فقه الطهارة: 5- فقه الوضوء (فضله ، فرائضه ، سننه )

تاريخ الإضافة 7 أكتوبر, 2023 الزيارات : 12480

فقه الوضوء

الوضوء:
معناه في اللغة مأخوذ من الوضاءة بمعنى الحسن والنظافة

وشرعا هو طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين

دليل مشروعيته:

ثبتت مشروعيته بالقرآن والسنة والاجماع .

فمن القرآن ، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) المائدة آية 6.

ومن السنة : روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) رواه الشيخان

والإجماع: انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فصار معلوما من الدين بالضرورة.

فضله:

ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة نكتفي بالإشارة إلى بعضها:

1- عن عبد الله الصنابجي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه.

فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه. ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة) رواه مالك والنسائي

2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) رواه مسلم

(الرباط) : المرابطة حراسة حدود الدولة وسموا بذلك لأنهم كانوا يربطون خيولهم لعدم القتال وإنما حراسة ومراقبة للثغور،والمعنى : إن المواظبة على الطهارة والعبادة تعدل أجر المرابطين في سبيل الله.

3- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة
فقال: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون، وددت لو أنا قد رأينا إخواننا) قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال (أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد) قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ قال: (أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هلم، فيقال: (إنهم بدلوا بعدك) فأقول: سحقا سحقا) رواه مسلم.

(دهم بهم) : سود، (فرطهم على الحوض) : أتقدمهم عليه، (سحقا) : بعدا.

فرائــض الــوضـــــــــوء
1- النية :  والجمهور على أنها فرض خلافاً لأبي حنيفة قال بأنها شرط لصحة العبادة .

وحقيقتها الإرادة المتوجهة نحو الفعل، ابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه.

ودليل فرضيتها حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى … ) الحديث رواه الجماعة.

(إنما الأعمال بالنيات) : أي إنما صحتها بالنيات، فالعمل بدونها لا يعتد به شرعا.

حكم التلفظ بها :

والتلفظ بالنية ليس له أصل في الشرع ، ومن قال أن النبي صلى الله عليه وسلم تلفظ بها في الحج فإن الوارد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل نويت الحج ،وإنما لبى بالحج (اللهم لبيك حجة في عمرة )
قال ابن القيم رحمه الله: ولم يكن يقول في أوله نويت رفع الحدث ولا استباحة الصلاة لا هو ولا أحد من أصحابه البتة ولم يرد عنه في ذلك حرف واحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف .

2- غسل الوجه مرة واحدة: أي إسالة الماء عليه، وحد الوجه من منبت الشعر المعتاد من الرأس إلى أسفل الذقن، ومن شحمة الأذن اليمنى إلى شحمة الأذن اليسرى.

3- غسل اليدين إلى المرفقين، والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد.

 الوسخ يكون تحت الظفر
إذا كان تحت الظفر وسخ يمنع وصول الماء، فهل يصح وضوءه؟.ثلاثة أقوال :
1-  تجب إزالته مطلقاً، ولا يصح الوضوء مع وجوده وهو قول بعض الشافعية وبعض الحنابلة 

2- لا تجب إزالته مطلقاً، ويعفى عنه، اختاره الغزالي من الشافعية ، ومال إليه ابن قدامة من الحنابلة .
3- إن كان يسيراً عفي عنه، وإن فحش وجبت إزالته، وهو مذهب المالكية واختيار ابن تيمية وهو الراجح .

وسبب الخلاف في هذه المسألة اختلافهم في العفو عن يسير ما يجب غسله من أعضاء الوضوء، فمن رأى أنه يجب غسل الأعضاء الأربعة في الوضوء، ولا يعفى عن شيء منها أوجب إزالة ما تحت الأظفار، ومن رأى أن هذا الشيء اليسير يعفى عنه كما يعفى عن يسير النجاسة ونحوها عفى عنه، ومن رأى أن الأعراب على عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا لا يتعاهدون نظافة مثل ذلك، ولم يأمرهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – بغسله، رأى العفو عنه مطلقاً، ولم يقيده باليسير.

4- مسح الرأس، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك طرق ثلاث:

(ا) مسح جميع رأسه: ففي حديث عبد الله بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه) رواه الجماعة.

(ب) مسحه على العمامة وحدها: ففي حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه) رواه البخاري

(ج) مسحه على الناصية والعمامة، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين) رواه مسلم.

وقد اتفق الفقهاء على أن الأفضل استيعاب الرأس بالمسح ، غير أنهم اختلفوا هل هذا الاستيعاب واجب أم لا ؟

فذهب المالكية والحنابلة إلى وجوب مسح الرأس كله، واستدلوا بـقَوْل اللَّهِ تَعَالَى : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) وهذا يتناول جميع الرأس . وهذه الآية : ( وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ) كقوله تعالى فِي التَّيَمُّمِ : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) والوجه يجب استيعابه في التيمم فكذلك الرأس هنا .
واستدلوا بفعله صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يثبت عنه أنه اقتصر على مسح بعض الرأس

وذهب الحنفية والشَّافعية إلى أنه يكفي مسح بعض الرأس ، واستدلوا بقوله تعالى ( وامْسَحُوا بِرُءُوسِكُم ) قالوا : والباء للتبعيض ، فكأنه قال : ( وامسحوا بعض رؤوسكم ) .
وما رواه مسلم عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رضي الله عنه : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ ) . قالوا : فاقتصر صلى الله عليه وسلم على مسح الناصية وهي مقدم الرأس .

4- غسل الرجلين مع الكعبين، والكعبين هما العظمان البارزان في جانبي القدم

ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ترك الأعقاب بدون غسل ، قال ابن عمر رضي الله عنهما: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) مرتين أو ثلاثا، متفق عليه.

هل صح القول بمسح الرجلين ؟

الواجب في الوضوء هو غسل الرجلين ، ولا يكفي مسحهما ، والدليل على أن الواجب هو غسل الرجلين ، ما رواه البخاري ومسلم  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ ( أي أخرنا العصر ) فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ) .

وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ ) .

والعقب هو مؤخر القدم .

قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ : لَوْ كَانَ الْمَاسِح مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ .

قال الحافظ ابن حجر :” وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الأَخْبَار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَة وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّن لأَمْرِ اللَّه , وَلَمْ يَثْبُت عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة خِلَاف ذَلِكَ إِلا عَنْ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَأَنَس , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ الرُّجُوع عَنْ ذَلِكَ , قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : أَجْمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْل الْقَدَمَيْنِ , رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور ” انتهى .

“فتح الباري” (1/320) .

وأما الآية ، وهي قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/6 ، فإنها لا تدل على جواز مسح الرجلين ، وبيان ذلك :

أن قوله (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللام ، فتكون الأرجل معطوفة على الوجه ، والوجه مغسول ، فتكون الأرجل مغسولة أيضاً ، فكأن لفظ الآية في الأصل : ( اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم ) ولكن أُخِّرَ غسلُ الرجل بعد مسح الرأس للدلالة على أن ترتيب الأعضاء في الوضوء يكون على هذا النحو ، غسل الوجه ، ثم الأيدي ، ثم مسح الرأس ، ثم غسل الأرجل .

الفرائض المختلف عليها :

وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) وهناك فرائض مختلف عليها وهي :

1- الترتيب: قال بوجوبه الشافعية والحنابلة، واستدلوا بأن الله تعالى قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين – وفريضة كل منهما الغسل – بالرأس الذي فريضته المسح، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة، وهي هنا الترتيب.

والراجح أنه سنة مؤكدة لأنه لا دليل صريح على وجوبه ، بل ورد ما يدل على خلافه ، فعن المقدام بن معدي كرب قال : (أتي رسول الله بوضوء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثا ، ثم غسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل ذراعيه ثلاثا ، ثم مضمض واستنشق ثلاثا ، ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما ، وغسل رجليه ثلاثا ) رواه أحمد وأبو داود وقال الشوكاني إسناده صالح ، وحسنه النووي وابن حجر ، وصححه الألباني في تمام المنة .

2- الموالاة: وهي فرض عند المالكية والحنابلة ، واحتجوا بحديث رواه أحمد عن خالد بن معدان عن بعض أزواج النبي ( أن رسول الله رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعه قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله أن يعيد الوضوء )وهذا الحديث ضعيف الإسناد كما قال النووي فلا يحتج به وذكر في المجموع أن مالكاً روي عن نافع(أن ابن عمر توضأ في السوق فغسل وجهه ويده ومسح رأسه ثم دعي إلى جنازة فدخل المسجد ثم مسح على خفيه بعدما جف وضوؤه وصلى ) لكن العلماء متفقون على وجوب الموالاة في حق صاحب الضرورة ، كمن به سلس بول وغيره .

3-المضمضة والاستنشاق :
قال الحنابلة بأنهما من فرائض الوضوء واستدلوا بأنهما جزء من غسل الوجه وصفة وضوئه لم تخل ُمنهما وفعله هذا بيان للقرآن فيدل على الوجوب ، والظاهر أنهما لا يعتبران أبداً من أجزاء الوجه ودوام فعله دليل على السنية والاستحباب لا الوجوب .
4-الأذنان :
قال الحنابلة بوجوب مسحهما مع الرأس واحتجوا بحديث (الأذنان من الرأس) ولكنه ضعيف وإن كثرت طرقه لكنها في مجموعها شديدة الضعف .

سنن الوضوء

أي ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل من غير لزوم ولا إنكار على من تركها.

وبيانها ما يأتي:

(1) التسمية في أوله: ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة لكن مجموعها يزيدها قوة تدل على أن لها أصلا، وهي بعد ذلك أمر حسن في نفسه، ومشروع في الجملة.

2- غسل الكفين ثلاثا في أول الوضوء: لحديث أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فاستوكف ثلاثا) رواه أحمد والنسائي(فاستوكف) : أي غسل كفيه

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في إناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده) رواه الجماعة.إلا أن البخاري لم يذكر العدد.

3- المضمضة ثلاثا: (المضمضة) : أي إدارة الماء وتحريكه في الفم لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فمضمض) رواه أبو داود والبيهقي.

4- الاستنشاق والاستنثار ثلاثا: (الاستنشاق) : إدخال الماء في الأنف (والاستنثار) إخراجه منه بالنفس لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر) رواه الشيخان وأبو داود.

والسنة أن يكون الاستنشاق باليمنى والاستنثار باليسرى، لحديث علي رضي الله عنه (أنه دعا بوضوء فتمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثا، ثم قال: هذا طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم) رواه أحمد والنسائي.

الوضوء بفتح الواو: اسم الماء الذي يتوضأ به.

وتتحقق المضمضة والاستنشاق إذا وصل الماء إلى الفم والأنف بأي صفة، إلا أن الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصل بينهما، فعن عبد الله بن زيد (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق من كف واحد، فعل ذلك ثلاثا) وفي رواية (تمضمض واستنثر بثلاث غرفات) متفق عليه

ويسن المبالغة فيهما لغير الصائم، لحديث لقيط رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: (أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) رواه الخمسة، وصححه الترمذي.

(5)تخليل اللحية: لحديث عثمان رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته) رواه ابن ماجه والترمذي وصححه.

وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ أخذ كفا من ماء، فأدخله تحت حنكه فخلل به، وقال: (هكذا أمرني ربي عز وجل) رواه أبو داود والبيهقي والحاكم.

(6) تخليل الأصابع: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك) رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وعن المستورد بن شداد رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل أصابع رجليه بخنصره) رواه الخمسة إلا أحمد.

وقد ورد ما يفيد استحباب تحريك الخاتم ونحوه كالأساور، إلا أنه لم يصل إلى درجة الصحيح، لكن ينبغي العمل به لدخوله تحت عموم الأمر بالإسباغ.

(7) تثليث الغسل: وهو السنة التي جرى عليها العمل غالبا وما ورد مخالفا لها فهو لبيان الجواز.

فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه ثلاثا ثلاثا وقال: (هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه.

وعن عثمان رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا) رواه أحمد ومسلم والترمذي، وصح أنه صلى الله عليه وسلم

وتوضأ صلى الله عليه وسلم مرة مرة ومرتين مرتين.

هل مسح الرأس والأذنين مرة أم ثلاثا ؟
لا يسن تكرار مسح الرأس، بل يمسحه مرة واحدة؛ لأن جماعات من الصحابة رووا صفة وضوئه وأنه مسح رأسه مرة واحدة مع غسله بقية الأعضاء ثلاثا ثلاثا؛ ولأن المسح واجب فلم يسن تكريره كمسح التيمم والخف؛ ولأن التكرار يؤدي إلى أن يصير المسح غسلا.وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد، وابن تيمية وابن القيم .خلافا للشافعية – رحمهم الله –

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (مذهب الجمهور أنه لا يستحب مسحه ثلاثا، وهو أصح، فإن الأحاديث الصحيحة عن النبي تبين أنه كان يمسح رأسه مرة واحدة؛ ولهذا قال أبو داود السجستاني :أحاديث عثمان الصحاح تدل على أنه مسح مرة واحدة وبهذا يبطل ما رواه من مسحه ثلاثا فإنه يبين أن الصحيح أنه مسح رأسه مرة، وهذا المفصل يقضي على المجمل، وهو قوله: وتوضأ ثلاثا ثلاثا …)

وقال ابن القيم في زاد المعاد : (الصحيح أنه لم يكرر مسح رأسه، بل كان إذا كرر غسل الأعضاء أفرد مسح الرأس، هكذا جاء عنه صريحا، ولم يصح عنه خلافه البتة، بل ما عدا هذا إما صحيح غير صريح كقول الصحابي (توضأ ثلاثا ثلاثا) وكقوله (مسح برأسه مرتين) وإما صريح غير صحيح كحديث ابن البيلماني عن أبيه عن عمر أن قال: من توضأ فغسل كفيه ثلاثا..- ثم قال- ومسح برأسه ثلاثا وهذا لا يحتج به، و ابن البيلماني وأبوه مضعفان.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر :ويحمل ما ورد من الأحاديث في تثليث المسح إن صحت على إرادة الاستيعاب بالمسح لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس جمعا بين الأدلة.

(8) التيامن: (أي البدء بغسل اليمين قبل غسل اليسار من اليدين والرجلين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في تنعله وترجله وطهوره، وفي شأنه كله) متفق عليه

التنعل: ليس النعل. والترجل: تسريح الشعر. والطهور: يشمل الوضوء والغسل.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا لبستم وإذا توضأتم فأبدءوا بأيمانكم. رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.

أيمانكم جمع يمين، والمراد اليد اليمنى أو الرجل اليمنى.

(9) الدلك: وهو إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده، فعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بثلث مد فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه) رواه ابن خزيمة

(10) الموالاة: (أي تتابع غسل الأعضاء بعضها إثر بعض) بألا يقطع المتوضئ وضوءه بعمل أجنبي ، يعد في العرف انصرافا عنه كالرد على التليفون مثلا  ، وعلى هذا مضت السنة، وعليها عمل المسلمين سلفا وخلفا.

(12) مسح الأذنين: والسنة مسح باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بالإبهامين بماء الرأس لأنهما منه.

فعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصبعه في صماخي أذنيه) رواه أبو داود والطحاوي، وعن ابن عامر رضي الله عنهما في وصفه وضوء النبي صلى الله عليه وسلم (ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة) رواه أحمد وأبو داود.

وفي رواية (مسح رأسه وأذنيه وباطنهما بالمسبحتين وظاهرهما بإبهاميه.)

(بالمسبحتين) أي السبابتين.

(13) الدعاء أثناءه: لم يثبت من أدعية الوضوء شئ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يقول يدعو: (اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي في رزقي) فقلت: يا نبي الله سمعتك تدعو بكذا وكذا قال: (وهل تركن من شئ؟) رواه النسائي وابن السني بإسناد صحيح، لكن النسائي أدخله في (باب ما يقول بعد الفراغ من الوضوء) وابن السني ترجم له (باب ما يقول بين ظهراني وضوئه) ، قال النووي وكلاهما محتمل.

(14) الدعاء بعده: لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) رواه مسلم، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة) رواه الطبراني في الاوسط، ورواته رواة الصحيح، واللفظ له ورواه النسائي وقال في آخره: (ختم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة) وصوب وقفه إلا أن مثل هذا له حكم المرفوع كما قال الألباني رحمه الله .

وأما دعاء: (اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين) فهي في رواية الترمذي، وقد قال في الحديث وفي إسناده اضطراب، ولا يصح فيه شئ كبير، ورد ذلك الشيخ أحمد شاكر وصحح الحديث بزيادته في التعليق على الترمذي وكذلك الألباني في تمام المنة .
و فيه الجمع بين سؤال الله أن يجعله من التَّوابين الذين طهَّروا قلوبهم، ومن المتطهِّرين الذين طهَّروا أبدانهم.

وهل يُشَرعُ قوله بعد الغسل والتيمُّم أيضاً؟ قولان للعلماء :
1/ نعم يشرع لأن الغسلَ يشتمل على الوُضُوء وزيادة، فإِن من صفات الغسل المسنونة أن يتوضَّأ قبله.
وأمَّا التيمُّم فلأنه بدل على الوُضُوء، وقد قال الله تعالى بعد التيمم: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} المائدة: 6
2/: أنه يقتصر على ما وَرَدَ في الوُضُوء فقط.
قال ابن عثيمين :وهذا أرجح؛ لأنَّه لم يُنقل بعد الغُسل والتَّيمم، وكلُّ شيء وُجِدَ سَبَبُهُ في عهد النبيِّ ولم يمنعْ منه مانع، ولم يفعله، فإِنه ليس بمشروع. نعم؛ لو قال قائل باستحبابه بعد الغُسل إِن تَقَدَّمهُ وُضُوء لم يكن بعيداً إِذا نواهُ للوُضُوء. وقول هذا الذِّكر بعد الغسل أقربُ من قولِه بعد التيمُّم؛ لأنَّ المغتسل يصدق عليه أنه متوضِّئ.

هل من سنن الوضوء ترك تنشيف الأعضاء ؟
يجوز للإنسان إذا توضأ أن ينشف أعضاءه وكذلك إذ اغتسل لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على التحريم ، وأما حديث ميمونة رضي الله عنها أنها جاءت بالمنديل إلى رسول الله بعدما اغتسل فردها وجعل ينفض الماء بيده ، فإنَّ ردهُ للمنديل لا يدل على كراهته لذلك ، بل إن إحضار ميمونة المنديل لرسول الله دليل على أن ذلك كان أمرا جائزا عندهم وأمرا مشهورا ولولا أنه من عادة الرسول أنه يستعملها ما جاءت به ميمونة ، وإنما ردها احتمالا أن يكون المنديل فيه شيء من الوسخ أو خاف أن يشق على أمته باستعمال المنديل أو ما شابه ذلك ، ولعل ذلك كان في زمن الصيف – وهو في الحجاز شديد – فكان في حاجة إلى بقاء رطوبة جسمه .
ولهذا حكى ابن المنذر إباحته عن عدد من الصحابة والتابعين وجمهور الأئمة والفقهاء واختار أنه مباح في الوضوء والغسل
ومنهم من يقول إن إتيان ميمونة رضي الله عنها بالمنديل اجتهاد منها فرده النبي وبناء على ذلك فيكون الأفضل ألا ينشف ولهذا ذهب فقهاء الحنابلة رحمهم الله إلى أن التنشيف مباح لا يؤمر به ولا يقال أن الأفضل أن يترك ،
وقال النووي في المجموع :الصحيح في مذهبنا أنه يستحب تركه ولا يقال مكروه

(15) صلاة ركعتين بعده: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: (يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام إني سمعت دف نعليك  بين يدي في الجنة. قال: ما عملت عملا أرجى عندي من اني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي) .متفق عليه

(الدف) بالضم: صوت النعل حال المشي.

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة) رواه مسلم

وعن حمران مولى عثمان: أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه دعا بوضوء فأفرغ عى يمينه من إنائه فغسلها ثلاث مرات، ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاثا، ثم غسل رجليه ثلاثا، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا) ، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

(16)السواك: ويطلق على العود الذي يستاك به وعلى الاستياك نفسه، وهو دلك الأسنان بذلك العود أو نحوه من كل خشن تنظف به الأسنان، وخير ما يستاك به عود الأراك الذي يؤتي به من الحجاز، لأن من خواصه أن يشد اللثة، ويحول دون مرض الأسنان، ويقوي على الهضم، ويدر البول، وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة الأسنان وينظف الفم كالفرشاة ونحوها.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء،) رواه مالك والشافعي والبيهقي والحاكم.

وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) رواه أحمد والنسائي والترمذي.

وهو مستحب في جميع الأوقات ولكن في خمسة أوقات أشد استحبابا

(1) عند الوضوء.

(2) وعند الصلاة.

(3) وعند قراءة القرآن

(4) وعند الاستيقاظ من النوم

(5) وعند تغير الفم.

والصائم والمفطر في استعماله أول النهار وآخره سواء، لحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي، يتسوك وهو صائم) رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وحسنه الحافظ ابن حجر في مشكاة المصابيح

وإذا استعمل السواك، فالسنة غسله بعد الاستعمال تنظيفا له، لحديث عائشة

رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني السواك، لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه) رواه أبو داود والبيهقي.

هل يستاك باليد اليُمنى أو اليُسرى ؟
اختلف العلماء فقال بعضهم : باليمنى؛ لأن السِّواك سُنَّةٌ، والسُّنَّةُ طاعةٌ وقُربةٌ لله تعالى، فلا يكونُ باليُسرى؛ لأنَّ اليسرى تُقدَّم للأذى، بناءً على قاعدةٍ: أن اليسرى تقدَّم للأذى، واليُمنى لما عداه.
وإذا كان عبادة فالأفضل أن يكون باليمين .

وقال آخرون: باليسار أفضل، وهو المشهور عند الحنابلة؛ لأنَّه لإِزالة الأذى، وإِزالة الأذى تكون باليُسرى كالاستنجاء، والاستجمار.

وقال بعض المالكية : بالتَّفصيل، وهو إِنْ تسوَّك لتطهير الفَمِ كما لو استيقظ من نومه، أو لإزالة أثر الأكل والشُّرب فيكون باليسار؛ لأنه لإزالة الأذى.
وإِنْ تسوَّك لتحصيل السُّنَّة فباليمين؛ لأنه مجرد قُربة، كما لو توضَّأ واستاك عند الوُضُوء، ثم حضر إِلى الصَّلاة قريباً فإِنَّه يستاك لتحصيل السُّنَّة.
والأمر في هذا واسع لعدم ثبوت نصٍّ واضحٍ .

(2) تعليقات


  • غسان الحراني

    السلام عليكم ورحمة الله
    أرجوا تصحيح الآية في مقدمة وهذا نص ما كتب
    قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) وهناك فرائض مختلف عليها وهي


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 14 مايو, 2024 عدد الزوار : 1033 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن العظيم

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع