ما حكم الاستماع للغناء والموسيقى ؟

تاريخ الإضافة 1 فبراير, 2023 الزيارات : 747

ما حكم الاستماع للغناء والموسيقى ؟

حكم الغناء والمعازف

 الغناء عبارة عن كلمات ولحن موسيقى:

حكم كلمات الأغاني:

  • اتفق العلماء على جواز الغناء بكلمات فيها حض على فضيلة مثل المدائح النبوية، والتشويق للحج أو صيام رمضان، أو التغني بالبقاع الطيبة مكة والمدينة والقدس، وكلمات عن الزهد وحقيقة الدنيا، وما يكون في الأعياد والأعراس، والترغيب في العمل الصالح…الخ.
  • اتفق العلماء على حرمة الغناء بكلمات فيها حض على معصية أو رذيلة مثل شرب الخمر أو الدعوة إلى الفجور والزنا وسيء الأخلاق.

حكم الموسيقى:

هناك ثلاثة أقوال للعلماء في حكم الموسيقى:

القول الأول: الموسيقى حرام

القول الثاني: الموسيقى مباحة بضوابط.

القول الثالث: أنها من الشبهات، والأولى بالمسلم الحريص على دينه أن يتقي الشبهات ويبتعد عن هذا المجال الذي يصعب التخلص فيه من شائبة الحرام إلا ما ندر.

والذي أفتي به من بين تلك الأقوال: إن الموسيقى في الأصل حلال للأدلة التالية:

1- الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نص صحيح بحرمتها، وكل ما ورد في تحريم الغناء فهو إما صريح غير صحيح أو صحيح غير صريح.

 2- حديث بريدة قال: “خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت ـ إن ردك الله سالما ـ أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، قال لها: إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت إستها (مقعدتها)، ثم قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب؛ فدخل أبو بكر وهي تضرب؛ ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب؛ فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف” رواه أحمد والترمذي وصححه.

 3- ما ورد في الصحيحين أن أبا بكر دخل على النبي في بيت عائشة وعندها جاريتان تغنيان فانتهرهما أبو بكر وقال: أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال النبي عليه السلام: (دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد) ولم يرد ما ينهى عن الغناء في غير العيد، وإنما المعنى أن العيد من المواطن التي يستحب فيها إظهار السرور بالغناء وغيره من اللهو البريء.

 4- روى البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يا عائشة، ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو“.

الرد على أدلة المحرمين:

1- استدلوا بقوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) [لقمان:6] فقد استدل بها بعض الصحابة والتابعين على حرمة الغناء والإمام ابن حزم قال: لا حجة في هذا لوجوه: أحدهما أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 والثاني أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.

والثالث أن نص الآية يبطل احتجاجهم، لأن الآية بها وصف (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم، ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، ولو أن امرءاً اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذها هزوًا لكان كافرًا، فهذا هو الذي ذمه الله تعالى، وما ذم قط عز وجل من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروح نفسه، لا ليضل عن سبيل الله تعالى، وكذلك من اشتغل عن الصلاة عامًدا بقراءة القرآن أو بقراءة السنن أو بحديث يتحدث به أو بغناء أو بغير ذلك فهذا فاسق عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن. أهـ.

2- وأما الآية الثانية (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) [القصص:55] فالاستدلال بها على حرمة الغناء غير سليم أيضا، فإن الظاهر من الآية أن اللغو هو سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك، قال تعالى (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) فهي شبيهة بقوله تعالى في عباد الرحمن:(وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا)

3- قولهم إن الغناء من الباطل وليس من الحق في شيء
وهذا كلام ليس على إطلاقه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرئ ما نوى) فمن نوى باستماع الغناء عونًا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه.

4- وأما الأحاديث التي استدل بها المحرمون فكلها لم يسلم منها حديث دون طعن في ثبوته أو دلالته أو فيهما معًا، قال القاضي أبوبكر بن العربي في كتابه “الأحكام”: لم يصح في التحريم شيء، وكذا قال الغزالي، وقال ابن حزم: كل ما روي فيها باطل موضوع.

منها حديث هشام بن عمار بسنده إلى أبي مالك الأشعري، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحِرَ (الزنا) والحرير والخمر والمعازف”

والحديث ذكره البخاري معلقا أي ذكره بدون سند متصل، ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، وقالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، ودلالته على التحريم غير صريحة.

ورغم ما في ثبوت الحديث من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ فكلمة “المعازف” لم يُتفق على معناها بالتحديد: ما هو؟ فقد قيل: الملاهي، وهذه كلمة مجملة، وقيل: آلات العزف.

ولو سلمنا بأن معناها: آلات الطرب المعروفة بآلات الموسيقى. فلفظ الحديث المعلق في البخاري غير صريح في إفادة حرمة “المعازف” لأن عبارة “يستحلون” ـ كما ذكر ابن العربي ـ لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن تكون مجازا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور؛ إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعنى الحقيقي، لكان كفرا، فإن استحلال الحرام المقطوع به ـ مثل الخمر والزنا كفر بالإجماع.

ولو سلمنا بدلالتها على الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، ولبس الحرير، ولذا روى ابن ماجه هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: “ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير”، وكذلك رواه ابن حيان في صحيحه.

واستدلوا بما روى نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتى قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلى الطريق وقال: “رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا” رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.

والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.

ولو صح لكان حجة على المحرمين لا لهم فلو كان سماع المزمار حراما ما أباح النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حراماً ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر دليل على أنه حلال.

وإنما تجنب عليه السلام سماعه ربما لأن صوته كان يؤذيه ، أو كتجنّبه بعض المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئاً وأن يبيت عنده دينار أو درهم…الخ.

وإذا سقطت أدلة التحريم بقي الغناء على الإباحة الأصلية.

ولكن هناك قيود لابد من مراعاتها:

1- سلامة مضمون الغناء من المخالفة الشرعية:

فلابد أن يكون موضوع الأغنية مما يتفق وتعاليم الإسلام وآدابه.

2- سلامة طريقة الأداء من التكسر والإغراء:

طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به، ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلى إثارة الغرائز، ينقل الأغنية من دائرة الحلال إلى دائرة الحرام، ولنذكر قول الله لنساء النبي: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).

3-  تجنب الإسراف في السماع:

 ألا يكون هو الشغل الشاغل للإنسان لأن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتى في العبادة، فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا، لأن هذا دليل على فراغ القلب والعقل من الواجبات الكبيرة والأهداف العظيمة، ودليل على إهدار حقوق أخرى كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحدود.

4- عدم اقتران الغناء بمحرم:

 فالغناء بصورته التي يقدم بها اليوم في معظم القنوات الفضائية، ومواقع التواصل الاجتماعي مما يصحبه من رقص وخلاعة وصور مثيرة لفتيات عاريات، الغناء بهذه الصورة محرم بيقين، ليس حراما لذاته، ولكن لما يصحبه من هذه المثيرات والمضلات،  فقد تحول الغناء من شيء يسمع إلى شيء يرى، وبعبارة أخرى: تحول من غناء إلى رقص خليع.


اترك ردا

بدريك الإلكتروني لان يتم نشره.


قناة فتاوى أون لاين

تم إنشاء قناة جديدة تحت عنوان فتاوى أون لاين للإجابة على الفتاوى الشرعية
رابط الانضمام

رابط تيليجرام

الواتس اب

السيرة الذاتية للدكتور حسين عامر

رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود

 رسالة الدكتوراة المناهج الدعوية للأنبياء من خلال سورة هود   ما أجمل أن يتلمس الدعاة في عصرنا الحاضر السير على خطى الأنبياء، والتخلق بأخلاقهم، والاقتداء بهم في الدعوة إلى الله بالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، من خلال المنهج القرآني في عرض قصصهم، وأحوالهم مع أقوامهم؛ من خلال دراستي لأحد سور القرآن (سورة هود)

تاريخ الإضافة : 24 أبريل, 2024 عدد الزوار : 27 زائر

خطبة الجمعة

تفسير القرآن

شرح صحيح البخاري

شرح مدارج السالكين

جديد الموقع