ما حكم شراء سيارة من البنك ؟
لشراء سيارة صور محرمة وصور مباحة وصور مختلف عليها
أولا / الصور المحرمة :شراء سيارة بقرض بنكي فيه فائدة ربوية
ولا شك أن السيارة حاجة مهمة في الحياة ولكن لا يصل الحال إلى اعتبارها من الأمور الضرورية ، فكم من الناس لا يملكون سيارة وحياتهم تسير بشكل طبيعي، فلا يجوز شرعاً أن نبيح الربا باسم الضرورة، وخاصة إذا كانت هذه الضرورة متوهمة وليست حقيقية كما هو الحال في شراء سيارة جديدة بقرض ربوي باسم الضرورة.
ثانيا/ الصور المباحة : يجوز شراء سيارة بالتقسيط عن طريق البنك الإسلامي أو أي مؤسسة تمويل شرعية، وتسمى هذه المعاملة ببيع المرابحة للآمر بالشراء ولكن بشروط وأهمها شرطان:
الأول: أن يتملك البنك السيارة قبل عقد بيع المرابحة مع العميل، لقول النّبيّ صَلَى اللّه عليه وسَلّم: لا تبع ما ليس عندك. ولنهيه صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن. صححهما الألباني في صحاح السنن.
الثاني: عدم الشرط الجزائي عند تأخر العميل في سداد أقساط المرابحة، ففي المعايير الشرعية: لا يجوز اشتراط التعويض على المدين إذا تأخر عن الأداء، ولا المطالبة القضائية به سواء كان في بدء المداينة أم عند حلول أجلها، لأنه ربا واشتراطه باطل، لقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً .
وأما شرط حظر البيع الذي يقع من بعض البنوك الإسلامية فليس مؤبدا ليكون باطلا، ولكنه مؤقت إلى حين سداد كامل أقساط المرابحة ، وغالبا ما يتم من خلال رهن السيارة لصالح البنك أو عدم تسجيلها رسميا باسم العميل إلى ذلك الحين، وكلاهما لا بأس به بعد ثبوت ملكيته لها، أما الرهن فلأنه من رهن المبيع بثمنه المؤجل فهو شرط صحيح جائز على الراجح من أقوال الفقهاء، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، وأحد قولي الشافعي، والصحيح من مذهب أحمد، واختاره ابن تيمية وابن القيم .
ثالثا / الصور المختلف عليها: صورة المعاملة في كندا وأمريكا :
أن يذهب المشتري إلى التاجر المختص DEALER فيشتري منه سيارة ثمنها عشرون ألفا مثلا مقسطة على 36 شهرا مثلا بدون فائدة،(يتفق معه على إضافة الفائدة على السعر النهائي) ثم يكون الاتفاق عند التعاقد بأن المشتري سوف يدفع تلك الأقساط إلى البنك الذي يوافق على تمويل الصفقة.
و للبنك الحق في رهن، واستيفاء أقساطه من عين السيارة في حالة تعسر المشتري بسداد بعض الأقساط الدورية.
كذلك البنك في عقد خاص مستقل مع الديلر يقوم بتسديد مثلا 18 ألف من 20 للديلر ويقوم البنك بتحصيل الأقساط من المشتري
وقد تأملت المسألة مليا فبان لي انها معاملة جائزة، لا يظهر فيها سبب لا للبطلان ولا للفساد.
وبيان ما يقع في صورة هذه المعاملة على نحو ما يلي:
١/ أن التاجر البائع للسيارة قد أضاف على ثمنها نقدا (كاش) نسبة أو مبلغا زائدا في مقابل التقسيط (والبيع بالتقسيط جائز).
٢/ أن التاجر بحكم حاجته الدائمة الى النقد (السيولة) يقوم بالتعاقد مع البنك على أن يقرضه البنك (النقد الموازي – تقريبا – لثمن البيع) بضمان (التعاقد بينه وبين المشتري، وما فيه من ضمانات منصوصة بالحق عليه)، ثم يحيل التاجر الدائن له (وهو البنك) على المدين له (وهو المشتري)، وهنا تظهر صفة الطرف الثالث، وعلاقته التعاقديّة بطرفي العقد (البائع والمشتري).
٣/ ولا ينبغي أن يقدح في مشروعية هذه المعاملة كوّن التاجر يحيل الدائن (البنك) على مدينه (المشتري)، بأكثر من مبلغ الدين؛ وذلك لجواز أخذ الأجرة على الحوالة عند فقهاء الحنفية (لأنها عندهم عقد مستقل، ورخصة مستثناة من بيع الدين بالدِّين).
– وسبب إيراد ذلك في مسألتنا: أن التاجر عادة يستفيد من خصوص هذه الصورة ويفيد، ففي مثالنا لو افترضنا ان ثمن السيارة نقدا 17 ألف وأنها بيعت بعشرين ألف تقسيطا، فان البائع يتراضى مع البنك على أخذ 18ألفا مثلا، فيكون قد ربح ألفا فوق بيعها نقدا، والبنك يربح ألفين.
٤/ إذا عرفنا ذلك زال الاستشكال بأن السيارة (محل التعاقد) من ضمان طرف (البائع) ورهن طرف آخر (البنك)؛ حيث ان ذلك باعتبارين مختلفين:
– اما اعتبار ضمان العيوب فيرجع فيه على بائع العين.
– وأما اعتبار ضمان الحق، فهو مكفول لصاحب الحق، وعقد الحوالة عقد لازم، فيصبح المشتري بمقتضى لزومه مدينا مباشرا للبنك، و(للمحال) حق الاستيثاق للحق من (المحال عليه) ومن أبرز صور ذلك (الرهن).
والله أعلم.
وقال الدكتور وليد المنيسي ـ عضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ـ : “موضوع ضابط الإعانة على الإثم والعدوان، كان محل بحث طويل، ومناقشات بين أعضاء مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة التي انعقدت بالبحرين سنة 1428هـ.
وكان خلاصة ما توصلوا إليه أن الإعانة على الإثم والعدوان أربعة أقسام:
- مباشرة مقصودة : كمن أعطى آخر خمرًا بنية إعانته على شربها.
- مباشرة غير مقصودة : ومنه بيع المحرمات التي ليس لها استعمال مباح؛ إذا لم ينو إعانتهم على استعمالها المحرم.
3- مقصودة غير مباشرة: كمن أعطى آخر درهمًا ليشتري به خمرًا، ومنه القتل بالتسبب.
4- غير مباشرة، ولا مقصودة: كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهمًا لا ليشتري به خمرًا، فإن اشترى به خمرًا وشربه، فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم .
ومن هذا القسم الرابع : البيع والشراء، والإجارة من المشركين، وفساق المسلمين، والتصدق عليهم بالمال.
وقد كان قرار المجمع تحريم الأنواع الثلاثة الأولى، وإباحة القسم الرابع، وهو ما ليس مباشرًا، ولا مقصودًا” انتهى.
ويستثنى من النوع الرابع: ما علم أو غلب على الظن أن المعان سيستعمله في المعصية، ولهذا حرم كثير من الفقهاء بيع العنب لمن يعصره خمرا، وبيع السلاح في الفتنة، مع أن العنب والسلاح يستعملان في الحلال والحرام.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ” وكل لباس يغلب على الظن أن يستعان بلبسه على معصية فلا يجوز بيعه وخياطته لمن يستعين به على المعصية والظلم … وكذلك كل مباح في الأصل ، علم أنه يستعان به على معصية ” انتهى من “شرح العمدة” (4/386).