من كلام السلف عن مخالطة الملوك والنصح لهم

تاريخ الإضافة 5 ديسمبر, 2022 الزيارات : 7789

 من كلام السلف عن مخالطة الملوك والنصح لهم

قال حذيفة‏:‏ إياكم ومواقف الفتن‏!‏ قيل‏:‏ وما هي قال‏:‏ أبواب الأمراء يدخل أحدكم على الأمير فيصدقه بالكذب ويقول ما ليس فيه‏.‏

وقال أبو ذر لسلمة‏:‏ يا سلمة‏ لا تغش أبواب السلاطين فإنك لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك أفضل منه .

وقال ابن مسعود رضي الله عنه‏:‏ إن الرجل ليدخل على السلطان ومعه دينه فيخرج ولا دين له قيل له‏:‏ ولم قال لأنه يرضيه بسخط من الله‏.‏

واستعمل عمر بن عبد العزيز رجلاً فقيل‏:‏ كان عاملاً للحجاج فعزله فقال الرجل‏:‏ إنما عملت له على شيء يسير فقال له عمر‏:‏ حسبك بصحبته يوماً أو بعض يوم شؤماً وشراً‏.‏

قال رجل خياط لابن المبارك‏: أنا أخيط ثياب السلاطين فهل تخاف أن أكون من أعوان الظلمة قال‏:‏ لا إنما أعوان الظلمة من يبيع منك الخيط والإبرة أما أنت فمن الظلمة نفسهم.

وقيل فيمن يغشى أبواب السلاطين منافقا : لولا الشعير، ما نهقت الحمير.


وسئل أحدهم مالذي جعلك تدخل في مذهب العبيدية الباطنية؟

قال: أدخلَنا في هواهم حلواهم!


ولا يستوي من همه الله وحده…..ومن همه الأعلى لنيل المناصبِ
عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى…..ولا المشتري دنياه بالدين أعجبُ

وأعجب من هذين من باع دينه….بدنيا سواه فهو من ذيْن أخيَبُ 

وقال الفضيل‏:‏ ما ازداد رجل من ذي سلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً‏.‏

وكان سعيد بن المسيب يتجر في الزيت ويقول‏:‏ إن في هذا لغنى عن هؤلاء السلاطين‏.‏

وقال وهيب‏:‏ هؤلاء الذين يدخلون على الملوك لهم أضر على الأمة من المقامرين‏.‏

وقال محمد بن سلمة‏:‏ الذباب على العذرة أحسن من قارئ على باب هؤلاء‏.‏

وقال بعض السلف : من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن عصى الله في أرضه ‏.
ولقد سئل سفيان الثوري رضي الله عنه عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شربة ماء فقال‏:‏ لا دعه حتى يموت فإن ذلك إعانة له‏.‏

والله ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت

دخل المهدي الخليفة العباسي مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي المسجد أكثر من خمسمائة من طلبة الحديث، أهل العمائم والمحابر والأقلام فقام الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب وهو أحد العلماء من رواة البخاري ومسلم، فقال الخليفة المهدي العباسي: يا ابن أبي ذئب قام الناس لي جميعاً إلا أنت لم تقم.

قال: والله الذي لا إله إلا هو لقد أردت أن أقوم لك، فلما تهيأت للقيام تذكرت قوله تعالى:يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6] فتركت هذا القيام لذاك اليوم.

قال: اجلس والله ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت.

وحكي أن هشام بن عبد الملك قدم حاجاً إلى مكة فلما دخلها قال ائتوني برجل من الصحابة

فقيل‏:‏ يا أمير المؤمنين قد تفانوا
فقال‏:‏ من التابعين
فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم عليه بإمرة المؤمنين ولكن قال‏:‏ السلام عليك يا هشام ولم يكنه وجلس بإزائه وقال‏:‏ كيف أنت يا هشام؟
فغضب هشام غضباً شديداً حتى هم بقتله فقيل له‏:‏ أنت في حرم الله وحرم رسوله ولا يمكن ذلك
فقال له‏:‏ يا طاوس ما الذي حملك على ما صنعت

قال‏:‏ وما الذي صنعت فازداد غضباً وغيظاً
قال‏:‏ خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تقبل يدي ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين ولم تكنني وجلست بإزائي بغير إذني وقلت‏:‏ كيف يا هشام

قال‏:‏ أما ما فعلت من خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي
وأما قولك لم تقبل يدي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقولك لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد إلا امرأته من شهوة أو ولده من رحمة

وأما قولك لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل الناس راضين بإمرتك فكرهت أن أكذب

وأما قولك لم تكنني فإن الله تعالى سمى أنبياءه وأولياءه فقال‏:‏ يا يحيى يا عيسى وكنى أعداءه فقال‏:‏ ‏”‏ تبت يدا أبي لهب ‏”‏‏.‏

وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه يقول‏:‏ إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام‏.‏

فقال له هشام‏:‏ عظني

فقال‏:‏ سمعت من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يقول‏:‏ إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته‏.‏

وعن سفيان الثوري رضي الله عنه قال‏:‏ أدخلت على أبي جعفر المنصور بمنى

فقال لي‏:‏ ارفع إلينا حاجتك فقلت له‏:‏ اتق الله فقد ملأت الأرض ظلماً وجوراً‏.‏

قال‏:‏ فطأطأ رأسه ثم رفعه فقال‏:‏ ارفع إلينا حاجتك

فقلت‏:‏ إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار وأبناؤهم يموتون جوعاً فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم

فطأطأ رأسه ثم رفعه فقال‏:‏ ارفع إلينا حاجتك
فقلت‏:‏ حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لخازنه‏:‏ كم أنفقت قال‏:‏ بضعة عشر درهماً وأرى ههنا أموالاً لا تطيق الجمال حملها وخرج
فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا ألزموا وكانوا يغررون بأرواحهم للانتقام لله من ظلمهم‏.‏

وكان عمر بن عبد العزيز واقفاً مع سليمان بن عبد الملك فسمع سليمان صوت الرعد فجزع ووضع صدره على مقدمة الرحل

فقال له عمر‏:‏ هذا صوت رحمته فكيف إذا سمعت صوت عذابه

وحكي أن سليمان بن عبد الملك قدم المدينة وهو يريد مكة فأرسل إلى أبي حازم فدعاه

فلما دخل عليه قال له سليمان‏:‏ يا أبا حازم ما لنا نكره الموت
فقال‏:‏ لأنكم خربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم أن تنتقلوا من العمران إلى الخراب

فقال‏:‏ يا أبا حازم كيف القدوم على الله

قال‏:‏ يا أمير المؤمنين أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء فكالآبق يقدم على مولاه فبكى سليمان

وقال‏:‏ ليت شعري ما لي عند الله
قال أبو حازم‏:‏ اعرض نفسك على كتاب الله تعالى حيث قال‏:‏ ‏”‏ إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم ‏”‏
قال سليمان‏:‏ فأين رحمة الله

قال‏:‏ قريب من المحسنين

ثم قال سليمان‏:‏ يا أبا حازم أي عباد الله أكرم

قال‏:‏ أهل البر والتقوى

قال‏:‏ فأي الأعمال أفضل

قال‏:‏ أداء الفرائض مع اجتناب المحارم‏.‏

قال‏:‏ فأي الكلام أسمع

قال‏:‏ قول الحق عند من تخاف وترجو

قال‏:‏ فأي المؤمنين أكيس
قال‏:‏ رجل عمل بطاعة الله ودعا الناس إليها

قال‏:‏ فأي المؤمنين أخسر

قال‏:‏ رجل خطا في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره

قال سليمان‏:‏ ما تقول فيما نحن فيه

قال‏:‏ أو تعفيني قال‏:‏ لا بد فإنها نصيحة تسديها إلي قال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن آباءك قهروا الناس بالسيف وأخذوا هذا الملك عنوة من غير مشورة المسلمين ولا رضا منهم حتى قتلوا منهم مقتلة عظيمة وقد ارتحلوا فلو شعرت بما قالوا وما قيل لهم

فقال له رجل من جلسائه‏:‏ بئسما قلت

قال أبو حازم‏:‏ إن الله قد أخذ الميثاق على العلماء ليبننه للناس ولا يكتمونه‏.‏

قال‏:‏ وكيف لنا أن نصلح هذا الفساد

قال‏:‏ أن تأخذه من حله فتضعه في حقه فقال سليمان‏:‏ ومن يقدر على ذلك فقال‏:‏ من يطلب الجنة ويخاف من النار‏.‏

فقال سليمان‏:‏ ادع لي‏.‏

فقال أبو حازم‏:‏ اللهم إن كان سليمان وليك فيسره لخيري الدنيا والآخرة وإن كان عدوك فخذ بناصيته إلى ما تحب وترضى

فقال سليمان‏:‏ أوصني

فقال‏:‏ أوصيك وأوجز عظم ربك ونزهه أن يراك حيث نهاك أو يفقدك حيث أمرك‏.‏

وقال عمر بن عبد العزيز لأبي حازم‏:‏ عظني فقال‏:‏ اضطجع ثم اجعل الموت عند رأسك ثم انظر إلى ما تحب أن يكون فيك تلك الساعة فخذ به الآن وما تكره أن يكون فيك تلك الساعة فدعه الآن فلعل تلك الساعة قريبة‏.‏

ودخل وهب بن منبه وطاوس على محمد بن يوسف – أخي الحجاج – وكان عاملاً وكان في غداة باردة في مجلس بارز فقال لغلامه‏:‏ هلم ذلك الطيلسان وألقه على أبي عبد الرحمن – أي طاووس – وكان قعد على كرسي فألقي عليه فلم يزل يحرك كتفيه حتى ألقى الطيلسان عنه فغضب محمد بن يوسف فقال وهب‏:‏ كنت غنياً عن أن تغضبه لو أخذت الطيلسان وتصدقت به قال‏:‏ نعم لولا أن يقول من بعدي إنه أخذه طاوس – ولا يصنع به ما أصنع به – إذن لفعلت‏.‏

وقال ابن سيرين‏:‏ لا تحمل للسلطان كتاباً حتى تعلم ما فيه
وامتنع سفيان رحمه الله من مناولة الخليفة في زمانه دواة بين يديه وقال‏:‏ حتى أعلم ما تكتب بها
فكل من حواليهم من خدمهم وأتباعهم ظلمة مثلهم يجب بغضهم في الله جميعاً‏.‏

وروي عن عثمان بن زائدة أنه سأله رجل من الجند وقال‏:‏ أين الطريق فسكت وأظهر الصمم وخاف أن يكون متوجهاً إلى ظلم فيكون هو بإرشاده إلى الطريق معيناً‏.‏

ودخل المهدي الخليفة العباسي مسجد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي المسجد أكثر من خمسمائة من طلبة الحديث، أهل العمائم والمحابر والأقلام فقام الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب وهو أحد العلماء من رواة البخاري ومسلم، فقال الخليفة المهدي العباسي: يا ابن أبي ذئب قام الناس لي جميعاً إلا أنت لم تقم.

قال: والله الذي لا إله إلا هو لقد أردت أن أقوم لك، فلما تهيأت للقيام تذكرت قوله تعالى:يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين:6] فتركت هذا القيام لذاك اليوم.

قال: اجلس والله ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت.

عن طاووس بن كيسان ( تلميذ ابن عباس ) قال : دخلت الحرم فطفت ، ثم صليت ركعتين عند المقام ، ثم جلست انظر في الناس ؛ فإذا بجلبة السلاح والحراس والرماح ، فالتفت قال : فإذا هو الحجاج ابن يوسف ، قال : فالتفت فإذا جلبة السلاح فسكنت مكاني وإذا بأعرابي ، يطوف بالكعبة ، فلما انتهى من الطواف أتى ليصلي ركعتين ،فنشبت حربة في ثيابه فارتفعت فوقعت على الحجاج ، فمسكه الحجاج بيده .

فقال له الحجاج : من أين أنت ؟

قال : من أهل اليمن .

قال : كيف تركتم أخي ؟ وكان أخوه محمد بن يوسف عاملا على اليمن .

قال : من أخوك ؟

قال : أنا الحجاج أخي محمد .

قال : تركته سمينا بطينا …

قال : ما سألتك عن حالته وسمنه وبطنته سألتك عن عقله ؟

قال : تركته غشوما ظلوما .

قال : أما تدري انه أخي ؟

قال : أتظن انه يعتز بك أكثر من اعتزازي بالله ؟

قال طاووس : والله ، ما بقيت في رأسي شعرة إلا قامت .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 280 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم