مِنْ أصولِ الإيمان: الإيمانَ بالملائكةِ, والتصديقَ بوجودِهم، وأنهم عبادٌ مكرمون، خلقهم الله لعبادتِه، وتنفيذِ أوامِره: (لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].
وهُم مِنْ أَعْظَمِ خَلْقِ الله, خَلَقَهُم اللهُ -تعالى- مِن نُور، وَهُم بالنسبةِ إلى الأعمال التي يقومون بها أصناف، فمنهم حملة العرش، ومنهم المُقَرَّبون ومِنْهُمُ المُوكلون بالنار، ومنهم المُوكلون بالجنة، ومنهم جبريلُ المُوكل بالوحي.
وَهُمْ مِنْ أَنْصَحِ العِبادِ لِلعِباد؛ كما قالَ مُطَرِّفِ بنِ عبدِ الله: “وَجَدْنا أنْصْحَ عِبادِ اللهِ لِعِبادِ اللهِ -تعالى- الملائكة، وَوَجَدْنا أَغَشَّ عِبادِ اللهِ لِعِبادِ اللهِ -تعالى- الشيطان”.
ومعنى صلاة الملائكة على المؤمنين الدعاء ، أي يدعون للناس بالرحمة والمغفرة ويستغفرون لهم ، وهذا سبب لخروجهم من الظلمات إلى النور، ومن الذنوب إلى الطاعة ، كما قال الله تعالى:{هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور}.
وَمِنْ نُصْحِ المِلائكةِ لِعِبادِ اللهِ المُؤْمنين: اسْتِغْفارُهُم لهم إذا قاموا بِأَسْبابِ الإيمانِ وَلَوازِمِه، ومِنَ الأدلةِ على ذلك:
أولاً: استغفارُ الملائكةِ للمؤمنين الذين جَمَعُوا بين التوبةِ والاستقامة:
والدعاءُ لهم بدخولِ الجنةِ مَعَ مَن صَلَحَ مِن أبائِهم وأزواجِهم وذرياتِهم؛ كما قال تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [غافر: 7 – 8].
الثاني: استِغفارُهُم لِمَن يُصَلُّون الفَجْرَ والعَصْرَ جماعة:
كما في الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يتعاقبون فيكم: ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، ثم يَعْرُجُ الذين باتُوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم، فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون”.
وفي رواية لأحمد: “قال: فيقولون: جئناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، فاغفر لهم يوم الدين”.
الثالث: استغفارُهم لِمَن جَلَسَ في المسجدِ مُتَطَهِّراً يَنْتَظِرُ الصلاةَ:
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( لَا يُزَالُ أحَدُكُمْ فِي صَلَاَةٍ مَا دَامٍ يَنْتَظِرُهَا، وَلَا تُزَالُ الْمَلَاَئِكَةُ تُصَلَّى عَلَى أحَدِكُمْ مَا دَامٍ فِي الْمَسْجِدَ، اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْه، مَا لَمْ يُحْدِثْ).رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
الرابع: استِغْفارُهُم لِمَن باتَ مِن الليلِ على وُضوء:
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ( مِنْ بَاتَ طَاهِرًا بَاتَ فِي شِعَارِهِ مَلِّكَ، لَا يَسْتَيْقِظُ سَاعَةُ مِنَ اللَّيْلِ، إِلَّا قَالَ الْمَلِكُ اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِعَبْدِكَ فُلَاَنًا، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِرَا) صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.
الخامس: معلّم الناس الخير:
روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير)
السادس: استِغفارُهُم لِمَن عادَ مَريضاً:
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قال: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ). صححه الألباني في صحيح الترمذي .