسجد السجدة الأخيرة ،ودخل في التشهد حتى سلَّم دون أن ينتبه أو يذكره أحد المصلين
ففي المسألة قولان:
1- إعادة الركعة الأخيرة حتى يأتي بالسجدة التي نسيها فمن ترك ركناً من الركعة الأخيرة ولم يعلم إلا بعد التسليم فإنه يأتي بركعة كاملة . وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله ، وانظر المغني (1/658)
وقد اختار هذا القول الشيخ ابن باز- رحمه الله- ، فإنه سئل عن إمام نسي السجدة الأخيرة من صلاة العصر ، فقام وصلى ركعة كاملة وتشهد وسلم ثم سجد للسهو , فقال : ( هذا هو المشروع ، إذا نسي الإمام سجدة وسلم ثم ذكر أو نبه ، يقوم ويأتي بركعة ثم يكمل ثم يسلم ثم يسجد سجود السهو بعد السلام وهو أفضل ، وهكذا المنفرد حكمه نفس حكمه . وإن سجد للسهو قبل السلام فلا بأس ولكن بعده أفضل ) مجموع فتاوى ابن باز (11/277)
والقول الثاني في المسألة أنه لا يلزمه الإتيان بركعة كاملة وإنما يأتي بالركن الذي نسيه وبما بعده . وهو مذهب الإمام الشافعي رحمه الله . انظر المجموع (4/33) وقد اختاره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . وانظر شرح الممتع (3/374)
تنبيه : البعض في هذه الحالات يكتفي بسجود السهو دون أن يأتي بالسجدة الناقصة فنقول السجدة الأولى والثانية كلتاهما ركن من أركان الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا بهما ، ومن تعمد تركهما أو ترك واحدة منهما أثم ، وبطلت صلاته ، ومن نسيهما أو نسي واحدة منهما ؛ فيجب عليه إذا تذكر الإتيان بما نسيه إماماً أو مأموماً أو منفرداً ، ومن لم يفعل : لم تصحَّ صلاته والدليل على أن الأركان لا تنجبر بسجود السَّهو : أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما سَلَّم مِن ركعتين مِن صلاة الظُّهر أو العصر أتمَّها وأتى بما تَرَكَ وسَجَدَ للسَّهو ، فدلَّ هذا على أنَّ الأركان لا تسقط بالسَّهو، ولا بُدَّ مِن الإِتيان بها.
2- نقص الواجبات :
.(الواجب عند الحنابلة ما تبطل الصلاة بتركه عمدا ويجبر تركه سهوا بسجود سهووالواجبات عندهم هي :
( التكبير في الرفع والخفض ،التسبيح في الركوع والسجود مرةواحدة وما زاد فهو مستحب ،وقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ،والدعاء بين السجدتين رب اغفر لي مرة واحدة وما زاد فهو مستحب ،والتشهد الأول، والصلاة على النبى في التشهد الأخير)
إذا ترك المصلي واجباً من واجبات الصلاة متعمداً بطلت صلاته وإن كان ناسياً وذكره قبل أن يفارق محله من الصلاة أتى به ولا شيء عليه
وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه فيستمر في صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم .
مثال ذلك : شخص رفع من السجود الثاني في الركعة الثانية ليقوم إلى الثالثة ناسياً التشهد الأول فذكر قبل أن ينهض فإنه يستقر جالساً فيتشهد ثم يكمل صلاته ولا شيء عليه .
وإن ذكر بعد أن نهض قبل أن يستتم قائماً رجع فجلس وتشهد ثم يكمل صلاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
وإن ذكر بعد أن استتم قائماً سقط عنه التشهد فلا يرجع إليه فيكمل صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم
دليل ذلك : ما رواه البخاري وغيره عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس (يعني التشهد الأول ) فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم .
قال النووي : أما المأموم فلا يجوز له أن يتخلف عن إمامه لقراءة التشهد إذا قام الإمام للثالثة دون أن يقعد بل يقوم معه
فإن خالف وجلس مع علمه بالحكم بطلت صلاته
حكم رجوع الإمام للتشهد الأوسط بعد قيامه وتنبيه المأمومين
الصورة المتكررة بالمساجد هي أن يسهو الإمام في الصلاة فيقوم من الركعة الثانية إلى الثالثة دون أن يجلس للتشهد الأوسط ، فيسبح المصلون لينبهوا الإمام على نسيانه فيرجع الإمام إلى الجلوس للتشهد الأوسط ويتمَّ الصلاة فما الحكم حينئذ؟
الأصل أن الإمام إذا سها بعد الركعتين الأوليين فقام إلى الثالثة فينبغي أن لا يرجع ويتم صلاته ثم يسجد للسهو . وأما إذا عاد إلى الجلوس بعد أن استتم قائماً فقد أساء وأتى مكروهاً وصلاته لا تبطل بل صحيحة وهذا قول جمهور أهل العلم ، وقال بعض المتأخرين : تفسد صلاته وهو قول ضعيف لا وجه له .
قال ابن قدامة :[ فأما القيام في موضع الجلوس ففي ثلاث صور إحداها : أن يترك التشهد الأول ويقوم وفيه ثلاث مسائل : الأولى ذكره قبل اعتداله قائماً فيلزمه الرجوع إلى التشهد وممن قال يجلس : علقمة والضحاك وقتادة والأوزاعي والشافعي وابن المنذر.
وقال مالك : إن فارقت أليتاه الأرض مضى .
وقال حسان بن عطية : إذا تجافت ركبتاه عن الأرض مضى .
ولنا : ما روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فإذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائماً فليجلس فإذا استتم قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو ) رواه أبو داود وابن ماجة، ولأنه أخل بواجب ذكره قبل الشروع في ركن مقصود فلزمه الإتيان به كما لو لم تفارق أليتاه الأرض .
المسألة الثانية: ذكره بعد اعتداله قائماً وقبل شروعه في القراءة فالأولى له أن لا يجلس وإن جلس جاز نص عليه – أي الإمام أحمد – قال النخعي : يرجع ما لم يستفتح القراءة وقال حماد بن أبي سليمان : إن ذكر ساعة يقوم جلس .
ولنا : حديث المغيرة وما نذكره فيما بعد ولأنه ذكره بعد الشروع في ركن فلم يلزمه الرجوع كما لو ذكره بعد الشروع في القراءة ويحتمل أنه لا يجوز له الرجوع لحديث المغيرة ولأنه شرع في ركن فلم يجز له الرجوع كما لو شرع في القراءة .
المسألة الثالثة : ذكره بعد الشروع في القراءة فلا يجوز له الرجوع ويمضي في صلاته في قول أكثر أهل العلم وممن روي عنه أنه لا يرجع عمر وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود والمغيرة بن شعبة والنعمان بن بشير وابن الزبير والضحاك بن قيس وعقبة بن عامر وهو قول أكثر الفقهاء ] المغني 2/20 .
وقد ذكر العلامة ابن عثيمين أن المصلي إن عاد بعد أن استتم قائماً فقد أتى مكروهاً ولم تبطل صلاته لأنه لم يفعل محرماً . الشرح الممتع على زاد المستقنع 3/512 .
ويضاف إلى ما سبق أن عدداً ليس قليلاً من أئمة المساجد والمصلين الذين يقعون في هذا السهو يجهلون الحكم الشرعي له وقد قال جمهور العلماء إن المصلي إذا عاد للتشهد الأوسط بعد أن استتم قائماً ناسياً أو جاهلاً فإن صلاته لا تبطل لما ورد في الحديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) رواه ابن ماجة.
مسألة: إذا جلس الإمام للتشهد الأوسط ولم ينتبه المأموم لجلوسه فانتصب قائما ما الحكم؟
يلزم المأموم الرجوع لأن متابعة الإمام واجبة ولا عبرة بقيامه لأن الأصل المتابعة لا المسابقة . وهل يسجد للسهو ؟ الراجح : لا كما سيأتي .
مسألة : ما حكم من صلى صلاة المغرب ونسي وجهر في الركعة الثالثة في القراءة ؟أو نسي وجهر في الأولى من الظهر هل عليه سجود سهو ؟
الصحيح أنه يسن له سجود السهو ولا يجب
ثالثا / الشــــك
الشك : هو التردد بين أمرين أيهما الذي وقع .والشك لا يلتفت إليه في العبادات في ثلاث حالات :
الأولى : إذا كان مجرد وهم لا حقيقة له كالوساوس
الثانية : إذا كثر مع الشخص بحيث لا يفعل عبادة إلا حصل له فيه شك.
الثالثة : إذا كان بعد الفراغ من العبادات فلا يلتفت إليه مالم يتيقن الأمر فيعمل بمقتضى يقينه .
مثال ذلك : شخص صلى الظهر فلما فرغ من صلاته شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً فلا يلتفت لهذا الشك إلا أن يتيقن أنه لم يصل إلا ثلاثاً فإنه يكمل صلاته إن قرب الزمن ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم ، فإن لم يذكر إلا بعد زمن طويل أعاد الصلاة من جديد. وأما الشك في غير هذه المواضع الثلاثة فإنه معتبر.
ولا يخلو الشك في الصلاة من حالتين :
الحال الأولى : أن يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته ويسلم ، ثم يسجد للسهو ويسلم .
مثال ذلك : شخص يصلي الظهر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجح عنده أنها الثالثة فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
دليل ذلك : ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين . هذا لفظ البخاري
الحال الثانية : أن لا يترجح عنده أحد الأمرين فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته ، ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم .
مثال ذلك : شخص يصلي العصر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة ولم يترجح عنده أنها الثانية أو الثالثة فإنه يجعلها الثانية فيتشهد التشهد الأول ويأتي بعده بركعتين ويسجد للسهو ويسلم .
دليل ذلك : ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً ؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان .
ومن أمثلة الشك : إذا جاء الشخص والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام وهو قائم معتدل ، ثم يركع وحينئذ لا يخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يتيقن أنه أدرك الإمام في ركوعه قبل أن يرفع منه فيكون مدركاً للركعة وتسقط عنه قراءة الفاتحة
الثانية : أن يتيقن أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه فيه فقد فاتته الركعة .
الثالثة : أن يشك هل أدرك الإمام في ركوعه فيكون مدركاً للركعة أو أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه ففاتته الركعة ، فإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بما ترجح فأتم عليه صلاته وسلم ، ثم سجد للسهو وسلم إلا أن لا يفوته شيء من الصلاة فإنه لا سجود عليه حينئذ .
وإن لم يترجح عنده أحد الأمرين عمل باليقين (وهو أن الركعة فاتته ) فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم .
فائـدة : إذا شك في صلاته فعمل باليقين أو بما ترجح عنده حسب التفصيل المذكور ثم تبين له أن ما فعله مطابق للواقع وأنه لا زيادة في صلاته ولا نقص سقط عنه سجود السهو على المشهور من المذهب لزوال موجب السجود وهو الشك ، وقيل لا يسقط عنه ليراغم به الشيطان لقول النبي صلى الله عليه وسلم :”وإن كان صلى إتماماً كانتا ترغيماً للشيطان” ، ولأنه أدى جزءً من صلاته شاكاً فيه حين أدائه وهذا هو الراجح .
مثال ذلك : شخص يصلي فشك في الركعة أهي الثانية أم الثالثة ؟ ولم يترجح عنده أحد الأمرين فجعلها الثانية وأتم عليها صلاته ثم تبين له أنها هي الثانية في الواقع فلا سجود عليه على المشهور من المذهب ، وعليه السجود قبل السلام على القول الثاني الذي رجحناه .
هل يسترشد بمن يصلي بجانبه إذا شك بعدد الركعات ؟
في حال الشك في عدد الركعات يبني المصلي على اليقين ، فيعتمد الأقل من عدد الركعات ، وإن بنى على غالب الظن ، أي بما يترجح لديه ولو بالنظر إلى من بجواره فلا بأس، على أن يسجد للسهو في الحالتين .
مسألة : قال ابن المنذر : ” وأجمعوا على أن ليس على من سها خلف الإمام سجود . وانفرد مكحول وقال عليه ” . ( الإجماع لابن المنذر ص8 ) و انظر المغني (2/439).
ولم ينقل عن الصحابة أنهم كانوا ينفردون بسجود السهو خلف إمامهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، والسهو في الصلاة لا يسلم منه البشر ، مع كثرة المصلين خلف النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة ، واستمرار الصلاة خلفه أكثر من عشر سنوات فيبعد جداً أن لا يقع من أحدهم سهو وهو مؤتم . ولو سجدوا لنقل إلينا لتوافر دواعي النقل .
سجود السهو على المأموم :
إذا سها الإمام وجب على المأموم متابعته في سجود السهو لقول النبي صلى الله عليه وسلم :” إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلقوا عليه” إلى أن قال :” وإذا سجد فاسجدوا “. متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
وسواء سجد الإمام للسهو قبل السلام أو بعده فيجب على المأموم متابعته إلا أن يكون مسبوقاً أي قد فاته بعض الصلاة فإنه لا يتابعه في السجود بعده لتعذر ذلك ، إذ المسبوق لا يمكن أن يسلم مع إمامه فيقضي ما فاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم وعلى هذا إلا أن يكون مسبوقاً أي قد فاته بعض الصلاة فإنه لا يتابعه في السجود بعده لتعذر ذلك ، إذا المسبوق لا يمكن أن يسلم مع إمامه وعلى هذا فيقضي ما فاته ويسلم ثم يسجد للسهو ويسلم .
مثال ذلك : رجل دخل مع الإمام في الركعة الأخيرة ، وكان على الإمام سجود سهو بعد السلام ، فإذا سلم الإمام فليقم هذا المسبوق لقضاء ما فاته ولا يسجد مع الإمام فإذا أتم ما فاته وسلم سجد بعد السلام وإذا سها المأموم دون الإمام لم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه لأن سجوده يؤدي إلى الاختلاف على الإمام واختلاف متابعته ، وأن الصحابة رضي الله عنهم تركوا التشهد الأول حين نسيه النبي صلى الله عليه وسلم فقاموا معه ولم يجلسوا للتشهد مراعاة للمتابعة وعدم الاختلاف عليه .
فإن فاته شيء من الصلاة فسها مع إمامه أو فيما قضاه بعده لم يسقط عنه السجود فيسجد للسهو إذا قضى ما فاته قبل السلام أو بعده حسب التفصيل السابق
مثال ذلك : مأموم نسي أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع ولم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه . فإن فاتته ركعة أو أكثر قضاها ثم سجد للسهو قبل السلام .
مثال آخر : مأموم يصلي الظهر مع إمامه فلما قام الإمام إلى الرابعة جلس المأموم ظناً منه أن هذه الركعة لأخيرة فلما علم أن الإمام قائم قام فإن كان لم يفته شيء من الصلاة فلا سجود عليه وإن كان فد فاتته ركعة فأكثر قضاها وسلم ثم سجد للسهو وسلم . وهذا السجود من أجل الجلوس الذي زاده أثناء قيام الإمام إلى الرابعة .
وهل يسجد في التطوع ؟
جمهور العلماء على أنه لا فرق بين الفرض والنافلة عن أبي العالية قال ( رأيت ابن عباس يسجد بعد وتره سجدتين )ذكره البخاري معلقاوسنده صحيح
هل يكون سجود السهو قبل السلام أو بعده ؟خلاف بين العلماء :
القول الأول : أن محل السجود كله قبل السلام . وهو قول الزهري ، و مكحول ، و الأوزاعي ، والليث بن سعد ، و مذهب الشافعية .
القول الثاني : أن محل السجود كله بعد السلام . وهو مذهب الحنفية ، وقول الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والثوري .
القول الثالث :أن المصلي مخير بين السجود قبل السلام وبعده مطلقاً . وهو قول بعض الشافعية ، واختيار الصنعاني .
القول الرابع : إذا كان السهو عن نقص سجد قبل السلام. وإذا كان عن زيادة سجد بعد السلام . وإذا كان عن شك فإنه يتحرى الصواب ؛ فإن غلب على ظنه شيء عمل به وسجد بعد السلام ، وإن لم يغلب على ظنه شيء بنى على اليقين وهو الأقل ، وسجد قبل السلام . وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وهذا أرجح الأقوال وأقربها إلى الصواب وبه تجتمع الأدلة ولا تتعارض .
فالنبي صلى الله عليه وسلم سجد قبل السلام جبراً للنقص حين ترك التشهد الأول ؛ كما في حديث عبد الله بن بحينة. وسجد بعد السلام حين زاد في الصلاة ركعة خامسة كما في حديث عبدالله بن مسعود ، وسجد بعد السلام أيضاً حين زاد سلاماً بعد الثانية في صلاة الظهر كما في قصة ذي اليدين . وأمر بالسجود قبل للسلام عند الشك في عدد الركعات بعد البناء على اليقين كما في حديث أبي سعيد ، وحديث ابن عوف رضي الله عنه. وأمر بالسجود بعد السلام إذا شك ثم تحرى و عمل بما ترجح له بعد التحري . قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث ، لا يترك منها حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص ، وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص “.(مجموع الفتاوى23/25).
قال ابن عثيمين: سجود السهو تارة يكون قبل السلام وتارة يكون بعده فيكون قبل السلام في موضعين :الأول : إذا كان عن نقص ، لحديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي سجد للسهو قبل السلام حين ترك التشهد الأول . وسبق ذكر الحديث بلفظه .
الثاني : إذا كان عن شك لم يترجح فيه أحد الأمرين لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيمن شك في صلاته فلم يدر كم صلى ؟ ثلاثاً أم أربعاً ؟ حيث أمره النبي أن يسجد سجدتين قبل أن يسلم ، وسبق ذكر الحديث بلفظه .
ويكون سجود السهو بعد السلام في موضعين :
الأول : إذا كان عن زيادة لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حين صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر خمساً فذكروه بعد السلام فسجد سجدتين ثم سلم ولم يبين أن سجوده بعد فسجد سجدتين ثم سلم ولم يبين أن سجوده بعد السلام من أجل أنه لم يعلم بالزيادة إلا بعده ، فدل على عموم الحكم وأن السجود عن الزيادة يكون بعد السلام سواء علم بالزيادة قبل السلام أم بعده ، ومن ذلك : إذا سلم قبل إتمام صلاته ناسياً ثم ذكر فأتمها فإنه زاد سلاماً في أثناء صلاته فيسجد بعد السلام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه حين سلم النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر أو العصر من ركعتين فذكروه فأتم صلاته وسلم ثم سجد للسهو وسلم وسبق ذكر الحديث بلفظه .
الثاني : إذا كان عن شك ترجح فيه أحد الأمرين لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من شك في صلاته أن يتحرى الصواب فيتم عليه ثم يسلم ويسجد .وسبق ذكر الحديث بلفظه .
وإذا اجتمع عليه سهوان موضع أحدهما فبل السلام وموضع الثاني بعده فقد قال العلماء يغلب ما قبل السلام فيسجد قبله .
مثال ذلك : شخص يصلي الظهر فقام إلى الثالثة ولم يجلس للتشهد الأول وجلس في الثالثة يظنها الثانية ثم ذكر أنها الثالثة فإنه يقوم ويأتي بركعة ويسجد للسهو ثم يسلم .
فهذا الشخص ترك الأول وسجوده قبل السلام وزاد جلوساً في الركعة الثالثة وسجوده بعد السلام فغلب ما قبل السلام . والله أعلم .
إذا تكرر السهو في الصلاة فإنه يكفيه بسجود السهو مرة واحدة . فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك التشهد الأول ، والجلوس له ولم يكرر سجود السهو ، كما في حديث عبدالله بن بحينة .
قال ابن دقيق معلقاً على هذا الحديث : ” فيه دليل على عدم تكرار السجود عند تكرار السهو ؛ لأنه قد ترك الجلوس الأول والتشهد معاً ، واكتفى لهما بسجدتين
كيفية سجود السهو :
قبل السلام بعد أن يفرغ من التشهد يكبر ثم يسجد سجدتين ثم يسلم ، أما بعد الصلاة فإنه يسلم ثم يكبر ثم يسجد السجدتين ثم يسلم .
وهل يتشهد في هذه الحالة مرة ثانية ؟
أقوال لأهل العلم :
الحنفية : يجلس للتشهد ويصلي على النبي ويسلم
المالكية والحنابلة: يتشهد فقط ولا يصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم-
الشافعية وابن تيمية :لا يتشهد يجلس ويسلم
وقد ورد في ذلك حديث رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب (أن النبي صلى بهم فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم )والعلماء على أن الحديث ضعيف لشذوذ هذه الرواية
وقال ابن المنذر :لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت
الترجيح : أنه لا يتشهد لأن الصحابة الذين نقلوا أحاديث سجود النبي لم ينقلوا أنه تشهدولو ثبت لنقلوه إلينا كما نقلوا السجود
حكم سجود السهو :
لأهل العلم في سجود السهو في الصلاة عند وجود سببه قولان :
الأول /أنه واجب وهومذهب الحنفية وقول عند المالكية والمعتمد عند الحنابلة والظاهرية واختاره ابن تيمية وحجتهم :أمر النبي به في الأحاديث ومداومته عليه عند وقوع سببه
الثاني :مستحب وهو المشهور عن المالكية والشافعية ورواية عن الحنابلة لحديث رواه أبو داود بسند حسن (إذ شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين ،فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان ، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان )
ماذا يفعل من سها ونسي سجود السهو؟
إذا سها المصلي ونسي سجود السهو فقد اختلف الفقهاء في هذا الأمر:
ذهب الحنفية إلى أن يسجد ما دام في المسجد
وذهب المالكية إلي التفريق بين السجود القبلي والبعدي فيسجد في القبلي إذا لم يخرج من المسجد ، وفي البعدي عندما يذكره ولو بعد سنين
وعند الشافعية يسقط سجود السهو إذا طالت المدة بعد السلام ولا شيء عليه
وعند الحنابلة يسقط سجود السهو بطول الفصل أو انتقاض الوضوء أو الخروج من المسجد .
والراجح أنه لو نسيه وخرج من المسجد فلا شيء عليه وصلاته صحيحة إن شاء الله تعالى .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :
نسيان سجود السهو : إذا سها المصلي عن سجود السهو فانصرف من الصلاة دون سجود فإنه يعود إليه ويؤديه على التفصيل التالي :
فذهب الحنفية إلى أنه لا يسجد إن سلم بنية القطع مع التحول عن القبلة أو الكلام أو الخروج من المسجد , لكن إن سلم ناسيا السهو سجد ما دام في المسجد ; لأن المسجد في حكم مكان واحد , ولذا صح الاقتداء فيه وإن كان بينهما فرجة , وأما إذا كان في الصحراء فإن تذكر قبل أن يجاوز الصفوف من خلفه أو يمينه أو يساره أو يتقدم على موضع سترته أو سجوده سجد للسهو .
وأما المالكية : فقد فرقوا بين السجود القبلي والبعدي , فإن ترك السجود البعدي يقضيه متى ذكره , ولو بعد سنين , ولا يسقط بطول الزمان سواء تركه عمدا أو نسيانا ; لأن المقصود ( ترغيم الشيطان ) كما في الحديث . وأما السجود القبلي فإنهم قيدوه بعدم خروجه من المسجد ولم يطل الزمان , وهو في مكانه أو قربه .
وقال الشافعية : إن سلم سهوا أو طال الفصل بحسب العرف فإن سجود السهو يسقط على المذهب الجديد لفوات المحل بالسلام وتعذر البناء بالطول .
وذهب الحنابلة إلى أنه إن نسي سجود السهو الذي قبل السلام أو بعده أتى به ولو تكلم , إلا بطول الفصل ( ويرجع فيه إلى العادة والعرف من غير تقدير بمدة ) أو بانتقاض الوضوء , أو بالخروج من المسجد , فإن حصل شيء من ذلك استأنف الصلاة , لأنها صلاة واحدة لم يجز بناء بعضها على بعض مع طول الفصل , كما لو انتقض وضوءه وإن سجد للسهو ثم شك
هل سجد أم لا ؟ فعند الحنفية يتحرى , ولكن لا يجب عليه السجود .
وقال المالكية : إذا شك هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين بنى على اليقين وأتى بالثانية ولا سجود عليه ثانيا لهذا الشك . وكذلك لو شك هل سجد السجدتين أو لا , فيسجدهما ولا سهو عليه , وإليه ذهب الحنابلة والشافعية في وجه , والوجه الثاني وهو الأصح عندهم أنه لا يعيده .
والله تعالى أعلى وأعلم
ماذا يقول في سجدتي السهو وبينهما؟
لم يرد – فيما نعلم – تخصيص سجدتي السهو بذكر معين ، وعلى هذا يكون حكمهما حكم سجود الصلاة ، فيقال فيهما ما يقال في سجود الصلاة ، نحو ( سبحان ربي الأعلى ) والدعاء ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ) رواه مسلم (482) .
ويقال بينهما ما يقال بين سجدتي الصلاة ، نحو ( رب اغفر لي ).
وذكر بعض العلماء أنه يستحب أن يقال فيهما : ” سُبْحَانَ مَنْ لا يَنَامُ وَلا يَسْهُو ” .
قال الحافظ ابن حجر في “التلخيص” (2/12) : لم أجد له أصلاً .
مسألة : قال ابن قدامة : ” ولا يشرع السجود للسهو في صلاة جنازة .. ولا في سجود تلاوة .. ولا في سجود سهو . نص عليه أحمد . وقال إسحاق : هو إجماع ” ( المغني 2/444).