من كلام السلف عن النكاح
قال عمر رضي الله عنه لا يمنع من النكاح إلا عجز أو فجور.
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: لو لم يبق من عمري إلا عشرة أيام لأحببت أن أتزوج لكيلا ألقى الله عزباً.
وسئل أبو سليمان الداراني عن النكاح فقال: الصبر عنهن خير من الصبر عليهن والصبر عليهن خير من الصبر على النار.
وقال أبو سليمان الداراني رحمه الله: ” الزوجة الصالحة ليست من الدنيا فإنها تفرغك للآخرة.
وقال محمد بن كعب القرظي في معنى قوله تعالى: ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة ” قال: المرأة الصالحة.
وقال ابن مبارك وهو مع إخوانه في الغزو: تعلمون عملاً أفضل مما نحن فيه قالوا: ما نعلم ذلك.
قال: أنا أعلم قالوا فما هو قال رجل متعفف ذو عائلة قام من الليل فنظر إلى صبيانه نياماً متكشفين فسترهم وغطاهم بثوبه فعمله أفضل مما نحن فيه.
قال بعض العرب. لا تنكحوا من النساء ستة: لا أنانة ولا منانة ولا حنانة ولا تنكحوا حداقة ولا براقة ولا شداقة.
أما الأنانة فهي التي تكثر الأنين والتشكي وتعصب رأسها كل ساعة فنكاح الممراضة أو نكاح المتمارضة لا خير فيه
والمنانة: التي تمن على زوجها فتقول: فعلت لأجلك كذا وكذا
والحنانة: التي تحن إلى زوج آخر أو ولدها من زوج آخر وهذا أيضا مما يجب اجتنابه
والحداقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه وتكلف الزوج شراءه
والبراقة التي تعمل طول النهار في تصقيل وجهها وتزيينه ليكون لوجهها بريق محصل بالصنع
والشداقة: المتشدقة الكثيرة الكلام
وروي أن بلالاً وصهيباً أتيا أهل بيت من العرب فخطبا إليهم فقيل لهما من أنتما فقال: فقال بلال: أنا بلال وهذا أخي صهيب كنا ضالين فهدانا الله وكنا مملوكين فأعتقنا الله وكنا عائلين فأغنانا الله فإن تزوجونا فالحمد لله وإن تردونا فسبحان الله فقالوا بل تزوجان والحمد لله فقال صهيب: لو ذكرت مشاهدنا وسوابقنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اسكت فقد صدقت فأنكحك الصدق.
واختار أحمد بن حنبل عوراء على أختها وكانت أختها جميلة فسأل: من أعقلها فقيل: العوراء فقال: زوجوني إياها
وقالت عائشة “ النكاح رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته ”
وقال رجل للحسن: قد خطب ابنتي جماعة فمن أزوجها قال: ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
وقال الشعبي ” من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها ”.
وقال عمر رضي الله عنه: ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي فإذا التمسوا ما عنده وجد رجلاً.
ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت: والله كان ضحوكاً إذا ولج سكيتاً إذا خرج آكلاً ما وجد غير مسائل عما فقد.
وقال علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمي بالسوء من أجلك.
كما روي أن أسماء بنت خارجة الفزاري قالت لأبنتها عند التزويج إنك خرجت من العش الذي فيه درجت فصرت إلى فراش لم تعرفيه وقرين لم تألفيه فكوني له أرضاً يكن لك سماء وكوني له مهاداً يكن لك عماداً وكوني له أمة يكن لك عبداً لا تلحفي به فيقلاك ولا تباعدي عنه فينساك إن دنا منك فاقربي منه وإن نأى فابعدي عنه واحفظي أنفه وسمعه وعينه فلا يشمن منك إلا طيباً ولا يسمع إلا حسناً ولا ينظر إلا جميلاً.
وهم رجل من السلف بالسفر فكره جيرانه سفره فقالوا لزوجته: لم ترضين بسفره ولم يدع لك نفقة فقالت زوجي منذ عرفته عرفته أكالاً وما عرفته رازقاً ولي رب رزاق: يذهب الأكال ويبقى الرزاق.
وعن عبد الله بن أبي وداعة قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب فتفقدني أياماً فلما أتيته قال أين كنت قلت: توفيت أهلي فاشتغلت بها فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها
قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت امرأة ؟
فقلت: يرحمك الله تعالى ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة
فقال: أنا فقلت: وتفعل
قال: نعم
فحمد الله تعالى وصلى النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين – أو قال ثلاثة –
قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أفكر ممن آخذ وممن أستدين فصليت المغرب وانصرفت إلى منزلي فأسرجت وكنت صائماً فقدمت عشائي لأفطر – وكان خبزاً وزيتاً – وإذا بابي يقرع فقلت: من هذا قال: سعيد قال: فأفكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب – وذلك أنه لم ير أربعين سنة إلا بين داره والمسجد –
قال: فخرجت إليه فإذا به سعيد بن المسيب فظنت أنه قد بدا له فقلت: يا أبا محمد لو أرسلت إلي لأتيتك فقال: لا أنت أحق أن تؤتى قلت: فما تأمر قال: إنك كنت رجلاً عزباً فتزوجت فكرهت أن أبيتك الليلة وحدك وهذه امرأتك وإذا هي قائمة خلفه في طوله في أخذ بيدها فدفعها في الباب ورده فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم تقدمت إلى القصعة التي فيها الخبز والزيت فوضعتها في ظل السراج لكيلا تراه
ثم صعدت السطح فرميت الجيران فجاءوني وقالوا: ما شأنك قتل: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها الليلة على غفلة
فقالوا: أو سعيد زوجك قلت: نعم قالوا وهي في الدار قلت: نعم فنزلوا إليها وبلغ ذلك أمي فجاءت وقالت: وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام قال: فأقمت ثلاثاً ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل النساء وأحفظ الناس لكتاب الله تعالى وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرفهم بحق الزوج
قال عبد الله بن سليمان: وكانت بنت سعيد بن المسيب هذه قد خطبها منه عبد الملك بن مروان لابنه الوليد حين ولاه العهد فأبى سعيد أن يزوجه فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.
وسئل الشيخ الشعراوي بماذا نصحت ابنك حين تزوج؟
قال: يابني هذه المرأة تركت الأب والأم والأخ والأخت وجاءت لتكون لك وحدك فكن لها كل هؤلاء