القلق هو: الانزعاج، والقلق من المشاعر النفسية المضطربة، التي تنتج عنها في الغالب آثار سيئة مثل: التوتر والانقباض والخوف وعدم الطمأنينة والكآبة،والقلق مثل الكرسي الهزاز يحركك لكن لا ينقلك الى اي مكان .
كما يشير الأطباء المختصون الى انه قد تنتج عن القلق آثار مرضية عضوية كاضطراب القلب وتقلص المعدة والشعور بالارهاق وارتفاع ضغط الدم وربما أدى للانتحار.
أولاً: الخواء الروحي
ثانياً: الخوف على الرزق
ثالثاً: الخوف على الأولاد
رابعاً: الخوف من المستقبل
الإنسان في حقيقته يتكون من جسد وروح ، والجسد خلقه الله من الطين وغذاه مما يخرج من ذلك الطين إما بالنبات أو بالحيوان الذي يتغذى على النبات ، أما الروح فهي نفخة من روح الله تعالى ، وغذاؤها في الصلة بالله
ولكن المشكلة تكمن في الذي يشبع رغبات الجسد في الطعام والشهوات واللهو وينسى احتياج الروح لخالقها فمن هنا يحدث عدم التوازن ومن هنا يأتي الشعور بالقلق والضيق لانعدام التوازن
والعلاج يكمن في التوازن بين حاجات الجسد وحاجات الروح وكما أسلفت أن غذاء الروح في عبادة الله فالعبادة غذاء لأرواحنا، وبدونها يظل الإنسان في الأرض حيران قلق مضطرب.
إن الإنسان جسد وروح، ومستحيل أن يعيش الإنسان حياة طيبة سعيدة بالبدن دون الروح. والغرب قد أعطى البدن كل ما يشتهيه من طعام وشراب وشهوات ونساء وملذات ، وبقيت الروح تصرخ تبحث عن دواء وغذاء فوقف الغرب أمام الروح عاجزاً لا يملك شيئاً، يعيش في ضنك.
وإن انتشار عيادات الطب النفسي وحالات الانتحار الجماعي والفردي لمن أعظم الأدلة العملية على ما يعانيه الغرب في الجانب الروحي من قلق وشك وضنك واضطراب.وهذه آخر إحصائية صادرة عن الأمم المتحدة تبين بلوغ عدد المنتحرين مليون شخص في عام
وكما قال أحد السلف: “لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه يقصد من السعادة والراحة والاطمئنان في جنب الله وطاعته لجالدونا عليه بالسيوف”.
وذكر ابن حزم -رحمه الله- أنه نظر إلى الناس: مسلمهم وكافرهم برّهم وفاجرهم عربهم وعجمهم. يقول: فرأيتهم قد أطبقوا واتفقوا على أمر واحد، وهو أنهم جميعاً يتفقون على مطلب يتعلق بمدافعة الهموم وإزالتها عن نفوسهم.ثم قال: ثم بحثت عن سر ذلك وأعظم ما يتحقق به دفع الهمّ والغمّ، فلم أجد أعظم من عبادة الله تعالى ومحبته والانطراح بين يديه؛ فعلمتُ بذلك أن هدي الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام- قد احتوى على طرد الهموم في الدنيا وفي الآخرة.
ثانياً: الخوف على الرزق
الله هو الرزاق وهو خير الرازقين وما من دابة إلا على الله رزقها ، و رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره .
ومن حكمة الله تعالى أن فارق بين العباد في أرزاقهم كما فارق بينهم في خلقهم وأخلاقهم فهو تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، يوسع الرزق على قوم ويضيقه على آخرين فهو تعالى متكفل بأرزاق العباد على ما سبق به علم الله وكتابه وقد علم سبحانه وتعالى وكتب أن من العباد من يبسط له في رزقه ومنهم من يضيق عليه ولله في ذلك حكم بالغة لا تحيط به العقول .
ثم قال تعالى : ( كلا ) أي ليس الأمر كما يظن هذا الإنسان بل تنعيمه تعالى وتضييقه على من شاء ليس إلاّ ابتلاء لا إكراماً ولا إهانة ، ، وبهذا الإبتلاء يتبين الشاكر والصابر من ضدهما والله بكل شيء عليم .
· سئل الحسن البصري رحمه الله ما سر زهدك في الدنيا يا إمام ؟فقال أربعة أشياء : –
· علمت أن رزقي لا يأخذه غيري فاطمأن قلبي
· وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري فاشنغلت به وحدي
· وعلمت أن الله مطلع علي فاستحييت أن يراني على معصية
· وعلمت أن الموت ينتظرني فأعددت الزاد للقاء ربيثالثاً: الخوف على الأولاد :
إن أعظم تأمين على الأولاد هو تقوى الله قال تعالي (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )النساء9
وقد ضرب لنا القرآن المثل بامرأة عمران التي نذرت ما في بطنها لله فلما وضعتها إذ بها أنثى فتقبلها الله منها وأوكل نبيا كريما من أنبيائه يكفلها وهو زكريا .
وأيضا في قصة موسى والخضر لما أوكل الله لكليمه موسى ونبيه الخضر بناء الجدار المتهدم جاء في علة ذلك (و أما الجدار فكان لغلمين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك ومافعلته عن امري…)
وكان سعيد بن المسيب يطيل الصلاة في قيام الليل وينظر إلى ابنه وهو نائم ويقول والله ما أصلي إلا من أجلك ويتلو قوله تعالى : (وكان ابوهما صالحا )رابعاً: الخوف من المستقبلكثير من الناس يعانون من حالة الخوف الدائم من المستقبل، ويعيشون كوابيس مصدرها “ماذا لو”، تيقن أن الله لا يبتلي شخص إلا أنزل به رحمة ولطفا، و سوف تجد أن بعض أحداث حياتك الصعبة لو كنت علمتها قبلها لظننت أنك لن تحيا بعدها يوما واحدافلا تشغل بالك بما لم تحط به علما.
واعلم أيضا أن الأحداث التي تتخيلها هي خيال محض ، فلا تقتنع بما تتخيله فهو مجرد أفكار لن تبرح ذهنك وردد ما قاله النبي لابن عباس : (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك.)
نقطة أخرى أننا دائما ما نتناسى أن الحياة تدور بنا ودوام الحال من المحال، فلن تجد أبدا شرا يدوم أو خيرا يدوم وهي سنة الحياة فإقبلها بدلا من أن تقف ضدها وترهق نفسك في أحوال لن تغيرها ولا تملك فيها من الأمر شيئا، وحين تقبلها وتسلم أمرك إلى الله وتتوكل عليه فسوف تكون قد أزلت من على ظهرك حمل ثقيل، كما أنك حين تثق في أن الله لا يأتي لعبده بمكروه أبدا ولكن حتى ابتلاءه له يحط من سيئات عبده ويضيف إلى حسناته ويدعوه به للتضرع له وعند صبره سيعوضه خيرا مما كان، إذا وضعت هذا المبدأ في ذهنك سوف تنام مستريحا عن ذي قبل.
لا تنسى أن اللحظات الصعبة لا تزيدك إلا قوة ، والإنسان لا يرى عظم نعمة ربه عليه إلا عندما يحرم منها، وهكذا تزيدك الأزمات قوة في الإيمان وتقديرا لنعمة ربك عليك فلا تنظر لها من نصف الكوب الفارغ ولكن انظر للنصف المملوء،
أهم شئ أن تعلم جيدا أن ليس هناك إنسان على وجه الأرض معافى ولكن كلُ له مشاكله التي تؤرقه وسيظل هكذا حتى يموت، وذلك لأننا في دار إبتلاء وليس علينا أن نحلم باليوم الذي نحل فيه مشاكلنا لنحيا حياة سعيدة ولكن ما علينا إلا أن نتعلم من أزماتنا كيف نأقلم أنفسنا ونقويها حتى نجتاز هذه العقبات بيسر ورضا.
من أهم وسائل العلاج تقوية إيمان الانسان بربه، لأن الايمان حصن منيع يحجز طوفان هذه المشكلة من العبور إلى نفس الانسان، فلا تستطيع بواعث القلق أن تتسلقه أو تخترقه، واذا حدثت شقوق في هذا الحصن أمكن السيطرة عليها وعلاجها.وكيف يستبد به القلق، ولماذا يقلق أساساً من يعرف أنما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما كتب له لن يذهب لغيره، وما لم يكتب له لن يحصل عليه بقوته.
الحرص على الانتفاع بثمار العبادات المختلفة، والمداومة على الأذكار الشرعية المأثورة من الكتاب والسنة، لأن المشاعر النفسية لا تتحكم الا في القلب الفارغ مما ينفع، ولأن الذكر سبب من أسباب طمأنينة القلب، حيث قال سبحانه وتعالى: الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب سورة الرعد آية 28.
يقول جعفر الصادق :
ومن الأسباب المعينة على طرد الاكتئاب والقلق ونحوهما: الاهتمام بعمل اليوم الحاضر، وقطع القلب عن الخوف من المستقبل، وقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم: استعاذ من الهم والحَزنَ فالحَزَن على الأمور الماضية التي لا يمكن ردها، والهم الذي يحدث بسبب الخوف من المستقبل.ويلحق بهذا ضرورة أن يوطن المسلم نفسه على القناعة بما آتاه الله تعالى: وسؤاله المزيد.ومن الأسباب المعينة على طرد الاكتئاب والقلق: الدعاء، الذي هو مفتاح الاستجابة، قال تعالى: وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين سورة غافر آية 60، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم ان الدعاء عبادة بقوله صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة .
عن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه و جمع له شمله و أتته الدنيا و هي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه و فرق عليه شمله و لم يأته من الدنيا إلا ما قدر له ” . رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني
قال ابن القيم رحمه الله :
إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كلّ ما أهمّه، وفرّغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته ، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمّله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكَلَه إلى نفسه ، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره.. فكلّ من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلِيَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته. قال تعالى : { ومن يعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين } . الزخرف / 36
” الفوائد ” ( ص 159 ) .
عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا : ” أنه ما من مؤمن يصيبه همٌّ أو غمٌّ أو حزن فيقول : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمَتك ، ناصيتي بيدك ، ماضٍ فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي : إلا فرَّج الله عنه “
وكذلك أيضاً أن يقول الإنسان ” لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ” .
وينبغي أن يكون لدى الإنسان طموح:
فَلَا تَحْزَنْ ولا تخف!يقول الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ)[فصلت:30].
مَا بَيَن غَمْضَةِ عَيْنٍ وَانْتِبَاهَتِهَا يُغَيِّرُ اللهُ مِن حَالٍ إِلَى حَالِ
ومكلِّف الأيام ضد طباعهـا متطلب في الماء جذوة نار
نورالدين
السلام عليكم ورحمة الله. حبذا لو طرحتم مقالاتكم القيمة في صيغة pdf حتى تكون الفائدة اكثر .
وجزاكم الله خيرا .
abojannah
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعتذر ليس عندي خبرة بكيفية تحويل المقالة في صيغة pdf