ما حكم التسمية على الذبيحة ؟ وهل تقبل ذبيحة الكتابي إذا لم يسم الله عليها ؟

تاريخ الإضافة 4 يوليو, 2024 الزيارات : 6613

ما حكم التسمية على الذبيحة ؟ وهل تقبل ذبيحة الكتابي إذا لم يسم الله عليها ؟ أيضا تعود الكثير من المصريين النطق بالشهادتين عند الذبح عوضا عن التسمية فهل هذا يجوز ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب :

اختلف العلماء في حكم التسمية عند الذبح على عدة أقوال :
الأول : ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ ، لكن إن تركها سهوا أبيحت ، واستدلوا على الوجوب بقَوْلِهِ تَعَالَى: ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) الأنعام/ 121 .
ورفع الحكم بالسهو بعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ) صححه الألباني في “صحيح ابن ماجة” .

الثاني : ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ عِنْدَ الذَّبْحِ ؛فتحل سواء ترك التسمية عالما ذاكرا أم جاهلا ناسيا .
واستدلوا بما رواه البخاري  : ” أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ تَرْعَى غَنَمًا لَهُ بِالْجُبَيْلِ الَّذِي بِالسُّوقِ ، وَهُوَ بِسَلْعٍ ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ ، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ ، فَذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِهَا ” .
وبأنّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْل الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ ) وَهُمْ لاَ يَذْكُرُونَ التَّسْمِيَةَ .
وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها : أن قوما قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم : إن قوما يأتوننا بلحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا ؟ فقال : ( سموا عليه أنتم وكلوه ) قالت : وكانوا حديثي عهد بالكفر. 

وردوا على استدلال أصحاب القول الأول بأن قوله تعالى : (وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) محمول عَلَى مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) الْأَنْعَامِ/ 145 .

الثالث : ذهب الظاهرية إلى أنها شرط ، ولا تسقط بحال ، لا سهوا ولا عمدا ولا جهلا ، وهي رواية عن مالك وأحمد ، وقول جماعة من السلف ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، واستدلوا بعموم قوله تعالى : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) الأنعام/ 121 ، وبأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أنهر الدم وذُكر اسم الله عليه فكُل ) متفق عليه .
فشرط لحل الأكل التسمية ، ومعلوم أنه إذا فقد الشرط فقد المشروط ، فإذا فقدت التسمية فإنه يفقد الحل ، كسائر الشروط . 

وهل تشترط التسمية في ذبيحة الكتابي ؟
ثلاثة أقوال للفقهاء :
الأول : بعض الفقهاء يرى أن ما يشترط في حل ذبيحة المسلم يشترط في حل ذبيحة الكتابي، ومن ذلك تسمية الله على الذبيحة، فإن سمى غير الله أو ترك تسمية الله عمدا، فلا تحل ذبيحته.
الثاني : ذهب الشافعية إلى حل ما تركت تسمية الله عليه سهوا أو عمدا، ما لم يسم عليه غير الله فيحرم، سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا.
الثالث : ذهب طائفة من أهل العلم إلى جواز أكل ما ذبحه أهل الكتاب مطلقا، ولو سموا عليه غير الله.
قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: وقال جماعة العلماء: تؤكل ذبائحهم وإن ذكروا عليها اسم غير المسيح، وهي مسألة حسنة نذكر لكم منها قولا بديعا، وذلك أن الله سبحانه حرم ما لم يسم الله عليه من الذبائح، وأذن في طعام أهل الكتاب، وهم يقولون إن الله هو المسيح ابن مريم وإنه ثالث ثلاثة، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، فإن لم يذكروا اسم الله سبحانه أكل طعامهم، وإن ذكروا فقد علم ربك ما ذكروا وأنه غير الإله، وقد سمح فيه، فلا ينبغي أن يخالف أمر الله، ولا يقبل عليه ولا تضرب الأمثال له… اهـ

وبهذا أخذ بعض أهل العلم المعاصرين وأفتوا بحل ما ذبحه أهل الكتاب مطلقا.
وأما التشهد عند الذبح، وهو قول “أشهد أن لا إله إلا الله” فاختلف القائلون باشتراط التسمية لحل الذبيحة، هل يجزئ غير التسمية أم يتعين لفظها، وهو بسم الله؟ فذهب الحنفية والمالكية إلى إجزاء غيرها من الذكر.
قال الحصكفي من الحنفية في الدر المختار: والشرط في التسمية هو الذكر الخالص عن شوب الدعاء وغيره، فلا يحل بقوله: اللهم اغفر لي، لأنه دعاء وسؤال، بخلاف الحمد لله أو سبحان الله مريدا به التسمية، فإنه يحل .
ووجه اشتراط إرادة حل الذكاة في هذه الألفاظ ما قاله ابن عابدين وهو: أن هذه الألفاظ ليست بصريح في باب التسمية، إنما الصريح بسم الله، فتكون كناية، والكناية إنما تقوم مقام الصريح بالنية كما في كنايات الطلاق. 
وقال ابن حبيب من المالكية: وإن قال بسم الله فقط، أو الله أكبر فقط، أو لا حول ولا قوة إلا بالله، أو لا إله إلا الله، أو سبحان الله من غير تسمية، أجزأه، وكلٌّ تسمية، ولكن ما مضى عليه الناس أحسن وهو بسم الله والله أكبر. اهـ
وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى تعيين لفظ التسمية، قال ابن قدامة المقدسي في المقنع: ويشترط للذكاة شروط أربعة…”الرابع أن يذكر اسم الله عند الذبح، وهو أن يقول: بسم الله، لا يقوم غيرها مقامها” قال المرداوي: وهذا هو المذهب وعليه جماهير الأصحاب، ونص عليه في رواية أبي طالب، وجزم به في الوجيز وغيره، وقدمه في الفروع وغيره، وقيل: يكفي تكبير الله ونحوه كالتسبيح والتحميد، وهو احتمال للمصنف والمجد. اهـ


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع