كيف ألف الإمام السرخسي كتابه الكبير (المبسوط)
المبسوط هو كتاب في الفقه على المذهب الحنفي من تأليف الإمام شمس الأئمة السرخسي (ت: 483هـ) وقد أملاه الإمام السرخسي على تلاميذه من ذاكرته وهو سجين بالجب (في بئر) في أوزجند (بفرغانة) وكان سبب سجنه كلمة نصح بها الخاقان.
يعتبر هذا الكتاب موسوعة فقهية شاملة في الفقه المقارن بين مذهبي الإمامين أبي حنيفة والشافعي، مضافاً إليهما أحياناً مذهب الإمام مالك، وذلك في المسائل الخلافية بينهما ومناقشتها والتعقيب عليها، فضلاً عن كونِه من أمهات كتب الفقه الحنفي المعتمدة في الفتوى.
استوعب فيه المؤلف جميع أبواب الفقه بأسلوب سهل وعبارة واضحة، وبسط فيه الأحكام والأدلة والمناقشة مع المقارنة مع بقية المذاهب، وخاصة المذهب الشافعي والمذهب المالكي، وقد يذكر مذهب الإمام أحمد والظاهرية.
وقد يرجح في المسألة مذهباً غير مذهب الحنفية، ويؤيد رأيه بالأدلة، وقد يجمع بين أدلة الحنفية وغيرهم جمعاً حسناً ينفي التعارض بينها.
ويُعَد هذا الكتاب أوسع الكتب المطبوعة في الفقه الحنفي والفقه المقارن ويعتمد عليه الحنفية في القضاء والفتوى حتى قال عنه العلامة نجم الدين الطرسوسي – فيما نقله عنه ابن عابدين في حاشيته (رد المحتار على الدر المختار) -: «لا يُعمَل بما يخالفُه، ولا يُركَن إلا إليه، ولا يُفتَى ولا يُعوَّل إلا عليه».
كما تبرُز أهميته في كونه أفضل وأوسع شروح كتاب (الكافي) للحاكم الشهيد المَرْوَزِي (ت: 334هـ)، والذي يُعد من كتب مسائل الأصول المُعتمدة في الفقه الحنفي، حيث جَمع فيه مؤلفه مسائل الأصول المَروية عن أصحاب المذهب، وهي كتب ظاهر الرواية الستة للإمام محمد بن الحسن الشيباني، والتي رواها الثقات وثبتت عنه بالشهرة أو التواتر، وهي: الجامع الصغير، والجامع الكبير، والسير الصغير، والسير الكبير، والزيادات، والمبسوط.
قالَ في المَبْسُوط عِنْد فَرَاغه من شرح العِبَادَات : « هَذَا آخر شرح العِبَادَات بأوضح المعَانِي و أوجز العبارَات ، أملاه المَحْبُوس عَن الجُمُعَة وَ الجَمَاعَات » ٱه.
و قالَ في آخر كتاب الطَّلَاق : « هذَا آخر كتاب الطَّلَاق ، الموثر من المعَانِي الدقاق ، أملاه المَحْبُوس عَن الإنطلاق ، المُبْتَلى بوحشة الفِرَاق ، مُصَليا على صَاحب الْبُراق ، صلى الله عَلَيْهِ وَ آله وَ صَحبه أهل الْخَيْر و الساق ، صَلَاة تتضاعف و تدوم إِلَى يَوْم التلاق … » ٱه.
و قَالَ فى آخر كتاب العَتاق : « ٱنْتهى شرح العتاق من مسائل الخلاف و الوفاق ، أملاه المُسْتَقْبل للمحن بالٱعتناق ، المحصور فى طرق من الْآفَاق ، حامدا للمهيمن الرَّزَّاق ، و مصليا على حبيب الخلّاق ، و مرتجى إِلَى لِقَائِه بالأشواق ، و عَلى آله وَ صَحبه خير الصحب و الرفاق » ٱه.
و قَالَ فى آخر شرح الْإِقْرَار : « ٱنْتهى شرح كتاب الْإِقْرَار المُشْتَمل من المعَانِي مَا هُوَ سر الْأَسْرَار ، و أَمْلاه المَحْبُوس فى مَوضِع الأشرار ، مُصَليا على النَّبِي المُخْتَار » ٱه.