فقه الصلاة : 38 – من هو الأحق بالإمامة ؟

تاريخ الإضافة 9 يونيو, 2023 الزيارات : 4049
فقه الصلاة : 38 – من هو الأحق بالإمامة ؟
 
فضل الإمامة في الصلاة :
1- الإمام في الصلاة يُقتدى به في الخير، ويدلّ على ذلك عموم قول الله عز وجل في وصفه لعباد الرحمن، وأنهم يقولون في دعائهم لربهم: “وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ” سورة الفرقان، الآية: 74.
المعنى: اجعلنا أئمة يُقتدى بنا في الخير، وقيل: المعنى: اجعلنا هُداةً مهتدين دعاةً إلى الخير.
2- الإمامة في الصلاة ولاية شرعية ذات فضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله) رواه مسلم.
ومعلوم أن الأقرأ أفضل ، فالإمامة فضلها مشهور، وقد تولاها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، وكذلك خلفاؤه الراشدون، وما زال يتولاها أفضل المسلمين علماً وعملاً.
 
3- دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة بالإرشاد، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامنٌ والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين) صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود
 
أيهما أفضل: الأذان أم الإمامة؟
 
اختلف الفقهاء فمنهم من قال: الإمامة أفضل، لِمَا سبق من الأدلة، ومنهم من قال: الأذان أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين). ومنزلة الأمانة فوق منزلة الضمان وأعلى منه، والمدعو له بالمغفرة أفضل من المدعو له بالرشد، فالمغفرة أعلى من الإرشاد؛ لأن المغفرة نهاية الخير.
 
واختار شيخ الإسلام – رحمه الله – أن الأذان أفضل من الإمامة
“وأما إمامة النبي صلى الله عليه وسلم وإمامة الخلفاء الراشدين فكانت متعينة عليهم؛ فإنها وظيفة الإمام الأعظم ولم يمكن الجمع بينها وبين الأذان، فصارت الإمامة في حقهم أفضل من الأذان؛ لخصوص أحوالهم، وإن كان لأكثر الناس الأذان أفضل.” (الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص56).
 
هل يجوز طلب الإمامة في الصلاة؟
يجوز طلب الإمامة في الصلاة إذا صلحت النية ؛ لحديث عثمان بن أبي العاص قال: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، فقال: (أنت إمامهم واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً) صححه الألباني في الإرواء
والحديث يدلّ على جواز طلب الإمامة في الخير ، وقد ورد في أدعية عباد الرحمن أنهم يقولون : ” وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ” سورة الفرقان، الآية: 74. فإذا صلحت النية وتأكدت الرغبة في القيام بالواجب والدعوة إلى الله فلا حرج من طلب ذلك.
من أولى الناس بالإمامة؟
1-    الأقرأ:
قيل: هو أكثرهم قرآناً، وقيل: أجودهم وأحسنهم وأتقنهم قراءة، والصواب القول الأول؛ لحديث عمرو بن سلمة وفيه: (… وليؤمكم أكثركم قرآناً) رواه البخاري ؛ ولحديث أبي سعيد الخدري وفيه: (وأحقهم بالإمامة أقرؤهم)رواه مسلم
ومعناه: أكثرهم قرآناً، ولكن لو استووا في القرآن بحيث قد استظهروا القرآن كله فيرجح من كان أتقنهم قراءة وأضبط لها، وأحسن ترتيلاً؛ لأنه الأقرأ بالنسبة لهؤلاء الذين استووا في كثرة الحفظ.
 
2-العالم فقه صلاته:
أي يعلم شروطها، وأركانها، وواجباتها، ومبطلاتها، ونحو ذلك، قال الحافظ ابن حجر: (ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفًا بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة، فأما إذا كان جاهلاً بذلك فلا يقدم اتفاقاً) فتح الباري، 2/171
3- فإن استووا فأفقههم
4- فإن استووا فأقدمهم هجرة
5- فإن استووا فأقدمهم إسلاماً، لحديث أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يؤمُّ القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأقدمهم سلماً – وفي رواية – سنّاً ولا يؤمّنَّ الرَّجلُ الرَّجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكْرِمَتِه إلا بإذنه)
(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله) فيه دليل واضح على أنه يقدم الأقرأ على الأفقه، وهو مذهب الإمام أحمد، وأبي حنيفة، وبعض أصحاب الشافعي، وقال الإمام مالك والشافعي وأصحابهما: الأفقه مقدم على الأقرأ؛ لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط، وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلا كامل الفقه، لكن في قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة): دليل على تقديم الأقرأ مطلقاً، والصواب أن الأقرأ يقدم إذا كان عارفاً فقه صلاته
(فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) الهجرة المقدَّم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره صلى الله عليه وسلم، بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة كما ثبت ذلك في الأحاديث؛ لأن الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام قربة وطاعة، فقدم السابق إليها؛ لسبقه إلى الطاعة. انظر: المغني لابن قدامة، 3/15
قوله : (ولا يؤمّنّ الرجل الرجل في سلطانه ) أي في موضع سلطته، وهو ما يملكه أو يتسلط عليه بالتصرف فيه، ويدخل فيه صاحب البيت والمجلس، وإمام المسجد، لكن يستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه.
وأما حديث مالك بن الحويرث الذي فيه : (فإذا حضرت الصلاة فليؤذِّن لكم أحدُكم ثم ليؤمَّكم أكبرُكم) متفق عليه. فقدم الأكبر؛ لأنهم استووا في باقي الخصال والشروط؛ لأنهم هاجروا جميعاً، وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولازموه عشرين ليلة، فاستووا في الأخذ عنه، ولم يبق ما يقدم به إلا السن.
فالمراتب خمس: يقدم الأقرأ، فالأعلم بالسنة، فالأقدم هجرة، فالأقدم إسلاماً، فالأكبر سنّاً.
 
أنواع الإمامة في الصلاة:
1- إمامة الصبي :
جائزة على الصحيح؛ لحديث عمرو بن سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقومه: (فإذا حضرت الصّلاة فليؤذِّن أحدُكم، وليؤمَّكم أكثرُكم قرآناً) فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً منّي؛ لِمَا كنت أتلقَّى من الركبان، فقدّموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت عليَّ بردة، كنت إذا سجدت تقلَّصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطُّون عنا إست قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصاً فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص).
بردة: كساء صغير مربع ويقال كساء أسود
تقلصت: انكشفت عنه.
إست قارئكم :مقعدته أو مؤخرته
فاشتروا: أي ثوباً
وهذا هو الصّواب أنّ إمامة الصّبي تصحّ بالفرض والنّفل إذا قدّمه القوم وكان أكثرهم قرآناً،وقد بلغ سبع سنين ؛ والذين قدَّموا عمراً كانوا كلهم صحابة ؛ ولأنّ إمامة عمرو بن سلمة بقومه كانت زمن الوحي، فلو كانت الصّلاة باطلة وعمله منكراً؛ لأنكره الله تعالى.
2- إمامة الأعمى :
صحيحة بلا كراهة؛ لحديث أنس ( أنّ النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أمِّ مكتوم رضي الله عنه يؤمُّ الناس وهو أعمى )رواه أبو داوود ، وقد عُدَّت مراتُ استخلاف ابن أم مكتوم فبلغت ثلاث عشرة مرة، وهذا دليل على صحّة إمامة الأعمى من دون كراهة في ذلك، ويدلّ على ذلك أيضا ما رواه محمود بن الربيع الأنصاري رضي الله عنه أن عتبان بن مالك كان يؤمُّ قومَهُ وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يا رسول الله: إنها تكون الظلمة والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصلِّ يا رسول الله في بيتي مكاناً أتخذه مُصلَّى، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أين تحبّ أن أصلّي)؟ فأشار إلى مكان من البيت فصلّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري
 
3- إمامة العبد والمولى:
صحيحة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: لَمّا قَدِمَ المهاجرون الأوّلون العقبة – موضع بقباء – قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمُّهم سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه وكان أكثرهم قرآناً).رواه البخاري
 
وكان سالم مولى امرأة من الأنصار فأعتقته، وكانت إمامته بهم قبل أن يُعتق، وإنما قيل له: مولى أبي حذيفة؛ لأنه لازم أبا حذيفة بعد أن أعتق فتبناه، فلما نهوا عن ذلك قيل له: مولاه، وسبب تقديمهم له؛ لأنه كان أكثرهم قرآناً .
وكانت عائشة يؤمها عبدها ذكوان من المصحف. رواه البخاري
 
4- إمامة المرأة للنساء:
صحيحة لحديث أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذناً يؤذن لها، وأمرها أن تؤمَّ أهل دارها. قال عبد الرحمن بن خلاَّد الراوي عنها: (أنا رأيتُ مؤذنها شيخاً كبيراً).رواه أبو داوود ، وهذا يدلّ على مشروعية صلاة النساء جماعة منفردات عن الرجال.
 
5- إمامة الرجل للنساء فقط :
صحيحة؛ لأخبار وردت في ذلك؛ ولأن الأصل صحة صلاة الجماعة وانعقادها بالنساء مع الرجل، بل بالمرأة مع الرجل ومن منع فعليه الدليل ، كما قال الإمام الشوكاني ، إلا إذا كانت أجنبية وحدها فإنه يحرم أن يؤمَّها؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه: (لا يخلونَّ أحدُكم بامرأة إلا مع ذي محرم) متفق عليه
 
والصحيح أن إمامة النساء لا تكره إلا إذا خاف الفتنة؛ ابتعد عن ذلك؛ لأن ما كان ذريعة إلى حرام فهو حرام، وقد كان ذكوان مولى عائشة رضي الله عنهما يؤمها من المصحف.
 
 6-حكم إمامة المرأة للرجل :
للفقهاء في حكم إمامة المرأة للرجل رأيان:
 
الرأي الأول: وهو لجماهير الفقهاء من السلف والخلف وقالوا: لا يجوز للرجل أن يصلي خلف المرأة لا في فرض ولا نافلة فإن صلى بطلت صلاته.
 
الرأي الثاني: وهو لأبي ثور والمزني وابن جرير الطبري, وقالوا: تصح صلاة الرجال وراء المرأة في الفرائض والنوافل معًا(المغني جـ2 ص270).
 
ووافقهم في بعض رأيهم بعض الحنابلة فقالوا: تصح إمامة المرأة للرجال لكن في صلاة التراويح فقط وتكون وراءهم إذا كانت المرأة قارئة والرجال أميين (المجموع جـ4 ص).
 
الأدلة :
(أ) قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) النساء 34
 
(ب) ما روي عن جابر رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «لا تؤمن المرأة رجلًا»قال النووي: إسناده فيه ضعف
 
فقوله عليه السلام: «لا تؤمن…» واضح الدلالة على عدم جواز إمامة المرأة للرجل في الصلاة.
 
(ج) ما روي عن أبي بكر قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة»أخرجه البخاري.
 
فالحديث دال على أن المرأة لا تتولى أمر قوم، ومن جملة أمرهم إمامة الصلاة.
والمرأة عورة، وفي إمامتها افتتان بها، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم التصفيق لها بدلًا من التسبيح للرجل في نوائب الصلاة خوفًا من الافتتان بصوتها، وكذلك الحال في الائتمام بها.
 
ثانيًا: استدل أبو ثور ومن وافقه على جواز إمامة المرأة للرجل بما ورد عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»أخرجه مسلم.
 
فدل الحديث الشريف على أن الأولى بالإمامة أكثرهم قراءة، وعلى هذا فإن كانت المرأة كذلك كانت الأولى بالإمامة؛ لأن كلمة «القوم» الوارد ذكرها في الحديث الشريف تطلق على الرجال والنساء معًا) الحاوي الكبير جـ 2 ص 412 .
 
وما روي عن الوليد بن جميع, عن أم ورقة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها، وجعل لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها أن تؤم أهل دارها» حديث حسن أخرجه أبو داود في سننه.
 
فقوله: «وأمرها أن تؤم أهل دارها» دليل على صحة إمامة المرأة أهل دارها وإن كان فيهم الرجل، فإنه كان لها مؤذن وكان شيخًا، والظاهر أنها كانت تؤمه، وغلامها وجاريتها حتى في الفرائض بدليل أنه عليه السلام جعل لها مؤذنًا, والمؤذن لا يكون إلا في الفرائض)عون المعبود جـ 2 ص 28، سبل السلام جـ 2 ص 73، المغني جـ 2 ص 270.
 
الرد على هذا القول :
إن مبني الاستدلال بـ«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» هو صحة إطلاق لفظ القوم على الرجال والنساء، وهذا ليس بصحيح؛ لأن «القوم» يطلق على الرجال دون النساء، دل على هذا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ ولَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ)سورة الحجرات 11
 
فلو دخل النساء في القوم لم يعد ذكرهن فيما بعد.
 
قلت : وهذا الاستدلال محل نظر وليس محل اتفاق بين علماء اللغة
 
 وحديث «وأمرها أن تؤم أهل دارها» بالرغم من أن الحديث عام في الرجال والنساء إلا أنه يجب حمله على النساء فقط .
 
وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تؤم النساء وتقوم معهن في الصف.
 
– أي: أن الثابت في كثير من الأحاديث الشريفة أن المرأة كانت تؤم النساء لا الرجال.
 
الراجح:  رأي جماهير الفقهاء وهوعدم صحة جعل المرأة إمامًا للرجل في الصلاة وذلك:
 
* لقوة أدلتهم سواء من ناحية الثبوت أم الدلالة.
 
* لضعف أدلة أصحاب الرأي الثاني وردها, وإذا كان الحديث الذي استدلوا به ثابت, إلا أنه لا يقوى على معارضة أدلة أصحاب الرأي الأول, لذا كان لزامًا عدم أخذه على ظاهره, ووجوب تأويله على نحو ما أوضحت في المناقشة.
 
* إن في الأخذ بالرأي الثاني مخالفة لكثير من التشريعات؛ لأن كثيرًا منها شرع من أجل حماية المرأة من الافتتان سواء على نفسها أو على غيرها، فتشريع الحجاب مثلًا، ووضع ضوابط وشروط لخروج المرأة إلى غير ذلك، إنما مقصده المحافظة عليها، وعدم كونها مصدرًا للفتنة، فكيف بعد كل هذا نقول: يجوز لها أن تقف أمام الرجال تؤمهم وتركع وتسجد أمامهم! فهذا أمر لا يقبله شرع, ولا عقل.
 
7- إمامة المتيمم للمتوضئ :
جائزة؛ لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا عمرو صلّيت بأصحابك وأنت جنب)؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: ” وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ” سورة النساء، الآية: 29.، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً. صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود
 
8- إمامة المسافر للمقيم :
صحيحة ويتم المقيم بعد سلام المسافر؛ لما روي عن عمران رضي الله عنه يرفعه: (أنه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة زمان الفتح ثماني عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم يقول: يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا سفر) أحمد
 
9- إمامة المقيم للمسافر:
صحيحة، ويتمّ المسافر مثل صلاة إمامه، سواء أدرك جميع الصلاة، أو ركعة، أو أقل، وحتى لو دخل معه في التشهد الأخير قبل السلام فإنه يتم، وهذا هو الصواب من قولي أهل العلم، لِمَا ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما من حديث موسى بن سلمة – رحمه الله – قال: كنّا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كُنّا معكم صلّينا أربعاً وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين، قال: (تلك سنّة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم)رواه أحمد.
 
وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا صلّى مع الإمام صلّى أربعاً وإذا صلاها وحده صلّى ركعتين.رواه مسلم
 
10- إمامة الفاسق :
الذي تصحّ صلاته لنفسه صحيحة على القول الصحيح من قولي أهل العلم، إذا كانت معصيته أو بدعته لا تخرجه عن الإسلام، لكن ينبغي أن لا يرتب إماماً في الصلاة وغيرها.
 
ومما يدلّ على صحّة إمامة الفاسق حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يُؤَخِّرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها)؟ قال: قلت فما تأمرني؟ قال: (صلِّ الصلاة لوقتها، فإذا أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة [ولا تقل إني قد صلّيت فلا أصلي])رواه مسلم
 
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يصلّون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم)رواه البخاري ؛ ولأن جمعاً من الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة، والجماعة، والأعياد خلف الأئمة الفجار ولا يعيدون الصلاة، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج بن يوسف، وابن عمر كان رضي الله عنه من أشدّ الناس تحرّياً لاتباع السنة، واحتياطاً لها، والحجاج معروف بأنه من أفسق الناس.
 
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله -: (… وقد ثبت إجماع أهل العصر الأول من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين إجماعاً فعليّاً، ولا يبعد أن يكون قوليّاً على الصلاة خلف الجائرين؛ لأن الأمراء في تلك الأعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس، فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم، في كل بلدة فيها أمير). وقال: (والحاصل أن الأصل عدم اشتراط العدالة وأن كل من صحّت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره…واعلم أن محلّ النّزاع إنما هو صحة الجماعة خلف من لا عدالة له،وأما أنها مكروهة فلا خلاف في ذلك) نيل الأوطار، 2/398 ،399
 
11- إمامة من يكرهه أكثر الجماعة بحق :
مكروهة على أقل الأحوال؛لحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون). حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
 
قال الإمام الترمذي – رحمه الله تعالى -: (وقد كره قوم من أهل العلم أن يؤمَّ الرجل قوماً وهم له كارهون، فإذا كان الإمام غير ظالم فإنما الإثم على من كرهه، وقال أحمد وإسحاق في هذا: إذا كَرِهَ واحدٌ، أو اثنان، أو ثلاثة فلا بأس أن يصلي بهم حتى يكرهه أكثر القوم). سنن الترمذي، ص97
 
12- الإمامة في مسجد قبل إمامه :
لا تجوز إلا إذا تأخر عن الوقت المحدد أو بإذنه؛ لفعل الصّدّيق وعبد الرحمن بن عوف حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحسنتم) متفق عليه
 
وإذا أمَّ في مسجد قبل إمامه بدون إذن الإمام أو عذره فما حكم صلاته ؟
 
قيل: الصلاة لا تصحّ، ويجب عليهم الإعادة مع الإمام الرّاتب، وقيل: تصحّ مع الإثم وهذا هو الصواب؛ لأن الأصل الصّحّة حتى يقوم الدليل على الفساد.
 
13- حكم الإمامة من المصحف :
صحيحة على الصحيح من قولي أهل العلم؛ لأن عائشة رضي الله عنها كان يؤمُّها عبدُها ذكوان من المصحف.رواه البخاري
 
قال ابن باز – رحمه الله -: (يجوز ذلك إذا دعت الحاجة إليه، كما يجوز القراءة من المصحف في التراويح لمن لا يحفظ القرآن، وتطويل القراءة في صلاة الفجر سنة، فإذا كان الإمام لا يحفظ المفصل ولا غيره من بقية القرآن الكريم جاز له أن يقرأ من المصحف، ويشرع له أن يشتغل بحفظ القرآن وأن يجتهد). مجموع فتاوى الإمام ابن باز، جمع الطيار، 4/388
 
14- إمامة المفضول للفاضل :
صحيحة؛ لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه حينما كان مع النبي في غزوة تبوك، وذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وأنه جاء معه قال: حتى نجد الناس قد قدَّموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بهم حين كان وقت الصلاة، قال: ووجدنا عبد الرحمن وقد صلى بهم ركعة من صلاة الفجر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفَّ مع المسلمين فصلى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية،فلما سلَّم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمُّ صلاته، قال: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: (أحسنتم)، أو (قد أصبتم)، يغبطهم أن صلّوا الصلاة لوقتها) متفق عليه
وهذا يدلّ على صحّة إمامة المفضول للفاضل.
 


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1036 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع