من كلام السلف عن خطر اللسان
رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يمد لسانه بيده فقال له: ما تصنع يا خليفة رسول الله قال هذا أوردني الموارد
وقال سليمان بن داود عليهما السلام: إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب.
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع حصاة في فيه يمنع بها نفسه عن الكلام وكان يشير إلى لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
وقال عبد الله بن مسعود: والله الذي لا إله إلا هو ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان.
وعن ابن مسعود أنه كان على الصفا يلبي ويقول: يا لسان قل خيراً تغنم واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم فقيل له يا أبا عبد الرحمن أهذا شيء تقوله أو شيء سمعته فقال: لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن أكثر خطايا ابن آدم في لسانه
وقال طاوس: لساني سبع إن أرسلته أكلني.
وقال وهب بن منبه: في حكمة آل داود حق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه مقبلاً على شأنه.
وقال الأوزاعي: كتب إلينا عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – أما بعد: فإن من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير ومن عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
وقيل: ما تكلم الربيع بن خيثم بكلام الدنيا عشرين سنة وكان إذا أصبح وضع دواة وقرطاساً وقلماً فكل ما تكلم به كتبه ثم يحاسب نفسه عند المساء.
وقال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه: من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل.
وقال مسلم بن يسار: إياكم والمراء فإنه ساعة جهل العالم وعندها يبتغي الشيطان زلته.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تجادل العلماء فيمقتوك
وقال بلال بن سعد: إذا رأيت الرجل لجوجاً ممارياً معجباً برأيه فقد تمت خسارته.
وقال ابن أبي ليلى: لا أماري صاحبي فإما أن أكذبه وإما أن أغضبه.
وقال عمر رضي الله عنه البر شيء هين وجه طليق وكلام لين.
وقال بعض الحكماء: الكلام اللين يغسل الضغائن المستكنة في الجوارح.
وقال بعض الحكماء: كل كلام لا يسخط ربك إلا أنك ترضي به جليسك فلا تكن به عليه بخيلاً فإنه لعله يعوضك منه ثواب المحسنين.
قال علي رضي الله عنه: أعظم الخطايا عند الله اللسان الكذوب وشر الندامة ندامة يوم القيامة وقال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه: ما كذبت كذبة منذ شددت علي إزاري.
وقال عمر رضي الله عنه: أحبكم إلينا ما لم نركم أحسنكم اسماً فإذا رأيناكم فأحبكم إلينا أحسنكم خلقاً فإذا اختبرناكم فأحبكم إلينا أصدقكم حديثاً وأعظمكم أمانة.
وقال مالك بن دينار: الصدق والكذب يعتركان في القلب حتى يخرج أحدهما صاحبه
وكلم عمر بن عبد العزيز الوليد بن عبد الملك في شيء فقال له: كذبت فقال عمر: والله ما كذبت منذ علمت أن الكذب يشين صاحبه.
هل المعاريض من الكذب ؟
قد نقل عن السلف أن في المعاريض مندوحة عن الكذب قال عمر رضي الله عنه: أما في المعاريض ما يكفي الرجال عن الكذب وروى ذلك عن ابن عباس وغيره.
وإنما أرادوا بذلك إذا اضطر الإنسان إلى الكذب فأما إذا لم تكن حاجة وضرورة فلا يجوز التعويض ولا التصريح جميعاً ولكن التعويض أهون.
ومثال التعريض ما روى أن مطرفاً دخل على زياد فاستبطأه فتعلل بمرض وقال: ما رفعت جنبي منذ فارقت الأمير إلا ما رفعني الله.
وكان معاذ بن جبل عاملاً لعمر رضي الله عنه فلما رجع قالت له امرأته ما جئت به مما يأتي به العمال إلى أهلهم وما كان قد أتاها بشيء.
فقال: كان عندي ضاغط قالت: كنت أميناً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند أبي بكر رضي الله عنه.
فبعث عمر معك ضاغطاً وقامت بذلك بين نسائها واشتكت عمر فلما بلغه ذلك دعا معاذاً وقال: بعثت معك ضاغطاً قال: لم أجد ما أعتذر به إليها إلا ذلك فضحك عمر رضي الله عنه وأعطاه شيئاً فقال.
أرضها به – ومعنى قوله ضاغطاً يعني رقيباً وأراد به الله تعالى –
وكان النخعي لا يقول لابنته: أشتري لك سكراً بل يقول: أرأيت لو اشتريت لك سكراً فإنه ربما لا يتفق له ذلك.
وكان إبراهيم إذا طلبه من يكره أن يخرج إليه وهو في الدار قال للجارية: قولي له أطلبه في المسجد ولا تقولي له ليس ههنا كيلا يكون كذباً.
وكان الشعبي إذا طلب في المنزل هو يكرهه خط دائرة وقال للجارية: ضعي الأصبع فيها وقولي ليس ههنا.
وهذا كله في موضع الحاجة فأما في غير موضع الحاجة فلا لأن هذا تفهيم للكذب وإن لم يكن اللفظ كذباً فهو مكروه على الجملة كما روى عبد الله بن عتبة قال: دخلت مع أبي على عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه فخرجت وعلى ثوب فجعل الناس يقولون هذا كساكه أمير المؤمنين فكنت أقول جزى الله أمير المؤمنين خيراً فقال لي أبي يا بني اتق الكذب وما أشبهه فنهاه عن ذلك لأن فيه تقريراً لهم عن ظن كاذب لأجل غرض المفاخرة وهذا غرض باطل لا فائدة فيه.
وقال بعض العلماء : أعجب أن اللسان ليس له عظام ؛ كيف يكسر بعض القلوب ، وعجبا كيف يجبر بعض القلوب ، وعجبا كيف يقتل بعض القلوب ، وعجبا كيف ينير الله به الدروب .
– بعض الناس ينسى أن الله جعل له فماً واحداً وأذنين .. ليستمع أكثر مما يتكلم
– الرياح لا تحرك الجبال .. لكنها تلعب بالرمال .. وتشكلها كما تشاء
قال المهلب: “يعجبني في الرجل أن أرى عقله زائدا على لسانه”
تأملها يا كثير الكلام..
سأل بائع عسل بائع خل : ما بالُ النّاس يشترون منك ويتركونني !
قال : أنا أبيعُ الخلّ بلسانٍ من عسل ، وأنت تبيع العسل بلسانٍ من خل.