الأعداء الثلاثة للمؤمن قبل رمضان

تاريخ الإضافة 15 فبراير, 2025 الزيارات : 10099

الأعداء الثلاثة للمؤمنالتلفزيون شيطان رمضان (Copy)

 للمؤمن قبل رمضان

المؤمن في هذه الحياة يواجه في سيره إلى الله أعداء ثلاثة يتربصون به، ويعوقون سيره إلى الله، وأول سبيل للمواجهة هو معرفة عدوك، وأن تعرف ما هي إمكانياته وقدراته ؟ وتعرف كيف تحصن نفسك لتقدر على المواجهة؟

عناصر الخطبة:

أولا/ شيطان الجن.

ثانيا/ شيطان الإنس.

ثالثا/ نفسك التي بين جنبيك.

رابعا/ رمضان أكبر فرصة للتزكية

خامسا/ احذر الفيلة في رمضان

سادسا/ احذروا لصوص شهر رمضان

 

أولا/ شيطان الجن.

أخبرنا الله تعالى في غير آية من القرآن ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ٦﴾ [فاطر: 6]

والشيطان قال: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [ص: 82]

فهو يأتيك من كل جهة ويحاصرك، ليس له هدف إلا أن يدخلك النار، يتربص بك الدوائر ليل نهار، ولا يفتُر عنك طرفة عين.

وقد وجهنا الله إلى العياذ به والالتجاء إليه من هذا الشر الخفي (الشيطان ) الذي لا قبل لنا بدفعه إلا بعون منه سبحانه فقال: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ١ مَلِكِ النَّاسِ٢ إِلَهِ النَّاسِ٣ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ٤ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ٥ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ٦﴾ [الناس: 1-6]

وحكمة الاستعاذة من شيطان الجن، الذي نعلم بوجوده ولا نراه، أن الشيطان لا يكفه عن الإنسان إلا الله، فهو لا يقبل رشوة أو هدية، ولا يؤثر فيه جميل أو معروف، بل هو شرير بالطبيعة، ولا يكفه عن الإنسان إلا الذي خلقه.

حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه: ما تصنع بالشيطان إذا سول لك الخطايا؟

قال: أجاهده ؛ قال: فإن عاد؟

قال: أجاهده؛ قال: فإن عاد؟

قال: أجاهده؛ قال: هذا يطول، أرأيت لو مررت بغنم فنبحك كلبها ومنعك من العبور ما تصنع؟ قال أكابده وأرده جهدي.

قال: هذا يطول عليك، ولكن استغث بصاحب الغنم يكفه عنك.

ووسوسة الشيطان نحن لا ندري كيف تتم ، ولكنا نجد آثارها في واقع النفوس، ونعرف أن المعركة بين آدم وإبليس قديمة ؛ وأن الشيطان قد أعلنها حرباً! وأنه قد استصدر بها من الله إذناً ، فأذن فيها سبحانه لحكمة يراها! ولم يترك الإنسان فيها مجرداً بل جعل له من الاستعاذة سلاحاً ،ومن الذكر حصنا.

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله تعالى خنس ، وإذا غفل وسوس)

وهذا العدو اللدود كفانا الله في رمضان مؤونته ، كما في الحديث ( إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصُفِّدَت الشياطين ) حتى لا يتحجج أحد أن إبليس سبب في ضلاله فها هو إبليس وجنده قد صفدوا في رمضان.

ثانيا/ شيطان الإنس

كما أن هناك شيطان جني، فهناك شيطان إنسي، قال تعالى:{ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}6،5 سورة الناس.

وأخبر الله تعالى بأن من الإنس شياطين، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ١١٢﴾ [الأنعام: 112]

وجاء في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر: «تعوذ بالله من شياطين الإنس والجن» فقلت أوَ للإنس شياطين؟ قال نعم ) صححه الشيخ أحمد شاكر

حتى قال بعض أهل العلم: بأن الشيطان الإنسي أخطر من الشيطان الجني، وأكثر ضرراً، وأشد فتكاً.

وقال مالك بن دينار: إن شيطان الإنس أشد علي من شيطان الجن، وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً.

فمن هو شيطان الإنس ؟

كل من تعاون مع إبليس، في إغواء الناس، وتحبيب المنكر وتبغيض المعروف، وكل من كانت له جهود في صد الناس عن سبيل الله.

وكل من دعا إلى الباطل بأي أسلوب، وتحت أي شعار، أو مذهب.

وها نحن نرى هؤلاء الشياطين في هذا الزمان يسمون الفساد إصلاحاً، ويسمون ارتكاب الفواحش مدنية، ويسمون ارتكاب المعاصي حرية ، وهكذا مما تلوكه ألسنتهم ، وتسطره أيديهم في وسائل الإعلام المختلفة.

وشيطان الإنس قد يكون من أقرب الناس إليك: صديق ، زميل ، جار ، قريب.

وشيطان الجن تتعوذ بالله منه فيذهب ،أما شيطان الإنس فهو معك لا يتركك تراه بعينك ،ويدلك على سبيل المعصية ويقربها لك ، ويذلل لك الطريق ويهيئ فيك القدرة على الفعل حتى تلين وتستجيب لفعل المعصية.

بعض الناس يقتنع لمجرد أن يرى وجه المتكلم، وانفعالاته، وفي المشافهة والمخاطبة إقناع؛ فشيطان الإنس أخطر، ولذلك احذره ألف مرة.

وأخص بالتحذير شياطين الإنس الذين يستعدون قبل رمضان بأشهر حتى يصدوا عباد الله عن دينهم وعن عبادة ربهم ،فقد أجلبوا بخيلهم ورجلهم.

ثالثا/ نفسك التي بين جنبيك

ثم احذر نفسك التي بين جنبيك، ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ٥٣﴾ [يوسف: 53]

استعداد النفس البشرية للخير والشر:

يقول الحق سبحانه وتعالى : ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا٨ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا٩ وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا١٠﴾ [الشمس: 7-10]

والمعنى : أن الإنسان مخلوق مزدوج الطبيعة ، مزدوج الاستعداد، فهو بطبيعة تكوينه ( من طين الأرض ومن نفخة الله فيه من روحه) مزود باستعدادات متساوية للخير والشر والهدى والضلال، فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر، كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر سواء.

 (قد أفلح من زكاها) قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله ، وطهرها من الرذائل والأخلاق الدنيئة.

(وقد خاب من دساها) التدسيس هو الإخفاء أي دسسها وأخملها ووضع منها بخذلانه إيّاها عن الهدى، حتى ركب المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.

ولقد خلق الله النفس الأمارة بالسوء ليختبر مدى صدق عبوديتنا له، وجعل من أهم صفاتها الجهل والظلم والشح؛ فهي تميل إلى الشر وتفر من الخير ، تحب الكسل ، والنوم ،والراحة ،ولا تحب المشقة وتكره التكليف، فعلاج النفس الأمارة بالسوء هو: التزكية ، وهي الاستجابة الكاملة لأمر الله ورسوله، والتخلص من اتباع الشيطان وهوى النفس ، وكلما تخلص العبد من رق الشيطان والنفس كان أزكى نفسا وأنقى دينا وأطوع لربه.

فإذا عامل الإنسان نفسه على هذا النحو ملكها واستطاع توجيهها نحو الخير، فإذا دعاها إلى عبادة انقادت لـه واستسلمت، وإن دعيت إلى شر وجدت تأبياً ونفوراً عنه، أما الذي لا يعالج نفسه هذا العلاج ولا يجتهد في مجاهدتها عما تهوى وتحب، فإنه إذا دعاها إلى العبادة نفرت، وإذا رأت أنه سيحملها على طاعة من الطاعات شردت .

ولقد أمرنا الله عز وجل بجهاد أنفسنا لنفوز برضاه والجنة يقول تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى٤١﴾ [النازعات: 40-41]

وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها) رواه مسلم

وهذا الدعاء فيه سؤال العبد ربه جل وعلا أن يعطيه تقوى النفس التي تمنعها من متابعة الهوى، وارتكاب المعاصي، وترقيتها إيمانيا ، لأن تزكية النفس شاملة لأمرين :

أ – تطهيرها من الصفات السيئة.

ب – تنميتها بزيادتها بالأوصاف الحميدة.

وفي وصية أبي بكر الصديق لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما (أول ما أحذرك نفسك التي بين جنبيك)

-و كان عمر رضي الله عنه يقول (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا و زنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم و تزينوا للعرض الأكبر.

رابعا/ رمضان أكبر فرصة للتزكية

صيام بالنهار وقيام بالليل دعوات وصلوات تخلية بالصيام في النهار وتحلية بالقيام في الليل ،نصوم عن الحلال الطيب(الطعام والشراب ) حتى نستطيع تقوية الإرادة بالامتناع عن الحرام الخبيث.

فرمضان فرصة لتطهير النفس وتزكيتها ورقيها في رحاب الطاعة في جو مشحون بالإيمان ،والأخوة ،ونيل فضل الله وعفوه كل ليلة.

كما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة .) رواه الترمذي وصححه الألباني رحمه الله

خامسا/ احذر الفيلة في رمضان

جلس الإمام مالك في المسجد النبوي كعادته يروي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم… والطلاب حوله يستمعون… فصاح صائح : جاء للمدينة فيل عظيم… ( ولم يكن أهل المدينة قد رأوا فيلا قبل ذلك… فالمدينة ليست موطنا للفيلة ) فهرع الطلبة كلهم ليروْا الفيل وتركوا مالكا…إلَّا يحيى بن يحيى الليثي…فقال له الإمام مالك : لِمَ لَمْ تخرج معهم؟ هل رأيت الفيل من قبل ؟

قال يحيى : إنَّما قدمت المدينة لأرى مالكاً لا لأرى الفيل.

لو تأمَّلنا هذه القصة .. لوجدنا أنَّ واحداً فقط من الحضور هو من عَلِمَ لماذا أتى ؟ وما هو هدفه ؟

لذا لم يتشتت… ولم يبدد طاقاته يمنة ويسرة… أما الآخرون فخرجوا يتفرجون .. فانظر لعِظَمْ الفرق بينهم…

فكانت رواية الإمام يحيى بن يحيى الليثي عن مالك هي المعتمد للموطأ…

أمَّا غيره من الطلبة المتفرجين فلم يذكرهم لنا التاريخ…

وفي زماننا هذا يتكرر الفيل .. ولكن بصور مختلفة… وطرائق شتَّى… وخصوصاً في رمضان…

فالناس في رمضان صنفان : صنف قد حدَّد هدفه .. فهو يعلم ماذا يريد من رمضان… وما هي الثمرة التي يرجو تحصيلها…

وصنف آخر غافل لها مفرِّط… تستهويه أنواع الفيلة المختلفة…

فالقنوات الفضائية والمسلسلات والأفلام والأغاني وأنواع المحرمات فيلة هذا الزمان…

فاحذر الفِيَلة وبريقها…فإنها ستسلب منك أفضل أوقات العام.

سادسا/ احذروا لصوص شهر رمضان

  • اللص الاول: التلفزيون، لص خطير يفسد صيام الناس وينقص الأجر بسبب المسلسلات والبرامج التافهة والسهرات الماجنة، وهذه القنوات التي حملت على عاتقها حرب الفضيلة قد جعلت من شهر رمضان سوقا لبضاعتهم الكاسدة تتنافس فيما خططت له عاما كاملا لتعرضه على المسلمين على مائدة الإفطار وفي وقت صلاة التراويح وفي ساعات السحر لتصد عن سبيل الله.
  • اللص الثاني: الأسواق، لص متخصص في هدر المال والوقت بلا حساب للتغلب عليه حدد هدفك قبل الذهاب.
  • اللص الثالث: السهر، سارق أغلى الاوقات يحرمك من التهجد والاستغفار في الثلث الاخير.
  • اللص الرابع :المطبخ، وخاصة النساء تقضي وقتا طويلا لتحضير أطباق كثيرة لا تكاد تختلف عن بعضها إلا لحظة مرورها بالفم وقد يلقى الكثير منها في القمامة.
  • اللص الخامس: الهاتف، طول المكالمات وما يترتب عليها من ذنوب، غيب، نميمة، قيل وقال وإفشاء الأسرار.
  • اللص السادس : البخل، يحرمك أجر وثواب الصدقة التي تقي من النار وخاصة صدقة شهر رمضان.
  • اللص السابع، المجالس الخالية من ذكر الله : والتي تكون حسرة على أصحابها يوم القيامة.
  • وأخيرا كبير اللصوص، وسائل التواصل الاجتماعي : إن لم تستغل فيما يرضي الله.

فهلا وقفة صدق ومحاسبة مع النفس، لنفوز برمضان ونغتنم أوقاته الغالية.

اللهم إنا نسألك أن تُبلغنا رمضان

وأن توفقنا للصيام والقيام وسائر العبادات

وأن تتقبلها منا وأن تبلغنا ليلة القدر

اللهم آمين .

 

(2) تعليقات



اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 9 يناير, 2025 عدد الزوار : 14019 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

فقه الصيام

شرح مدارج السالكين