شرح أسماء الله الحسنى: 50- المجيب
أولا /المعنى اللغوي :
“المجيب” اسم فاعل، من أجاب، يجيب، فهو مجيب، والإجابة رد السؤال.
والإجابة كذلك إجابة المحتاج بالعطية والنوال، وإعطاء الفقير عند السؤال، فللمجيب معنيان، إجابة السائل بالعلم وإجابة الطالب لشيء بالعطاء.
ثانيا / وروده في القرآن الكريم :
ورد هذا الاسم معرفاً في القرآن الكريم في قوله تعالى حكاية عن نبيِّه صالح: ﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ هود: 61.
وورد بصيغة الجمع في قوله تعالى : “ وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ” الصافات: 75.
وقد عبر هنا بالجمع من باب التعظيم لذاته وجلاله ؛ لأن صيغ الجمع قد يتكلم بها الشخص عن جماعته وقد يتكلّم بها الواحد العظيم ، كما يفعل بعض الملوك إذا أصدر مرسوما أو قرارا يقول نحن وقررنا ونحو ذلك وليس هو إلا شخص واحد وإنّما عبّر بها للتعظيم ، والأحقّ بالتعظيم من كلّ أحد هو الله عزّ وجلّ .
ثالثا / المعنى في حق الله تعالى :
المُجِيبُ سُبْحَانَهُ هُوَ الذِي يُقَابِلُ السُّؤَالَ والدُّعَاءَ بِالقَبُولِ وَالعَطَاءِ ، وهو الُمجِيبُ الذي يُجِيبُ الُمضْطَّرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيُغِيثُ الملْهُوفَ إذا نَادَاهُ ، وَيَكْشِفُ السُّوءَ عَنْ عِبَادِهِ ويَرْفَعُ البَلاءَ عَنْ أَحِبَّائِهِ .
رابعا / تأملات في رحاب الاسم الجليل :
خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ ، وَسَيَّرَهم وِفْقَ مَشِيئَتِهِ ، وَدَبَّرَ شُئُونَهم بِحِكْمَتِهِ ، واسْتَغْنَى عَنْهُمْ بِذَاتِهِ ، فَكَانُوا الفُقَرَاءَ إِلَيْهِ فَقْرًا تَامًّا مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِمْ إِلَى آخِرِهِ ، فَمِنْهُ وُجُودُهُمْ ، وَإِلَيْهِ مَرَدُّهم ، وَعَلَيْهِ اعْتِمَادُهُمْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهم وَتَصَرُّفَاتِهِم فقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ” (15:17) فاطر
لِهَذَا كَانَ الدُّعَاءُ مِنْ أَفْضَلِ الوَسَائِلِ التي يَضْرَعُ بِهَا العَبْدُ إِلَى ربِّهِ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهِ وتَحْقِيقِ مَطَالِبِهِ الدِّينِيَّةِ والدُّنْيَوِيَّةِ .
وَذَلِكَ لأَنَّهُ تَعْبِيرٌ صَادِقٌ عَنِ العُبُودِيَّةِ الخَالِصَةِ ، وَوَفَاءٌ بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ بِقَدْرِ طَاقَةِ العَبْدِ وَوُسْعِهِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ ـ قَطْعًا ـ أَنْ يَؤُدِّي للرُّبُوبِيَّةِ حَقَّها مَهْمَا بَذَلَ فِي ذَلِكَ مِنْ جُهْدٍ ، قَالَ تَعَالَى : ” مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ” الحج : 74
أَيْ : مَا عَرَفُوه حَقَّ مَعْرِفَتِهِ ، وَمَا عَبَدُوهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ ، وَمَا شَكَرُوهُ حَقَّ شُكْرِهِ ، لَكِنَّهُمْ عَرَفُوهُ وَعَبَدُوهُ وَشَكَرُوهُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِم ، فَقَبِلَ اللهُ مِنْهُم مَا بَذَلُوهُ وَعَذَرَهم فِيمَا قَصَّرُوا فِيهِ .
والعَبْدُ إِذَا انْقَطَعَ عَنِ الدُّعَاءِ يَشْعُرُ بالكَرْبِ قَدْ أَلَمَّ بِهِ مِنْ كُلِّ صَوْبٍ وَحَدَبٍ ، وَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ يَعِيشُ وَحْدَهُ فِي غُرْبَةٍ مُوحِشَةٍ ، وَيَجِدُ نَفْسَهُ في دَوَّامَةٍ مِنْ الُهمُومِ وَالأَحْزَانِ ، فَيَضِيقُ صَدْرُه وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانُهُ بِخَيْرٍ ، فَإِذَا دَعَا اللهَ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ ، وَاجْتَهَدَ في الدُّعَاءِ وَالضَّرَاعَةِ ، وَجَدَ نَفْسَهُ قَدْ أُلْهِمَتْ رُشْدَها ، وأُوتِيَتْ تَقْوَاها ، واسْتَرَدَّتْ رَوْحَهَا وَرَيْحَانَهَا ، وَاسْتَعَادَتْ ثِقَتَهَا بِخَالِقَهَا ، وَعَادَ إِلَيْهَا مَا فَقَدَتْهُ ـ بِسَبَبِ الغَفْلَةِ ـ مِنْ نُورٍ كَانَتْ تَمْشِي بِهِ في النَّاسِ .
والدُّعَاءَ الخَالِصَ هو الطرِيقُ إِلَى اللِه؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الخُضُوعِ والذُّلِّ ، والتَّمَسْكُنِ والتَّوَاضُعِ ، وكَمَالِ الافْتِقَارِ إِلَى اللهِ الوَاحدِ القَهَّارِ ، فيه يَكُونُ القُرْبُ ، ولَهُ يَكُونُ الحُبُّ ، وبه يَكُونُ الفَلَاحُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .
قال تَعَالَى : ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [ البقرة : 186 ] .
وقال تَعَالَى : : ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [ غافر : 60 ] .
وَمِنْ فَوَائِدِ الدُّعَاءِ أَنَّهُ يَغْرِسُ في نُفُوسِ العِبَادِ العِزَّةَ ؛ إِذْ يَلْجَأُ العَبْدُ في أَوْقَاتِ الشِّدَّةِ إلى اللهِ وَحْدَهَ ، ولا يَلْجَأُ إلى أَحَدٍ سِوَاهُ ، وهذه هي العِزَّةُ في أَسْمَى مَظَاهِرِهَا وأَرْقَى مَعَانِيهَا ، فَهُمْ بِهَذِهِ العِزَّةِ مُلُوكٌ يُغْبَطُونَ عَلَى مَا هُمْ فِيهِ مِنْ نِعْمَةٍ .. فَهَلْ هُنَاكَ أَعَزُّ وَأَكْرَمُ ، وَأَقْوَى وَأَمْنَعُ ، وأَغْنَى وأَعْظَمُ مِنْ عَبْدٍ اسْتَغْنَى بِخَالِقِهِ فَلَاذَ بِهِ وَلَمْ يَلُذْ بِسِوَاهُ !
وكان الإمام أحمد يقول: ” اللهم كما صُنْتَ وجهي عن السجود لِغَيرِك، فَصُن وجهي عن مسألة غَيْرِك ”
وَمِنْ فَوَائِدِ الدُّعَاءِ أَيْضًا أَنَّهُ يَنْقِلُ الدَّاِعي مِنْ صَخَبِ الحَيَاةِ وَضَوْضَائِها إلى رِحَابِ الُمنَاجَاةِ وصَفَائِها ، ويَقْطَعُه ولَوْ لِفَتْرَةٍ مَحْدُودَةٍ عَنْ شَهَواتِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا ومَتَاعِها الزائِلِ لِيَصِلَه بِالمَلأِ الأَعْلَى ، وَيَجْعَلُهُ يَشْعُرُ بِاللذةِ الرُّوحِيَّةِ ، والطُّمَأْنِينَةِ القَلْبِيَّةِ ، وَالسَّعَادَةِ النَّفْسِيَّةِ ، وفي ذلك مَا فِيهِ مِنَ الاسْتِعْدَادِ القَوِيِّ ، والتَّهَيُّؤ الفَعَّالِ ، لِحُسْنِ التَّحَوِّلِ إلى الُمدَاوَمَةِ على ما يُرْضِي اللهَ ، والعَزْمِ الأكيدِ على مُخالَفَةِ الهَوَى والشَّيْطَانِ .
أيضا فَإِنَّ الإيمان بهَذَا الاسْمَ ينزع مِنْ نُفُوسِ المؤْمِنِينَ مَا قَدْ يُصِيبُها مِنْ يَأْسٍ وجَزَعٍ وَخَوْفٍ وَضَعْفٍ ، وَيُشْعِرُهم بأَنَّ اللَه قَرِيبٌ مِنْ عِبَادِهِ ، يُجِيبُ الُمضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وهو مُوقِنٌ بالإجَابَةِ ، ويَكْشِفُ عنه السُّوءَ بما شَاءَ وَكَيْفَ شَاءَ ؛ فَهُوَ نِعْمَ الَموْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَنِعْمَ الُمجِيبُ .
وَعَلَى العَبْدِ حين يَدْعُو رَبَّهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ في قَلْبِهِ الشُّعُورَ بِأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَيْهِ افْتِقَارًا تَامًّا ، فَإِنَّ هَذَا الشُّعُورَ يُوَلِّدُ شُعورًا آخَرَ ، وَهُوَ تَعْظِيمُ نِعَمِ اللهِ عَلَيْهِ ، فَيَدْعُو وَهُوَ شَاكِرٌ ، ودُعَاءُ الشَّاكِرِينَ لا يُرَدُّ .
وَبِهَذَا الشُّعُورِ المُزْدَوَجِ يَدْعُو العَبْدُ رَبَّه مِنْ غَيْرِ إِحْسَاسٍ بالجَزَعِ ، الذي قَدْ يَعُوقُه عَنِ الإِخْلَاصِ فِيهِ ؛ فَإِذَا قَالَ العَبْدُ : يَا رَب ، شَعَرَ بَادِئَ ذِي بِدْءٍ بِأَنَّهُ عَبْدٌ فَقِيرٌ يَدْعُو رَبًّا بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ، وهو يُقَدِّمُ بينَ يَدَي دُعَائِهِ أَنَّهُ مَغْمُورٌ بِالنِّعَمِ الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ ، وَإِنَّمَا يَدْعُوهُ إلى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ طَمَعًا في الَمزِيدِ مِنْ وَاسِعِ رَحْمَتِهِ ، وَلَكِنْ لَا يَقْوَى العَبْدُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا إِذَا غَذَّى قَلْبَه وعَقْلَهُ وَرُوْحَه بِذِكْرِ اللهِ ﻷ ؛ فَبِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ ، وتَسْلَمُ مِنْ هَوَاجِسِ النَّفْسِ وَوَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ ، يقولُ اللهُ : ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [ الرعد : 28 ] .
فَضْلُ الدُّعَاءِ :
1- الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ نَتَقَرَّبُ بِهَا إلى اللهِ :
رَوَىَ التِّرْمِذِيُّ ـ وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ ـ عَنِ النُّعْمَانِ بِنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ » ، ثُمَّ قَرَأَ : ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ غافر : 60 .
فَفِي هَذَا الحَدِيثِ يُبَيِّنُ لنَا النَّبِيُّ أنَ َّالدُّعَاءَ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ فَقَالَ : « الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ » أَيْ رَأْسُ العِبَادَاتِ ، أَوْ لُبُّهَا ، أو أَفْضَلُها؛ فَيَنْبَغِي للمُسْلمِ أَنْ لَا يَغْفَلَ عَنْ هَذِهِ العِبَادَةِ العَظِيمَةِ الجليلَةِ .
2- الدُّعَاءُ يَرُدُّ عَنْكَ الَمصَائِبَ قَبْلَ وُقُوعِها :
فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ ».
فَقَدْ يَدْعُو الشَّابُّ أَنْ يَنْجَحَ هذا العَامَ ، فَلَمْ يَسْتَجِبِ اللهُ لَهُ ، فَيَظُنُّ أَنَّ دُعَاءَهُ ذَهَبَ سُدًى ، ولَكِنَّ اللهَ قَدْ يَدْفَعُ عَنْهُ مُصِيبَةً أَوْ حَادِثًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الدُّعَاءِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ البُخَارِيُّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو ، لَيْسِ بِإِثْمٍ ، ولَا بِقَطِيعَةِ رَحِمٍ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللهُ إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَها لَهُ في الآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَها » ، قَالَ : إِذًا نُكْثِرُ ، قَالَ : « اللهُ أَكْثَرُ »
3- الدُّعَاءُ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الَمغْفِرَةِ :
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « قَالَ اللهُ تَعَالَى : يَا ابنَ آدمَ ، إنكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابنَ آَدمَ ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابنَ آدمَ ، إِنَّكَ لَوُ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً » رَوَاه التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ، وَذَكَرَهُ الألبانيُّ في الصحيحةِ وحَسَّنَهُ بِشَوَاهِدِهِ
شُرُوطُ وآداب الدُّعَاءِ :
1- الإِخْلَاصُ :
قَالَ تَعَالَى : ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ غافر : 14.
وَالإِخْلَاصُ : هُوَ صِدْقُ النيةِ فِي التَّوَجُّه إلى اللهِ وَحْدَهُ ، مَعَ اليقينِ بِأَنَّ اللهَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
2- اسْتِحْضَارُ القَلْبِ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ :
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « ادْعُوا اللَه وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، واعْلَمُوا أَنَّ اللهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ » رَوَى التِّرمِذِيُّ وحَسَّنَه الأَلْبانيُّ
ورأى كليم الله موسى عليه السلام رجلا عند قطيع الغنم يدعو ويصر في الدعاء، فقال موسى: يا رب لو كان الأمر بيدي لاستجبت له، فقال الله عزوجل: يا كليمي أنت لا تعرفه صاحبك يدعوني بلسانه وقلبه عند غنمه وأنا لا أستجيب لعبد لسانه معي وقلبه مع غيري.
3- أَكْلُ الحَلَالِ :
إِنَّ أكْلَ الحَرَامِ قَدْ يَمْنَعُ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : «(أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال : ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم ) (سورة المؤمنون آية 51) وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم وأشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) (آية 172 من سورة البقرة ). ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يا رب ، يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) رواه مسلم.
ومعنى الحديث :أن التعامل بالمال الحرام أكلاً ولباساً وتغذية مانع لإجابة دعاء الداعي مهما توفرت أسباب الإجابة من السفر ، والتبذل ، ورفع الأيدي ، والإلحاح ، وغيرها . قال بعض السلف : (لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي)
4- أَنْ لَا يَدْعُوَ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ :
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللِه صلى الله عليه وسلم : « يُسْتَجَابُ للعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ » ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ : مَا الاسْتِعْجَالُ ؟ قَالَ : « يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يُسْتَجَبْ لِي ، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَسْتَحْسِرُ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ».
الإِثْمُ : الذَّنْبُ ، كَأَنْ يَدْعُو اللَه أَنْ يُمَكِّنَهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ : كَسَرِقَةٍ وَزِنَا وَنَحْوِهِمَا ، قَطِيعَةُ الرَّحِمِ : الدُّعَاءُ عَلَى أَقَارِبَهِ وَأَرْحَامِهِ .
5- عَدَمُ الاعْتِدَاءِ في الدُّعَاءِ :
قَالَ تَعَالَى : ” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ “ الأعراف : 55 .
قَالَ ابْنُ القَيِّمِ مَا مُلَخَّصُهُ :« الاعْتِدَاءُ في الدُّعَاءِ تَارَةً يَكُونُ بِسُؤَالِ مُحَرَّمٍ ، وتَارَةً يَكُونُ بِأَنْ يَسْأَلَ اللهَ مَا يُنَافِي حِكْمَتَه ؛ كَأَنْ يَسْأَلُهُ أَنْ يُخَلِّدَه إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ، أَوْ أَنْ يَعِيشَ بِلَا طَعَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ » اهـ .
أَمْثِلَةٌ للاعْتِدَاءِ في الدُّعَاءِ :
رَوى أَحْمَدُ ـ وَحَسَّنَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحِ الجَامِعِ ـ عنْ سعدِ بنِ أبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابنًا لهُ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ وأَسْأَلُك مِنْ نَعِيمِهَا وَبَهْجَتِهَا ، وَمِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا ، وَمِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، وَسَلَاسِلِهَا ، وَأَغْلَالِها ، وَمِنْ كَذَا وَمِنْ كَذَا …
فَقَالَ : لَقَدْ سَأَلْتَ اللهَ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَتَعَوَّذْتَ باللهِ مِنْ شَرٍّ كَثِيرٍ ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ غ يَقُولُ : « سَيَكُونُ قَومٌ يَعْتَدُونَ في الدُّعَاءِ » وَقَرَأَ هَذِهِ الآية : ” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ “ الأعراف : 55 . وَإِنَّ حَسْبَكَ أَنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ »
وَرَوَى أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابنَه يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَسْاَلُكَ القَصْرَ الأَبْيَضَ عَنْ يَمِينِ الجَنَّةِ إِذَا دَخَلْتُها .
فَقَالَ : يَا بُنَيَّ ، سَلِ اللهَ الجَنَّةَ ، وعُذْ بِهِ مِنَ النَّارِ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : « يَكُونُ قَوُمٌ يَعْتَدُونَ في الدُّعَاءِ والطُّهُورِ » .
6- عَدَمُ اسْتِبْطَاءِ الإجَابَةِ :
رَوَى البُخَاريُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يُعَجِّلْ ، يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي » .
7- التَّضَرُّعُ وَخَفْضُ الصَّوْتِ :
قَالَ تَعَالَى : ” ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ “ الأعراف : 55 ..
قَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ : « كَانَ الُمسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ في الدُّعَاءِ وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ ، إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهم » .
وفي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : رَفَعَ النَّاسُ أَصْوَاتِهِمْ بالدُّعَاءِ ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : « أَيُّهَا النَّاسُ ، أَرْبِعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا ، إِنَّ الذِي تَدْعُونَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ »
8- رَفْعُ اليَدَينِ أَثْنَاءَ الدُّعَاءِ :
عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « إِنَّ رَبَّكم حَيِيٌّ كَرِيمٌّ ، يَسْتَحْيِي أَنْ يَبْسُطَ العَبْدُ يَدَيه إِلَيْه فَيَرُدَّهُما صِفْرًا » ، أَوْ قَالَ : « خَائِبَتَينِ » رواه أَحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ .
9 – أَنْ يَبْدَأَ بِحَمْدِ اللهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ والصَّلاةِ على النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم :
فَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كُنْتُ أُصَلِّى ، والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو َبكْرٍ وَعُمَرُ مَعَهُ ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَدَأْتُ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللهِ تَعَالَى ثُمَّ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ دَعَوْتُ لِنَفسِي ، فَقَالَ النَّبيُّ : « سَلْ تُعْطَهْ ، سَلْ تُعْطَهُ » .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ ـ وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ ـ عَنْ فَضَالَة بنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يَدْعُو في صَلَاتِهِ ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : « عَجَّلَ هَذَا ، إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ » .
10- يَعْزِمُ المَسْأَلَةَ وَلَا يَسْتَثْنِ :
فَفِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أِبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : « لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، ليَعْزِمَ الدُّعَاءَ ؛ فَإِنَّ اللهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ ، لَا مُكْرِهَ لهُ » .
11- تَكْرَارُ الدَّعْوَةِ ثَلَاثًا :
مُسْلِمٍ عَنِ ابنِ مَسْعَودٍ قَالَ : ” وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَعَا دَعَا ثَلَاثًا ، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا “
وَعِنْدَ أِبِي دَاودَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ « أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثلاثًا وَيَسْتَغْفِرَ ثلاثًا »
أَوْقَاتُ إجَابَةِ الدُّعَاءِ :
1- جَوْفُ الليلِ :
مُسْلمٌ عَنْ جَابرٍ مَرْفُوعًا : « إِنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُها رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ خَيْرًا مِنْ أمرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَاهُ ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ » .
وَحُدِّدَتْ هَذِهِ السَّاعَةُ :فَفِي الصَّحِيحَيْنِ : « يَنْزِلُ رَبُّنا تَبَارَكَ وَتَعَالَى في كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ … يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتِجيبُ له ، مَنْ يَسْأَلُنِي فأُعْطِيه ، مِنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ » .
2- سَاعَةُ الجُمُعَةِ :
ففي الصحيحينِ عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : « إِنَّ في الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوافِقُها عَبْدٌ مُسْلِمٌ وهوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، يَسْألُ اللهَ خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقلِّلها » ، وعِنْدَ مُسْلِمِ : « وهيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ » .
وَعِنْدَ أَبِي دَاودَ والحاكِمِ وَصَحَّحَهُ ووافقَهُ الذَّهبيُّ عنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا : « يَوْمُ الجُمُعَةِ اثنتَا عَشْرَةَ سَاعَةً ، مِنْهَا سَاعَةٌ لا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ فيهَا شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، فَالتَمِسُوها آخِرَ سَاعٍة بَعْدَ العَصْرِ » .
3- دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَالُمسَافِرِ :
البَيْهَقِيُّ في الشُّعَبِ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ عن أبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا : « ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ : دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ المظْلُومِ ، ودَعْوةُ المسَافِرِ » .
4- بَيْنَ الأَذَانِ والإِقَامَةِ :
فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ صَحيحٍ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا : « الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ » .
وَعِنْدَ أَبِي يَعْلَى : « الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ مُسْتَجَابٌ فادْعُوا »
5- حَالُ السُّجُودِ :
وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُريرةَ : « أَقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّه وهُوَ ساجدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ ».
خامسا / ثمار الإيمان بالاسم الجليل
أولاً: محبته سبحانه والأنس به، لأن الإيمان بقربه سبحانه القرب الخاص المستلزم للرحمة، وإجابة الدعوة، واللطف بعبده يثمر المحبة والطمأنينة والأنس به سبحانه، وطلب العون منه وحده.
ثانيًا: قوة الرجاء في الله سبحانه، وعدم اليأس من رحمته، والتضرع بين يديه فهو قريب لمن ناجاه مجيب لمن دعاه، وهذا يثمر الأمل والرَّوح في القلب، ويزرع حسن الظن به سبحانه في قضاء الحاجات وتفريج الكربات، ويفتح باب الدعاء والتضرع من العبد لربه سبحانه، ويخلص القلب من شوائب الشرك والتعلق بالمخلوقين .
ثالثا / أن يقضِيَ حوائِج الطالِبين، لِيَقْضِيَ الله حاجَتَه. والله في عَوْن العبد ما كان العبد في عَوْن أخيه.
رابعا / لا تستَعْظِم شيئاً تسأله الله، فالله عز وجل لا يُعْجِزُه شيء ، ولا تستعظم السؤال إطلاقاً فالله على كل شيء قدير قال صلى الله عليه وسلم : إذا سألت فاسأل الله وإذا اِستَعَنت فاسْتَعِن بالله.