ما حكم تسييد النبي في التشهد والأذان؟

تاريخ الإضافة 13 مايو, 2022 الزيارات : 597
ما حكم تسييد النبي في الصلاة؟
شيخنا الفاضل : ما القول الصحيح في الصلاة علي النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التشهد أن نقول اللهم صل على محمد وعلي آل محمد أم نقول اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وكذلك نفس الحكم في الآذان وجزاكم الله خير الجزاء.
 
أولا أقول نبينا محمد سيدنا وحبيبنا وشفيعنا ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَومَ القِيَامَةِ ، وَأَوَّلُ مَن يَنشَقُّ عَنهُ القَبرُ ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ) رواه مسلم
فمن يطلق السيادة له صلى الله عليه وسلم إنما يخبر بحق وصدق ، لا يماري في ذلك مسلم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم عن الحسن بن علي رضي الله عنه : ( إِنَّ ابنِي هَذَا سَيِّدٌ ) رواه البخاري
وقال للأنصار لما جاء سعد بن معاذ : ( قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُم ) رواه البخاري ومسلم
بل قد أطلق الصحابة رضوان الله عليهم السيادة لبعضهم ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( أَبُو بَكرٍ سَيِّدُنَا وَأَعتَقَ سَيِّدَنَا : يعني بلال بن رباح ) رواه البخاري
فكيف لا يقال بعد ذلك عن أشرف الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه ( سيدنا ) ؟! وأما حديث عبد الله بن الشخير أنه قال : ( انطَلَقتُ فِي وَفدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقُلنَا : أَنتَ سَيِّدُنَا . فَقَالَ : السَّيِّدُ اللَّهُ . قُلنَا : وَأَفضَلُنَا فَضلًا ، وَأَعظَمُنَا طَوْلًا ( أَي شَرَفًا وَغِنًى ) . فَقَالَ : قُولُوا بِقَولِكُم أَو بَعضِ قَولِكُم ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيطَانُ ) رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
فليس فيه المنع من إطلاق ( سيدنا ) على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن السياق ظاهر في أنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يجرهم إطلاق هذه الأوصاف إلى التعدي على مقام الربوبية ، فأعاد السيادة لله تعالى ؛ لينبههم على أنه سبحانه صاحب السيادة المطلقة ، فلا تغلوا في حقي فترفعوني إلى مقام الربوبية ! فنهاهم عن الغلو المذموم فحسب ، ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن تسويده ، بل أقرهم عليه حين قال لهم : ( قولوا بقولكم ) .
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “القول المفيد” (258) : ” ولم ينههم صلى الله عليه وسلم عن قولهم : ( أنت سيدنا ) ، بل أذن لهم بذلك ، فقال : ( قولوا بقولكم أو بعض قولكم ) ، لكن نهاهم أن يستجريهم الشيطان فيترقوا من السيادة الخاصة إلى السيادة العامة المطلقة ؛ لأن ( سيدنا ) سيادة خاصة مضافة ، و ( السيد ) سيادة عامة مطلقة غير مضافة ” انتهى .
وجاء في الموسوعة الفقهية (11/346) : ” أجمع المسلمون على ثبوت السّيادة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وعلى عَلَمِيَّتِه في السّيادة . قال الشّرقاويّ : فلفظ ( سيّدنا ) علم عليه صلى الله عليه وسلم ” انتهى .
ثانيا / بالنسبة لسؤالك أقول : إن العبادات مبنية على الالتزام والتوقيف ، والأصل فيها الاقتصار على ما جاءت به السنة النبوية فيها ، ومن ذلك:
ألفاظ الأذان والإقامة والصلاة الإبراهيمية بعد التشهد ، فقد جاءت النصوص الكثيرة في بيانها ، ولم ترد رواية واحدة مرفوعة أو موقوفة على الصحابي ، أو حتى من قول التابعين ، أنهم كانوا يزيدون في ألفاظها قولهم ( سيدنا محمد )
سُئِل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى : عن صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة أو خارج الصلاة ، سواء قيل بوجوبها ، أو بندبها : هل يشترط فيها أن يصفه صلى الله عليه وسلم بالسِّيادة ، بأن يقول مثلاً : صلِّ على سيِّدنا محمدٍ ، أو على سيّدِ الخلق ، أو سيّد ولد آدم ؟ أو يقتصر على قوله : اللهم صلِّ على محمد ؟ وأيهما أفضل : الإتيانُ بلفظ السيادة ؛ لكونها صفةً ثابتةً له صلى الله عليه وسلم ، أو عدمُ الإتيان لِعدم ورُود ذلك في الآثار ؟
فأجاب رحمه الله :
” نعم اتِّباعُ الألفاظ المأثورة أرجح ، ولا يقال : لعلَّه ترك ذلك تواضعاً منه صلى الله عليه وسلم كما لم يكن يقول عند ذكره : صلى الله عليه وسلم ، وأمّتهُ مندوبة إلى أن تقول ذلك كلما ذُكر ؛ لأنَّا نقول : لو كان ذلك راجحاً لجاء عن الصحابة ، ثم عن التابعين ، ولم نقِفْ في شيءٍ من الآثار عن أحدٍ من الصحابة ولا التابعين أنه قال ذلك ، مع كثرة ما ورد عنهم من ذلك ، وهذا الإمامُ الشافعي أعلى الله درجته وهو من أكثر الناس تعظيماً للنبي صلى الله عليه وسلم ، قال في خطبة كتابه الذي هو عمدة أهل مذهبه : ” اللهم صلِّ على محمد ، إلى آخر ما أدَّاه إليه اجتهاده وهو قوله : ” كلما ذكره الذاكرون ، وكلما غفل عن ذكره الغافلون ” ، وكأنه استنبط ذلك من الحديث الصحيح الذي فيه ( سبحان الله عدد خلقه ) ، وقد عقد القاضي عياض بابا في صفة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب “الشفاء” ، ونقل فيه آثارا مرفوعة عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ليس في شيء منها عن أحد من الصحابة وغيرهم لفظ : ” سيدنا ” ، والغرض أن كل من ذكر المسألة من الفقهاء قاطبة ، لم يقع في كلام أحد منهم : ” سيدنا ” ، ولو كانت هذه الزيادة مندوبة ما خفيت عليهم كلهم حتى أغفلوها ، والخير كله في الاتباع ، والله أعلم ” انتهى . نقله السخاوي في “القول البديع” ، ومحمد بن محمد الغرابيلي (835هـ) وكان ملازما لابن حجر ، كما في إحدى المخطوطات التي وقف عليها الشيخ الألباني في صفة صلاة النبي .
ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله “المناهي اللفظية” (سؤال رقم/470) : ” لا يرتاب عاقل أن محمداً صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم ، فإن كل عاقل مؤمن يؤمن بذلك ، والسيد هو ذو الشرف والطاعة والإمرة ، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم من طاعة الله سبحانه وتعالى : ( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَد أَطَاعَ اللَّهَ ) ، ونحن وغيرنا من المؤمنين لا نشك أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيدنا ، وخيرنا ، وأفضلنا عند الله سبحانه وتعالى ، وأنه المطاع فيما يأمر به ، صلوات الله وسلامه عليه ، ومن مقتضى اعتقادنا أنه السيد المطاع ، أن لا نتجاوز ما شرع لنا من قول أو فعل أو عقيدة ، ومما شرعه لنا في كيفية الصلاة عليه في التشهد أن نقول : ” اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ” أو نحوها من الصفات الواردة في كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم ، ولا أعلم أن صفة وردت بالصيغة التي ذكرها السائل وهي : ” اللهم صل على سيدنا محمد ، وعلى آل سيدنا محمد ” ، وإذا لم ترد هذه الصيغة عن النبي عليه الصلاة والسلام فإن الأفضل ألا نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بها ، وإنما نصلي عليه بالصيغة التي علمنا إياها .
قال : وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن كل إنسان يؤمن بأن محمداً صلى الله عليه وسلم سيدنا ، فإن مقتضى هذا الإيمان أن لا يتجاوز الإنسان ما شرعه ، وأن لا ينقص عنه ، فلا يبتدع في دين الله ما ليس منه ، ولا ينقص من دين الله ما هو منه ، فإن هذا هو حقيقة السيادة التي هي من حق النبي صلى الله عليه وسلم علينا ” انتهى .


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر مشرف الموقع

هو الشيخ  الدكتور/ حسين محمد عامر من مواليد بلبيس بمحافظة الشرقية -مصر-عام 1976 م . الشهادات العلمية : 1- أتم حفظ القرآن وهو ابن الرابعة عشر عاما ، وحصل على إجازة برواية حفص بالسند المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على يد شيخه يوسف عبد الدايم -رحمه الله- . 2-  حصل على الإجازة

تاريخ الإضافة : 1 فبراير, 2024 عدد الزوار : 241 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم

جديد الموقع