هو من الأوهام التي تصيب الواعظ من أمثالنا فيظن لكثرة ممارسته الأمر والنهي والتوجيه والإرشاد أن قد صار أسمى منزلة وأرقى مكانة ممن يأمرهم ويناههم، ويتوهم حين
يرتقي في درجات المنبرأنه قد ارتقى في مدارج التقوى والكمال!! وتلك أوهام كاذبة، وظنون خادعة!!
إن إحسان القول لا يعني حسن العمل ، وجمال الكلمات والمواعظ لا يدل على جمال الأخلاق والشمائل ، وذكر أخبار أهل الصلاح والتقوى لا يجعل ذاكرها من الأتقياء الصالحين، إلا أن يسلك سبيلهم ويعمل بمثل أعمالهم، أما تحسين الكلمات وتزويق العبارات فما أسهله وأهونه إذا لم تصدقه الأفعال.
وإن كثيرا ممن يجلسون تحت أقدامنا ليتعلموا منا هم أزكى نفوسا، وأطهر قلوبا ، وأحسن عملا من كثير من المساكين من أمثالنا الذين لا عمل لهم إلا أن يستكثروا من حجة الله عليهم.
عن الحارث بن معاوية الكندي، أنه ركب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ثلاث خلال منها القصص – يعني الوعظ – قال: إنهم أرادوني على القصص،
فقال: ما شئت، كأنه كره أن يمنعه،
قال: إنما أردت أن أنتهي إلى قولك،
قال: أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم في نفسك، ثم تقص فترتفع، حتى يخيل إليك أنك فوقهم بمنزلة الثريا، فيضعك الله تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك!! أخرجه الإمام أحمد في مسنده بسند حسن.
نقلا عن الدكتور أسامة المراكبي على صفحته الشخصية بالفيس بوك